مقدمة
قد تستمر الحرب في سورية إلى أكثر من سنوات عدة، لكن من الواضح أن بشار الأسد يفوز بها([1]) بعد أن أحكم قبضته على المدن الرئيسة، مثل: حمص، ودمشق، استعادت قوات الرئيس السوري في أواخر 2016 أجزاءً من حلب، كان يسيطر عليها المتمردون، ووصلت إلى مدينة دير الزور الشرقية في الشهر الماضي. وقد ثبتت الهدنة- التي توسطت بها روسيا- مكاسبه في الغرب.([2])
غالبًا، ما يشير معارضو الأسد إلى أن هذه التطورات تعتمد على الدعم الأجنبي. هذا صحيح، لكن التدخل الروسي والإيراني في سورية، هو محض جانب واحد في السلسلة؛ ليس أقلّ أهمية منه تراجع الدعم الدولي للمعارضة السورية.
على مدى سنوات عدة في العواصم الغربية والعربية، لم تحظَ أي قضية بمثل التقدير الذي حظيت به الانتفاضة في سورية. لقد كثفت الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الأوروبيين الضغوط على نظام الأسد خلال ربيع وصيف عام 2011، وفرضوا مجموعةً من العقوبات، وطالبوا الدكتاتور بالتنحي. وشحنت قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية آلاف الأطنان من المعدات العسكرية إلى سورية بدءًا من عام 2012 فصاعدًا.([3]) وتزعم مصادر مقربة من النظام القطري أنه تبرع بما يصل إلى (3 مليارات دولار) بين عامي 2011 و2013.([4]) وفي عام 2013، أطلق الرئيس باراك أوباما “واحدًا من أكثر برامج العمل تكلفةً في تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية”، فلقد قدّر مسؤول- في وقت لاحق- أن المتمردين المدعومين من قبل الولايات المتحدة- ربما- قد قتلوا، وأصابوا حوالى 100,000 من السوريين، ومن جنود حلفائهم.([5])
إلا أن هذا الدعم فشل في إطاحة الأسد؛ فقد سارع حلفاؤه- الروس والإيرانيون- بالتصعيد المضاد عن طريق زيادة دعمهم لنظامه. ومع انتقال سورية نحو حربٍ أهلية طائفية فوضوية مصحوبة بعدم استقرار إقليمي متزايد، وبالتطرف الجهادي، تلاشى تصميم الدول المناهضة للأسد، وبدأ الاهتمام الدولي يتجه نحو معالجة آثار الحرب الأكثر تعقيدًا.
في حين انضمت أكثر من 100 دولة -أكثر من نصف دول العالم- إلى تحالف مناهضٍ للأسد، عُرف باسم “أصدقاء سورية” في عام 2012، كان على المعارضة المسلحة أن تقبل بما يُقدّم لها من الدعم العسكري من مجموعةٍ أصغر بكثير -بالتحديد من الولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والأردن، وقطر، وتركيا- في السنوات التاليات. بحلول عام 2017، أُرهقت هذه الدول أيضًا. وهي الآن تغير مجال أهدافها بلباقةٍ؛ للتقليل من المطالب بتنحي الأسد، ويقلصون برامج الدعم للمعارضة، ويضغطون على وكلائهم/ عملائهم السوريين للتركيز على أعداءٍ آخرين.
سيرصد هذا التقرير تغيرات تحالف أصدقاء سورية، والتراجع البطيء للدول الغربية والعربية وغيرها من الدول عن حملتها خلال سنوات عدة لتغيير النظام في سورية.
[1]مقالة في صحيفة نيو يورك تايمز بعنوان، الكاتب: بن هبارد: “رغم أن الحرب السورية مستمرة، لكن مصير الأسد يبدو أكثر أمانًا من قبل”، 25 أيلول/ سبتمبر 2017
.https://www.nytimes.com/2017/09/25/world/middleeast/syria-assad-war.html.
[2]Aron Lund, “Syria: East Ghouta Turns on Itself, Again,” The Century Foundation, May 1, 2017, https://tcf.org/content/commentary/syria-east-ghouta-turns/; Sam Heller, “Aleppo’s Bitter Lessons,” The Century Foundation, January 27, 2017, https://tcf.org/content/report/aleppos-bitter-lessons/; Aron Lund, “Pivotal point in eastern Syria as Assad breaks key Islamic State siege,” IRIN News, September 4, 2017, https://www.irinnews.org/analysis/2017/09/04/pivotal-point-eastern-syria-assad-breaks-key-islamic-state-siege; Aron Lund, “Can a deal in Astana wind down the six-year Syrian war?,” IRIN News, May 5, 2017, https://www.irinnews.org/analysis/2017/05/05/can-deal-astana-wind-down-six-year-syrian-war
[3]One report noted more than 160 military flights shipping military equipment to Syria on behalf of Qatar, Saudi Arabia, and Jordan from January 2012 until March 2013. One expert said a “conservative estimate of the payload of these flights would be 3,500 tons of military equipment.” – C. J. Chivers and Eric Schmitt, “Arms Airlift to Syria Rebels Expands, With Aid From C.I.A.,” New York Times, March 24, 2013, www.nytimes.com/2013/03/25/world/middleeast/arms-airlift-to-syrian-rebels-expands-with-cia-aid.html
[4]Roula Khalaf and Abigail Fielding Smith, “Qatar bankrolls Syrian revolt with cash and arms,” Financial Times, May 16, 2013, ig-legacy.ft.com/content/86e3f28e-be3a-11e2-bb35-00144feab7de#axzz4v9RYFIiY. رولا خلف وأبيغايل سميث: “قطر تمول الثورة السورية بالمال والسلاح”، الفايننشال تايمز، 16/5/2017.
[5] Mark Mazzetti, Adam Goldman, and Michael S. Schmidt, “Behind the Sudden Death of a $1 Billion Secret C.I.A. War in Syria,” New York Times, August 2, 2017,https://www.nytimes.com/2017/08/02/world/middleeast/cia-syria-rebel-arm-train-trump.html; “David Ignatius, What the demise of the CIA’s anti-Assad program means,” Washington Post, July 20, 2017, https://www.washingtonpost.com/opinions/what-the-demise-of-the-cias-anti-assad-program-means/2017/07/20/f6467240-6d87-11e7-b9e2-2056e768a7e5_story.html.