في 30 نيسان/ أبريل، قال السفير جيمس جيفري (الممثل الخاص الأميركي في سورية والمبعوث الخاص للتحالف الدولي من أجل هزيمة داعش): “إن وقف إطلاق النار الذي نتج عن تفاوض روسيا وتركيا لوقف القتال في محافظة إدلب السورية يبدو صامدًا”، وأضاف: “سمعت من مصادر عديدة، منها مصادر روسية، أن هناك شعورًا عامًا بأن وقف إطلاق النار هذا يرقى إلى مستوى التوقعات”. تحدث جيفري في ندوة المجلس الأطلسي في تركيا الذي تديره دفنه صادقلار أرسلان، المديرة التنفيذية للمجلس في تركيا، ومركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، الذي يديره وليام فيشر، وقال جيفري: “إن الهجمات التي تشنها عناصر إرهابية مختلفة خارج إدلب وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، وإن هناك فرصة جيدة لوقف إطلاق النار”.
جاء وقف إطلاق النار بعد شهور من القتال بين قوات المتمردين المدعومة من تركيا، وجيش بشار الأسد المدعوم من روسيا، في آخر منطقة مهمة في سورية ما تزال خارج قبضة الأسد. وكانت القوات التركية قد منعت مهاجمة آخر معاقل المتمردين في المحافظة، التي قال جيفري إنها كانت ستؤدي إلى “كارثة إنسانية”. وقال إن الولايات المتحدة “مسرورة، لأن الجيش السوري وحلفاءه الروس والإيرانيين أُوقفوا [في إدلب] بفعل الجيش التركي، وأن هناك الآن وقف إطلاق نار روسي تركي”. كما اعترف جيفري بأن “القوات التركية تبقي على مجموعات إرهابية مختلفة، ولا سيما هيئة تحرير الشام، تحت السيطرة كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار الأصلي في أيلول/ سبتمبر 2018”.
وافق إبراهيم كالين، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية -وهو كبير المستشارين ونائب رئيس مجلس الأمن والسياسة الخارجية للرئاسة التركية- على أن وقف إطلاق النار مستمر حتى الآن. وأوضح أن “الجيوش التركية والروسية كانت تقوم بدوريات منتظمة هناك… ويبدو أنها ستستمر”. ومع ذلك، حذّر من أن نظام الأسد لم يؤيد التوقف المؤقت للقتال، وقال: “نعلم أنه سيفعل ما في وسعه لتقويضه”.
وأشار جيفري إلى أن النجاح المبدئي لوقف إطلاق النار يعني أن الاهتمام يمكن أن يكون مبشرًا بالخير الآن، ويتحول إلى “تسوية سياسية للصراع، بموجب قرار [الأمم المتحدة] 2254”. وذكر أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بإحراز تقدم في إيجاد حل للحرب الأهلية، الذي يجب أن يركز على عمل اللجنة الدستورية، التي ستجلب “دستورًا جديدًا وانتخابات جديدة في نهاية المطاف تحت رعاية الأمم المتحدة. وقال إن هناك بعض التقدم في هذه القضية، حيث “كان الروس مفيدين في الضغط على الأسد للتفاوض”. وأشار جيفري إلى أن المجتمع الدولي قد قضى سنوات في محاولة التوصل إلى تسوية سياسية للصراع، وقال: “نعتقد أنه نتيجة لوقف إطلاق النار في إدلب، والتشجيع –حتى لو كانت الخطوات صغيرة- للجنة الدستورية، وكذلك الوضع السيئ للأسد، والحالة الاقتصادية التي وصل إليها؛ فقد يترك الباب مفتوحًا قليلًا للنجاح في هذه المناقشات”.
ووافق كالين على أن “العملية السياسية بحاجة إلى الدفع للأمام”، وأضاف: “علينا إبقاء هذا على جدول أعمالنا طوال الوقت. يمكننا إجراء انتخابات حرة ونزيهة في سورية، إذا سُمح للجنة الدستورية بالقيام بعملها”. وحذر من أن المجتمع الدولي لا يمكن أن يرضي بتحقيق وقف إطلاق النار فقط. وأوضح “إنه إجراء مؤقت. ولن يحل جميع المشاكل في سورية”.
لكن وقف إطلاق النار خفف الضغط بينما تتعامل سورية مع أزمة خطيرة أخرى -التهديد المستمر لوباء كورونا الجديد (COVID-19). وقال كالين: “نحن سعداء لأننا أنجزنا وقف إطلاق النار هذا قبل تفشي وباء كورونا”، مضيفًا أن تركيا تقدم مساعدات طبية أساسية للمواقع في سورية حيث توجد قواتها. في حين أن عدد الحالات المؤكدة في سورية لا يزال منخفضًا، حذر كالين من أن “الأعداد الواردة من مناطق مختلفة من سورية ليست موثوقة بنسبة 100 بالمئة”. وأفاد جيفري أن الولايات المتحدة تواصل العمل مع تركيا والوكالات الدولية وروسيا لفتح المزيد من المعابر الحدودية مع سورية للسماح بمرور المساعدات الضرورية.
ومع ذلك، حذر جيفري من أن الجمع بين وقف إطلاق النار وكورونا (COVID-19) يمكن أن يمنح الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) فرصة للظهور مرة أخرى في غرب سورية. في حين أن الولايات المتحدة “لا تعتقد أن داعش قادرة على استغلال أزمة كورونا بجدية للتقدم إلى الشمال الشرقي”، فإن الوضع مختلف في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد”، ووفقًا لجيفري فإن “إحدى نتائج التركيز على إدلب، من قبل ما تبقى من جيش الأسد الضعيف والمترهل، هي أنه لم يتبق لديه سوى القليل من القوات للتعامل مع داعش في الجنوب الغربي”، حيث قال جيفري إن الولايات المتحدة “قد شاهدت داعش تكتسب أرضًا هناك”.
شراكة وثيقة لكن الخلافات لا تزال قائمة
بينما أكّد كل من جيفري وكالين استمرار التحالف الوثيق والشراكة بين تركيا والولايات المتحدة، أقرّا بأن الخلافات الكبيرة ما تزال قائمة. وقال كالين أن الصراع السوري “قد جُزئ”، وأوضح: “بينما تتعامل مع مشكلة واحدة في شرق سورية، لديك نوع مختلف من نظام التحالف. بينما في الغرب، لديك وضع مختلف ويتغير حلفاؤك”. وقد دفع هذا الاختلاف تركيا إلى مواصلة متابعة الحوار مع إيران وروسيا عبر عملية أستانة، التي يقول كالين إنها “أدت إلى عدد من اتفاقات وقف إطلاق النار والاتفاقيات”.
قال جيفري إن الولايات المتحدة تعتقد أن “الشيء الجيد الوحيد في عملية أستانة” هو أن “شريكتنا تركيا جزء منها”. ونسب الفضل في “كل عمليات وقف لإطلاق النار والإجراءات التي شهدناها” إلى المفاوضات الثنائية بين روسيا وتركيا، وقلل من فائدة عملية أستانة، التي قال إنها “محاولة تلميع من الروس والإيرانيين للاستيلاء على مبادرة الأمم المتحدة، التي تحاول إحراز تقدم بشأن تسوية سياسية من خلال عملية جنيف”. وأكد كالين أن “مشاركة تركيا متعددة الأطراف … ستستمر في المستقبل”، على الرغم من أن أنقرة تأمل في “إخضاعها لعملية الأمم المتحدة بحيث تدعم جنيف وأستانة بعضهما البعض بدلًا من التناقض”.
كما وجدت الولايات المتحدة وتركيا نفسيهما على خلاف بشأن الميليشيات الكردية في شمال غرب سورية، التي تعاونت مع الولايات المتحدة في محاربة داعش داخل قوات سوريا الديمقراطية، بينما تتهمها تركيا بأنها تابعة لـ حزب العمال الكردستاني (PKK) وتعمل مع الجماعات الإرهابية الأخرى. قال جيفري من جانبه إن القوات الأميركية ما زالت “تعمل عن كثب مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهي شريكنا في القتال ضد داعش”، في محاولة ضمان عدم عودة داعش إلى شمال غرب سورية. إلا أن كالين تحدث عن هجوم في عفرين منسوب إلى وحدات حماية الشعب الكردي (YPG) أسفر عن مقتل ستة وأربعين شخصًا، في 29 نيسان/ أبريل. وأكد كالين أن تركيا “عازمة على محاربة الشبكات الإرهابية”.
ولا يزال هناك أيضًا عدم وجود حل لمسألة شراء تركيا لنظام الدفاع الصاروخي إس -400 من روسيا، الذي يعتقد المسؤولون الأميركيون أنه سيعرض للخطر أي أنظمة أميركية أو لحلف شمال الأطلسي تحاول تركيا إدماج صواريخ إس -400. أدى شراء تركيا إلى ردٍ أميركي شرس، تضمن التهديدات بمعاقبة تركيا ووقف مشاركتها في مشروع المقاتلة إف 35. وقال ديفيد ساترفيلد (السفير الأميركي لدى تركيا): إن واشنطن “أعلنت موقفًا واضحًا تمامًا”، بأن تشغيل نظام إس -400 لا يتوافق مع مشاركة تركيا في الاستحواذ على برنامج إف -35، ويعرّض تركيا لإمكانية حقيقية للغاية بفرض عقوبات من الكونغرس”. وأفاد ساترفيلد أن الولايات المتحدة “لا تمتلك تأكيدات من حكومة تركيا يمكن أن تسمح لنا بتخفيف هذه المخاوف”. من ناحية أخرى، جادل المسؤولون الأتراك بأن تركيا اضطرت إلى شراء نظام إس -400، بعد أن عرقل الكونغرس الأميركي المحاولات السابقة لشراء نظام باتريوت، ومع تزايد خطر الهجمات من سورية المجاورة. كما أصروا على إبقاء نظام إس -400 منفصلًا عن أنظمة الولايات المتحدة والناتو الأخرى، وهي حجة رفضها المسؤولون الأميركيون مرارًا وتكرارًا.
على الرغم من هذه الخلافات المستمرة، أكد ساترفيلد أن العلاقات التركية الأميركية لا تزال قوية. وقال: “نحن نتعاون بشكل مكثف مع تركيا”، التي لا تزال “شريكًا وحليفًا رئيسًا للناتو”. وقال إن هذه الشراكة برهنت على استمرار شحنات معدات الحماية الشخصية وغيرها من الإمدادات من تركيا إلى الولايات المتحدة للمساعدة في مكافحة كورونا. وقال ساترفيلد: “لقد رحبنا بالمساهمات التركية في معركة الوباء الفيروسي”، وهذا يثبت أن “لدينا علاقة تعاون غنية، وإن كانت معقدة”.
اسم المقالة الأصلي | Idlib ceasefire is holding and could open door to long-term Syria solution, US envoy says |
الكاتب | ديفيد ويمر، David A. Wemer |
مكان النشر وتاريخه | المجلس الأطلسي، ِAtlantic Council، 30 نيسان/ أبريل 2020 |
رابط المقالة | https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/idlib-ceasefire-is-holding-and-could-open-door-to-long-term-syria-solution-us-envoy-says / |
عدد الكلمات | 1239 |
ترجمة | قسم الترجمة/ أحمد عيشة |