عنوان المادة الأصلي باللغة الروسية | Октябрь 1917-го – закономерность или |
اسم الكاتب | ألكسندر شيروكوراد |
مصدر المادة الأصلي | نوفايا غازيتا |
رابط المادة | http://nvo.ng.ru/history/2017-10-06/14_968_1917.html |
تاريخ النشر | 6 تشرين أول/ أكتوبر 2017 |
المترجم | سمير رمان |
المحتويات
«الكولخوزات عديمة الجدوى وطبقة النبلاء المتفكّكة»
غياب الأيديولوجية وأزمة نظام الحكم
الصورة من عام 1911
مع اقتراب الذكرى المئوية لثورة تشرين الأول/ أكتوبر العظمى، تجتاح روسيا موجةٌ هائلة من الدعاية المعادية للسوفيات.
في عام 1868، أظهر ألكسندر أوستروفسكي في مسرحيته بعنوان (الكثير من البساطة في كلّ رجلٍ حكيم) شخصيّةً كوميدية كتبت نصًّا مسرحيًّا (عن الإصلاحات عمومًا). في وقتئذ، أضحكت تلك المسرحيّة روسيا بأكملها. والآن، يؤكِّد السياسيّون الحكماء والبروفسورات بكلِّ جدّيّةٍ ووقار أنّ الثورات ضارّة عمومًا، وأنّ روسيا استنفدت حدود الثورة…وغير ذلك. لا أريد الدخول في مناقشة، فالخبز غير موجود عند الطبيب النفسي.
بالطبع، تناول الدواء أفضل من الخضوع لعملٍ جراحيّ، والتطور الطبيعي خيرٌ من الثورة. وفي صراع البقاء تصمد تلك الأنظمة، القادرة على التطور العملياتي. والتخلّف في التطور السياسي، الاقتصادي والعلمي يؤدّي إمّا إلى ثورةٍ دمويّةٍ أو إلى فناء الدولة بكاملها.
الثوريون الأوائل
أدّى الاجتياح المنغولي ومئتا عام من الخضوع لسلطة المغول إلى تباطؤ وتيرة التطور، وفي بعض الحالات إلى تراجعٍ في الإمارات الروسيّة. وأسهم في ذلك كل من التجارة والحصار العملي والثقافي الذي أعلنته الكنيسة البابويّة في روما، والإقطاعيات البولندية، السويدية والألمانيّة. وبهذا أصبح الثوريّ الأوّل في روسيا إيفان الثالث، وفاسيلي الثالث وإيفان الرابع. وكان أوّل من نال لقِّب (الرهيب) هو إيفان الثالث، ومن ثمّ بعد مئة عام (حفيده المتوحّش).
أوّل من بدأ تحطيم النظام الإقطاعي، كان أمراء موسكو. وأدخل إيفان الرهيب النُظمَ المحليّة التي غيّرت جذريًّا نظام إدارة الإمارات الروسيّة. وبحسب هذا النظام، لم تعد منزلة الشخص تُحدّد بحسب أصوله النبيلة، بل بمدى أهميّة المناصب المهمّة التي شغلها أسلافه في إمارة موسكو. وقد ساعد النظام المحلّي في تحويل أبناء الأمراء العظام وأحفادهم -من مدن (تفيرسك، ريزان، سمولينسك)- إلى خدمٍ، وأصبحت حقوقهم تماثل حقوق نبلاء موسكو العاديين.
إلا أن النظام المحليّ في إمارة موسكو كان هزيلًا، ومنذ عهد الأمير ألكسي صدرت أوامر حول متى وفي أيّ أعيادٍ تكون (من دون أماكن). وفي عام 1682، حُظر النظام، وأحرقت الكتب المتداولة بشأنه.
إضافة إلى ذلك، استأصل ثلاثةٌ من حكام موسكو أقاربَهم القريبين والبعيدين، باستثناء بعض النساء اللاتي أرسلن إلى الأديرة. وحُرِم الأعيان والأمراء من السفر، ومنع الفلاحون من الاحتفال بعيد (يوم يوري)([1]).
أعادت اضطرابات 1603- 1618 المريعة روسيا مراحل إلى الوراء. اثنان من الثوريين، هم من جعل روسيا دولةً عظمى- بطرس ويكاترينا، اللذان أطلق عليهما الأعيان والشعب على السّواء لقب (العظيم) و(العظيمة). لم تعرف روسيا قبلهم ولا بعدهم قياصرةً عظاما. ولكن الملوك الكبار ارتكبوا أخطاءً كبيرةً.
في عام 1762، أصدرت يكاترينا العظيمة أمرًا حول حريّة الأعيان. أي إنَّها تركت للأعيان حريّة الخدمة لدى الحكومة. وبهذا، انتُهك (العقد الاجتماعي) الذي ساد عقودًا طويلة، وأصبح لدى الفلاحين كلّ المسوغات ليعدّوا الأعيان طفيليين عاطلين عن العمل.
تمكّنت يكاترينا العظيمة من ضمّ 15 مقاطعة إلى إمبراطوريتها. ولكن هذه المقاطعات لم تكن تساوي قرشًا، إذ لا يتجاوز نسبة الروسيين فيها 3 إلى 5 في المئة. ومثل هذه المناطق لا يمكن السيطرة عليها إلا بالحراب والسيف.
من جانبٍ آخر، لو كان كلٌّ من إيفان وبطرس العظيمين قد أصدرا أوامرهما لتوجّه آلافٍ من الأعيان والفلاحين الأقنان إلى شبه جزيرة القرم وروسيا الجديدة لإعمارها من دون تردد. وكانت يكاترينا العظيمة تتخبط، كسمكة تكاد تختنق خارج الماء، بانتقاء الناس من المقاطعات الجديدة، لترسل في النهاية الألمان، الصرب، اليهود. وفي النتيجة، ظهرت روسيا الجديدة، ولكنَّها لم تكن روسيّة بما يكفي.
أعادت يكاترينا العظيمة إلى الدولة الروسية أراضي دولة روسيا القديمة كافّة. وكان الأعيان والفلاحون في تلك المناطق يتكلمون اللغة الروسيّة ويدينون بالعقيدة الأرثوذكسيّة. ولتثبيت ارتباط هذه المقاطعات بروسيا لم يتطلب الأمر كثيرًا؛ بعض آلافٍ من إداريي الحلقة الوسطى والدنيا، وبضعة آلافٍ من المعلمين. ولكنَّ هذه الأعداد لم تكن متاحة بسبب نظام العبودية. كان الأعيان يتوجهون إلى الخدمة في الجيش ليصبحوا ضباطًا في ألوية الخيّالة، أمّا الخدمة معلّمًا فهذا عملٌ لا يليق به! ثم إنَّ الأعيان لم يقبلوا بذهاب فلاحيهم للعمل في تلك المجالات، ما ترك للبولنديين الفرصة ليصبحوا هم المعلّمين والإداريين. ربى هؤلاء المعلمون وعلّموا ستة أجيالٍ في المقاطعات الجديدة وزرعوا في أنفس تلاميذهم الروسيا فوبيا. لم يخجل البولنديون وقالوا: (ليس لنا، إذًا لن يكون معكم).
«الكولخوزات عديمة الجدوى وطبقة النبلاء المتفكّكة»
حرر ألكسندر الثاني الفلاحين. وهذه نصف الحقيقة، إن لم تكن كذبة. فقد أُلزم الفلاحون بدفع ضرائب عن الأرض البائسة التي خصصت لهم مدة 49 سنة، في حين بقيت الأراضي معظمها في يد الإقطاعيين.
لوحة فنية تمثل الثوار خلف المتاريس في ثورة 1905.
منذ بداية القرن التاسع، كانت إدارة الإقطاعيين لممتلكاتهم متدنية المردود. فعلى سبيل المثال، كان لدى والد ألكسندر بوشكين في عام 1830 مئتا رجلٍ فلّاح مع عائلاتهم في قرية كيستينيفا في مقاطعة (نيجغورد)، في حين كان لدى جدّه في القرية نفسها 474 شخصًا، 200 منهم يعملون في السخرة لتسديد ديونٍ تراكمت عليهم. نقل الوالد ما تبقى من الأشخاص لولده هديّة زفافه.
في بداية القرن التاسع عشر، كانت نسبة الفلاحين الأقنان المخصصة للإقطاعيين 5 في المئة، وفي الثلاثينيات أصبحت 42 في المئة، وفي عام 1859 نسبة 65 في المئة. وبيع كثير من أملاك الإقطاعيين في المزاد العلني، بعد عجزهم عن تسديد الديون المتراكمة عليهم: في عام 1833، لم يتبق أقنانٌ عند 18 ألف عائلة إقطاعيّة من أصل 127 ألف عائلة، وبحلول عام 1859 أصبح العدد 27 ألف عائلة. بلغت الديون المتراكمة على الإقطاعيين الذي رهنوا أملاكهم لدى مؤسسات القروض الحكوميّة، أرقامًا فلكيّة، 425 مليون روبل، أي ضعف دخل الدولة السنوي.
ليس من المستبعد، أن تكون أزمة ملّاكي الأراضي أخفّ وطأةٍ، لو لم يتدخّل القياصرة في المسألة. ولكنّهم للأسف، بذلوا قوتهم كلها لدعم أعمال الإقطاعيين المتدهورة. كانت أملاك المدينين تباع بالمزاد بصورة متواصلة. وإذا كان عدد الإقطاعيات التي بيعت في المزاد 166 في عام 1886، فإن العدد أصبح 2237 في عام 1893. ولمساعدة الإقطاعيين، أنشأت الحكومة في ثمانينيات القرن التاسع عشر مصرفين: بنك ملّاك الأراضي، الذي كان يمنح الإقطاعيين القروض الميسرة في مقابل رهن أراضيهم، وبنك الأرض الزراعية، الذي كان يأخذ أراضٍ من الإقطاعيين بدلًا من العمولة ويبيعها للفلاحين، وبفضل احتكاره الأمر كان يفرض معدّل أسعارٍ عاليًا.
علاوةً على ذلك، كان القيصر والقيصرة يمنحون من يطلب من الإقطاعيين مئات آلاف من الروبلات لدعم أملاكهم المفلسة.
وهكذا، كانت مزارع الإقطاعيين في بداية القرن العشرين، تشبه الكولخوزات الخاسرة في حقبة حكم ليونيد بريجنيف. وعام 1912، لم يتعدَّ إنتاج الإقطاعيين ربع كميات الحبوب التجارية.
على التوازي مع احتدام مشكلة الفلاحين، كانت طبقة الأعيان الروسيّة تتفكك. يوجد نظامان فلسفيّان وعقيدتان حقوقيتان. بحسب الأولى، خلق الله الناس متساوين، ولذا يجب أن تكون لديهم حقوقٌ وامتيازات تتلاءم وجهدهم الشخصيّ. وبحسب الثانية، فإنّ حقوق البشر وامتيازاتهم يحدّدها منبتهم وأصلهم. لنسمِّ العقيدة الثانية بالحقّ الإقطاعيّ، ولنحاول تقويم حالة طبقة الأعيان الروسية في بداية القرن العشرين وفق هذا الحقّ.
القرون الثلاثة أو الأربعة الأولى من حكم آل ريوريكوفيتش، كانت تطابق تمامًا الحقّ الإقطاعيّ. آل ريوريكوفيتش خاضوا حروبًا بينيّة، قتلوا، اونتزعوا أعين أقاربهم. ولكنّهم لم يسمحوا لأيٍّ من الأعيان أو الأقران أن يجلس إلى الطاولة الأميريّة. فما بالك بالآخرين النتنين كتجّار الفطائر، من يوقد النار، المغنيات وما إليه.
خلال هذه القرون الثلاثة أو الأربعة الأولى من حكم آل ريوريكوفيتش، كان الأمراء كلهم من زوجاتٍ شرعيّات. ويجب القول إنّهم كانوا رجالاّ طبيعيين وكان لديهم محظيّات عدّة، وأحيانًا عشرات منهن. ولكن لم يكن ابن زنى واحد يجرؤ على التفكير بالعرش.
رجل الإصلاح العظيم
لا يستطيع أحدٌ إنكار الخدمات التي قدّمها بطرس العظيم لروسيا، ولكنَّه أنزل ضرباتٍ موجعة بالحق الإقطاعي وبأخلاق الكنيسة الإقطاعيّة. عندما أدخل بطرس الأول عام 1722 لائحة الرتب، فإنّه قونن إمكان انتقال الناس من (الفصيل الأدنى) إلى طبقة الأعيان. وفي الوقت نفسه، ألغيت المراتب السابقة (الأعيان)، وغيرها. وللمرّة الأولى في تاريخ روسيا، فُصل بين المدنيين والمناصب العسكرية.
بحسب لائحة الرتب الجديدة (البنود 5 و11 و15) فإنّ كلَّ الأشخاص، وبغض النظر عن منشئهم الذين يصلون أول مرتبة بين الضباط/ حامل الراية، يحصلون على مرتبة الأعيان (التي تنقل إلى الأبناء والزوجة).
وأخيرًا، أعطى بطرس الأول ومن أعقبه لأنفسهم الحقّ في توزيع ألقاب البارون والكونت التي لم تكن موجودة سابقًا في روسيا، وكذلك لقب الأمير الذي كان يكتسب من خلال (حقّ الدم) فحسب. كانت الترفيعات إلى مرتبة الكونت والبارون والأمير تجري على الطريقة الآسيويّة برغبة الحاكم. لم تكن تنظّم أيّ وثائق تشير إلى كيف ومتى ولماذا يمكن منح هذا اللقب أو ذاك. حتى نهاية القرن التاسع عشر، أي خلال قرنين من الزمن، رزق آل رومانوف بـ 310 كونتات و240 بارونًا. وكان نصف هؤلاء تقريبًا ضيوفًا زائرين من الخارج. إضافة إلى ذلك، كان في روسيا 250 من سلالات الأمراء الروسيين، حصل أغلبيتهم على لقب أمير في القرنين الثامن والتاسع عشر. وبحسب إحصاءات في عام 1897، كان يعيش في روسيا 125.68 مليون إنسان. منهم 1.22 مليون من أصول نبيلة (0.97 في المئة من إجمالي السكان)، نبلاء 631 ألف (0.5 في المئة) ورجال دين 589 ألف بنسبة (0.4 في المئة). وللمحافظة على دخل النبلاء، وقف القياصرة الروسيون ضدّ مصالح الكنيسة الأرثوذكسية والدولة الروسية. في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر، بدأ الإستونيون والليتوانيون التحوّل بشكلٍ واسعٍ من المذهب اللوثري إلى الأرثوذكسية. ونشأ وضعٌ مرعب، القيصر الأرثوذكسي نيقولاي الأول، الرئيس الرسمي للكنيسة الأرثوذكسيّة يمارس القمع على الفلاحين في منطقة البلطيق، الراغبين في اعتناق الأرثوذكسيّة. وتشير الإحصاءات الرسميّة إلى تحوّل 74 ألف ليتواني. في عقب ذلك، حرّم رجال الدين اللوثرين دفن موتى الليتوانيين الأرثوذكس في مقابر القرى، وأرسل القيصر الحامي قواته لمواجهتهم.
لو كانت المعلومات التي سردتها كتبت بيد مؤرّخٍ سوفياتي لما أوليتها الاهتمام، ولكنّها مأخوذة من كتاب البطريرك ألكسي الثاني (الأرثوذكسيّة في إستونيا).
في ما بعد، ألقى رجال الدعاية الألمانية والقوميون المحليّون اللوم على الروس في المجازر التي ارتكبت في 1905 و1906 في إستونيا، وبدقّةٍ أكثر على الشعب الروسيّ كلّه. ولكن الألمان بالتحديد، هم من عمل خلال مئات السنين على جعل التقارب بين الشعب الروسي وشعوب البلطيق غير ممكنٍ. ولو تصورنا أن بطرس الأول أو يكاترينا الثانية طردوا الألمان من منطقة البلطيق، ولو أضفنا العوامل الاقتصاديّة، فإنّه على الأرجح لكانت دول البلطيق قد تحوّلت إلى روسيّة، تمامًا كما حصل في مناطق نهر النيفا. لكنّ ذلك لم يحصل.
انتفاضة الفلاحين
في نهاية الخمسينيات، وبداية ستينيات القرن التاسع عشر، بدأ التتار بالهرب من شبه جزيرة القرم هربًا جماعيًّا. وكان رجال الدين المحليين هم من يحثّهم على ذلك، وكذلك حكومة الإمبراطورية العثمانيّة التي وعدت بمنحهم أراضٍ خصبة في بلغاريا وغيرها من المناطق. وكان حكام إستانبول قد أدركوا حينئذ، أنّ المحافظة على البلقان من دون توطين المسلمين فيه مستحيلٌ عمليًّا.
كان يظن أن قيصر روسيا ألكسندر الثاني سيكون مسرورًا بمغادرة التتار للقرم، حيث جاء إقطاعيو القرم وعلى رأسهم الكونت فورونتسوي إلى القيصر شاكين. وراحوا يثبتون أنّ أعمالهم ستنهار بانتظار انتقال الفلاحين الروس إلى شبه الجزيرة للحلول مكان التتار المغادرين. وفي النتيجة، لم يلجأ أحد إلى نيران البنادق لمنع التتار من الرحيل. ولكنّ السلطات في القرم بذلوا كلّ ما في وسعهم لعرقلة مغادرة التتار.
في السادس عشر من نيسان/ أبريل عام 1902، سحق الجنود انتفاضة فلاحي بالتافا- خاركوف، إذ اجتاح الفلاحون 336 قرية و105 عزبة إقطاعيّة. اعتقل 1092 فلاحًا، وحُكم على 836 منهم بالسجن. إضافة إلى ذلك، قتل عشرات من الفلاحين، وعوقب المئات بالجلد. وقد شارك في قمع الانتفاضة في روسيا الصغرى حوالى 200 ألف جندي من المشاة والخيالة ورجال المدفعيّة، أي أكثر من الجنود الذين كانوا تحت إمرة الجنرال كوتوزوف في معركة بورودينو التي خاضها ضدّ نابليون.
في شباط/ فبراير 1905، تجددت اضطرابات الفلاحين في مقاطعات أورلوف وتشيرنيغوف. بدأت الاضطرابات بالاستيلاء على مخزون القمح من مزارع الإقطاعيين ومن ثم وزع على سكان قرى المنطقة الذين كانوا من جديد يتضورون جوعًا.
في خريف 1905، امتدت حركة الفلاحين لتشمل نصف مساحة روسيا الأوروبيّة، أي عمليًّا كلَّ مناطق أملاك الإقطاعيين. وقد سُجِّلت 3228 انتفاضة في عام 1905، وفي عام 1906 حوالى 2600 انتفاضة، وفي عام 1907 حوالى 1337 انتفاضة.
في آب/ أغسطس عام 1906، كتب محافظ مقاطعة سترافوبولسكي مخاطبًا بطرسبرغ: «البارحة، وصل قرية بيتروفسكايا مركزٌ ثوريّ جادّ، أطلقت المدفعية 7 قذائف. غير أنّ السكان يصرون على ألا يسلموا أعضاء اللجنة. اليوم صباحًا، سأستأنف القصف المدفعي. كما قصفت قرية كونستانتينوفسكي المجاورة لليوم الثالث على التوالي، أعلن الفلاحون الطاعة بعدها، وسلّموا في الأول من أيلول بقية أعضاء اللجنة».
بحسب تقديرات مختلفة، خلال المدّة ما بين 1905 و1907، دمّر بين 3000 إلى 4000 مزرعة إقطاعية بمبانيها، أي حوالى 7 إلى10 في المئة من عددها الإجمالي.
في عام 1917، بدأ الاستيلاء على أراضي الإقطاعيين بعد تنحي القيصر نقولاي الثاني عن العرش، ولم يكن للبلاشفة ضلعٌ في الموضوع في بداية الأمر.
تشير أرقام وزارة الزراعة إلى تسجيل 205 انتفاضاتٍ للفلاحين في شهر نيسان/ أبريل عام 1917، وفي شهر أيّار/ مايو 258، وفي حزيران/ يونيو 1122. أمّا المعلومات الواردة في الموسوعة السوفياتيّة (ثورة تشرين الأول/ أكتوبر الاشتراكية العظمى) في عام 1977، فتقول إنَّه قد وقعت 2944 حادثة في كبرى المقاطعات الروسية فحسب، خلال المدّة بين آذار/ مارس وتشرين الأول/ أكتوبر عام 1917. وفي المدّة بين أيلول/ سبتمبر وتشرين الأول/ أكتوبر، اندلعت الاضطرابات في 26 مقاطعة من مقاطعات روسيا الأوروبيّة، بأكثر من 3500 تحرّك للفلاحين.
هل كان حرق قصور الأسياد ومبانيهم في الأرياف- نتيجة (الصراع الطبقي)، بحسب ما يؤكّد المؤرخون السوفيات، أم نتيجة وحشية الفاحين وتخلّفهم، كما يُعدّ الآن؟ لا هذا ولا ذاك. إنَّه حساب مدروس من وجهة نظرٍ سياسيّة، ومن وجهة نظرٍ اقتصاديّة.
على سبيل المثال، هل هناك معنىً لحرق مبنى محطة كهربائية خاصّة؟ نعم، الفلاحون سيحرقونه. وبعد قمع الانتفاضة، سيعود المالك، وسيركّب معداتٍ أكثر اقتصاديّةً وأكبرَ استطاعة. وبعدها سيضحك في وسط محيطه الضيّق متفاخرًا أنّ (الديك الأحمر) رفع أرباحه بصورة كبيرة.
العبوديّة بالتحديد وعواقبها المريعة التي لم يرغب ألكسندر الثاني، ولا ابنه ولا حفيده، في التخلّص منها كانت إحدى أهمّ أسباب ثورات 1905-1907 وثورة 1917، وكذلك سبب فناء الإمبراطورية الروسيّة.
أصبح كره الفلاحين والأجراء للإقطاعيين السبب الرئيس للقسوة المخيفة،التي أظهرها الحمر،والبيض في أثناء الحرب الأهليّة. ونحن الآن، ندفع ثمن قصر نظر أباطرتنا الذين لم يجرؤوا على دمج كثير من مناطق روسيا.
غياب الأيديولوجية وأزمة نظام الحكم
طوال 70 عامًا، دأب البلاشفة على إغراق المناطق التي لم تندمج بالأيديولوجية الماركسيّة- اللينينيّة. في أعوام 1990 و1991، انهارت الأيديولوجية والسلطة الشيوعيّة، وبدأت في أراضي الاتحاد السوفياتي السابق حربٌ أهليّةٌ بطيئةٌ. ووفقًا لديناميتها، فإنّنا نشهد (أزهارها)، أمّا (الثمار) فهي في مقبل الأيام.
السبب الثاني للثورة الروسيّة الذي لا يقلّ أهميّةً عن الأولّ كان أزمة نظام إدارة الإمبراطورية. كان القيصر -من الناحية الرسميّة- يتمتّع بسلطة غير محدودة.
لنتذكّر أنّ مصطلح (الأوتوقراطية) تعني في أوروبا الغربيّة أنّ بمقدور الحاكم إصدار القوانين بحسب فهمه هو، ومن ثمّ يحكم بما ينسجم تمامًا مع القوانين المعتمدة. وفي الشرق، كان الخان يصدر أي قانون، ولكنّه يدير الحكم كما يحلو له.
ليس من الصعب أن نخمّن نوع الحكم الذي كان موجودًا في روسيا. فعلى سبيل المثال، في عام 1891 تزوّج الأمير العظيم ميخائيل من ابنة أمير ناساو، ولكنّ القيصر ألكسندر الثاني لم يعجبه أنّ أمّ العروس الكونتيسة فون ميرنبرغ ولدتها من زواجها الثاني. ولهذا السبب، صدر الأمر الإمبراطوري بعدّ الزواج زائفًا. وكان المتمرّد على أوامر القيصر يتعرّض لفقد الرتب والصفات والميداليات. وفي النتيجة، أصبح الأمير ميخائيل لاجئًا سياسيًّا. وعاش في لندن (حياةً منفلتة وغنيّة)، وانتسب مع ألبرت فيكرس إلى الماسونيّة، ومات في عام 1929.
أمّا الأمير نيكولاي، فقد أهدى في عام 1874 محبوبته الفنانة فاني لير بعضًا من مجوهرات العائلة، ما دفع القيصر ألكسندر الثاني إلى نفيه، إذ أمضى في المنفى 43 عامًا، ومن ثمّ أطلق سراحه بأمر وزير العدل كيرينسكي. مات الأمير المعذّب في طشقند في عام 1918. يؤكّد بعض المؤرخين أنّ فصيلًا من الجيش الأحمر كان على رأس موكب التشييع، وكانت الفرقة النحاسيّة تصدح: «سقطتم ضحيّة صراعٍ مميت…». وبالفعل، أمضى الأمير نيكولاي مدّة أسرٍ لدى الحكم المطلق أكثر من أيّ ثوريّ من الديكابريين.
ها هما الأميران الكببران: الأدميرال ألكسي والفيلد مارشال سيرغي يسحبان من خزينة الدولة لنفسيهما ولعشيقاتهما ملايينًا عدّة من الروبلات الذهبية، وها قد أوصلا الأسطول وقوات المدفعية إلى الحضيض. ومع ذلك، لم يحرّك القيصر نيقولاي الثاني إصبعه. بل على العكس، أعرب عن تعاطفه مع الجنرال ألكسي بقوله: «مسكين ألكسي، هو لم يرتكب أيّ ذنب».
القيصر ألكسندر الثالث والقيصر نيقولاي الثاني، لم يبيتا ليلةً واحدة في مدينة سانت بطرسبرغ، إنّما كانا يأتيان إليها (العاصمة) من قصورهما في الأرياف، ليمضيا بضع ساعاتٍ فقط لحضور المراسم الرسميّة. وفي النتيجة، إذا كان أيّ وزير يحتاج إلى 5 أو 10 دقائق ليقابل القيصر في القصر الشتوي، فإنَّه يومين أو ثلاثة أيّام لمقابلته في القصر الصيفي، وإذا كان القيصر مقيمًا في ليفادا أو على خليج فنلندا فعلى الوزير قضاء 7 أيامٍ وأكثر ليحظى بمقابلته.
كلُّ ما كان يرتبط بأمور العائلة الملكيّة، كان القيصر نقولاي الثاني يسميه (مشاغل). غير أنّ 90 في المئة من هذه المشاغل، كان بمقدور سكرتارية القيصر حلّها في أوساط الإدارات العليا والمتوسطة.
كان القيصر يحبّ استقبال رعاياه. ونقرأ في كتاب إيغور زيمين «عمل القياصرة: القرن التاسع عشر- القرن العشرون. الحياة اليومية في القصر الإمبراطوري الروسي» ما يأتي: «وكان مثول الرعايا يجري بشكلٍ فرديٍّ أو جماعي»، «بعد الاستماع إلى التقرير، استقبل 21 شخصًا. من العسكريين والبحارة». وكان وقتٌ طويلٌ للغاية يصرف في رعاية الاستعراضات والاحتفالات بأعياد القطع العسكريّة، في حين كانت المعلومات التي تعدّ عن حالة القوات المسلّحة قريبةً من الصفر.
وكم من المواقف المضحكة كانت تقع! على سبيل المثال، في مسرح مارينسكي للباليه، رفضت راقصة البالية ماتيلدا كشيسنسكايا الرقص بلباسٍ يحتوي تنورةً داخليّة. فمن يتصدى لحلّ المشكلة؟ المخرج، مدير المسرح؟ في النهاية، ذهبت ماتيلدا إلى القيصر تشتكي. ودخل نقولاي الثاني في مفاوضاتٍ مع مدير المسرح، ليجبره على نزع التنورة الداخليّة من ملابس ماتيلدا.
هذه ليست (إمارة كوكاندا) ([2])
بحلول عام 1894، أصبح نظام حكم الإمبراطورية الروسية لا يتلاءم مع العصر. رسميًّا، كان في البلاد لجنة الوزراء، ولكنّها كانت بوقًا فارغًا لا غير. فلم يكن بمقدور رئيس اللجنة، أو الوزراء مجتمعين التأثير في زميلٍ لهم. وكان كلّ وزير يملك الحقّ في رفع تقريره إلى القيصر مباشرةً، ويُسأل أمامه وحده. كان هذا النظام مقبولًا نوعًا ما في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، عندما كان هناك قياصرةٌ أقوياء يحوط بهم مستشارون جديرون من مستوى (بانين وبزبورودكو)، وغيرهم. عندها كان بمقدور القيصر أن يدير الوزراء. مع بداية القرن العشرين على سبيل المثال، ازداد حجم المعلومات التي ترد القصر أضعافًا عدّة. وكما كتب ليف تولستوي بحرقة: «في إمارة كوكاندا، كان من الممكن النظر في كافّة قضايا الإمارة خلال صباحٍ واحد، وفي روسيا عصرنا، تحتاج إدارة الإمبراطورية إلى اتّخاذ عشرات آلاف من القرارات يوميًّا».
كانت الأمور تجري على هذا النحو: يستقبل القيصر الوزير على انفراد، من دون حضور. يقدّم الوزير تقريره، والقيصر يستمع، مبديًا في أحيانٍ نادرة بعض الملاحظات التافهة، ولكنّه لا يدخل في مناقشة مع الوزير أبدًا. يستمر اللقاء بضع دقائق، ونادرًا ما تطول أكثر، ودائمًا من دون مناقشات مستفيضة.
كان القيصر يستقبل في الصباح 3 إلى 4 وزراء، ومن ثمّ يتوجّه على الدرّاجة ويطلق النار على بعض الغربان. وإذا كان التقرير مطولًا، فإنّ القيصر يكون غير راضٍ البتّة ويكتب في دفتر يومياته: «بسبب ذلك، تأخرت على موعد الإفطار». وفي بعض الحالات، كان القيصر يأخذ التقرير، ويقرأه لوهلةٍ قصيرة. خلال مدّة حكمه التي استمرت 23 عامًا، لم يكتب القيصر نقولاي الثاني ولو صفحتين لتحليل مسألةٍ ما في ملاحظاته النادرة، كانت دائمًا مقتضبة.
الكاتب عرف بنوعية التقارير التي كانت ترفع للقيصر ليس من كتب المذكرات، بل من الأرشيف الذي اطّلع عليه. مجلّدٌ من 300 صفحة بعنوان «مكرّس بالكامل للقسم العسكري» لنقولاي الثاني. كان فيه ما يجعل الشعر يشيب. كان من غير الممكن فهم حالة الجيش من خلال هذا التقرير. ولكنّ أمرا واحدا كان جليًّا، كلّ شيءٍ على ما يرام. على سبيل المثال، يقول التقرير، إنّ حوالى 11 ألف مدفع موجودة في القلاع. بعد سنواتٍ عدّة فقط لاحظت في الأرشيف الحربي – التاريخي تقارير المناطق العسكريّة، الألوية، الإدارة العامة للمدفعيّة إلخ. كانت هذه التقارير معدّةً خصيصًا لكتابة التقرير العام. معلوماتٌ دقيقة ومكثفة حول حالة الجنود، الخيول، المدافع، الرشاشات، الذخيرة والقذائف وما إليه. وتبيّن أنّ عدد المدافع في عام 1905، كان 11 ألف مدفع من مختلف العيارات، منها 30 في المئة نموذج 1877، 45 في المئة موديل 1867، و25 في المئة من عهد القيصر نقولاي الأول.
من خلال تقارير المناطق العسكرية، تقارير الإدارات، كان يعدّ تقريرٌ يرفع إلى وزارة الحربية. كانت معلومات هذه التقارير مغربلةً ومنقّحة بعناية، ومع ذلك يمكن وضع تصورٍ حقيقي عن واقع الحال في الجيش. التقرير العام، كان قد كتب بلغةٍ روسيةٍ بسيطة. وهنا وهناك، يمكن أن تجد مواقف مسلية على سبيل المثال، حول عدد أتباع الديانة اليهودية في الرتب العسكرية الدنيا، قصص مسلية من قسم المحاكم العسكرية إلخ. أمّا فهم الواقع الفعلي فأمرٌ مستحيل. وبالطبع، لم يحتوِ التقرير على مقارنة حالة الجيش الروسي بجيوش الدول المعادية المحتملة. الحالة نفسها يمكن مشاهدتها في تقارير البحرية.
في عام 1900 كتب الأمير تروبيتسكوي: «في روسيا توجد إمبراطورية الشرطة، هناك محافظون جنرالات ووزراء. أمّا إمبراطورية القيصر فهي غير موجودة، فهو يعرف ما يصله عبر نظام فلترةٍ معقّد»، وهكذا، فإنّ القيصر- الفرد المستبد، وبسبب عدم معرفته واقع الحال الحقيقي في بلاده، فإنّ قدرته على تنفيذ سلطته محدودة عمليًا، أكثر من وضع الحاكم الذي تربطه علاقاتٌ مباشرة مع ممثلي الشعب المنتحبين”.
في روسيا القيصريّة، كان بإمكان كلّ موظفٍ أن يسمح لنفسه بالتصرف ليس بما يمليه القانون، بل بما تسمح له به قيادته.
لم يكن لدى الإمبراطور نقولاي الثاني ووزرائه أيّ خطط استراتيجية حول سياسة الدولة الداخليّة أو الخارجيّة، وإنّما كانوا يتصرفون بردات أفعال تجاه الأوضاع التي تستجدّ. وهكذا، حتى شباط/ فبراير 1917 لم تكن أسباب الحرب قد وجدت، ماذا نفعل مع غاليسيا، أرمينيا، بولندا وغيرها. كلّ ما كان معروفًا عن الخطط الداخليّة بعد انتهاء الحرب، هو عبارة عن رسالة الإمبراطورة المرسلة إلى القيصر نقولاي الثاني، التي تضمَّنت مقترحًا لما بعد الحربمعاقبة أعداء صديقنا، وإرسال الجنود الفاريّن لبناء طرق السكك الحديد، بزعم تجنّب اضطرابات الأرياف.
أدّت المواجهات مع الانفصاليين في المدة من 1894 إلى 1917 إلى صدور عشرات من قرارات الحظر ومثلها من قرارات إلغائها. كانت البلاد تسير إلى الكارثة. ولم يكن لآل رومانوف (آخر القياصرة الروس- المترجم) أيّ فضل في أنّ العمال والفلاحين الروس كانوا يجدّون في عملهم وينجبون كثيرًا من الأطفال، والتجار يعملون على مضاعفة رأسمالهم.
على جدران قصر ليفادييسكي هناك لوحةٌ معلّقة تمجّد فضل آل رومانوف على الأدب الروسي، وتقول إنّه غدا أفضل أدبٍ في العالم. يا للروعة! كان آل رومانوف يرعون الشعراء بوشكين وليرمنتوف في المنفى، وكادوا يعدمون دوستويفسكي، ولكنّهم اكتفوا في ما بعد بإرساله إلى الأشغال الشاقّة، وأرسلوا رجالهم لتفتيش منزل تولستوي، وبعدها وضعوه تحت رقابة صارمة بمساعدة عشرات المخبرين. أمّا الشاعر ماياكوفسكي فقد أرسلوه إلى السجن. منعوا تداول مئات الأعمال التي أبدعها الأدباء الكلاسيكيون.
هكذا كنّا (في مقدّمة الأدب العالمي) في مجال الأدب.
هل كان ثمة بديل؟
هل كان من بديلٍ عن ثورة 1917؟ بالطبع، كان هناك بديل. يخفي مؤرخونا الغيورون عنّا، أنّ القياصرة الروسيين أغلبهم كانوا منتخبين. وكان من ينتخبهم هم (الألوية الكبيرة). أول قيصرٍ منتخب كان بوريس غودونوف. وقد أوصلته ألوية الرماة المخلصة إلى العرش، أمّا الكنيسة فوضعت ختمها على ذاك القرار.
ثم إن القيصر (لجدميتري الأول) (وفاسيلي شويسكو) انتخبته كذلك (الألوية الكبرى). في عام 1612، حل الأمير بوجارسكي ألوية ميليشيا الأعيان، وفي النتيجة انتخب قوزاق توشين (ميشا رومانوف) ذي الـ 16 عامًا «فتى غبيّ، ولكنّه منّا، من توشينسك! ووالده كان بطريركًا عند لصوص توشيتنسك».
القيصرة صوفيا ألكسييفنا، انتخبتها أولية الرماة، والقيصر بطرس الكسييفيتش انتخبته (ألوية المرح)([3]). الألوية نفسها، هي من نصّبت (انتخبت) كلًا من: يكاترينا الأولى، آنّا إيونافنا، إليزابيت، يكاترينا الثانية وألكسندر الأول.
في كانون أوّل/ ديسمبر عام 1825، فشل انقلاب الحرس الإمبراطوري، وبدلًا من إجراء القيصر نقولاي الأوّل إصلاحاتٍ جذريّة في الجيش خصوصًا وفي البلاد عمومًا، حوّل ضباط الحرس إلى ضبّاطٍ متشدّدين. وللأسف الشديد، في الإمبراطوريّة الروسيّة، جاء 80 في المئة من الجنرالات، المحافظين والوزراء من صفوف ضباط الحرس.
من الناحية النظرية، كان من الممكن أن يؤدي نجاح انقلابٍ يقوم به الحرس إلى وضع روسيا على طريق التطور حتى عام 1904. غير أنَّ خسارة روسيا الحرب مع اليابان ألغت هذا الإمكان. لم يكن بمقدور أيّ أدوية أنْ تشفي روسيا المريضة. تطلّب شفاؤها عمليّةً جراحيّة معقدة.
([1]) يوم يوري: مدّة محددة قانونًا، كان يحقّ للفلاح خلالها ترك سيده بعد تنفيذ التزاماته جميعها تجاهه، والالتحاق بسيّدٍ آخر.
([2]) إمارة كوكاندة: إمارة انفصلت عن إمارة بخارى بين أعوام 1710و1876. نشبت بينهما حروبٌ مستمرة، وكانت كل منهما تحاول جرّ روسيا إلى جانبها. تدخل محافظ المناطق الروسية المجاورة لهما مرّات عدّة بوصفه وسيطًا بينهما. مع سياسة روسيا القيصرية التوسعيّة في آسيا الوسطى، وضم أراضي كازاخستان في ستينيات القرن التاسع عشر لروسيا، نشب نزاعٌ بينها وبين إمارة كوكاندا حول بعض الأراضي، فاستولت روسيا على معظم أراضي الإمارة، ومن ثمّ ضمّت الإمارة بالكامل عام 1876إلى الإمبراطورية الروسية وسميت منطقة فرغانا.
([3]) (ألوية المرح): ألوية عالية التدريب، شكّلها بطرس الأول، وكانت تتدرب بالهجوم على القرى وقتل الناس بغرض التسلية والمرح.