المحتويات
ثانيًا: اندلاع الثورة في سورية ودور حزب الله
ثالثًا: حزب الله يقاتل في الحرب في سورية
رابعًا: المعضلات الناتجة من اشتراك حزب الله في الحرب السورية
عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية | HIZBALLAH, S INVOLVEMENT IN THE SYRIAN CONFLICT |
اسم الكاتب | Rafal Ozarowski جامعة الإدارة والأعمال في غدينيا- بولندا |
مصدر المادة الأصلي | مركز أكاديميا |
رابط المادة | https://www.academia.edu/Documents/in/Academia_Research |
تاريخ النشر | تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 |
المترجم | روزا حاجي |
ملخص
الهدف الرئيس من هذه المقالة شرح دور حزب الله في سورية يشرح المؤلف لمَ أنَّ حزب الله داعمٌ متحمس لنظام بشار الأسد، ويحاول أنْ يعرف المحفزات أو الدوافع الكامنة وراء اشتراك حزب الله العسكري، والوضع الحالي في سورية. في هذه الورقة، يسعى المؤلف أيضًا لشرح المعضلات الناتجة من تورط حزب الله في الحرب السورية.
مقدمة
أُسس حزب الله عام 1982 في وادي البقاع، بمشاركةٍ من تشكيلات الحرس الثوري الإيراني (الباسداران). في البداية، أُنشئ حزب الله (وهو الاسم الذي اعتمده في عام 1985) لا بوصفه منظمة متماسكة، وإنما جماعةً فضفاضة للشباب الشيعة الراديكاليين، مرتبط معظمهم بأمل الإسلامية (وهي جماعةٌ انشقت عن أمل- أفواج المقاومة اللبنانية).
ارتبط تأسيس حزب الله مباشرةً بأربعة عوامل رئيسة: الصحوة الشيعية في لبنان في السبعينيات، التي قادها الإمام موسى الصدر، والثورة الإسلامية في إيران، التي حولّتْ إيران إلى جمهوريةٍ إسلامية، واندلاع الحرب الأهلية الطائفية في لبنان، التي عزّزتْ الانقسامات في المجتمع اللبناني، والاجتياح الإسرائيلي للبنان بوصفه جزءًا من عملية “سلام الجليل”.
في الثمانينيات، كان حزب الله منظمةً عسكرية صغيرة معتمدةً على دعمٍ إيراني. وكان قد نفَّذ هجماتٍ انتحارية عدَّة، وتورط في عمليات الخطف. عام 1983، كانت المنظمة مسؤولةً عن تفجير ثكناتٍ عسكرية أميركية، وفرنسية، أسفرت عن خسارات ثقيلة بين الجنود الفرنسيين، والأميركيين.
بتوجيهٍ من السلطات الإيرانية، اختطف حزب الله مواطنين ألمانيين غربيين، وفرنسيين، وبريطانيين، وأميركيين. إذ أمضى بعض المخطوفين سنواتٍ عدة أسيرًا لدى حزب الله، مثل الصحافي الأميركي تيري أندرسون الذي حرر بعد ست سنواتٍ من الأسر.
أدت ذلك “النشاط” إلى تصنيف حزب الله بوصفه منظمة إرهابية، ومع أنَّ المنظمة قد غيّرتْ من قوامها في مدى عقود، فقد تبين أنَّه من الصعب أنْ تصفها بـالجماعة غير إرهابية.
عندما انتهت الحرب في لبنان، قدَّم حزب الله نفسه بوصفه حزبًا سياسيًا، وشارك في الانتخابات البرلمانية الأولى لما بعد الحرب، على الرغم من أنَّ المنظمة ما تزال تحافظ على جناحها العسكري – المقاومة الإسلامية.
منذ التسعينيات، أسس حزب الله مكانًا له في الحياة السياسية اللبنانية، وأصبح واحدًا من الأحزاب الأكثر نفوذًا وتأثيرًا في البلاد. بعد الانتخابات البرلمانية عام 2005، اشترك حزب الله، لأول مرة في تاريخه في حكومةٍ لبنانية، بحصةٍ من الوزراء (محمد فنيش، أصبح وزيرًا للطاقة، وطراد حمادة استلم منصب وزير العمل) وكلاهما استقالا عام 2006 خلال الأزمة السياسية.أولًا: علاقة حزب الله بسورية
على الرغم من أنّ إيران أسهمت في تأسيس حزب الله، الذي أصبح أداةً إلى حدٍّ كبير في سياستها الخارجية، لكنَّ سورية لم تكن لتسمح لنفسها بأنْ تفقد السيطرة على السياسة اللبنانية خلال الحرب الأهلية. بعد بعض الوقت، تدهورت العلاقة بين سورية، وحزب الله بسبب أزمة الرهائن.
طلب الرئيس حافظ الأسد من آيات الله الإيرانيين أنْ يحرروا الضابط الأميركي المخطوف، ويليام أر هيغينز، وعندما رفض الإيرانيون، قرّر أنْ يكثف الصراع الداخلي بين الشيعة، ويستخدم أمل العَلمانية ضد حزب الله.
ظلَّ الصراع الذي نشب َ تحت السيطرة بعد أنْ توصلت كل من إيران، وسورية إلى اتفاقٍ في دمشق، في كانون الثاني/ يناير عام 1989، الذي وافقت سورية بموجبه على وجود حزب الله في جنوب لبنان، وحدّتْ من عمليات الحزب العشوائية ضد إسرائيل [Osoegawa 2013: 47]. ومنذ ذلك الحين، صار لسورية تأثيرٌ مباشر في نشاط حزب الله، وبموافقةٍ إيرانية.
بعد أشهرٍ قليلة، في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية، وبرعاية النظام السوري، تفاوض البرلمانيون اللبنانيون (المنتخَبون قبل الحرب) حول اتفاقٍ يؤسس لنظام ما بعد الحرب في لبنان. وشمل الاتفاق كثيرًا من القضايا السياسية، بما فيها التعديلات في الدستور اللبناني، التي أصبحت أيضًا الأساس للعلاقة الخاصة بين لبنان وسورية. وفي إثرَ ذلك، وقعت لبنان وسورية على “معاهدة أخوة، وتعاون وتنسيق”، ضمنت رسميًّا هيمنة سورية على الدولة في لبنان [Azani 2009: 187]. ومكّنتْ نظام حافظ الأسد من أنْ يشدّد السيطرة على الجماعات الدينية، والسياسية في لبنان، بما فيها حزب الله. ومع ذلك، حاول حزب الله في التسعينيات أنْ يتصرف باستقلالية أكثر، ويشارك في الصدامات مع إسرائيل عام 1993 وعام 1996، لكنَّ النظام السوري أجبر حزب الله على أن يلتزم بالقيود المفروضة [Ibid.: 187].
في عام 2000، برزت صفحةٌ جديدة من العلاقات المتبادلة بينهما. ففي أيار/ مايو، انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، متخلصةً من المنطقة العازلة التي أقامتها عام 1985. بعدئذ، وفي حزيران/ يونيو، مات حافظ الأسد، واستلم ابنه بشار، الحكم من بعده.
للتعامل مع الوضع الجديد، ردَّ حزب الله بسرعةٍ على الانسحاب الإسرائيلي، الذي عُدَّ غير كامل. وفقًا لقيادة حزب الله، بقيت قطعةٌ صغيرة من الأرض تُعرف باسم مزارع شبعا تحت الاحتلال، ولذلك أعلنوا أنّهم سيحافظون على جناحهم العسكري، وأقسموا أنَّ المقاومة الإسلامية ستستمر بالقتال ضد إسرائيل [[Hamzeh 2004: 96 في مناسبات عدَّة، حافظ حزب الله على حقه غير القابل للجدل بالقتال من أجل مزارع شبعا، بوصفها جزءًا من أراضي لبنان [Alagha 2011: 121]. وبخلاف ذلك، فإنَّ كثيرًا من القادة -الذين عارضوا حزب الله، مثل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط- مقتنعٌ بأنَّ موقف حزب الله المتعلق بمزارع شبعا ليس سوى ذريعة كي لا يتخلى عن سلاحه [المعركة من أجل الاستقلال اللبناني 2006].
بعد موت والده، حافظَ بشار الأسد على علاقة وثيقة بحزب الله. بل عزَّز موقع حزب الله السياسي من خلال استضافة ودودة لنصر الله في سورية، وتزويد الحزب بأكثر الأسلحة تطورًا [Rabil 2007: 43-511].
كان نصر الله يحترم دائمًا بشار الأسد، وواعيًا لدوره الذي يقوم به في المحافظة على الوضع الراهن لمصلحة حزب الله.
دخلتْ كل من سورية، وحزب الله في مشكلات بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري في شباط/ فبراير 2005، إذ نتج من اغتياله اندلاع ثورة الأرز. تخطّت التظاهرات الوجود العسكري السوري في لبنان، وحملّت النظام السوري، وحزب الله مسؤولية مقتل الحريري. ونتيجةً لذلك انسحبت القوات السورية من لبنان بعد 29 عامًا هناك، منهيةً حقبةً من الهيمنة العسكرية السورية على لبنان.
في البداية، جعلت وقائع السياسة اللبنانية من الصعب أنْ تبدأ تحقيقًا بمقتل الحريري. بعدها، أسس مجلس الأمن لجنة التحقيق الدولية المستقلة، التي كانت مسؤولةً عن جمع المعلومات، والوثائق المتعلقة بالجريمة. رئيس اللجنة، والمدعي العام ديتليف ميليس، اعتقل أربعة أشخاصٍ مشتبه بتورطهم في مقتل الحريري، وكلّهم من كبار ضباط الاستخبارات اللبنانية.
في كانون الأول/ ديسمبر 2005، أرسل رئيس الوزراء اللبناني، فؤاد السنيورة، رسالةً إلى السكرتير العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، طلب فيها تأسيس محكمةً دولية لحل قضية مقتل الحريري [Oiarowski 2015: 332].
أصبح حزب الله المعارض الأساس للمحكمة الخاصة من أجل لبنان- وهي محكمةٌ دولية أُسستْ للقيام بالتحقيق، وتوجيه التهم للأشخاص المسؤولين عن مقتل رفيق الحريري، و22 شخصًا آخر مشتركين في عملية التفجير.
عدّ حزب الله المحكمة الخاصة من أجل لبنان عبئًا ثقيلًا على لبنان، وبمنزلة تدخلٍ أجنبي في الشؤون الداخلية اللبنانية. وفي تصريحه وخطاباته، كرّر نصر الله أنَّ المحكمة الخاصة جزءٌ من المعركة بين حزب الله ومحور المقاومة [سورية وإيران] من جهة، وإسرائيل من جهةٍ أخرى [Slim 2010].
ثانيًا: اندلاع الثورة في سورية ودور حزب الله
ما زال الباحثون من مختلف أنحاء العالم يعدّون “الربيع العربي” ظاهرةً محيّرة، إذ بدأ في عام 2010 في تونس، بعد أنْ أحرق محمد بوعزيزي نفسه، وسرعان ما انطلقت شرارة التظاهرات في تونس ضد نظام بن علي. بعدها انتشرت الثورة العربية في تونس إلى دولٍ عربية أخرى. وبصورة مشابهة حدثت في مصر، واليمن، وليبيا، والبحرين. في كلِّ مكان، عدا البحرين، حققت الثورات أهدافها الأولية، وأجبرت قادة تلك الدول على التنحي. لربما كان من الممكن أنْ تؤدي الحوادث في سورية إلى النتائج نفسها، لكن لم يحدث ذلك. لا أحد يعرف أنَّ بدايات النشاط الثوري ستطلق حربًا طويلة الأمد، ومرهقة من شأنها أنْ تكون المعضلة الكبرى في الشرق الأوسط المعاصر.
بدأت الاحتجاجات في سورية في آذار/ مارس عام 2011 في مدينة درعا، بعد أنْ كتبت مجموعةٌ من اليافعين شعاراتٍ ثورية على الجدران، إذ اُعتقلوا نتيجةً لذلك. نزل الناس في درعا إلى الشوارع دفاعًا عن طلاب المدارس المعتقلين، فقوبلوا بردِّة فعلٍ عنيفة من قوات الأمن، ما أشعل بدوره احتجاجاتٍ في البلاد كلها ضد نظام الأسد.
ازداد الصراع حدّةً وتحولَّ إلى حربٍ أهلية. في الوقت الحاضر، لا يوجد فاصلٌ بسيط بين قوات نظام الأسد، والمتمردين. إنَّ تأسيس الدولة الإسلامية، واشتراك قوى خارجية قد جعل هذه الحرب أكثر تعقيدًا، وذات أبعادٍ متعددة. حتى الآن، فقد قُتل 220 ألف شخصٍ في الصراع [سورية: قصة الصراع 2015].
بخلاف بعض الدول إذ أطاح الثوار قادة بلدانهم، لم يدن حزب الله بشار الأسد، حليفه السوري. ونتيجةً لمصالحهم المتبادلة السياسية، والإستراتيجية، لم يكن لدى حزب الله أيُّ خيارٍ سوى دعم نظام الأسد. وكما تكتب ماريزا سولليفان: “لقد أدّت سورية دورًا حيويًا في نقل الأسلحة، والمعدات، والمال من إيران إلى حزب الله”، وأضافت: “زوّد نظام الأسد حزب الله بملاذٍ آمنٍ من أجل معسكرات تدريب، ومخازن أسلحة” [Sullivan 2014: 10]. لذلك، فإنَّ سورية الأسد هي حليفٌ رئيس لحزب الله.
مدفوعًا بمثل تلك الأسباب، شارك حزب الله في المعارك، والصدامات خلال المرحلة الأولى من الحرب، على الرغم من أنَّ حزب الله امتنع عن التعليق على قتاله في سورية. كانوا يقيمون بهدوءٍ الجنازات لأعضاءٍ قتلوا في الصراع، وحتى بعد الجنازات لكلٍّ من موسى علي شحيمي، والقائد علي ناصيف، إذ صرّح نصر الله بأنّه (ناصيف) قتل في منطقةٍ على الحدود السورية، يسكنها لبنانيون واقعين تحت مرمى قذائف المتمردين [[Khraiche 2012. وإضافةً إلى ذلك، قال زعيم حزب الله بأنَّ هؤلاء السكان اللبنانيين الذين قتلوا في سورية كانوا قد تصرفوا وفقًا لمصلحتهم، وليس لهم أيّ ارتباطٍ بحزب الله [Ibid].
لماذا أخفى حزب الله دوره في الحرب الأهلية السورية؟ أولًا، هم يرفضون أيّ اشتراكٍ إلى أنْ أصبح واضحًا، وغير قابل للنكران. إنّها استراتيجية حزب الله الرئيسة في التضليل حتى يثير فوضى معلومات. وثانيًا، في هذه الحالة، رغب حزب الله في أنْ يتجنب حالةً لربما تؤدي معلومات رسمية عن تورطه في الصراع السوري إلى انفجار عداواتٍ في لبنان.
لذلك، عامي 2011 و2012، كان اشتراك قوات حزب الله العسكرية في الحرب السورية محدودًا، مع أنَّ نظام الأسد كان بأمس الحاجة إلى قواتٍ خاصة مدرّبةٍ جيدًا، وذات خبرةٍ في قتال المدن، والتجمعات الحضرية. كان الجيش السوري المتخَم بسلاح المدفعية عاجزًا عن تأمين تلك الوحدات، ولذلك، دفع حزب الله نحو تورطٍ أعمق في الحرب في سورية.
ثالثًا: حزب الله يقاتل في الحرب في سورية
أفادت بعض المصادر أنَّ العدد المقدّر لمقاتلي حزب الله في سورية حوالى 10000 مقاتل. وهو تقديرٌ غير مرجح، وحتى الآن فالتقدير المعقول هو حوالى 4000 إلى 5000 [White 2014: 15]. إنّه أمرٌّ مهم، في كل حال، إنّ حزب الله ينقل بانتظامٍ قواته من مكانٍ إلى آخر بحيث يمكن للمقاتلين أنْ يستردوا جاهزيتهم القتالية، ويحافظوا على مستوى عالٍ فيها.
وكما يذكر جيفري وايت، لا توجد معلوماتٌ كافية حول تنظيم قوات حزب الله في سورية، على الرغم من أنّه فيما يبدو هناك أربع جوانب لمهمة حزب الله: تدريب قوات النظام، وتقديم المستشارين العسكريين، وعمليات “شدٍّ” يقوي حزب الله بها وحداتٍ أخرى ذات مستوى أدنى، وعملياتٍ عسكرية مباشرة [Ibid.: 16]
ظهر التورط الكامل لحزب الله في معركة القصير، التي بدأت في 19 أيار/ مايو 2013، بعد ثلاثة أسابيعٍ تقريبًا من اعتراف نصر الله رسميًّا بوجود عسكري للحزب في سورية. قرّر نظام الأسد، وحلفاؤه استعادة بلدة القصير [Blanford 2012: 18]، ذات الأهمية الإستراتيجية للثوار نتيجةً لموقعها بجانب طريق إمدادٍ مهم.
أولًا، في نيسان/ أبريل 2013، أحكمت قوات النظام السوري، وحزب الله سيطرتها على قرى صغيرة تقع حول بلدة القصير. بعد ذلك، اجتاحوا القصير خلال 17 يومًا. كان بين القوات المؤيدة للنظام، 1200 إلى 1700 مقاتلًا من حزب الله، الذين أدّوا دورًا خاصًا في قتال الثوار في القصير، أولًا، كانت قوات حزب الله رأس الحربة التي توغلت في البلدة، مستفيدين من خبرة قواتهم الخاصة للقتال في المعارك البرية شبرًا شبر، وفي كلِّ بناءٍ في قتال المدن. ساعد الدعم الذي قدَّمته مدفعية النظام السوري في انهيار مقاومة مجموعات الثوار، والسيطرة على المدينة [Ibid. 19-21].
على الرغم من نصر حزب الله، لكنه عانى خسارات ثقيلة. وتقدر الضحايا بين 60 إلى 120 قتيلًا [Levitt, Zelin 2013: 17; Blanford 2012: 21]([1]).
بعد استعادة القصير، صرَّح نصر الله أنَّ حزب الله كان مدركًا لحجم تكاليف الاشتراك العسكري في الحرب السورية، وسيتابع الحزب مهمته في الصراع.
زيادةً على ذلك، أضاف بأنَّ وضع حزب الله قبل معركة القصير وبعدها هو ذاته، وأعلن أيضًا عن دورٍ أكبر في الحرب السورية [زعيم حزب الله يُقسمُ على مواصلة القتال في سورية 2013].
في عام 2014، اتخذ حزب الله موقفًا ثابتًا وامتنع عن المشاركة في قتالٍ مباشر مثلما حدث في القصير. ومن المرجّح أنَّ الخسارات الثقيلة في معركة القصير أجبرت قيادة حزب الله على إعادة تحديد إستراتيجيته في سورية إلى حدٍّ ما.
مهما يكن، فإنَّ مقاتلي حزب الله، الذين يتصرفون بوصفهم داعمًا، شاركوا في هجوم في جبال القلمون، وسيطروا على مدينة يبرود، وشاركوا في معركةٍ حول دمشق، والمطار الدولي Beck 2015]].
في آذار/ مارس 2015، تركّز القتال باتجاه جنوب دمشق، وفي أطراف مرتفعات الجولان. شنَّ ثوار الجيش السوري الحر، بدعمٍ من مجموعاتٍ جهادية سنيّة (بعضها متحالفٌ مع القاعدة) هجومًا، قوبل بهجومٍ مضاد من قوات النظام السوري وحزب الله، وبمساعدةٍ من القادة الإيرانيين [القوات السورية تطلق….2015].
تُعدّ المنطقة الواقعة بين جنوب دمشق، ومرتفعات الجولان ذات قيمة إستراتيجية بسبب قربها من الحدود الإسرائيلية، ونهر الأردن، والطريق السريعة بين دمشق ودرعا، وهي ممرُّ إمدادٍ لوجستي إستراتيجي [Luck 2015]. وحتى الآن ما تزال المعارك جارية في منطقة القلمون التي بدأ فيها حزب الله التحضير لتحصين القرى التي يسيطر عليها في الأراضي السورية واللبنانية لمقاومة الهجوم، واستعادة منطقة القلمون بعد ذلك [تقرير: حزب الله يجمد الشؤون الداخلية حتى تنتهي معركة القلمون عام 2015].
اشترك حزب الله أيضًا في معركة حلب. منذ عام 2013، كان مقاتلو حزب الله موجودين قرب حلب، وفي حزيران/ يونيو 2013، شاركوا في عملية “عاصفة الشمال”. قبل بدء العملية، أدى مقاتلو حزب الله دورًا مهمًا في استعادة مواقع في البلدات الصغيرة المحيطة بـ: نبل والزهراء([2]). من وجهة نظرٍ إستراتيجية، كانت تلك البلدات مهمة جدًا. أولًا، أعطاهم موقعهم أرضيةً لتجهيز مهمة إطلاق الهجوم على حلب.
ثانيًا، كانت البلدات ذات موقعٍ إستراتيجي لأنها تقع قرب الطريق السريع بين حلب ومطار منغ، وهو طريقٌ يستخدم لتزويد القوات المشتركة في الحرب. وأخيرًا، إنَّ السيطرة على تلك المدن يقوي الموقف في مطار منغ الذي تنطلق منه الغارات الجوية على مواقع الثوار [Durfee, McCormick, Peisch 2013].
عام 2014، استمرت قوات النظام (بما فيها حزب الله) بحصار حلب. وعام 2015، شارك حزب الله في هجومٍ استعادت فيه قوات النظام 408 كيلومتر مربع من الأراضي في جنوب حلب. أدى حزب الله دورًا محوريًا في هذا الهجوم.
استعاد حزب الله السيطرة على قرى عدَّة، وساعد جيش النظام السوري في تمهيد الطريق الجنوبية إلى حلب [Fadel 2015]. وأخيرًا، شارك في حصار حلب عام 2016، ونتيجة لذلك الحصار، تمكّنت قوات النظام من استعادة المدينة.
رابعًا: المعضلات الناتجة من اشتراك حزب الله في الحرب السورية
حتى الآن، فإنَّ حزب الله وبلا أدنى شك، هو لاعبٌ مهم في الصراع السوري. وعلى الرغم من خساراته، فإنَّ دوره في سورية قد حقق بعض المكاسب.
أولًا، اكتسب مقاتلو حزب الله خبرةً، وكانت لهم الفرصة لاختبار إستراتيجيات معارك عدّة خارج بيئتهم في لبنان. منذ اندلاع الحرب، قدم حزب الله الدعم بصورة جنود مشاةٍ، وقناصين، ولاحقًا، أنجزت قواته أدورًا إسنادية وعسكرية.
تعرفَّت قيادة حزب الله بنفسها إلى قدرات وحداتها العسكرية، والمدى الذي يمكنهم المضي إليه في إشراك قواتٍ غير مشغولة.
إنَّ الخبرة التي اكتسبها حزب الله من المعركة لربما تكون ثمينةً جدًا في أيّ حروبٍ مستقبلية مع إسرائيل أو مع أيّ جماعات عسكرية غير حكومية.
منذ “حرب تموز/ يوليو” مع إسرائيل عام 2006، لم يشاركْ حزب الله بمثل هذه العمليات، ولهذا السبب، فالاشتراك العسكري في سورية يُعدّ من أكبر التحديات التي انشغل بها الحزب.
ثانيًا، إنَّ مشاركة حزب الله في الحرب السورية، ودفاعه عن بشار الأسد صار هدفه الوجودي. كان نصر الله، وقادة حزب الله كلهم مدركين مدى أهمية التحالف مع سورية، وأهمية أنْ يفعلوا كلَّ ما يمكنهم للمحافظة على نظام الأسد في سورية.
إنَّ سقوط النظام سيضعف موقف حزب الله في لبنان -الواقع تحت “رعاية” سورية دائمة- ويقطع إمداداتهم الرئيسة بالأسلحة. وهذا من شأنه أنْ يقلّل من دور حزب الله في سياسته المقاومة (الممانعة) ضد إسرائيل. لذلك، كان واضحًا كم هو مهم بالنسبة إلى حزب الله الدفاع عن نظام الأسد في الدولة المجاورة.
ثالثًا حزب الله المرتبط بقوةٍ بإيران، يخدم عموم المصالح الإيرانية في سورية، ويشكّل حلقةً في محور إيران- سورية- حزب الله. وبالأخذ بالحسبان سقوط نظام الأسد، فلن تسمح إيران ولا حزب الله لنفسيهما بخسارة الحلقة السورية، التي من شأنها أن تحطم محور المصالح المتبادلة. ولذلك السبب، فإنَّ اشتراك حزب الله في سورية يبني فاصلًا واضحًا بين القوات المؤيدة للأسد، وحلفائه بما فيهم إيران، والثوار المناهضين للأسد، والجهاديين السنة، والعالم الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة.
طوال مسار الحرب في سورية، وثقَّ حزب الله تعاونه مع روسيا، فوجود أعداء مشتركين، مكَّن الطرفين من بدء تنسيقٍ عسكريّ.
قبل حصار حلب عام 2016، كانت هناك اجتماعاتٍ غيرُ رسمية بين مسؤولين روس، وآخرين من حزب الله، وكان الهدف من هذه الاجتماعات تأسيس اتصالٍ “مستمر”، وتقاسم المسارات بين الجانبين بالنظر إلى ساحة المعركة في حلب.
ناقش الطرفان كلاهما أيضًا خططًا مستقبلية مشتركة [Lieber 2016]. بالنسبة إلى حزب الله، كانت هذه فرصةً لأنْ يكون بين صنّاع القرار بما يتعلق بالشؤون السورية. بالتعاون مع روسيا، أصبح حزب الله “شريكا” عسكريًا موثوقًا، ليس بوصفه كيانًا ذا أهميةً قليلة فحسب بل تستخدم بوصفها احتياطًا في الحملات العسكرية.
عند التفكير بقرارٍ أبعد حول الصراع السوري، حزب الله، والفضل لتعاونه مع إيران، وروسيا، قد سنحت له الفرصة لضمان موقعه في سورية، ومن ثمّ لتقوية موقعه في لبنان. كان هذا هو الهدف الأساس الذي قاد حزب الله إلى المشاركة في الحرب السورية.
بعد ست سنواتٍ تقريبًا من حربٍ مرهقة ومدمرة في سورية، لا توجد علاماتٌ على أنَّ الصراع قد ينتهي في المستقبل القريب. إنَّ تعقيد مصالح القوى المتقاتلة -إضافةً إلى مصالح القوى الخارجية التي لا تهتم سوى بأهدافها السياسية الخاصة- يؤدي إلى النتيجة بأنَّ سورية أصبحت ساحة تدريبٍ سياسيّ بالسلاح الحقيقي.
ما يزال حزب الله يؤدي دورًا مهمًا في الحرب السورية، لأنه بالنسبة إليه، فالأمر ليس محض حربٍ من أجل المحافظة على نظام الأسد، ولكن من أجل وجود حزب الله ذاته. لذلك، فإنَّ حزب الله مضطرٌ إلى القتال إلى جانب القوات السورية “حتى الرجل الأخير”. وهذا يفسر لمَ كان اشتراك حزب الله إلى الآن مكثفًا.
في عام 2016، حققتْ قوات الأسد وحلفاؤها أفضليةً عسكرية، ويعود الفضل بصورة رئيسة إلى الاشتراك الروسي. بعد استعادة حلب، عزّز حزب الله -بوصفه حليفًا لنظام الأسد- موقفه في سورية، وفي لبنان أيضًا.
حاليًا، لا يوجد خطرٌ واضحٌ بأنَّ نظام الأسد يمكن أنْ يسقط، وهذا يعني أنَّ حزب الله أكثر راحةً في نشاطه. لقد أمَّنَ حزب الله درعه السوري، ما يسمح له بالمحافظة على الوضع الراهن بوصفه جزءًا من محور إيران- سورية- حزب الله، ويحافظ على إمكاناته العسكرية في ما يتعلق بإسرائيل.
في العام الماضي، بدأ حزب الله تعاونًا وثيقًا مع روسيا في عملياتٍ عسكرية على الأرض. وهذا يمكن أنْ يُعدّ حدثًا كبيرًا يمكن أنْ يقويَّ كثيرًا موقف حزب الله.
المراجع
- Alagha J. (2011), Hizbullah’s Identity Construction, Amsterdam
- Azani E. (2009), Hezbollah: The Story of the Party of God. From Revolution to Institutionalization, New York
- Beck J., (2015) Syria After Four Years: Timeline of the Conflict, 16 March 2015, https://news.vice.com/article/syria-after-four-years-timeline-of-a-conflict
- Blanford N., (2012) The Battle for Qusayr: How the Syrian Regime and Hizb Allah Tipped the Balance, “CTC Sentinel, Vol.6, Issue 8.
- Durfee L., McCormick C., Peisch S., (2013) The Battle for Aleppo, Institute for the study of War, 13 June 2013, http://www.understandingwar.org/backgrounder/battle-aleppo
- Fadel L., (2015) Syrian Army and Hezbollah Capture 408 Square Kilometres of Territory, http://www.almasdarnews.com/article/syrian-army-and-hezb011ah-capture-408-squarekilometers-of-territory-in-southern-aleppo/
- A. N. (2004) In the Path of Hizbullah, New York
- Hezbollah leader vows to continue Syria fight, “Aljazeera” 14 June 2013, http://wraljazeera.com/news/middleeast/2013/ 06/ 20136141719617527-html
- Khraiche D., (2012) Nasrallah denies Hezbollah members fighting with Syrian regime, „Dai1y Star” 11 October 2012
- Lieber D., (2016) Russia and Hezbollah ‘officially’ working together in Syria, http://www.timesofisrael.com/russia-and-hezbollah-officially-working-together-in-syria/
- Levitt M., Zelin A. Y., (2013) Hizballah’s Gambit in Syria, “CTC Sentinel”, Vol.6 Issue 8,
- August 2013
- Luck T., (2015) Syrian rebels’ march on Damascus becomes fight for their survival, 11 March 2015, http://www.csmonitor.com/Wor1d/Midd1e-East/2015/0311/Svrian-rebels march-on-Damascus-becomes-fight-for-their- survival-video
- Osoegawa T., (2013) Syria and Lebanon: International Relations and Diplomacy in the Middle East, London
- Oüarowski R., (2015) Specyfika funkcjonowania Specjalnego Trybunalu dla Libanu, [in:} Normy wartoéci i instytucje we wspölczesnych stosunkach miedzynarodowych, red. E. Stadtmuller, L. Fijalkowski, Warszawa
- Rabil Has Hezbollah’s Rise Come at Syria’s Expense, ‘Middle East Quarterly’ Fall http://www.meforum.org/1755/has-hezbollahs-rise-come-at-syrias-expense
- Report: Hizbullah Freezing Internal Affairs until Qalamoun Battle Ends, (2015) http://www.naharnet.com/stories/enl177522-report-hizbullah-freezing-internal-affairsuntil-qalamun-battle-
- Slim R., (2010) Hezbollah’s Campaigl against the Special Tribunal for Lebanon, “Foreign Policy” 13 August 2010, http://foreignpolicy.com/2010/08/13/hezbollahs-campaignagainst-the-special-tribunal-for-lebanon/
- Sullivan M., (2014) Hezbollah in Syria, Middle East Security Report, No. 19, Institute for the Study of War
- The Struggle for Lebanese Independence: One Year After Hariri’s Assassination (2006), http://www.brookings.edu/events/2006/03/06midd1e-east
- White J., (2014) Hizballah at War in Syria: Forces, Operations, Effects and Implications, „CTC Sentinel” vol. 7 Issue 1 January
([1]) م. ليفيت و أ. ي. زيلين نقلا عن ج. كوهين ويقدمان معلومات عما لا يقل عن 60 رجلا من حزب الله قتلوا في معركة القصير. ن. بلانفورد، استنادا إلى أوراق استخباراتية أشارت إلى أن حزب الله خسر ما بين 70-120 رجلا.
([2]) لم يكن للنظام أي موقع في الريف الشمالي لحلب سوى بلدتي نبل والزهراء منذ عام 2012، أما مطار منغ الذي كان محاصرا، فقد سقط بأيدي الثوار في آب/ أغسطس 2013، أما استعادة القرى حول البلدتين المذكورتين فقد جرت في بداية عام 2016، وعددها ثمانية قرى. [المترجم]