عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية | TO END A WAR: EUROPE’S ROLE IN BRINGING PEACE TO SYRIA |
اسم الكاتب | Julien Barnes-Dacey جوليان بارنز دايسي |
مصدر المادة الأصلي | EUROPEAN COUNCIL ON FOREIGN RELATIONS |
رابط المادة | http://www.ecfr.eu/page/-/ECFR229_EUROPES_ROLE_IN_BRINGING_PEACE_TO_SYRIA.pdf |
تاريخ النشر | كانون الأول/ ديسمبر 2017 |
المترجم | مروان زكريا |
المحتويات
تخفيف حدة التصعيد من خلال رؤية وطنية لنقل السلطة
ملخص
- تجدد الولايات المتحدة وروسيا مساعيهما لتعزيز مناطق تخفيف حدة التصعيد في سورية. ويوفر هذا النهج أكثر الطرائق فاعلية للحد من العنف، ويؤمن بعض المساعدات للشعب السوري، ويعالج المصالح الأوروبية الأوسع نطاقًا، لكنهما يهملان الحاجة إلى إطار سياسي.
- ينبغي على الأعضاء الأوروبيين في المجموعة الدولية لدعم سورية السعي وراء نهج يركز على السياسات الوطنية إلى جانب مساعي تخفيف حدة التصعيد، والابتعاد عن منهج يؤطر الزاوية الوطنية في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار. حتى وإن بدأت محاولات وقف إطلاق النار جزئيًا، فلن تكون دائمة إلا إذا ربطها المفاوضون بمسار سياسي وطني.
- ما يزال الأسد عازمًا على استعادة السيطرة على الأراضي السورية كافة، لكن قدراته المقيدة ستحد تقدمه. ويجب على الأوروبيين دعم نهج لتفويض السلطة، يؤمن إعادة توحيد المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام بصورة أسلس.
- يشير قرار فرنسا الأخير لدعم مناطق تخفيف حدة التصعيد إلى أنه قد يكون هناك فرصة للأوروبيين لمواءمة هذه المساعي مع السياسات الوطنية. لكن الفرنسيين بحاجة إلى التركيز على تشكيل حلف أوروبي مترابط قادر على التحكم بالدبلوماسية في المنطقة.
دخلت الحرب الأهلية في سورية مرحلة جديدة بعد ست سنوات من الصراع الدموي. ومع سيطرة بشار الأسد على أجزاء محورية في البلاد، وسيطرة الداعمين الأجانب على محيط المناطق غير الخاضعة للنظام، تنبثق حقيقة جديدة مبنية على مناطق النفوذ المدعومة دوليًا. وتستند مساعي تخفيف حدة التصعيد الحالية إلى هذه الفرضية إلى حد كبير.
ويواجه الأوروبيون الآن خيارًا حاسمًا. فبإمكانهم رفض المسار المقترح على أساس أنه لا يوفر انتقالًا سياسيًا ويجازف بترسيخ التجزؤ. أو بإمكانهم اتخاذ موقف يدعم عملية تخفيف حدة التصعيد يحافظ عليها مسار سياسي فاعل. وتناقش هذه الدراسة ضرورة اختيار الأوروبيين للخيار الثاني. إن حكم الأسد المستمر يسيء إلى المعنى الأوروبي للعدالة، ولكن الأوروبيين لا يملكون خيارًا آخر، لسوء الحظ، إذا أرادوا إنهاء الحرب وتحقيق السلام في سورية. ويقدم هذا المسار الآن أكثر الوسائل فاعلية لتوفير الاستقرار والإغاثة الإنسانية للشعب السوري، فضلًا عن معالجة الأوضاع التي تغذي تدفق اللاجئين والتطرف.
وتدعي هذه الدراسة أن المساعي الحالية الرامية إلى تخفيف حدة التصعيد محكومة بالفشل لأنها تفتقر إلى ترتيبات سياسية وطنية فاعلة مرتبطة بترتيبات وقف إطلاق النار. وعلى النقيض من سلسلة التفاوضات الحالية، تقول هذه الدراسة إنه يجب على السياسات الوطنية أن تكون اللاعب المحوري في المساعي الرامية إلى تخفيف حدة التصعيد، ولا يمكن أن تتأخر إلى ما بعد تنفيذ اتفاقات دائمة لوقف إطلاق النار. ولن تستمر الاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار إلا إذا ارتبطت مباشرة برؤية سياسية وطنية تشترك فيها الأطراف المتحاربة المختلفة، والنظام على وجه الخصوص. فمن دون معنى واضح لمظلة استراتيجية سياسية أوسع، سيبقى أي وقف لإطلاق النار هشًا، في أحسن الأحوال، وتمهيدًا لمرحلة جديدة كليًا من الحرب الأهلية، في أسوئها.
وأصبح من الواضح الآن أن أي عملية سياسية قابلة للتطبيق لا يمكن أن تكون حول انتقال السلطة من الأسد، وهي النقطة التي انهارت عندها المبادرات السابقة. ويجب على الرؤية السياسية الآن أن تندمج بالحقيقة على أرض الواقع، وهي أن النظام سيبقى الطرف المهيمن في المستقبل المنظور. وفي هذا السياق، تقترح هذه الدراسة دفع مسار تفويض وطني عاجل لمصلحة النظام، آخذة بالحسبان هيمنته العسكرية المسالمة، وسيلة ضرورية لإبرام اتفاقات محلية مستدامة. وبما أن اتفاقات وقف إطلاق النار لن تطبق في كل مكان، فسيكون لأي اتفاق بوقف لإطلاق النار فرصة أفضل لاستمراره إذا ارتبط بالرؤية السياسية الأوسع هذه.
وقد يشعر النظام بالثقة الآن، مع طموحاته المستمرة في السيطرة على الأراضي السورية كافة. لكنه يواجه قيودًا تعني أنه قد يرضى بانتصار أقل مما يطمح إليه. لأن نموذج التفويض المقترح هنا يسعى لتلبية الطموحات الرئيسة للنظام من أجل نقل حسابات الأسد نحو قبول أكثر سلاسة لإعادة توحيد المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة أو مناطق لا يسيطر عليها النظام وتقبع تحت نفوذ مركزي. ويعترف المسار المعروض في هذه الدراسة بهيمنة الحكومة المركزية على البلد بأكمله، ويقدم وسيلة للحد من النفوذ الأجنبي في المناطق المذكورة.
ويتوقف ذلك على تعزيز الحكم الذاتي المحلي المستدام، ولا سيما في النطاق الأمني، فضلًا عن إحراز تقدم كبير في مجال المعونة الإنسانية والوصول إلى المحتجزين. وقد يكون هذا الثمن اللازم لإبرام اتفاقات مستدامة لوقف إطلاق النار، وتأمين راحة أكبر للشعب السوري، الآن بعد أن أصبحت أجندة تغيير النظام من الماضي. ولتقويم معضلة هذا النهج، يجب على الأوروبيين أن يعرفوا أن الخيار البديل تقدم قوات الأسد المدعومة من إيران وروسيا، -الذي لم يعرب أي طرف دولي عن جاهزيته لوقفه- سيتسبب بمزيد من العنف والموت والتهجير. وعلاوة على ذلك، سيبقى هذا الحل يسعى لتفعيل حوار داخلي سوري ضروري نحو تسوية منظمة ونهائية، ومن دونها لن يكون هناك استقرار فعلي طويل الأمد.
وتقترح هذه الدراسة السبل أمام الأوروبيين لصوغ مسار دبلوماسي فاعل تحت القيادة الفرنسية. فتجديد تركيز إيمانويل ماكرون على سورية، ودعمه مساعي التخفيف من حدة التصعيد، إضافة إلى عجز الدول الأعضاء الأخرى عن تولي القيادة في هذه القضية، جعل من فرنسا القائدة الفطرية لهذه المبادرة.
وتُعدّ الحرب الأهلية في سورية مأساة إنسانية وجيوسياسية. ويجب أن تنتهي. ولا يمكن لأوروبا أن تتحكم بالنتائج في سورية، لكنها تمتلك القدرة على خلق تغيير مهم. فالطريق المرسومة هنا وعرة وغامضة، ولكن من دون مسار سياسي، ستنهار اتفاقات وقف إطلاق النار بالتأكيد وتتحول إلى عنف متجدد.
التوحد والتفكك
تنقسم سورية الآن إلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام، تشمل معظم المحافظات الغربية كثيفة السكان، وأطراف خارجية للبلاد، تخضع خضوعًا كبيرًا إلى خليط من التأثيرات الأجنبية. إن انتقال السلطة من النظام أمر غير وارد، فالأسد لن يتفاوض بشأن تنحيته في جلسات الأمم المتحدة. وليس هناك احتمال واقعي لإطاحته عن طريق استخدام القوة أو حتى إلى تحويل كفة القوة تحولًا كافيًا لفرض عملية انتقال بالتفاوض. فقد أنهى قرار دونالد ترامب، الصادر في شهر حزيران/ يونيو عام 2017، بوقف التسليح السري الأميركي للثوار المعارضين للأسد هذا الحلم رسميًا ([1]). وفي حين إن الثوار المسلحين يحاربون النظام في جيوب معزولة، إلا أنه لا أمل لهم في الانتصار. وفي إدلب، آخر معاقل المعارضة، فإن هيمنة هيئة تحرير الشام -وهي ائتلاف جهادي تقوده جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة السابق- تعني أن انتصارًا كهذا ليس مرغوبًا فيه ([2]).
ولكن النظام نفسه لا يمكنه استعادة السيطرة المطلقة على البلاد بأسرها. فالقوات المدعومة من تركيا تسيطر على أكثر من 2000 كم² في الشمال ([3]). وتسيطر القوات الكردية على شمال الشرق السوري تحت حماية أميركية مباشرة، بينما يتمتع فصيل كردي ثان في شمال حلب، عفرين، بدعم روسي ([4]). وفي الجنوب الغربي، تدعم الأردن وشركاؤها الدوليون سيطرة المعارضة على أجزاء من محافظات درعا والسويداء والقنيطرة. وحتى لو لم يعد تغيير النظام أولوية في هذه المناطق، فإن وضع الجهات الخارجية الفاعلة، والقيود الكبيرة المفروضة على قدرة النظام، ولا سيما القوة البشرية المحدودة، تقوض قدرته على استعادة السيطرة على أراض جديدة والاحتفاظ بها ([5]).
ويُعدّ موقف النظام وسط البلاد آمنًا، ولكنه ما يزال يواجه تهديدات متمردة إرهابية مستعصية. ففي كانون الأول/ ديسمبر عام 2016 على سبيل المثال، تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مدينة تدمر من النظام للمرة الثانية، عندما كانت قوات النظام تصب تركيزها على السيطرة على شرق حلب. وفي آذار/ مارس عام 2017، أظهر توغل ناجح للثوار في أجزاء من مدينتي دمشق وحماة أنهم ما يزالون قادرين على تهديد النظام في معاقله. وعلى الرغم من أن الأسد استعاد السيطرة على تلك الأراضي في نهاية المطاف، لكن تلك الحوادث تظهر ضعفه المستمر.
وفي الوقت نفسه، يحتدم التنافس على الأراضي التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش. فمخاوف تركيا من تأسيس منطقة كردية تسيطر على الحدود التركية السورية تعزز موقفها المعارض لتقدم التحالف المناهض لتنظيم داعش إلى مدينة الرقة. وتخشى أنقرة من أن يشعل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري تمردًا كرديًا داخل تركيا. ويرتبط حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تقود قواته تقدّم قوات سورية الديمقراطية ضد تنظيم داعش، بحزب العمال الكردستاني الذي يحارب القوات التركية داخل تركيا ([6]). وقد تثير هذه الصلات تدخلًا تركيًا أعمق يهدف إلى وقف مكاسب حزب الاتحاد الديمقراطي ([7]). وتخشى الحكومات الأوروبية من أن تؤدي المحاولات الكردية بفرض هياكل حكومية في المناطق التي استولت عليها من تنظيم داعش إلى إثارة نزاع مع العرب المحليين ([8]). وقد تقوض هذه الخلافات تقدم القوات المناهضة لتنظيم داعش ومساعيها في تأمين الاستقرار في مرحلة ما بعد انتهاء الحملة.
وفي محافظة دير الزور شرق سورية، تسرع القوات الموالية للنظام بالاستيلاء على الأراضي قبل المقاتلين المدعومين من التحالف المناهض لتنظيم داعش. إن الأسد بحاجة إلى السيطرة على شرق البلاد لأسباب اقتصادية مهمة، لكنه بحاجة إليها أيضًا لمنع إنشاء منطقة معارضة دائمة تربط قوات سوريا الديمقراطية في الشمال مع مقاتلي المعارضة الموجودين في جنوب سورية ([9]). وسيمثل هذا، بالنسبة إلى النظام، تقسيمًا منهكًا للبلاد وتهديدًا استراتيجيًا في المدى البعيد. وقد يرغب الداعم الخارجي الرئيس للأسد، إيران، في تأمين طريق بري مباشر من العراق إلى لبنان، إلا أن هدفه الحالي يبدو أنه يتمثل في ضمان عجز قوة معادية له بتأسيس وجود لها في هذه المنطقة في المدى البعيد. وفي حين تمتلك قوات النظام اليد العليا نظرًا إلى المكاسب الأخيرة في المناطق، إلا أن تقدمها شرقًا حفّز سلسلة من الهجمات الأميركية على ميلشيات مدعومة من إيران في شهر حزيران/ يونيو، على مقربة من حامية الطنف المدعومة أميركيًا على الحدود السورية العراقية، فضلًا عن إسقاط الولايات المتحدة لطائرة مقاتلة سورية في ريف الرقة الجنوبي في شهر حزيران/ يونيو عام 2017 ([10]). ويبقى هناك احتمال بارز لتصعيد على نطاق أوسع، كاشتباكات أميركية إيرانية أو أميركية روسية مباشرة.
فرصة هشّة
يتطلب مزيج المصالح المعقد هذا عملية طارئة لتهدئة التوترات من أجل منع امتداد الحرب إلى تركيا وإيران والولايات المتحدة وروسيا. لكنها تتيح أيضًا فرصة لاستقرار خريطة سورية المتشعبة: تعرِض مناطق السيطرة الناشئة ومحدودية سيطرة النظام نموذجًا لعملية تخفيف حدة التصعيد. والحقيقة تقول إن السلطة في سورية على مسار الانتقال، وهي حالة لا يأمل النظام ولا المعارضة في قلبها، نظرًا إلى دور الجهات الخارجية الفاعلة في دعم عملائها. ويجب على الجهات الخارجية الفاعلة الآن استخدام هذا النموذج لتحقيق أهداف بناءة، بدعم عملية من اللامركزية المنتجة، ولو لم تقم بذلك، ستخاطر بأداء دورها بطريقة فوضوية تغذي الصراع القائم.
وقد يتيح هذا النهج أيضًا فرصة لتخفيف التوترات في المناطق التي طُرد تنظيم داعش منها. وقد ترى تركيا في النهاية أن انتقالًا للسلطة هادئًا ومسيطَرًا عليه كأفضل وسائل إيقاف الطموحات الكردية. وفي شرق سورية، يمكن لتفاهم مبدئي على المناطق، يسعى باتجاه تفويض للسلطة، أن يؤلف أساس اتفاق يحدد خطوط السيطرة ويمنع المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران وروسيا.
وتُعدّ المناطق مسبقًا عنصرًا محوريًا للنهج الروسي تجاه النزاع، ما دفع مبادرة تخفيف حدة التصعيد التي صيغت في آستانة بين تركيا وإيران. ويمثّل النهج المناطقي أساس التفاوضات المتداخلة -لكن المنفصلة- بين روسيا والولايات المتحدة والأردن على جنوب غرب سورية.
وظهرت مبادرة آستانة التي أوجدت أربع مناطقة هادئة في وسط البلاد وشمالها وجنوبها، على خلفية إشارات روسية أوسع نطاقًا حول إمكان تطبيق نهج مناطقي لامركزي. ولطالما كانت موسكو تتعاون مع تركيا والأردن حول دعمها للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال البلاد وجنوبها، وتوفر موافقة روسية على مناطق نفوذ كل منها ([11]). ثم إنها حاولت التوسط في العلاقة بين النظام والأكراد، بما في ذلك تقديم مسودة للدستور السوري تستند إلى اللامركزية ([12]).
وقد انتعش هذا الجهد بعد تفاوضات مع الولايات المتحدة حول جنوب سورية. وتحدث دونالد ترامب عن الحاجة إلى “مناطق آمنة”، التي تتطابق مع مناطق تخفيف حدة التصعيد الروسية ([13]). وتوسعت الأحاديث لتشمل أيضًا قسمًا من النفوذ، بإنشاء خط تواصل روسي-أميركي في شرق سورية ([14]).
لكن الضغط الحالي تجاه تخفيف حدة التصعيد، وفقًا لمناطق السيطرة المتفق عليها، يواجه عقبات خطرة. فمستويات العنف انخفضت بكل تأكيد، لكن القتال ما يزال مستمرًا. والأهم من ذلك، أن النظام -وبدعم إيراني- قد استغل اتفاقات وقف إطلاق النار للمضي قدمًا بأهدافه الاستراتيجية الأوسع، في قصف المناطق المختلفة قصفًا دوريًا، وإعادة نشر القوات في شرق البلاد، ومواصلة منع وصول المساعدات الإنسانية ([15]). وباختصار، ليس هناك ما يشير إلى أن الأطراف المتحاربة، وبخاصة النظام، تنوي إلى الالتزام بالاتفاق حالَ انتهاء قيمته التكتيكية. وفي النهاية، فإن الاتفاقات المستقلة، والمحلية المحضة، تعمل على تحفيز العمليات الجارية في أماكن أخرى، والأسوأ من ذلك، انهيارها النهائي.
وتُبقي التفاوضات المستمرة -المدفوعة جزئيًا برغبة موسكو في التوصل إلى اتفاق يسمح لها بتعزيز مكاسب النظام المدعوم من روسيا- على احتمال إحراز تقدم ([16]). ولكن لتجسيد ذلك، تحتاج التفاوضات، حاجة ملحّة، إلى آلية سياسية جديدة تُضاف إلى المزيج.
والأهم من ذلك، هنالك حاجة إلى وجود إطار وطني عاجل قادر على ربط اتفاقات وقف إطلاق النار بعملية أكثر استدامة. ومن دون معنى سياسي أوسع، ستنهار العملية الحالية بالتأكيد، كما كانت الحال في محاولات سابقة. وعادة ما تحتاج اتفاقات وقف النار المحلية التي تتحول إلى نهاية للحرب الأوسع إلى آلية للتطبيق مدعومة من الخارج. لكن مساعٍ كهذه ما تزال غير واردة في سورية، وفي غيابها، فإن اتفاقًا سياسيًا وطنيًا يحصل على دعم عدد كاف من الأطراف المتحاربة على الأرض -وأهمها النظام المتفوق- بإمكانه جعل اتفاقات وقف إطلاق النار مستدامة. وبينما ترتكز اتفاقات وقف إطلاق النار على السياسات المحلية، إلا أنها بحاجة إلى الاتصال بإطار وطني مركزي يشير إلى مرحلة سياسية نهائية، إلا إذا رآها النظام اتفاقات موقتة يمكن استغلالها لفرض سيطرة أوسع.
وفي الوقت الحالي، تفتقر مساعي الولايات المتحدة وروسيا في تخفيف حدة التصعيد إلى هذا العنصر الحساس. وفي حين سعت موسكو في مرحلة ما لرعاية محادثات عن السياسات الوطنية في جدول أعمال آستانة، رُفض هذا المسعى من المعارضة وداعميها الدوليين ([17]). ونتيجة لذلك، يركز الآن جدول أعمال آستانة والتفاوضات الروسية الأميركية على محاولة إبرام اتفاقات محلية محسّنة، لكن هذه الاتفاقات منفصلة عن المسار السياسي الأوسع. ووفقًا لبريت مكغورك، المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للتحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش، يهدف تخفيف حدة التصعيد إلى تهدئة الأوضاع من أجل وضع “شروط لحل سياسي نهائي” ([18]). ويوضح مكغورك أن الولايات المتحدة تنظر إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوصفه اتفاقًا منفصلًا بحد ذاته، وليس عنصرًا من حزمة وطنية أوسع.([19]) إن فشل ست سنوات من التفاوضات يفَسّر، تفسيرًا مفهومًا، بمحاولات تمنع وضع السياسة في المقدمة، لكن التجربة نفسها في محاولات فاشلة لوقف إطلاق النار -والهشاشة الواضحة للمساعي الحالية- تظهر أن السياسة لا يمكن تنحيتها جانبًا. وباختصار، لن تكون هناك اتفاقات دائمة لوقف إطلاق النار من دون مسار سياسي مصاحب لها. ويتطلب هذا الأمر الصعب إعادة تقويم ما هو ممكن سياسيًا، أي خفض سقف الطموح.
تخفيف حدة التصعيد من خلال رؤية وطنية لنقل السلطة
يتطلب تحقيق نهج وطني قابل للتطبيق من المعارضة المحلية والجهات الخارجية الفاعلة العمل على فكرة استمرار الأسد في منصبه. لكن، واستنادًا إلى الحقائق على أرض الواقع، ما يزال بإمكان هذا النهج تخفيف سلطته القمعية بتعزيز درجة معينة من الحكم الذاتي في المناطق التي لا يسيطر عليها النظام سيطرة مطلقة. وهذا أقل مما يطمح إليه كثيرون، لكنه قد يمثل الوسيلة الوحيدة لضمان شكل أكثر سلاسة من الوصول إلى معاقل المعارضة المتبقية، ولا يحقق شيئًا من الحاجات الملحة والمستمرة لقاعدة أوسع من الشعب السوري. وإذا صيغ بصورة صحيحة، يمكن لمسار تفويض السلطة هذا أن يثبت فاعلية في حجب دعم الأطراف المتحاربة المختلفة سعيًا لتخفيف دائم لحدة التصعيد. وهو يعتمد على صفقة رئيسة: يضمن النظام الذي يترأسه الأسد تأكيدًا محليًا ودوليًا لسيادة الحكومة المركزية على الأراضي السورية كافة، في مقابل اتفاقات نقل السلطة المحلية، بما في ذلك قيادة الاتفاقات الأمنية في المناطق التي ما تزال تحت سيطرة المعارضة.
وبالنسبة إلى النظام، سيوفر هذا المسار تحولًا واضحًا من المعارضة المحلية والمجتمع الدولي عن فكرة تغيير النظام. وسوف يقر بسيادة الحكومة المركزية برئاسة الأسد على أراضي البلاد كافة، وهو ما سعت له مدّة طويلة. وستسعى التدابير، من مثل السماح للحكومة السورية باستعادة السيطرة على المراكز الحدودية، الذي يُعدّ خطوة مهمة رمزيًا وماديًا، لضمان التزام النظام بهذا الإطار. وستخدم هذه العملية أيضًا النظام في التخلص من القيود الرئيسة التي تقوضه، ليس العسكرية فحسب، بل الاقتصادية أيضًا: أي التحدي الهائل المتمثل في تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بمئات المليارات من الدولارات ([20]). وعلى الرغم من تبجحه الأخير برفض أي دور غربي في مرحلة ما بعد الحرب، إلا أن النظام لن يكون قادرًا على تأمين الموارد الأساس ولا على فتح بوابات اقتصادية من دون موافقة غربية (إن لم تكن شراكة). ويُعدّ تأثير العقوبات الغربية في القطاع المالي مثالًا على خطوة مُنهِكة ستشل الاقتصاد في المدى البعيد من دون تعويض.
ولضمان التزام الأسد، ستعترف هذه المبادرة ببعض المطالب السياسية الجوهرية للنظام، على الصعيدين المحلي والدولي. ثم إن حقن منطق تفويضي وطني يصب في مصلحة النظام من شأنه أن يهدف إلى تأسيس ملامح علاقة سياسية مستدامة بين المركز والمناطق المحيطة. وسيتيح هذا فرصة لاستدامة اتفاق وقف إطلاق النار. وجوهريًا، سيحقق الأسد طموحه الرئيس من خلال إعادة توحيد أكثر سلاسة للدولة، ما يعوض الحاجة إلى القيام بعمليات قمع مكلفة لإعادة الأراضي كافة إلى سيطرته. ويخدم هذا المسار مصالح الداعمين الأساس للنظام، روسيا وإيران اللتين تتحملان عبء التقدم القائم للنظام في نهاية المطاف، نظرًا إلى النقص الحاد في أعداد القوات العسكرية للنظام وقلة موارده. وجزءًا من هذا الاتفاق، يمكن للدول الأوروبية أن توافق على الانسحاب بالتدريج من مواقع نفوذها -وهو طموح جوهري للنظام- إذا استوفيت المعايير السياسية، وأضفي عليها الطابع المؤسساتي بصورة مقبولة في المدى الطويل.
وجزءًا من هذا المسار المقترح، سيحصل الثوار على خريطة طريق واضحة ورسمية تسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة وتمنحهم درجة معينة من الحكم الذاتي. وبعد أكثر من ست سنوات من الصراع، يُعدّ هذا أفضل خيار واقعي يأملون في تحقيقه. وأهم ما سيعنيه الحكم الذاتي هذا هو السيطرة على الأمن المحلي، ويجري التفاوض عليه الآن في الاتفاقات الحالية المستقلة. وسيشمل ذلك القيام بمساعٍ لمكافحة الإرهاب ضد الجماعات المتطرفة المندمجة محليًا. ولكن، وعلى نطاق أوسع، يمكن لتفويض السلطة أن يوكّل مجالس محلية لإدارة الخدمات المحلية، كالشرطة، على الرغم من إمكان عودة بعض مؤسسات الدولة المركزية ووظائف الحكم إلى المناطق المعنية.
ولهذا النهج آفاق أفضل للنجاح إذ يكون الثوار أكثر إرهاقًا وأقل تطرفًا وأكثر اعتمادًا على الرعاة الخارجيين الراغبين في دفعهم باتجاه تخفيف حدة التصعيد. وهذه نتيجة تدعمها تركيا والأردن دعمًا متزايدًا، نظرًا إلى مصالحهما الرئيسة في تأمين الاستقرار في المناطق الحدودية. وعلى الأرجح، سيرتبط مستوى دعم أنقرة ارتباطًا مباشرًا بما إذا كان سيساعد في احتواء الطموحات الإقليمية الكردية السورية. وينشغل الداعمون الخارجيون الآخرون في منطقة الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية، بالمشكلات الأقرب جغرافيًا إلى أوطانهم، سواء كانت صراعات داخلية على السلطة، كالحرب في اليمن، أم أزمة قطر. ثم إنهم قدموا كثيرًا في دعم تغيير النظام، وهم يضغطون على المعارضة الآن للاعتراف بحقيقة أن الأسد باق ([21]).
إلا أن اتفاقًا لا يضمن إزالة نهائية للأسد من السلطة سيثير ردة فعل عنيفة على الأرض. ولن تقبله القوى المعادية للأسد والقوى المتطرفة، ولا سيما تلك الموجودة في محافظة إدلب. وقد يغذي بعض التعبئة المتزايدة في الجماعات المتطرفة، وإن كانت أقل من الافتراضات الشائعة، نظرًا إلى درجة التعب والانقسامات في صفوف الثوار وإغراء صفقة من شأنها أن تحقق مكاسب محلية ([22]). وفي نهاية المطاف، قد يسهم هذا المسار في الهدف الرئيس المتمثل بهزيمة تنظيم داعش.
وأي اتفاقات تساعد في استعادة مظاهر الاستقرار والحكم المحلي ستعالج حالات الفراغ والصراع التي استغلها تنظيم داعش باقتدار. ومن المرجح أن يستمر التطرف إذا ما سمح الأسد للمليشيات التابعة للنظام والمقاتلين الأجانب المدعومين من إيران وحزب الله بالظهور بوصفهم جهات فاعلة مهيمنة على الأرض. غير أن نهج تفويض السلطة سيعتمد بالضرورة على قبول النظام للترتيبات الأمنية الخاضعة لسيطرة محلية. ما يمنع المليشيات والقوات الأجنبية من التقدم إلى هذه المناطق، مثلما يحاول الاتفاق الأميركي الروسي في جنوب غرب سورية أن بمنع تقدم المليشيات المدعومة إيرانيًا إلى منطقة تخفيف حدة التصعيد ([23]).
ومن الناحية الجغرافية، إن نهج تفويض السلطة المقترح سيتوافق مبدئيًا مع الخطوط الحالية للصراع ويرتكز على الحزام الغربي كثيف السكان الذي يسيطر عليه النظام في البلاد، وكذلك في الشرق إلى مدينة دير الزور والحدود العراقية. وعلى الرغم من أن بعض الطموحات الأميركية الواضحة تسعى لمنع النظام وداعميه الإيرانيين من تأمين موطئ قدم لهم في الشرق، إلا أن الحقيقة تشير إلى أن قوات النظام هي الأفضل تموقعًا من بين الجهات الفاعلة كلها على الأرض للتحرك باتجاه مدينة دير الزور. وسيفسد أي جهد لمنع هذا الفرصة أمام تخفيف حدة التصعيد على نطاق أوسع: وهي منطقة في شرق البلاد مدعومة من الغرب، تقع بين وكلاء إيرانيين خصوم في سورية والعراق، وسيؤجج، هذا الجهد، الصراع الجيوسياسي على سورية وسيُمنى بالفشل بكل تأكيد. وبدلًا من ذلك، يجب على الجهات الغربية الفاعلة أن تركز على ضمان اتفاق يقضي بأن تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على مناطق شمال نهر الفرات إلى مدينة دير الزور، وأن تفرض قوات النظام سيطرة مباشرة على المناطق جنوب النهر.
وسيفرض النظام سيطرة كاملة على هذه المناطق كافة، ولكن سيتعين عليه أن يقبل بسيطرة مشتركة على سلسلة من المناطق. وسيتضمن ذلك: منطقة في الجنوب الغربي تحت الرعاية الأميركية الأردنية، ومنطقة تدعمها تركيا في مساحة حددتها أنقرة بعملية توغل لدرع الفرات، ومنطقة عربية كردية في الشمال الشرقي تدعمها الولايات المتحدة. لكن الأهم هو أن المنطقة الأخيرة تشير إلى ضرورة تحديد أبعاد داخل المنطقة في أي اتفاق. ففي الشمال الشرقي، يجب أن يضغط الداعمون الخارجيون على الأكراد لقبول سيطرة محلية جادة في مناطق ذات أغلبية عربية، بما في ذلك محافظة الرقة.
وستمنع الاتفاقات أيضًا أي تحالف بين فصيلين كرديين. وبالمثل، في حين يتعين على جيوب المعارضة الأكبر الموجودة في مناطق سيطرة النظام تقبل سلطته، ينبغي أن يقترن ذلك بدرجة من الحكم الذاتي وإنهاء عملية إجلاء الثوار إلى إدلب، كما كانت عليه الحال من قبل. ويدل الاتفاق، الذي جرى التوصل إليها في شهر تموز/ يوليو من عام 2017 المتعلقة بالغوطة الشرقية، على أن ذلك ممكنًا ([24]). وقد تعمل رغبة النظام في ضمان إبقاء الفصائل غير التابعة لجبهة تحرير الشام في إدلب ضعيفة، وعدم تأمين دعم دولي جديد لها، على تسهيل الاتفاقات، التي بموجبها يُسمح لمقاتلين من جماعات، مثل جيش الإسلام في الغوطة الشرقية، البقاء في مكانهم، جزءًا من اتفاقات محلية، بدل إجلائهم إلى إدلب.
ويبقى مصير محافظة إدلب إشارة الاستفهام الرئيسة في هذا النهج. فالوجود المهيمن لجبهة تحرير الشام هناك يرفض أي احتمال لإدراج محافظة إدلب في اتفاق لتفويض للسلطة مدعومة دوليًا. ولن يرفض مقاتلو جبهة تحرير الشام الالتزام بأي اتفاق وحسب، بل إن الجهات الدولية الفاعلة والنظام لن تشملهم بأي منها. وفي النهاية، سيتطلب تخليص إدلب من تأثير تنظيم القاعدة حملة عسكرية في المحافظة، يُحتمل أن يقودها النظام أو تركيا.
ولكن حتى في إدلب، ما زال نهج تفويض للسلطة يمنح الأمل بتحقيق الاستقرار في أي مرحلة نهائية لمرحلة ما بعد جبهة تحرير الشام. ومن غير المرجح وجود عسكري تركي طويل الأمد، ويفتقر النظام إلى القدرة على غزو المحافظة التي أصبحت الآن موطن معظم فئات المعارضة المعادية للأسد. وقد اعتمدت المكاسب الإقليمية الرئيسة للنظام معظمها على عمليات إجلاء متفاوض عليها بدل الهزيمة العسكرية لقوى المعارضة، وهي نتيجة لا يمكن حدوثها في إدلب، نظرًا إلى أن تركيا قد أغلقت الحدود. وفي حين إن بإمكان الأسد فرض حصار عسكري طويل الأمد على المحافظة، إلا أنه سيعاني فرض سيطرة حقيقية، وسيجب عليه في نهاية المطاف التوصل إلى درجة ما من تفويض محلي للسلطة.
وسيهدف النهج الوطني إلى توفير مركزية للسياسة للمحافظة الدائمة على سلسلة من اتفاقات لوقف إطلاق النار. وبما أن تخفيف حدة التصعيد لن يعم أرجاء سورية سريعًا، فإن دور منطق وطني سيكون مهمًا في ضمان استمرار اتفاقات وقف إطلاق النار. وسيسعى هذا في نهاية المطاف لفتح مجال لتفاوضات سورية داخلية بشأن تسوية نهائية وترتيبات دستورية. وسيتعين على المتفاوضين السوريين تحديد مساحة الحكم المفوّض، ودور الرئيس وحقوق الملكية، والأهم من ذلك كله، قطاع الأمن. ومن الواضح أن هناك عقبات كبيرة أمام الخروج بمحادثات سورية داخلية مهمة في حين إن نظام الأسد هو المهيمن. لكن من المرجح أن تحقق مكاسب -حتى وإن كانت ضئيلة- أكثر من المحاولات الجارية التي يقوم بها النظام لاستعادة سيطرته المطلقة باستخدام القوة الغاشمة.
والأهم من ذلك، أن هذا النهج سيتيح، في الوقت ذاته، فرصة لتحسين حالة المدنيين المزرية، التي يجب أن تكون وجهة المساعي الدولية الرامية إلى تخفيف حدة التصعيد. وسيشمل هذا تخفيض مستويات العنف وزيادة المساعدات الإنسانية والسماح بعودة بعض وظائف الحكم إلى المناطق المدمرة. وسترتكز على فكرة المحافظة على سيادة الأراضي السورية، كما يطالب الشعب السوري ([25]).
وتتشارك الأطراف الدولية كافة في مصلحة تحقيق هذا الهدف، بما أن أي تحرك باتجاه تقسيم البلاد سيؤدي إلى تفكك إقليمي على نطاق أوسع. وسيساعد تفويض للسلطة منظم، مرتكز على النهج السياسي الوطني، ويوحد المناطق المختلفة تحت مظلة واحدة، على تعزيز السيادة الوطنية لسورية. وتعتمد وحدة سورية في النهاية على العودة إلى دولة المؤسسات -التي لا يجب أن تشمل الجهاز الأمني للنظام- إلى كامل البلاد. بعكس ذلك، فإن نهجًا خاليًا من أي مبدأ وطني تنظيمي والتزام سياسي مشترك -كما يبدو- يصف المساعي الروسية الأميركية الحالية، يمثل خطرًا بتعزيز خطوط الانقسام، وترسيخ دائم للتأثير الأجنبي، وتغذية لقوى التجزئة.
ما الذي يمكن لأوروبا فعله؟
إن الإصرار على ربط تخفيف حدة التصعيد بأجندة مرحلة انتقالية -الذي ما يزال هو النهج الأوروبي الرسمي- يسبب نتائج عكسية ([26]). وفي الواقع، يمكن أن يقلل من شأن مبادرة تخفيف حدة التصعيد، ويغذي أكبر مخاوف النظام وميله إلى افتراض أن أي تنازلات يقوم بها خسارة له ومكسب للأطراف الأخرى. ثم إنه يشجع أكبر الطموحات غير الواقعية للمعارضة. ولم يكن دور الأوروبيين أساسيًا في التفاوضات حتى الآن. ولذلك اتخذوا دور المنظّر في مطالبتهم بإنهاء العنف، بينما كانوا يعظون أيضًا بأن ليس هناك حل فاعل من دون إحراز تقدم نحو نقل للسلطة. ولكن هذه الأهداف لا تتوافق والعالم الحقيقي. ويجب على الأوروبيين، بدلًا من ذلك، العمل في سياق ما هو ممكن، وتقديم مسار سياسي يجلب بعض الراحة للشعب السوري، من خلال تخفيف حدة التصعيد وتفويض للسلطة.
إن عدم وجود أي مسار ناجع للمبادرات الحالية الرامية إلى تخفيف حدة التصعيد يفتح مجالًا للأوروبيين بؤدي دورًا مفيدًا. ويُعد هذا المسار ضرورة رئيسة للاستفادة من الفرصة العابرة غير المؤكدة التي طرحها التقارب الأميركي الروسي. ولكن قد ينتِج تدهور العلاقات الواضح بين الولايات المتحدة وروسيا أصداء خطرة في سورية في أي لحظة. ومن الأهمية الإستراتيجية لأوروبا والمصالح الأخلاقية أن تؤدي دورًا فاعلًا وسريعًا في تحسين إطار يمكن أن يساعد في الالتزام بتخفيف حدة التصعيد.
ويجب على الدول الأوروبية الأعضاء في المجموعة الدولية لدعم سورية -الاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة- أن تتحد في دعم مفهوم تخفيف حدة التصعيد وتفويض السلطة. ويجب على هذا المنهج:
- ضخ جدول أعمال دولي عاجل بتفويض للسلطة إلى التفاوضات عبر المجموعة الدولية لدعم سورية. وينبغي أن يؤكد جدول الأعمال هذا على سيادة الحكومة المركزية على الأراضي السورية كافة ويوافق على تفويض للسلطة في بعض المناطق المحلية. وسيهدف ذلك، في الوقت ذاته، إلى تقديم عملية سياسية وطنية يمكن أن تُلزم بالاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار التي يجري التفاوض عليها الآن. وينبغي على الأوروبيين أن يؤكدوا أن المساعي الحالية بحاجة إلى نقطة ارتكاز وطنية سياسية حتى يُكتب لها النجاح، وأن محادثات جنيف الحالية لا يمكن أن تحقق ذلك. وأن الإقرار بأن التسوية النهائية ستبقى بحاجة إلى تفاوضات داخلية سورية مكثفة، بما في ذلك تنسيق أي اتفاق، ويجب على الإطار هذا أن يهدف إلى الالتزام بتخفيف حدة التصعيد ويسمح إلى محادثات داخلية سورية في المدى الطويل. ولكي تدعمه الجهات الغربية الفاعلة، ينبغي أن يضمن أي اتفاق وصولًا عاجلًا للمساعدات من دون عوائق، وتزود آلية للوصول إلى المحتجزين عند الأسد (من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، على سبيل المثال).
- العمل على إقناع المعارضة بمزايا هذا النهج. وفي ضوء انسحاب الولايات المتحدة والجهات الإقليمية، تزايد النفوذ الأوروبي في صفوف المعارضة. ولن يكون هذا بالأمر السهل، لكن ينبغي على الأوروبيين أن يكونوا موحدين وواضحين بأن تخفيف حدة التصعيد والحكم الذاتي المحلي يمثلان أفضل خيار الآن، وبخاصة إذا تزايد الدعم الأوروبي لتحقيق الاستقرار. وسيكون التنسيق الأوروبي مع أنقرة والرياض والدوحة مهمًا في مناقشة قضيتي المعارضة السياسية والمسلحة. وتُعدّ تركيا والمملكة العربية السعودية محوريين في هذا الاتجاه، معترفتين بحتمية مشاركة الأسد في أي عملية مستمرة.
- تثبيط المساعي الأميركية الرامية إلى محاربة إيران في شرق سورية. وينبغي على الأوروبيين استغلال رغبة ترامب في تجنب جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية جديدة، بتشجيع الإدارة على عرقلة أي طموح يصوّر سورية على أنها مسرح لمحاربة إيران. وينبغي على الأوروبيين ربط دعمهم لتحقيق الاستقرار في المناطق التي طُرد منها تنظيم داعش في شرق سورية بمساعٍ تحاول تجنب حدوث تصعيد على نطاق أوسع. وتُلح الولايات المتحدة على مثل هذا الدعم، متوقعة من الحكومات الأوروبية أن تحصل على حصة كبيرة من ثمن تحقيق الاستقرار في مرحلة ما بعد النزاع ([27]).
- العمل على ضمان موافقة إيران على عملية تخفيف حدة التصعيد. وببساطة، تتمتع إيران بقدرة على إفساد أي اتفاق في سورية لا توافق عليها. وينبغي على الأوروبيين أن يضغطوا على إيران كي ترى أن نهج تفويض للسلطة بوصفه وسيلة للتقدم هو حل يكسب فيه الأطراف جميعهم. وخلال جولته الأوروبية الأخيرة، أعاد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف التركيز على خطته المنسية المكونة من أربع نقاط، مع التركيز على وقف لإطلاق النار والإصلاحات الدستورية ([28]). ويجب على الأوروبيين أن يبحثوا بنشاط عن إمكان الخطة في توفير جسر نحو الالتزام بتخفيف حدة التصعيد من خلال تفويض للسلطة. وبالاعتماد على الدعم الأوروبي الإيراني المشترك للاتفاق النووي، ينبغي على الأعضاء الأوروبيين في المجموعة الدولية لدعم سورية أن يكونوا واضحين مع الحكومة الإيرانية في أن عدم تحقيق تسوية في سورية سيعوق تطبيعًا كاملًا في العلاقات وسيغذي تيارات معادية لإيران في واشنطن.
- مساعدة أنقرة في رؤية أن نهج تفويض للسلطة من شأنه أن يقيّد الطموح الكردي. ويبدو أن أنقرة موافقة على نهج تخفيف حدة التصعيد، لكن من المحتمل أن تزعزع مخاوفها بشأن الأكراد. وينبغي على الأوروبيين العمل لضمان تنحية حزب الاتحاد الديمقراطي لمصلحة السيطرة العربية على محافظة الرقة في مرحلة ما بعد تنظيم داعش، وعدم السعي وراء ربط منطقتي السيطرة الإقليميتين. ويجب عليهم التدخل في أي علاقة سياسية جارية وفي دعم الاستقرار في مرحلة ما بعد تنظيم داعش، وهو أمر يسعى له الأكراد بشدة لتطبيقه في مناطق سيطرتهم، على هذه الخطوات التي تجري بالفعل ([29]). وينبغي عليهم أن يكونوا واضحين في أنهم لا ينظرون إلى المناطق الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي مقدمة للاستقلال، بغض النظر عن نتيجة الاستفتاءات في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في سورية والعراق. وسيتطلب الحصول على موافقة تركية على اقتراح يقبل بحكم ذاتي كردي جهدًا كبيرًا، وسوف يرتبط في نهاية المطاف بصراعها الداخلي الجاري مع حزب العمال الكردستاني. وما دامت تعمل بصورة وثيقة مع الولايات المتحدة للضغط على الأكراد السوريين لمعالجة المخاوف التركية -ولا سيما في المرحلة التي تلي تحرير مدينة الرقة، عندما يضعف موقفهم المحوري في الحملة العسكرية المناهضة لتنظيم داعش- فعلى الأوروبيين أن يبقوا مركزين على المساعي التي بإمكانها المساعدة في دفع عملية السلام التركية. ويجب أن يشمل ذلك إعارة عملية السلام اهتمامًا في ارتباط رفيع المستوى مع رجب طيب أردوغان، والضغط على حزب الاتحاد الديمقراطي لاستخدام صلاته مع حزب العمال الكردستاني من أجل الدفع وراء وقف لإطلاق النار في تركيا.
- اقتراح شراكة مع تركيا لتحقيق الاستقرار في شمال سورية. وفي حين تبقى أنقرة تعارض الدعم الخارجي في مناطق نفوذها، إلا أنها تواجه مصاعب متزايدة في إدارة الأعباء المرتبطة بها ([30]). ومن المرجح أن تتجه تركيا نحو آليات دعم مالية ومادية في نهاية المطاف، لذلك ينبغي على الأوروبيين أن يكونوا مستعدين لتقديم المساعدة في تلك اللحظة. ونظرًا إلى التحدي الذي يمثله وجود جبهة تحرير الشام في إدلب، يجب على الدول الأوروبية توفير دعم مضاعف لأنقرة يشمل تعاونًا طويل الأمد لمكافحة الإرهاب، وقد يتضمن شراكة عسكرية إضافة إلى شراكة لوجستية، ومساعدة في تحقيق الاستقرار في أرجاء المحافظة كافة. ويجب عليهم مقاومة المحاولات الرامية إلى الحد من تدفق المساعدات الإنسانية إلى إدلب، الذي يُعد سببه اتساع رقعة سيطرة جبهة تحرير الشام. وهذا من شأنه أن يعرّض ما يُقدّر بأكثر من مليون لاجئ في المحافظة، ولا يؤدي إلا إلى ترسيخ مسار مزعزع للاستقرار. لذلك ينبغي على الأوروبيين العمل للمحافظة على تدفق المساعدات الإنسانية إلى إدلب قدر المستطاع.
- زيادة دعم الاستقرار بهدف استعادة الخدمات الرئيسة وبناء القدرات المؤسساتية في أنحاء سورية. ويجب أن يتضمن توسيع نطاق المساعدة الإنسانية. وسيكون أمرًا مهمًا لضمان مشاركة أكبر في هذه المبادرة. فلو جرى التوصل إلى تفاهم سياسي، ينبغي عندئذ على الحكومات الأوروبية أن تكثف دعمًا يصل عبر دمشق والمناطق الحدودية، في محاولة لدعم الهياكل المحلية. وستكون هذه المساعي مهمة في مناطق طُهِّرت من تنظيم داعش لوقف ظهور أشكال جديدة من التطرف. وسيحتاج الأوروبيون إلى التنسيق مع دمشق، بافتراض أن أي اتفاق ناشئ سيكون قائمًا على الاعتراف بسيادة الحكومة المركزية. لكن يمكن لاستعادة سيطرة الدولة على المراكز الحدودية ولاتفاق على وصول المساعدات الإنسانية من دون معوقات أن يمثلا وسيلة لإبرام اتفاق يجري بموجبه تقديم زيادة في المعونات عبر الحدود من منظمة الأمم المتحدة.
- التعهد بقدر معين من المساعدة لتحقيق الاستقرار في مناطق سيطرة النظام. ويجب على الدول الأوروبية وضع عرض على الطاولة، يربط بين الدعم الاقتصادي وخطة التفويض السياسي. ولا يعني هذا تطبيعًا، ولا ينبغي أن يشمل تمويل إعادة الإعمار، الذي لن يبدأ إلا استنادًا إلى تسوية سورية داخلية نهائية. ولكن في حال استوفيت المعايير السياسية، يمكن أن يشمل دعمًا للتعافي من ويلات الحرب وتخفيف العقوبات في بعض القطاعات التي تؤثر في شريحة أوسع من الشعب، كتلك التي تقيد التعاملات المالية. وفي حين إن هذا النهج ينبغي منه أن يسعى للتحايل على الأسد والمقربين من النظام، بالمحافظة على الدعم المرتبط مباشرة بالمشروعات المحلية جزئيًا، إلا أن النظام سيواصل محاولته في إدارة هذه العملية بإحكام. ولكن قد يكون هذا ثمنًا ملائمًا إذا استطاع المساعدة في ترسيخ امتثال النظام بنهج مستدام لتخفيف حدة التصعيد يفيد شريحة واسعة من الشعب ويحمي المصالح الأوروبية. وينبغي أن يكون دعم التعافي من ويلات الحرب مستندًا إلى نهج وطني يربط المناطق المختلفة ببعضها. ويمكن للأوروبيين أن يركزوا على تجديد البنى التحتية الوطنية والروابط التجارية. ويمثل الترابط الاقتصادي الأوسع عنصرًا حاسمًا يمكن الاستفادة منه لمنع حدوث مزيد من الانقسامات ([31]).
السعي لتحقيق توافق أوروبي
تبقى فرصة إحداث تأثير أوروبي في سورية، حتى إن كان ضئيلًا، منقوصة لعنصر مهم طال انتظاره: توافق أوروبي وراء موقف مشترك. ومن دون موقف موحد، لا توجد أي فرصة لأوروبا لإحداث تغيير في سورية.
ومن المرجح أن تكون باريس العنوان الرئيس لأي احتمال في تحقيق ذلك. وكانت الجهات الأوروبية الرئيسة المشاركة في هذا الملف، المملكة المتحدة وألمانيا ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، قد أخذت خطوة إلى الوراء في الأشهر الأخيرة، وذلك بسبب مجموعة من الانتخابات المحلية، وامتصاص تأثير انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وفي حالة الاتحاد الأوروبي، فشله في مبادراته الإقليمية. وبنقيض ذلك، صبت فرنسا تركيزها على القضية السورية في إدارة إيمانويل ماكرون، وأظهرت دعمًا جديدًا لجدول أعمال براغماتي لتخفيف حدة التصعيد ([32]). وتتطلع الدول الأعضاء الأخرى إلى باريس لتشكيل طريق للقيادة الأوروبية ([33]). غير أن ماكرون لم يجعل من سورية قضية أوروبية. وعزز، بدلًا من ذلك، شراكة ثنائية مع كل من روسيا والولايات المتحدة، واقترح تشكيل مجموعة اتصال جديدة لمجموعة 5+1 الإقليمية. ويبدو أنه يرى سورية ساحة لفرنسا لعرض حالة القوة العظمى بدل القوة الأوروبية.
وهذا رأي خاطئ بحاجة إلى تصحيح، إذا أرادت فرنسا وأوروبا أداء دور فاعل في سورية. ولا تتمتع فرنسا، لوحدها، بنفوذ كبير في الساحة السورية. فإسهامها العسكري في التحالف المناهض لتنظيم داعش غير كاف للتأثير في الحسابات الاستراتيجية للولايات المتحدة وروسيا. ويجب على الأطراف الأوروبية، ولا سيما المملكة المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي، تشجيع ماكرون للتركيز على صوغ وضع وتوافق أوروبي فاعل. وبدلًا من التطلع إلى إنشاء مجموعة تواصل دولية، يجب على فرنسا أن تعمل مع شركائها لتوحيد مجموعة رئيسة من الأطراف الأوروبية حول إستراتيجية براغماتية طال انتظارها، يمكنها الاستفادة من قواها المجتمعة للدفع باتجاه البعد السياسي من تخفيف حدة التصعيد.
والأوضاع الحالية لا توفر إلا فرصة ضئيلة. والخيارات ليست بكثيرة، لكن التردد في العمل سيؤدي إلى وقوع سورية والمنطقة، وأوروبا في دوامة سوداء. سنحت للأوروبيين الآن فرصة لمحاولة إحداث تغيير في مستقبل سورية، يجب عليهم اقتناصها.
([1]) See: Sam Heller, “America Had Already Lost Its Covert War in Syria—Now It’s Official”, the Century Foundation, 21 July 2017, available at https://tcf.org/content/commentary/ america-already-lost-covert-war-syria-now-official/.
([2]) مقابلات أجراها الكاتب مع مسؤولين في وزارة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في شهري تموز وآب/ يوليو وأغسطس عام 2017. للاطلاع على استيلاء جبهة تحرير الشام على محافظة إدلب وآثاره الدولية المحتملة، يُرجى قراءة:
Aron Lund, “Black flags over Idlib: The jihadi power grab in northwestern Syria”, IRIN, 9 August 2017, available at https://www.irinnews. org/analysis/2017/08/09/black-flags-over-idlib-jihadi-power-grab-northwesternsyria.
([3]) “Turkey ends ‘Euphrates Shield’ operation in Syria”, Al Jazeera, 30 March 2017, available at http://www.aljazeera.com/news/2017/03/turkey-ends-euphrates-shieldoperation-syria-170329211428970.html.
([4]) Erika Solomon, “Russia strengthens presence in Kurdish-held Syria”, Financial Times, 21 March 2017, available at https://www.ft.com/content/d8352aca-0e0b-11e7-a88c50ba212dce4d.
([5]) Tobias Schneider, “Debt-Ridden and Broke: The Syrian Regime’s Colossal Reconstruction Challenge”, Middle East Institute, 18 July 2017, available at https:// www.mei.edu/content/article/debt-ridden-and-broke-syrian-regime-s-colossalreconstruction-challenge.
([6]) “Weapons supplied to YPG/PYD by US obtained by the PKK, National Security Council says”, Daily Sabah, 17 July 2017, available at https://www.dailysabah.com/war-onterror/2017/07/17/weapons-supplied-to-ypgpyd-by-us-obtained-by-the-pkk-nationalsecurity-council-says.
([7]) Bethan McKernan, “Clashes between Kurdish and Turkish forces in Syria threaten to derail fight against Isis”, the Independent, 28 April 2017, available at http://www. independent.co.uk/news/world/middle-east/kurdish-fighters-turkish-army-syria-isisbattle-ypg-ypj-sdf-sinjar-raqqa-rojava-islamic-state-daesh-a7707471.html.
([8]) مقابلات أجراها الكاتب مع مسؤولين أوروبيين عام 2017. اقرأ أيضًا:
Andrew Tabler, “Eyeing Raqqa”, WINEP, March 2017, http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/ view/eyeing-raqqa-a-tale-of-four-tribes.
([9]) Fabrice Balanche, “Assad Needs ‘Useless Syria’ Too”, WINEP, 4 January 2017, available at http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/assad-needsuseless-syria-too.
([10]) Mohammad Ersan, “Syrian rebel commander: 150 US troops at al-Tanf base”, Al-Monitor, 1 June 2017, available at http://www.al-monitor.com/pulse/en/ originals/2017/06/syria-desert-tanf-us-backed-rebel-group.html.
([11]) See: “Turkey coordinating troop movements in Syria with Russia”, Associated Press, 8 February 2017, available at http://www.businessinsider.com/ap-turkeycoordinating-troop-movements-in-syria-with-russia-2017-2?IR=T; and “Russia, Jordan agree on military coordination on Syria”, Reuters, 23 October 2015, available at http://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-syria-russia-jordanidUSKCN0SH1ER20151023.
([12]) See: “Russia-drafted new constitution for Syria promises Kurds greater autonomy”, The New Arab, 26 January 2017, available at https://www.alaraby.co.uk/english/ news/2017/1/26/russia-drafted-new-constitution-for-syria-promises-kurds-greaterautonomy.
([13]) Julie Edwards Ainsley and Matt Spetalnick, “Trump says he will order ‘safe zones’ for Syria”, Reuters, 25 January 2017, available at
http://www.reuters.com/article/us-usatrump-syria-safezones-idUSKBN1592O8.
([14]) Ayham al-Mohammad, “US-backed fighters seek to oust IS from Syria’s Deir Ezzor”, AFP, 25 August 2017, available at
https://www.yahoo.com/news/us-backed-fightersseek-oust-syrias-deir-ezzor-151502710.html.
([15]) See: Tom Perry and Suleiman Al-Khalidi, “Assad’s march east compounds West’s Syria dilemma”, Reuters, 17 August 2017, available at https://www.reuters.com/article/usmideast-crisis-syria-analysis-idUSKCN1AX0H1; Riham Alkousaa, “Britain presses Syria, Russia to allow aid access to besieged areas”, Reuters, 27 July 2017, available at https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-syria-unidUSKBN1AC315; “Syrian army bombs ‘safe zones’ killing civilians”, Al Jazeera, 10 August 2017, available at http://www.aljazeera.com/news/2017/08/syrian-army-bombssafe-zones-killing-civilians-170810161935842.html.
([16]) مقابلات أجراها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مع محللين ومستشارين حكوميين في موسكو عام 2017.
([17]) Henry Meyer, “Syria Opposition Rejects Russian Draft of New Constitution”, Bloomberg, 25 January 2017, available at https://www.bloomberg.com/news/ articles/2017-01-25/syria-opposition-rejects-russian-draft-of-new-constitution.
([18]) Brett McGurk, “Update: Global Coalition to Defeat ISIS”, US State Department, 4 August 2017, available at https://www.state.gov/r/pa/prs/ps/2017/08/273198.htm. (Hereafter, Brett McGurk, “Update: Global Coalition to Defeat ISIS”).
([19]) Brett McGurk, “Update: Global Coalition to Defeat ISIS”.
([20]) Jeanne Gobat and Kristina Kostial, “Syria’s Conflict Economy”, International Monetary Fund, June 2016, available at https://www.imf.org/external/pubs/ft/wp/2016/wp16123.pdf.
([21]) Philip Issa, “Syria opposition told to come to terms with Assad’s survival”, AP, 24 August 2017 available at https://apnews.com/60c6c5d0814442528efefb257c02e3 4b.
([22]) On the potentially radicalising impact of a deal that does not see Assad removed see, for instance: Charles Lister, who says, “the principal benefactor of Assad’s survival is not Assad, nor Russia, Iran, Hezbollah or even ISIS—it is Al-Qaeda.” Charles Lister, “Al Qaeda Reaps Rewards of U.S. Policy Failures on Syria”, the Daily Beast, 6 July 2017, available at http://www.thedailybeast.com/al-qaeda-reaps-rewards-of-us-policyfailures-on-syria.
([23]) مقالة إبراهيم حميدي في صحيفة الشرق الأوسط، المنشورة في 22 تموز/ يوليو 2017، بعنوان: روسيا تُخرج إيران من “المنطقة الآمنة” وتُفكك قاعدة الزقف الأميركية available at http://bit.ly/2ssSVNU.
([24]) لمزيد من التفاصيل عن اتفاق الغوطة الشرقية، اقرأ مقالة إبراهيم حميدي في صحيفة الشرق الأوسط، المنشورة في 24 تموز/ يوليو 2017، بعنوان: أحمد الجربا “عرّاب” هدنة غوطة دمشق: نشر 150 شرطيًا روسيًا وانتخاب مجلس محلي available at http://bit.ly/2uBUNUa.
([25]) Ishaan Tharoor, “Syrians on both sides of civil war oppose breakup of their nation, study finds”, the Washington Post, 19 February 2015, available at https://www. washingtonpost.com/news/worldviews/wp/2015/02/19/syrians-on-both-sides-of-civilwar-oppose-breakup-of-their-nation-study-finds/?utm_term=.7603e9a4bf86.
([26]) مقابلات أجراها الكاتب مع مسؤولين من وزارة الخارجية الأوروبية في شهري تموز وآب/ يوليو وأغسطس عام 2017.
([27]) مقابلات أجراها الكاتب مع مسؤولين من وزارة الخارجية الأوروبية في شهري تموز وآب/ يوليو وأغسطس من عام 2017.
([28]) Mohammad Javad Zarif: ‘Security cannot be purchased’”, ECFR, 26 June 2017, available at http://www.ecfr.eu/article/mohammad_javad_zarif_security_cannot_be_ purchased.
([29]) PYD officials say that stabilisation and humanitarian support is one of their biggest asks of European governments. Author’s interview with PYD official, April 2017.
([30]) For more on the challenges Turkey faces managing stabilisation operations see: Aaron Stein, Hossam Abouzahr, and Rao Komar, “Post Conflict Stabilization: Turkey and the End of Operation Euphrates Shield”, The Atlantic Council, 13 July 2017, available at http://www.atlanticcouncil.org/blogs/syriasource/post-conflict-stabilization-turkeyand-the-end-of-operation-euphrates-shield.
([31]) For a discussion on national economic interlinkages see Jihad Yazigi, “No going back: Why decentralisation is the future for Syria”, ECFR, 6 September 2016, available at http://www.ecfr.eu/publications/summary/no_going_back_why_decentralisation_is_ the_future_for_syria7107.
([32]) “France’s Macron says sees no legitimate successor to Syria’s Assad”, Reuters, 21 June 2017, available at http://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-syria-franceidUSKBN19C2E7?il=0.
([33]) مقابلات أجراها الكاتب مع مسؤولين من وزارة الخارجية الأوروبية في شهري تموز وآب/ يوليو وأغسطس عام 2017.