عنوان المادة الأصلي باللغة الانكليزية: | To Fix North Korea, Start with Syria |
اسم الكاتب | Tabitha Sandersتابيثا ساندرز |
مصدر المادة الأصلي | معهد الشرق الأوسط |
رابط المادة | http://www.basicint.org/blogs/tabitha-sanders-intern/09/2016/fix-north-korea-start-syria |
تاريخ النشر | 12 أيلول/ سبتمبر 2016 |
المترجم | مروان زكريا |
حين أطلقت كوريا الشمالية تجربة نووية في التاسع من أيلول/ سبتمبر، وهي تجربتها النووية الخامسة حتى الآن، قصدت أن تبعث برسالة إلى المجتمع الدولي تفيد بنيّتها الاستمرار في برنامجها حتى تحقيق قوة نووية مكتملة القدرة. وأتت التجربة، التي اعتقد كثيرون أنها هزة أرضية في البداية، بُعيد اجتماع قمة الدول العشرين في الصين، وكانت محاولة من بيونغ يانغ لإقناع العالم أن لدى “جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية” موقعًا شرعيًا في ما يخص الحق في امتلاك السلاح النووي.
ويمضي الكوريون الشماليون في نظامهم النووي بسبب رغبتهم في استقلالية سياسية وأمنية. إذ ترك تاريخ البلاد -من اجتياح واحتلال أجنبي لها- نظامَها متشككًا ومرتابًا فيما يخص التأثيرات الخارجية. وتعتمد البلاد بشكل كبير على الصين، وتعتمد تجاريًا على روسيا ولكن بمستوى أضيق من اعتمادها على الصين. ولكن تتحرك البلاد بشكل يظهر صورة منبوذة على نطاق عالمي. وفي سعيها إلى سياسة تعتمد فيها على نفسها بشكل مستقل عبر برنامج التسلح النووي، عزلت كوريا الشمالية نفسها بشكل مستمر عن المجتمع الدولي، خاصة مع انتهاكاتها الصارخة لاتفاقية وقف زيادة الأسلحة النووية، وتحدّيها لعقوبات مجلس الأمن.
ما الوضعية الحالية؟
طالبت كوريا الجنوبية بشكل متكرر تجريد كوريا الشمالية من سلاحها النووي، وقد دعمت الولايات المتحدة الأميركية ذلك المطلب؛ إذ لا يقبل أي من البلدين تطور حالة التسلح النووي في كوريا الشمالية. وقد أدخلت إدارة أوباما عقوبات اقتصادية صارمة ضمن سياستها في “الصبر الإستراتيجي” ولكن فتحت الباب لمجموعة من المفاوضات متعددة الجوانب في الوقت نفسه. ولكن حتى حلفاء كوريا الشمالية نأوا بأنفسهم عن دعمها، بعد سلسلة من التجارب النووية التي أجرتها في العالم المنصرم، والتي حركت مخاوف دولية جدية.
وترفع كثرة التجارب النووية من المخاوف عن حالة البرنامج النووي في كوريا الشمالية، وتحث التساؤلات عن توقيت التفكر في حل لظهور ذاك الخطر النووي. وتشير تلك التجارب النووية إلى احتمالية فشل السياسة الأميركية في “الصبر الإستراتيجي” وتعزز من قوة الدعوات الموجهة إلى المجتمع الدولي للقيام بتحرك جدي من شأنه منع حصول كوريا الشمالية على قوة نووية مكتملة القدرة.
ما العمل لتحقيق تقدم إذًا؟
في تموز/ يوليو، أشعلت كوريا الشمالية بصيص أمل في التقدم بالإفصاح عن مجموعة من الشروط المسبقة للدخول في محادثات عن نزع السلاح النووي. لكن أطفأت التجربة النووية الأخيرة تلك الآمال، وبعثت برسالة تشي برغبتها في الاستمرار في البرنامج النووي، على الأقل في المدى العاجل، وعلى الرغم من ذلك، ظل بعض المراقبين يأمل احتواء الموقف، وإمكانية التوصل إلى اتفاقية نزع تسلح طويلة الأمد. لعلّ ذلك يعتمد على فهم أن الباب المؤدي إلى نزع السلاح النووي ربما يكون قد أُغلق في شبه الجزيرة الكورية.
ويبدو أن الخيار الأكثر واقعية هو عبر الصين، التي طالما كانت الحامية لبيونغ يانغ. فقد لعبت الصين الدور الأقوى في الإبقاء على استقلالية البلاد من خلال الروابط التجارية الاقتصادية والدعم النووي. ولولا الدعم الصيني، ما كان لكوريا الشمالية أن تتمكن من المحافظة على سياستها الحالية المزدوجة، في تنمية الاقتصاد، والتقدم في البرنامج النووي في الوقت نفسه. فمن جهة، لا تحظى كوريا الشمالية بحضور في الأسواق العالمية، إلا بشكل محدود، ومن جهة ثانية، يكلف الاستمرار في البرنامج النووي تكاليف عالية للغاية، تعيق النمو الاقتصادي، في البلاد، بشكل كبير.
ولم يؤثر أسلوب العقوبات تأثيرًا كبيرًا حتى الآن على تقدم برنامج كوريا الشمالية النووي. فكل ما أدت إليه عقوبات مجلس الأمن الدولي هو التأثير على مشتريات النخب في كوريا الشمالية عبر بنود تمنع سلعًا مثل اليخوت وغيرها من المشتريات باهظة الثمن. وحيث يمكن أن يكون ذلك مبنيًا على نية لتشجيع تلك النخب للضغط على النظام في البلاد للاتجاه نحو استرضاء المجتمع الدولي، إلا أن النظام هناك ظل مقتنعًا بقوة بقدرته على إبقاء حكم شمولي مستقل. وعلاوة على ذلك، فليس هنالك الكثير من المعلومات عن طبيعة النظام الداخلية وعن تفاعلات العلاقات في الهيكل السياسي للبلاد، وبالتالي، فإننا لا نعلم حقيقة مدى تأثير الطبقة المخملية هنالك على صنع القرار بالفعل.
وكانت كوريا الشمالية قد نجت من صعوبات سابقة، ولديها السبب لتعتقد أنه في الحالات القصوى من العجز أو المجاعة العامة، سوف يتدخل المجتمع الدولي لتقديم المساعدة من دون شك. حتى الولايات المتحدة كانت قد قدمت مجموعات واسعة من المساعدات، على شكل نقد أو أطعمة، لتخفيف معاناة الشعب في البلاد.
إن كان لجهة أن تتمكن من تخفيف التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية، فسوف تكون تلك هي الصين أو روسيا، وليس الولايات المتحدة. من جهتها، يمكن للصين أن تتراجع خطوة إلى الوراء فيما يخص الاتفاقيات التجارية مع كوريا الشمالية، وأن توضح بأنها ستتصرف بحزم تجاه أي تجارب نووية جديدة. فمن شأن تخفيف دورها الاقتصادي أن يبعث برسالة واضحة من دون إجبار حليفتها إلى المزيد من العزلة.
وتُعدّ الصين من الدول المتساهلة، نسبيًا، مع تطور البرنامج النووي في كوريا الشمالية، والسبب هو قلق الصين نفسها من الغرب، وكذلك إحداث توازن مع عدو قديم في اليابان. وإذا كان الغرب في طريقه إلى إقناع الصين بأن برنامجًا نوويًا مكتمل القدرة في كوريا الشمالية سوف يشكل خطرًا على الصين كذلك، فيجب خط طريق جديد بهدف تطبيق المزيد من الضغط على النظام في كوريا.
والأمر الأكثر إقلاقًا للغرب وحلفائهم، بشأن كوريا الشمالية، هو ما لا يعرفونه عنها. وربما من قلة الحكمة أن تستبعد الصين بشكل مطلق احتمالية إطلاق صواريخ من بيونغ يانغ إلى بكين. ففي النهاية، اعتماد كوريا الشمالية على الصين يهدد سيادتها. ومن شأن تهديد نووي مفتوح أن يذكّر الصين بضرورة التراجع عن التعنت، أو أن يضمن دعمها ضد خصوم مشتركين. وسوف تؤثر محادثات حول تلك الاحتمالية في الصين على دعمها لنظام جونغ أون.
ما علاقة المسألة السورية بذلك؟
في سلسلة شبه مستمرة من انتظار الغير للتحرك، تظهر طريقة للوصول إلى الصين -وبالتالي إلى كوريا الشمالية- وذلك عبر روسيا. ربما يكون التحالف الروسي الصيني هو التهديد الأقوى في وجه السيطرة الأميركية عالميًا، وإذا كان للولايات المتحدة أن تصنع السلام بدورها المؤثر، فقد يتاح ذلك عن طريق تعاون مع دول متعددة.
وأكثر الطرق سرعة في التقرب إلى روسيا هو عبر سورية. وقد كان الانقسام حول دعم نظام الأسد هو المعطل الرئيس للمفاوضات المتعلقة بالصراع في سورية. وإذا وافقت الولايات المتحدة، على الأقل في المدى القريب، على تخفيف استهداف المقاتلين الداعمين للأسد ووجهت أسلحتها في اتجاه داعش -التي تعدّ خصمًا لروسيا كذلك- وبذلك قد تجد الدولتان طريقًا إلى التوافق، والدخول في مفاوضات مثمرة. والدليل على ذلك هو اتفاقية وقف إطلاق النار التي حدثت مؤخرًا.
وعلى الرغم من أن التساهل مع نظام الأسد أمر صعب التقبّل، إلا إن حالة الجمود الحالية لا تقل سوءًا. إذ ربما تخسر داعش بعض المناطق، لكنها لم تخسر الحرب بعد. وعلى الجانب الآخر، تستمر كوريا الشمالية، المدعومة من الروس، في استفزاز الولايات المتحدة وحلفائها.
ومن جهتها، تتمسك روسيا بالأسد تمسكًا عنيدًا، لأنها تحتاج إلى إبقاء روابط قوية في منطقة الشرق الأوسط. فقد فتحت الصفقة مع إيران، الباب إلى تحالف مع الغرب، وبدأت علاقة كثيفة -ولكن فاعلة- مع الولايات المتحدة. ويزداد غموض علاقة الكرملين مع تركيا، المتصنعة أصلًا، بعد حالة عدم الاستقرار الداخلية في تركيا، كما ظهر في محاولة الانقلاب الأخيرة في تموز/يوليو. وبهذا، تجد روسيا نفسها أكثر عزلة مع مرور الوقت. وعلى الرغم من صعوبة التقارب مع الولايات المتحدة في وقت قريب، إلا أن إظهار رغبة أميركية في الدخول في محادثات ثنائية قد يدعو روسيا إلى إحساس بثقة أكبر في ما يخص موقعها. أما روسيا، يائسة، فسوف تعني دعمًا أكبر لـ كيم جونغ أون، وبشار الأسد.
إن أظهرت الولايات المتحدة رغبة في الدخول في مفاوضات جدية مع روسيا حول سورية، مع الموافقة على تخفيف استهداف مقاتلي الأسد، فربما تشعر روسيا بثقة أكبر بشأن حليفها العربي، فتميل إلى تمسك أقل بحليفها الآسيوي. وسوف تبقى العلاقة الصينية الروسية كما هي حتى إذا تخلى الروس عن كوريا الشمالية. وكما مع الصين، فالتهديد الآتي من كوريا الشمالية والذي يطال المجتمع الدولي –وربما روسيا نفسها– هو أكبر من النفع المتأتي من إزعاج واشنطن وتوتيرها بشأن بيونغ يانغ.
وكما يمكن للصين أن تفعل، يمكن لروسيا أن تتراجع خطوة إلى الوراء، وبشكل معلن، عن دعمها نظام كوريا الشمالية. وعلى الرغم من استبعاد احتمال دعم الكرملين الكامل لمبادرة أوباما التي دعا فيها إلى تحريم التجارب النووية، ولكن يمكن لبوتين أن يدعو إلى تخفيف تلك الأفعال المستفزة، على الأقل. وفي تلك الحالة، إن استمرت بيونغ يانغ في إطلاق صواريخها في البحر الياباني، وإجراء تجارب نووية سرية، سوف تمارس روسيا –المطمئنة إلى وضعيتها في الشرق الأوسط وتحالفها مع الصين– ضغطًا اقتصاديًا أكبر على كوريا الشمالية.
يجب أن يظل نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية الهدف الرئيس للمجتمع الدولي، ولكن حتى تسمح الظروف بذلك، فالسلوك العملي والواقعي هو الطريق الأفضل في الوقت الحالي. حتى إذا عنى ذلك التضحية ببعض المواقف السياسية، وإنشاء روابط مع دول غير صديقة، ولكن ذلك هو الطريق الوحيد المؤدي إلى الأمام. أما “الصبر” الذي مارسته إدارة أوباما، فلم ينفع إلا بإعطاء بيونغ يانغ المزيد من المجال للمضي في برنامجها النووي، ولا يمكن عدّ التهديد الكوري مجرد افتراضات بعد الآن. ولإبقاء عين متفحصة على التحركات في كوريا الشمالية، على واشنطن وحلفائها التحرك باتجاه إنشاء روابط مع روسيا والصين، وذلك يعني الخسارة السياسية الموقتة، والتخلي عن بعض الأهداف على المدى القصير، وتقبل حقيقة أنه لا يمكن كسب كل المعارك، إنما كسب الحرب هو المهم.
برنامج كوريا الشمالية النووي
بيان موجز من إعداد: المجلس الأميركي البريطاني للمعلومات الأمنية
مقدمة
تملك كوريا الشمالية البرنامج النووي الأصغر والأكثر أولية في العالم. إذ يقدر ما لديها بما بين 13 و21 سلاحًا نوويًا ذا عائد صغير، مع وسائل إيصال مشكوك في فعاليتها. ويبدو الوضع عسيرًا، فالعقوبات متعددة الأطراف فشلت حتى الآن في منع تطوير الأسلحة، والمخاوف من عدم استقرار المنطقة تعرقل الخيارات الأخرى. واللغة الملونة المشبعة بالبروباغاندا المفرطة التي يستخدمها القائد الأعلى في البلاد، كيم جونغ أون، والتفتيش العام الذي يُجريه في بعض الأحيان، تجعله شخصية هزلية، لكن سياسة بلاده النووية تمثل خطرًا كبيرًا محتملًا.
خلفية
طموحات مبكرة
أنشئت جمهورية كوريا الديمقراطية عام 1948 بزعامة قائد حزب الشعب الموقت كيم إيل سونغ، على أسس سياسية وأيديولوجية ستالينية مازالت واضحة حتى اليوم. وقد أدى الاحتلال الياباني خلال الفترة من 1910 حتى 1945، والحرب الكورية التالية (1950-53) إلى إبقاء هذا البلد الشيوعي معزولًا، مريضًا بجنون العظمة، ومقاومًا للتدخلات الأجنبية. وتوددت كوريا الشمالية إلى الصين والاتحاد السوفياتي وناقشت مع كليهما إمكانية المساعدة في بناء ترسانة نووية لردع التهديدات العسكرية الأجنبية، ولاسيما من جانب كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة الأميركية. عند هذه النقطة، كان لدى كوريا الجنوبية، أيضًا، برنامج تسلح نووي. بدأ البناء في مركز البحوث العلمية النووية لكوريا الديمقراطية في يونغبيون عام 1953. ولم يحظ البرنامج الحالي لكوريا الشمالية إلّا بـ “مساعدة خارجية هامشية ومتقطعة”. وانضمّت البلد إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في عام 1985، كما وافقت على تفتيش محدود من جانب وكالة مراقبة منع انتشار الأسلحة المذكورة عام 1988.
التسعينيات
بدا أن العلاقات بين الكوريتين الشمالية والجنوبية في طريقها إلى التحسن عام 1991، عندما وقعتا على “اتفاقية مصالحة وتعاون وتبادل وعدم اعتداء”، وعلى “الإعلان المشترك حول نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية”، الذي قضى بحظر اختبار وتصنيع أو حيازة أو استخدام الأسلحة والمنشآت النووية لإعادة المعالجة النووية وتخصيب اليورانيوم. ووفقا لهذا الإعلان، سحب الرئيس بوش الأب الأسلحة النووية الأميركية من كوريا الجنوبية.
بحلول عام 1993 كانت هناك حالات مارست فيها كوريا الشمالية الخداع تجاه التزاماتها؛ فقد منعت حكومتها وكالة مراقبة منع انتشار الأسلحة النووية من الوصول إلى منشآتها، وبالتالي أبعدت أعضاء الوكالة رسميًا عن البلاد. وقد تم حل هذا الإشكال جزئيًا عن طريق “إطار اتفاق” بين كوريا الديمقراطية والولايات المتحدة عام 1994، وهو عبارة عن صفقة وافقت الولايات المتحدة بموجبها على استبدال مفاعلين خفيفين يعملان بالماء بمفاعل كوريا الشمالية الغرافيتي (مفاعل تحت الأرض)، وبإنشاء مؤسسة جديدة سميت “منظمة تنمية الطاقة في شبه الجزيرة الكورية”. ومقابل تطبيع العلاقات بين الكوريتين وافقت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية على الاستمرار في معاهدة حظر الانتشار النووي، ووقف برنامجها للتسلح النووي. إلا أن هذا الاتفاق الهشّ لم يستمر طويلًا، حيث اتهمت الولاياتُ المتحدة كوريا الشمالية بمواصلة الخداع، بينما اتّهمت الأخيرةُ الولايات المتحدة بتأخير غير مقبول في تنفيذ مشروع منظمة تنمية الطاقة الذي أُهمل كليًا عام 2006.
من بداية الألفية حتى الوقت الحاضر
ساعدت “سياسة الشمس المشرقة”، التي انتهجتها كوريا الشمالية في عهد الرئيس كيم داي جونغ، في تحسين العلاقات والتعاون بين الكوريتين بعد عام 1998، إلا أن هذه السياسة أُهملت من جانب خليفته لي ميونغ عام 2007. وأدى استمرار كوريا الشمالية في برنامج التسلح النووي والصواريخ البالستية -على الرغم من العقوبات المتعددة الأطراف- إلى تردي العلاقات خلال السنوات الأخيرة. وقد زاد خطاب جورج بوش الابن عن حالة الاتحاد عام 2002 من توتر العلاقات بإدخاله كوريا الشمالية مع غيرها من الدول المارقة فيما سماه “محور الشر”. وبعد كشفها أدلة على برنامج كوريا الشمالية لتخصيب اليورانيوم، أوقفت الولايات المتحدة شحنات النفط إليها، بينما قامت جمهورية كوريا الديمقراطية بطرد مفتشي الوكالة وانسحبت من معاهدة حظر الانتشار النووي في العاشر من كانون الثاني/ يناير 2003. وأعلنت كوريا الشمالية عن برنامجها النووي في يوليو/ تموز من العام نفسه، وصرحت بعد عامين من ذلك التاريخ عن إنتاجها سلاحًا نوويًا للدفاع عن نفسها. وقد أشار كيم جونغ إيل، في دفاعه عن البرنامج، إلى ضعف صدام حسين ومعمر القذافي عندما تخليا عن برنامجهما لأسلحة الدمار الشامل. بعد ذلك سعت المحادثات السداسية بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية والصين وروسيا واليابان والولايات المتحدة إلى إيجاد أرضية مشتركة، يمكن أن تؤدي إلى توقيع كوريا الديمقراطية معاهدة حظر الأسلحة النووية، والالتزام بمعايير الوكالة الدولية. إلا أن ست جولات من المفاوضات لم تؤد إلّا إلى تقدم بسيط، ولم تُستأنف تلك المفاوضات منذ عام 2009. بعد وفاة والده بعد ذلك بعامين، تولى كيم جونغ أون القيادة، وأشرف على حملات عنيفة واستمر في إعطاء الأولوية لبرامج الأسلحة النووية، والصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية.
المستقبل
استمرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وحلفاؤهما في تأكيد التزامهم بإعادة فتح المحادثات السداسية بشرط ان تتعهد كوريا الديمقراطية بنزع سلاحها النووي وبإحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية. لذلك لم تكن المفاوضات المباشرة مرجحة على الإطلاق، مع إشارة الولايات المتحدة إلى أنها “لن تشارك في محادثات من أجل المحادثات”. وقال نقاد “الصبر الإستراتيجي” لإدارة أوباما أن هذه السياسة سلبية جدًا، وأنها تعطي جمهورية كوريا الديمقراطية سيطرة فعالة خلال المفاوضات، ولكن المقاربات البديلة بدت صعبة للغاية. وقد لاحظ مسؤول في وزارة الخارجية مؤخرًا أن روسيا والصين على ما يبدو “لم تعودا مهتمتين، أو أنهما على استعداد للدفاع عن هذا النظام غريب الأطوار”. وفرض مجلس الأمن والولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات اقتصادية متعاظمة على جمهورية كوريا الديمقراطية، ما ألحق ضررًا كبيرًا باقتصادها، وربما عزز في الواقع عزم الدولة على تحقيق قدرات نووية كاملة. وقد بينت صور الأقمار الصناعية من موقع بونغي ري للتجارب النووية أن تجربة نووية خامسة قد تُجرى في المستقبل القريب.