المحتويات
المقدمة
مكافحة التمرد والموقع المتغير للحرب
ظهور الحرب الحضرية الحديثة
جغرافيا مكافحة التمرد
مكافحة التمرد والعقاب الجماعي
عقيدة الجيش السوري
استخدام حالات الحصار في الصراع الحالي
حصار حضري: حصار اليرموك، دمشق
حصار ريفي: حصار دوما، الغوطة الشرقية
الخلاصة
المراجع
عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية | Isolating Dissent, Punishing the Masses: Siege Warfare as Counter-Insurgency |
اسم الكاتب | وِل تودمان، Will Todman |
مصدر المادة الأصلي | دراسات سورية، SYRIA STUDIES، مجلد 9، العدد 1 (2017) |
رابط المادة | https://ojs.st-andrews.ac.uk/index.php/syria/article/view/1479 |
تاريخ النشر | 2017 |
المترجم | روزا حاجي |
تزعم هذه الورقة أنّ الطبيعة الاستبدادية للنظام السوري قد أثرّت في اختيار الحصار بوصفه تكتيكًا لمكافحة التمرد. يتناول القسم الأول منها تطوّر المناطق الحضرية كونها مواقع لممارسة الحرب، ويستكشف جغرافيات أساليب مكافحة التمرد، ومسوّغ العقاب الجماعي، ومفهوم “الإبادة”. تجري دراسة التكتيكات التي يستخدمها النظام السوري في ضوء تاريخ مكافحة التمرد، والحروب الحضرية في سورية خلال القرن العشرين. دُرِسَ تطوّر العقيدة العسكرية للنظام السوري من أجل إظهار كيفية إدراجه تكتيكات الحصار التي استخدمت أولِّ مرةٍ في حماة في عام 1982، عندما سحق حافظ الأسد التمرد الإسلامي. وأخيرًا، تدرس الورقة فرض الحصار منذ نيسان/ أبريل 2011، متفحصةً كيفية استخدام مختلف الجماعات المسلحة للحصار لتحقيق أهدافها العسكرية. قدمت دراستا حالتي منطقتين لتوضيح الاختلافات في التكتيكات العسكرية بين الحصار الحضري والريفي: حصار مخيم اليرموك، والغوطة الشرقية.
وتبيّن الورقة كيف أنَّ تكتيكات الحصار سمحت للنظام السوري بعزل مصادر التمرد واحتوائها، ومنعتها من الانتشار إلى المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية. ومن ثم، كانت تكتيكات الحصار من العوامل التي ساهمت في قدرة النظام السوري في البقاء على قيد الحياة خلال الصراع الحالي، حتى عندما توقع عدد من المحللين سقوطه الوشيك.
المقدمة
في كانون الأول/ ديسمبر 2016، حملت قوافل الحافلات الخضراء عشرات آلاف المدنيين، ومقاتلي المعارضة ممن تبقى في المناطق التي كان يسيطر عليها المتمردون في حلب. إنَّ الحملة الوحشية التي قام بها النظام لاستعادة حلب، عكست التكتيكات التي استخدمها قبل عامين لإعادة السيطرة على مدينة حمص، التي كانت تُعدّ ذات يومٍ عاصمة الثورة السورية. وفي الحالتين كلتيهما، أجبرت الحصارات الخانقة قوات المعارضة على الاستسلام.
يُفرَض الحصار بإقامة نقاط تفتيشٍ في نقاط وصولٍ إستراتيجية إلى منطقةٍ مستهدَفة، ومن ثم السيطرة على خطوط إمداد المنطقة. ويتمثل هدف الحصار الأساس في إجبار السكان المتمردين على الاستسلام بمنع إمكان حصولهم على الطعام، والسلع الأخرى التي لا يمكن الاستغناء عنها من أجل بقائهم أحياء.
في 25 أبريل/ نيسان 2011، استخدم الجيش العربي السوري الحصار أولِّ مرةٍ في الصراع الحالي. بعد سبعة أسابيعٍ من الاضطراب، حاصر الجيش العربي السوري المدينة الجنوبية، درعا، جزءًا من عمليةٍ عسكرية استمرت عشرة أيام خلّفت وراءها أكثر من 500 قتيلٍ سوري، و2500 معتقل. بعد هذا الاستخدام الأوليّ لتكتيكات الحصار، بدأ النظام بعدئذ بفرض الحصار الجزئيّ على المدى الطويل في ريف دمشق عام 2012، ما حدَّ من دخول المدنيين وخروجهم، والبضائع. وفي تموز/ يوليو 2012، طوّق مقاتلون من الجيش السوري الحرّ نبل والزهراء، وهما بلدتان ذوات أغلبيةٍ علوية في ريف حلب. وفي ربيع عام 2013، كثف النظام حصاره على ريف دمشق، ومنع السلع جميعها من الوصول إلى عدد من المناطق، مخضعًا السكان المحاصرين للقصف الجوي، والقذائف المدفعية.
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، قدَّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة الطارئة، ستيفن أوبراين، أنّ 974080 شخصًا يعيشون تحت الحصار في سورية، أي ما يقرب من ضعف التقديرات قبل ستة أشهرٍ سابقة.
إنَّ الرقم المذكور والمدقَق كان أقرب إلى تقديرات مجموعة المراقبين، وهي منظمةُ مراقبة الحصار، التي طالما ادّعت بأنّ أكثر من مليون سوريّ يعيشون تحت الحصار. تفرض الجماعات المسلحة المعارضة، وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية (داعش) الحصار على آلاف السوريين، لكنَّ الأغلبية العظمى تعيش تحت حصار النظام. سوف تبحث هذه الورقة في سبب اعتماد النظام السوري الحصار من خلال دراسة تمدين الحرب الحديثة، ومكافحة التمرد. وباستثناء البحوث الأكاديمية ذات الصلة، يعتمد
البحث على مقابلاتٍ مع 21 مسؤولًا دبلوماسيًّا وإنسانيًّا، فضلًا عن ردودٍ استطلاعية أجراها 16 شخصًا من سكان المناطق المحاصرة في سورية، وجرى تجميعها من بيروت خلال صيف عام 2015. أما هويات هؤلاء الأفراد وانتماءاتهم فهي غير مذكورة لضمان ثقتهم وسلامتهم.
بحجة أنّ وضع سورية بوصفها دولة استبدادية يؤثر في اختيار تکتیکات مكافحة التمرد، فإن القسم الأول سوف یتتبع تطوّر المناطق الحضریة بوصفها مواقع لممارسة الحرب، ويتفحص المناطق الجغرافية لتکتیکات مكافحة التمرد، وتسويغ العقاب الجماعي، ومفهوم “الإبادة”. وسيبحث القسم الثاني في التكتيكات التي يمارسها النظام السوري خلال الصراع الحالي في ضوء تاريخ مكافحة التمرد، والحروب الحضرية في سورية في القرن العشرين. يجري كشف تطور العقيدة العسكرية للنظام السوري من أجل إظهار كيفية إدراجها في تكتيكات أساليب الحصار، التي اُستخدمت أول مرة في حماة عام 1982 عندما سحق حافظ الأسد التمرد الإسلامي. وسيستكشف القسم الأخير من الورقة فرض الحصار منذ نيسان/ أبريل 2011، بالنظر في كيفية استخدام الجماعات المسلحة لحرب الحصار لتحقيق أهدافها العسكرية. وسأوضح الاختلافات في التكتيكات العسكرية بين حصار المناطق الحضرية، والريفية من خلال التمعن في حصار مخيم اليرموك في دمشق، والغوطة الشرقية في ريف دمشق. وستشرح هذه الورقة كيف أنَّ تبنيَّ تكتيكات الحصار سمح للنظام السوري بعزل مصادر التمرد واحتوائها، ومنع انتشارها إلى مجالاتٍ رئيسة ذات أهمية إستراتيجية. ومن ثم، كانت تكتيكات الحصار من العوامل التي ساعدت في تمكين النظام السوري على البقاء على قيد الحياة خلال الصراع الحالي، حتى عندما توقع عدد من المحللين سقوطه الوشيك.