المحتويات
الحضارة الغربية وفق النموذج الترامبي
مظلّة نووية فوق الكرة الأرضيَة
إذا ما بدأت الحرب النووية، فإنّها ستنتهي على الفور
انبعاث “تنظيم الدولة الإسلاميّة” في آسيا الوسطى وأوروبا
التكنولوجيا الرقمية الخيّرة والشريرة
عنوان المادة الأصلي باللغة الروسية | Семь ключевых тенденций наступающего года в России и в мире |
اسم الكاتب | إدوارد بيروف |
مصدر المادة الأصلي | صحيفة فزغلياد |
رابط المادة | https://vz.ru/opinions/2017/12/29/901624.html |
تاريخ النشر | 29 كانون أول/ ديسمبر 2017 |
المترجم | سمير رمان |
التوقعات السياسية في عصر تحوّل النظام العالمي ليست أقلّ ثقة من توقعات الطقس الحالية: إذا وعدوا بهطل الثلج؛ توقعوا المطر، وإذا وعدوا بطقسِ مشمس؛ انتظروا العواصف.
ومع ذلك -أو بالضبط لهذا السبب- فإنّ توقعات العام المقبل تثير اهتمامًا كبيرًا عند المتلقين في العالم، إذ يحمل كلّ يومٍ أحوادث تقلب الأمور رأسًا على عقب، وتمّحي الحدود بين ما هو حقيقي وما هو غير واقعيٍ لدرجةٍ يصبح معها التنبؤ بالفنجان أكثر دقّة، من الحسابات العلميّة.
عدا ذلك، كلّما كانت التنبؤات غامضةً وغير واقعيّةٍ، أصبح الاهتمام والثقة بها أكبر. هذه الحالة الفريدة، يستخدمها، على سبيل المثال، مجلة “إيكونوميست”: الذي بحكم علاقته بعائلة روتشيلد، يطلق كلّ عامٍ إصدارًا خاصّا بالتوقعات مرفقةً بعناوين جاذبة وبأغلفةٍ زاهية.
وبهذا، يلمّح المؤلفون وكأنَّ طبقةً من خلف الستار تلفت انتباه القرّاء إلى التغيّرات المرتقبة وحتى إلى الطوفان الذي سيجتاح العالم. ولكن إذا استذكرنا ثلاثةً فقط من أغلفة الإصدار نفسه للسنوات الثلاث الماضية المتضمنة توقعات المجلّة لأعوام 2015- 2017، فسيكون من السهولة بمكان الاقتناع أنّ كلّ ما أوردته لم يكن إلا خدعةً تسويقية تهدف إلى إثارة الضجيج.
وعلى الرغم من ذلك، فإنّ الفكرة بحدّ ذاتها فكرة مثيرة تسمح بتكوين نظرة إلى العمليات السياسية الجارية حاليًا في مرآة العام المقبل، أكثر من استشفاف المستقبل (وهو لحظةٌ واحدة على مقياس التاريخ). ولأنني لا أنتمي إلى عائلة روتشيلد أو روكفلر سأحاول اقتراح ما ينتظرنا في عام 2018 من تحدياتٍ، واتجاهاتٍ وحوادث.
المسار الاقتصادي الجديد
عمليًّا، يبدأ العام السياسي الجديد ومعه الدورة السياسية الجديدة بإعادة انتخاب فلاديمير بوتين رئيسًا لروسيا الاتحادية. ومن تتبع التسلسل السياسي على مدى 17 عام، نرى أنّ كلّ دورة رئاسيةٍ تتميّز بتحدياتٍ جديدة وبدرجةٍ من تعقيد المهمات.
ستذكر المرحلة الرئاسية الماضية التي استمرت ستة سنوات بانطلاق المواجهة المباشرة مع الغرب على ساحة السياسات الكبرى مع المحافظة على الأدوات الليبرالية في الاقتصاد. وبحسب النتائج، يمكن القول إن الرهان الذي وضعته روسيا كان مسوغًا: فموسكو استعادت شبه جزيرة القرم (متخلية عن أوكرانيا- موقّتًا)، صمدت في مواجهة ضغوط العقوبات، نهضت بالقطاع الزراعي، انتصرت في سورية، انتزعت من الولايات المتحدة السيطرة على منظمة أوبك والتحكّم بأسعار النفط.
خلال المرحلة المقبلة 2018-2024، يجب أن تنتقل عملية السيادة الروسية إلى ذروتها وختامها، ما سيؤدي نهائيًّا إلى التخلي عن النظام الدولاري Pax Americana. وبالطبع، لن يحدث هذا في العام المقبل، ولكنّ سيكون من الضروري البدء في عام 2018 بالتحديد بمراجعة مقاربات الاقتصاد الأساسية، التي تصبّ في مصلحة هرمية الدولار، لمصلحة تطور مخطط جذري، يرمي لتجديد بنية البلاد التحتيّة ويؤمن الانتقال إلى مستوى تكنولوجيّ جديد.
في المجتمع الروسي (خصوصًا في أوساط الأغلبية البوتينيّة)، نضج المطالب بضرورة اقتصادٍ نوعيّ جديد؛ اقتصاد منتج خلّاق، وليس مستهلكًا، يعتمد على الموارد المحلية وعلى ثقافة مواطنين يكترثون بمصير بلادهم وعملهم، يديره مديرون يشعرون بالمسؤولية، إضافة إلى نظام توزيع عادل.
بوتين الذي حوّل البلاد عن طريق الرأسمالية المتوحشة، وضع بنفسه المقدّمات الضرورية لتشكيل الطلب على الاقتصاد الجديد، وبدرجة كبيرة ما المطلوب منه تنفيذه.
إضافة إلى ذلك، فقد تشكّلت في أوساط الخبراء مسلّماتٌ أساسية للمسار الاقتصادي الجديد، وأسهم في صوغها عددٌ من الاقتصاديين المعارضين لمدرسة غايداروف ولرؤية كودرين “إستراتيجية -2035” من (“نادي ستولبينسكي”، مجلّة “إكسبرت”، كليباتش، غلازييف وغيرهم).
سيكون نهج بوتين 4.0 موجّهًا إلى: جعل النخبة قوميّةً ومحدّثة نوعيًّا، عودة رؤوس الأموال بإعادة توطينها، إطلاق مشروعات عملاقة في مجال البنية التحتية والتكنولوجيا العالية عبر تمويلها من خلال الاستثمارات الداخليّة، التخليّ عن الدولار في الحسابات وتطوير سوقٍ أوروبيّة واحدة، صوغ نظام ضمان اجتماعي جديد، الحدّ من الرأسمال الانتهازي مع خلق حوافز للمواطنين المبدعين.
الحضارة الغربية وفق النموذج الترامبي
سيستمر نجاح دونالد ترامب في إعادة توجيه الولايات المتحدة الأميركيّة والغرب برمّته: سيبدأ ما بدأه ترامب عام 2017 بإعطاء ثماره عام 2018، وسيتبيّن أنها غير متماسكة كما هو الحال بالنسبة إلى تنفيذها. فستنهار مبادراته المضادة للهجرة، وسواءً بني الجدار العازل مع المكسيك أم لا- فإنّه سيتسبِّب بتصعيد الخلافات داخل الولايات فحسب. أمّا الإصلاحات الضريبيّة، فقد تخفف العبء المالي عن بعض المواطنين، ولكنّها ستتحوّل إلى ديون في الميزانية.
كلّ خطوة جديدة يقوم بها ترامب لن تواجه بالكراهية من النُخب الأوروبية القديمة فحسب، ولكنّها ستجعل المواطنين في حيرة. غير أنّ هذا لن يؤدي إلى الانعزالية، بل على العكس- إلى إشعال العدوانية. وكلّما تضاءلت ثقة البيت الأبيض بنفسه ازداد الحقد الذي سيصبّه في سياسته العالمية. وسيفجِر ترامب كلّ شيءٍ على الكرة الأرضيّة في سبيل تأكيد هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على العالم.
إلى جانب كوريا وسورية، تحاول واشنطن إشعال الأعمال القتالية في أوكرانيا، آسيا الوسطى وفلسطين. وتراكمات هذا التوجّه موجودة منذ عام 2017: فقد اتُّخذ قرار إرسال أسلحة طيّارة (صواريخ)، من ضمنها منظومات مضادة للدبّابات “جافلين” إلى كييف، وألقيت قنبلة جديدة بين فلسطين وإسرائيل.
أمّا متى وأين سيرمى عود الثقاب؛ فهي مسألة فنيّة. ففي أوكرانيا نفسها، يبدو الرئيس الأوكراني بوروشينكو الخائف من فقدان السلطة مستعدًّا في أيّ لحظة للفت انتباه شعبه إلى الخرب في الدونباس ضدّ” العدو الروسي”. من جانبها، تبدو تل أبيب واثقةً من عدم تعرضها للعقاب، ترمي بقفاز التحدي في وجه العالم العربي كلّه، ويمكن أن تكون الحرب في تلك المنطقة أكثر هولًا من الحرب النووية ذاتها.
يبقى الأمل الوحيد لتجنب الأعمال الحربية في هذه النقاط الملتهبة جميعها معقودًا على العامل الروسي الذي يمكن أن يؤدي دور الكابح وصانع السلام. وحدها مهارة موسكو الدبلوماسية وقدرتها العسكرية تستطيع إخماد بؤر الحريق الذي تنشره واشنطن.
مظلّة نووية فوق الكرة الأرضيَة
في العام المقبل، سيجرّ النزاع حول كوريا الشمالية الذي وصل إلى ذروة التوتر في عام 2017 إلى حافّة الحرب النووية. فالولايات المتحدة الأميركية سترفع مستوى الهستريا العسكرية- الإعلاميّة إلى درجةٍ، يمكن معها أن يجعل الأمور تنفرج في أي لحظة إذا ما استشعرت كوريا اقتراب الخطر.
يظن الخبراء، أنّ واشنطن لن تجرؤ على القيام بمغامرةٍ جنونية، وأنّ ترامب يراوغ لا أكثر، كي تغرِق الولايات المتحدة المنطقةَ بالأسلحة وتطوّق كوريا من الجهات كلها (باستثناء الشمال المجاور لروسيا). ويناقش العسكريون الأميركيون علنًا خطط توجيه ضربةٍ استباقيّة إلى منصّات إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية؛ ولكنّ تلك الصواريخ لن تصل أهدافها.
إذا ما بدأت الحرب النووية، فإنّها ستنتهي على الفور.
عقب إظهار الجيش الروسي صورته الجديدة في شبه جزيرة القرم وفي سورية، قد يظهر للعالم درعه الصاروخي المطوّر، الذي بإمكانه التصدّي للضربة الأميركية ضدّ جمهورية كوريا الشمالية. ومع أنّه من غير المرجّح أن تعلن تأكيداتٌ رسمية لإمكان حدوث ذلك، إلا أنّ الأطراف جميعها ستفهم كلّ شيء. وستحدث ما يشبه الأمر الذي حدث في 3 أيلول/ سبتمبر من عام 2013، عندما سقط، بصورةٍ غامضة، في مياه البحر صاروخان باليستيّان كانا متجهان إلى سورية في أثناء ما زعم أنّها تدريباتٌ عسكرية أميركية- إسرائيلية مشتركة في البحر الأبيض المتوسط. وقد أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في ما بعد، (عام 2016)، أنّ روسيا تمكّنت من الحيلولة دون إطلاق 624 صاروخًا مجنّحًا للناتو، كانت مصوّبةً نحو دمشق. وبهذه الصورة تحمي موسكو الكوكب من ويلات حروبٍ نوويةٍ مصغرة.
بلا ريب، إن لم يكن بالإمكان حلّ النزاع بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأميركية، فإنّ بالإمكان تجميده لمدّة عامين. والمهمّ أنْ تنجز خطوةٌ جديدة على طريق تأكيد وجود عالمٍ متعدّد الأقطاب: فالولايات المتحدة الأميركيّة ستفقد نهائيًا حقّ التصرّف من دون عقاب، وستكتشف دول العالم المجاورة لروسيا وجود مظلّةٍ نووية حقيقية فوق رؤوسهم.
جنونٌ أولمبيّ
عدم رغبة موسكو في الردّ على قرار اللجنة الأولمبية المسيّس، الذي جاء بضغطٍ من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات والولايات المتحدة الأميركية، تؤجّل ضرورة الاعتراف بانهيار الحركة الأولمبيّة والبدء بالبحث عن بديلٍ لها فحسب. وستستمر مهزلة إخضاع “الرياضيين الأولمبيين من روسيا” لاختبارات المنشطات خلال ألعاب 2018 وتنتقل بسلاسة لتطال لاعبي كرة القدم الروس، الذين يحاولون منعهم من اللعب في بطولة العالم التي تنظّم على أرضهم.
في هذه الحالة، سيتمكّن الغرب من تخريب أكبر عيدٍ رياضي تشهده روسيا، وقد يصبح هذا الأمر -إن حدث- النقطة التي سيطفح عندها كيل صبر الكرملين. وبلا شكّ، تحمل الجبهة الرياضيّة معنىّ مفضّلًا في اللعبة الكبرى بين الدول: فالخسارة على هذه الجبهة لن تودي بحياة الملايين ولن تسبب المجاعة للأطفال الأبرياء.
إلا أنّ السماح إلى ما لانهاية بالسخرية من علم البلاد وشرفها أمرٌ غير ممكن.
ستضطرّ القيادة الروسية عام 2018 لتقرير ما إذا كانت ستعلن للعالم أنّ الغرب يخرّب الحركة الأولمبية العالمية والرياضة الاحترافية عمومًا، ومن ثم ستكشف أسراره القذرة.
ستظهر في وسائل الإعلام تفاصيل مذهلة عن استخدام الرياضيين الغربيين للمنشطات، ومن بينهم أبطالٌ بأسماء رنّانة، وكذلك رُعاتهم في الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات وУСАДА.
عندها سيتحدثون كيف أتلف مكتب التحقيقات الفدرالي الأدلة وكيف غطّى نشاط المختبرات الطبيّة، وكيف حصلت شركات الأدوية العملاقة القابضة على أرباحها الخيالية.
ليس من المهمّ أن يحدث عندها انقسامٌ في منظمة الألعاب الأولمبية، أم إنّ موسكو ستقترح إنشاء لجنة أولمبية جديدة تصطف خلفها الحركة الأولمبية النظيفة. المهمّ هنا دفن رياضة الإنجازات العظيمة، التي تعفّنت من كمية الأموال الجنونية، وإطلاق رياضة النيات الحسنة على غرار الألعاب الجامعية.
الربيع الروسي المتأخّر
في اللحظة، التي يفقدون في روسيا الثقة بقدرات الموالين لروسيا أو بالقوى رشيدة التفكير في أوكرانيا، عندها ستظهر هناك -فجأةً- البذور الأولى لربيعٍ روسيّ، وستظهر قوىً ويبرز قادةٌ سيعلنون، على الرغم من القمع، أنّ نظام بوروشينكو الموالي للغرب هو نظامٌ مجرم وسيعلنون اتحادهم مع موسكو. وبخلاف عام 2014، ستحظى هذه القوى بدعم ملايين المواطنين الأوكرانيين اليائسين. عندها سيكون الربيع الروسي بمنزلة الأعجوبة.
ولكن ستكون أسبابٌ أُخرى في المستوى الأعمق، الذي لا يخضع للسياسيين الإستراتيجيين ولا لاستطلاعات الرأي العام. أخيرًا سيحدث شيءٌ لم يأخذه الخبراء في واشنطن أو موسكو بالحسبان، ليضع الأمور في نصابها.
وسيكون هناك دورٌ ليس بالهيّن يؤديه بدء المباحثات بين بطريركية موسكو والمنشقين أتباع “دينيسينكو” في كييف: ولن يكون مستبعدًا التوصّل إلى اتفاق بعودتهم إلى الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، ما يعني انتهاء الانشقاق في الكنيسة الأوكرانية.
على كلٍّ، لن يكون من السهل إقناع أوكرانيا، إذ يتطلب الأمر أن تحشد روسيا القوى الروحية وحلّ مهمات تنظيمية فائقة التعقيد. سنشهد حلقةٌ جديدة من الصراع بين موسكو والغرب على أوكرانيا، ولكن يجب فعل كلّ شيءٍ ممكن لتجنب اندلاع نزاعٍ عسكريٍّ كبير مع شرق أوكرانيا.
انبعاث “تنظيم الدولة الإسلاميّة” في آسيا الوسطى وأوروبا
عندما ضّيقت القوات السورية والطيران الروسي على مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” في صيف عام 2017 وخريفه، بدأ مقاتلوه بالهرب إلى دولٍ أُخرى، وقبل كلّ شيء، أفغانستان. وقد أشارت وزارة الدفاع الروسية مراتٍ عدّة إلى حقائق تتعلّق بنقل الولايات المتحدة الأميركية مقاتلين من التنظيم إلى تلك الدولة.
وفي النتيجة، وبحسب مدير قسم آسيا الثاني في وزارة الخارجية الروسية زامير كابولوف، يتشكّل اليوم في أفغانستان خليّةٌ قوية تابعة لتنظيم “الدولة الإسلاميّة” يبلغ تعداد عناصرها قرابة 10 آلاف مقاتل. على التوازي، رفع البنتاغون عدد قواته في أفغانستان إلى 11 ألف عسكري.
في عام 2018، يمكن أن يبدأ الجزء الثاني من توسع تنظيم الدولة الإسلاميّة؛ هذه المرّة في أفغانستان، إذ يبدأ الإرهابيون المسلّحون جيدًا “فجأة” عملياتهم العسكرية ويحاولون الاستيلاء على المدن في الأقاليم. وستحاول واشنطن الثأر لسورية هناك، في وقتٍ لا يغيب عن بالها النصر التكتيكي الذي تحقق في جبال أفغانستان في مواجهة الجيش السوفياتي، ويجب الاعتراف أنّ لدى الأميركيين حظوظًا أكبر لإلحاق أذى مهم بالجيش الروسي هناك.
إضافة إلى ذلك، ستحاول “داعش” من خلال أفغانستان وبمساعدة قواتٍ خاصّة أميركيّة التسلّل إلى آسيا الوسطى وتفجير خاصرة روسيا الجنوبيّة. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تحبط موسكو هذا السيناريو عبر القيام بعملٍ استباقي باستخدام القوات الجوية والفضائية، وهو الأمر الذي لُمِّح لوجود استعدادات كهذه بشأنه. وستعمل موسكو على إفشاله حتى لو كان بمساعدة حركة” طالبان” نفسها.
ستكون المفاجأة أكبر كثيرًا في المدن الأوروبية، عندما تتحرّك خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية ” النائمة. ولا يتعلّق الأمر بأعمالٍ إرهابيّة فردية بالسكاكين أو بالسيارات، بل بهجماتٍ تقوم بها فصائل مدرّية ومسلّحة، تتألف كلٌّ منها من 10- 20 عنصر، ويتطلّب القضاء عليها اللجوء إلى القيام بعمليّاتٍ كاملة تشمل مناطق عدّة في الاتحاد الأوروبي. ويمكن أن يتحول العالم القديم عام 2018 إلى ما يشبه شمال القوقاز بداية القرن الحالي.
ونذكّر، أن حوالى 1.3 مليون مهاجر تقدموا بطلبات لجوءٍ في دول الاتحاد الأوربي منذ عام 2015، من دون الحديث عن المهاجرين غير الشرعيين وغير المسجلين الهائمين في أراضي الاتحاد. بين هؤلاء المهاجرين يوجد 160 ألفًا يقعون تحت برنامج расселения، الذي لم يعط نتيجةً عملية في الواقع، إضافة إلى حوالى 100 ألف أمكن ترحيلهم خارج حدود الاتحاد الأوروبي. ويبقى في أوروبا مليون مهاجر لا يخضعون لسلطة الجهات الأمنية، إذ ينشط بينهم عملاء تنظيم الدولة الإسلاميّة بغرض التجنيد.
قالت صحيفة تايمز البريطانية أنّ أوربا تمثّل مركزًا خاصًّا لتجنيد الإرهابيين، إذ يخضع للتدريب مئات المقاتلين بهدف تنفيذ أعمالٍ إرهابية في دول الاتحاد الأوروبيّ. يشير الهجوم الجماعي الذي قام به المهاجرون في بروكسل الخريف الماضي إلى أنّ التحضيرات لشنّ هجماتٍ جماعية قد شارفت على الانتهاء.
التكنولوجيا الرقمية الخيّرة والشريرة
ستكون التكنولوجيا الرقمية قادرةً عام 2018 على بلوغ كتلةٍ كميّة حرجة والارتقاء من الكلمات الجميلة إلى عاملٍ حقيقيٍّ لتحولٍ شامل ومتعدّد الجوانب في الاقتصاد والتفكير الاجتماعي.
عندما تصبح المنازل السكنية وقطع التبديل للطائرات والأطراف الصناعية، تصنّع بتقنية 3D على سلاسل الإنتاج، فإنّها ستقلب عملية الإنتاج الصناعي رأسًا على عقب. إنترنت الأشياء إلى جانب المعلومات الهائلة سيؤدي إلى اختراقاتٍ في تكنولوجيا الطبّ والتعليم، تسمح بحدوث تغييراتٍ جذرية في حياة البشر.
ولكنّها كأيّ تكنولوجيا، فإنّ التكنولوجيا الرقمية هي أداة، يمكن أن تستخدمها البشرية في مصلحة الخير أو الشرّ. ويتعلَّق الاتجاه الذي ستسلكه هذه التكنولوجيا بمسار الأفكار وبحالة الناس الأخلاقية.
إذا ما استمرت أيديولوجيا الاستهلاك بالهيمنة على عقول الناس، فإنّ قدرات التكنولوجيا الرقمية سيستخدم لإنتاج أدواتٍ تافهة، وابتكار طرائق تسويقية للبضائع والخدمات، والسيطرة على المواطنين وإبادتهم. ونذكّر أنّ اتجاهات التكنولوجية الرقمية حاليًا هي كذلك.
ستواجه روسيا تحديًا كبيرًا نتيجة عدم تمتّعها بالاستقلال الرقمي. في الثمانينيات، كانت البداية الروسية في مجال تصنيع شبكات الكومبيوتر وأول نماذج الإنترنت، وفقدت كلّ شيءٍ في التسعينيات لتصبح دولةً تابعة في مجال منتجات المعلوماتية.
في عام 2018، بعد الهجمات الشاملة على فروع الاقتصاد الحيوية ستكون موسكو مضطرّةً إلى البدء بانتقالٍ شامل إلى منتجات الصناعة المعلوماتية الوطنية التي تنتجها وزارة الدفاع وبعض الشركات الخاصّة. وكما يقول المستثمر في تكنولوجيا المعلوماتية إيغور أشمانوف، فإنّ الإمكانات متوافرة في روسيا، ويبقى اتخاذ القرار السياسي وتوفير الموارد الحكومية. وبالطبع، فإنّ القرار والدعم سيكون متوفرًا، خصوصًا أن الغرب سيظهر ضعف روسيا في مجال أمن الإنترنت، وهو ما تستعدّ له أجهزة استخبارات الولايات المتحدة الأميركية منذ ما لا يقلّ عن عامٍ.
في عام 2018، ينتظر المواطنون الروس ظهور جوازات سفر إلكترونية ذات تكنولوجيا عالية، وسيبدأ إصدار هذه الجوازات ابتداء من الـ 15 من آذار/ مارس. وسيظهر نموذجٌ رقميّ جديد للوثائق العادية كبطاقات العمل.