عنوان المادة الأصلي باللغة الروسية: | Нового директора ФБР подозревают в связях с российскими гигантами энергетики |
اسم الكاتب | يفغيني كروتيكوف |
مصدر المادة الأصلي | صحيفة فزغلياد |
رابط المادة | https://vz.ru/world/2017/8/3/881204.html |
تاريخ النشر | 3 آب/ أغسطس 2017 |
المترجم | سمير رمان |
الصورة: Pablo Martinez Monsivais/AP/ТАСС
يبدو اختيار كريستوفر راي الذي يرأس مكتب التحقيقات الفدرالي، واحدًا من أكثر القرارات التي اتخذها ترامب نجاحًا لتعيين الكوادر. وكان القرار موفقًا لدرجةٍ تجعل المدير يفكِّر مستقبلًا في دخول حلبة التنافس على منصب الرئيس. إضافة إلى ذلك، لا يتوقّع أن يُولي المدير الجديد مسألة (القراصنة الروس) اهتمامًا كبيرًا. ولا يرجع ذلك إطلاقًا، إلى ارتباط اسم كريستوفر بشركتي الطاقة الروسيتين (غاز بروم) و(روس نفط).
إلى جانب كريستوفر، كان ثمة مرشّحان آخران لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي؛ عضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري مايك روجرز الذي دعمه العاملون في الوكالة نفسها، ونائب مدير المكتب لسنواتٍ طويلة جون بيستول. وقع اختيار ترامب على (راي كريستوفر) بعد لقائه المرشحين الثلاثة. وقد أعلن المدير الجديد أنَّه لن يؤدّي القسم أمام الرئيس، لأنّ «قسم الولاء- هو للدستور، لسلطة القانون ولمهمّة مكتب التحقيقات الفدرالي». وردّ ترامب على هذا التصريح بالقول «إنَّه حارسٌ لا يلين». هكذا، كان الحوار في أعلى المستويات.
يترك «فقيه القانون لعام 2016» في ولاية أتلانتا انطباعًا بكونه نموذجًا للأميركي الذي يصعد السلم الوظيفي صعودًا يكاد يتطابق مع النموذج الهوليودي. وفي الواقع، يعرف عالم السينما كريستوفر راي جيّدًا. وبصفته مساعدًا لوزير العدل، قام راي بتنسيق تحقيقات المكتب الفدرالي في قضيَّة إفلاس إحدى كبريات شركات الطاقة (إيرنون) التي قامت بانتهاكات جديَّة لمبادئ سوق الأوراق الثمينة. وما زالت هذه القضية تثير الاهتمام، إذ حوّلت مرّاتٍ عدة إلى برامج تلفزيونية.
مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الجديد- رجل قانون من عائلةٍ عريقة، أنهى دراسته في مدرسة الحقوق المحليّة بدرجة امتياز. وفي الكليّة، تزوَّج زميلته- ابنة نائب رئيس First National Bank of Atlanta «حاليًّا فرع بنك «Wachovia، وترأّس تحرير صحيفة الجامعة، وجرَّب أنواع النشاط الحقوقي الضرورية للنجاح كلها، من الممارسة الخاصَّة في أتلانتا، والمشاركة في شركةٍ ضخمة متخصِّصة بحقوق الشركات، وصولًا إلى الإشراف على تحقيقاتٍ جنائيّة في وزارة العدل. في الوزارة، كان مساعده المباشر جيمس كومي- مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق الذي أحاله ترامب إلى المعاش بصورةٍ فاضحة.
انتشر في زمن ولاية الرئيس بوش الابن الإشرافُ على التحقيقات الجنائية. وتعاون راي بصورة خاصة مع مكتب التحقيقات الفدرالي، في إطار التحقيقات بهجمات 11 أيلول/ سبتمبر عام 2011، ولكنَّه في نهاية الأمر اشتغل بصورة رئيسة بقضايا ذات طابعٍ اقتصاديٍّ، فقد عمل في التحقيقات والملاحقات القضائيّة، وفي رسم السّياسات في مجالاتٍ الحقِّ الجنائي، من مثل تزوير الأوراق الماليّة، والفساد، وخرق العقوبات التجاريّة، والجرائم المرتبطة بالسريَّة المصرفية وتبييض الأموال، أي إنَّه كان يعمل في ما يسمَّى جرائم الياقات البيضاوات، ومن هنا جاءت في طريق مسيرته المهنيَّة (قضية إينرون).
عندما ترك الخدمة الحكوميّة، انتقل راي إلى العمل مع القطَّاع الخاصّ، وعمل حتى اللحظة الأخيرة مع شركة King & Spalding القانونيِّة التي تترأّس مجموعةً متخصِّصةً بالقضايا الخاصّة وبالتحقيقات الحكوميّة. ومن بين زبائنها شركاتٌ مدرجة على لائحة Fortune 100، وبعض شركات الأدوية العالميّة، وشركات الطاقة العملاقة، ومنها شركتا (غاز بروم) و(روس نفط) الروسيتان.
على سبيل المثال، في آب/ أغسطس عام 2015، عندما فُعِّل نظام العقوبات، ربحت شركة King & Spalding العقد، لتصبح الشركة الاستشاريِّةً لدى لشركة روس نفط في مشروعات استخراج الغاز المسال وإنتاجه.
في الحقيقة، تقول وسائل الإعلام الأميركيّة إنّ أكثر من 900 رجل قانون يعملون لدى شركة King & Spalding. وحتى الآن، لا تتوافر أدلَّةٌ على أنَّ كريستوفر، هو من كان يتولَّى شخصيَّا ملفّات الشركات الروسيّة، هي محض إشاعات وأقاويل فحسب.
أكبر شهرةٍ سياسيَّة لـ (راي) كانت في قضيَّة Bridgegate) أُخذت التسمية على غرار فضيحة ووتر غيت الشهيرة)، إذ مثَّل كريستوفر فيها حاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي، وفي نهاية القضية خرج كريستوفر فائزًا.
في عام 2013، كان حاكم ولاية نيوجرسي كريس كريستي يتطلَّع إلى الانتخابات الرئاسيّة في عام 2016. وقد طلب دعم عُمدات البلدات ذوات الأهمية في الولاية. ولكنَّ طباع حاكم الولاية لم تتوافق مع طباع كوليتش عمدة بلدة فورت- لوماركوم (على الرغم من أنَّهما درسا معًا في الجامعة، وكانا يتنافسان في كلِّ شيء بدءًا بالعلامات في المحاماة إلى لعبة الركبي). وعندما رفض كيريتش -بصورةٍ استعراضيَّةٍ- تقديم الدعم لكريستي، ثار عليه غضب إدارة الولاية، بما يشبه ما كان يحدث في ثلاثينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية.
بلدة فورت – لي، هي بلدةٌ تتبع عمليًّا نيويورك، ولكنّها تقع على الشاطئ الآخر من good zone، ومن ثَمَّ، فإنَّها تتبع إداريًّا ولاية نيوجرسي. ويربط البلدة التي يقطنها حوالى 35 ألف نسمة بالبر الرئيس جسر جورج واشنطن الشهير- الشريان البرِّي والوحيد بينهما. لم يجد فريق الحاكم كريستي وسيلة لمعاقبة البلدة المتمرِّدة سوى إغلاق مسارين من المسارات الثلاثة على الجسر، ما سبَّب اختناقًا مروريًّا كارثيًّا. كان القائمون على حملة كيرسي الانتخابية ينتظرون أن يصبَّ مواطنو البلدة جام غضبهم على العمدة كوليتش، وعندئذ سيدرك خطأه، ويدعم الحاكم كيرستي، لكن حدث العكس تمامًا، وبدأ تحقيقٌ فدراليٌّ بشأن ثماني نقاط اتِّهام، كان أسوأها الاتِّهامُ بالقيام بمؤامرة بهدف الضغط على الناخبين.
تولَّى كريستوف راي الدفاع عن مصالح كريستي. كان تكتيكه بسيطًا، ولكنَّه فاعلٌ. فقد أكَّد المحامي أنَّ الحاكم شخصٌ بريء، لم يكن يعرف شيئًا عمَّا كان يدور، وقال إنَّ المذنبين هم ثلاثة أشخاص من بين فريقه الانتخابيّ ومن إدارة الولاية – بريدجيت كيللي، ديفيد فيلد شتين وبيلّلا باروني. اضطرَّ الثلاثة في ما بعد إلى الاعتراف بأنَّهم مذنبون. وفي النتيجة نال فيلد شتين الذي قاد التآمر وأمر شخصيًّا بإغلاق الجسر؛ حكمًا بالسجن مدَّة ثلاث سنوات و500 ساعة عملٍ اجتماعيّ. أمَّا كيلّلي فنالت عقوبة السجن لمدّة 18 شهرًا، وباروني لعامين. أمَّا الحاكم كريس كريستي فلم تتأذَّ سوى كرامته، ولحق الضرر بسمعته وسيرته المهنيَّة. وبجهد راي، توقفت الملاحقة القانونيّة للحاكم، ولكنَّه فقد أولويَّة المنافسة على المنصب الرئاسي، مع أنَّه كان في السابق يعدّ مفضَّلًا بين المتنافسين.
في ما بعد، حاول كريستي أن يقدِّم نفسه لترامب بوصفه نائبًا للرئيس، ولكنَّه لم يوفَّق، وأعلن الحاكم علنًا أنَّ فضيحة الجسر بالذات، هي التي أثَّرت في خيار ترامب. وكان ما فعله هباء، لأنَّه بذلك أعاد الحديث في القضيَّة وشخص كريستي نفسه. ولم يعد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الجديد قادرًا على تقديم أي مساعدة للحاكم.
بالطبع، لم ينس فتى النظام القضائي الذهبيّ كريستوف راي سيرته السياسيَّة، فهي حاضرةٌ دومًا في ذهنه، فهو منتَخبٌ جمهوريٌّ مسجّل منذ عام 2008، ومانحٌ دائم لمرشحي الحملات الانتخابيَّة. لا يدور الحديث عن تبرعاتٍ ضخمة، المهمُّ هنا الاهتمام. في عام 2008، تبرَّع راي بمبلغ 2.3 ألف دولار للمرشَّح جون ماكين، وفي عام 2012 تبرع بمبلغ 7.5 ألف دولار للمرشَّح رومني، إضافة إلى مبالغ صغيرة تلقّاها بعض مساعدي ترامب.
يظهر مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الجديد مهارةً خطابيَّة عندما يتحدّث عن القيم الأميركية وعن الشعور الوطني الأميركيّ، ويحبُّ تأكيد ولائه للكنيسة الإنجيليّة الأسقفيّة، وإذا لم تحدث له فضيحةٌ ما، فإنَّه سيكون -بعد نحو عشر سنوات- مرشَّح الحزب الجمهوريّ المستعدّ للوصول إلى الرئاسة.
ومن المرجح أنَّ طموح راي السياسيّ بعيد المدى، كان العامل الحاسم في رغبة ترامب في أنْ يراه مديرًا لمكتب التحقيقات الفدراليّ، ولم يقع اختياره -على سبيل المثال- على جون بيستول ذي المهارات المهنيّة الفذَّة. الآن، كريستوفر راي رجل سياسةٍ أكثر منه رجل محاماة. تاريخيًّا، لم يكن منصب مدير (إف. بي.آي) منصبًا سياسيًّا، بل كان منصبًا تقنيَّا في الأغلب، لذا سيقوم راي بكلّ ما هو ممكن، ليتجنَّب المشاركة شخصيًّا في الأعمال التي تتطلَّب منه إظهار المواقف السياسية الصلبة، عملًا بمبدأ (إمَّا/ إمَّا). على سبيل المثال، فليُترك التحقيق بما يسمَّى المسألة الروسية للمدّعي العام روبرت ميولر.
يعد (راي) بالنسبة إلى ترامب (رجلَ التيّار) المعيَّن الرائع الذي لن يطعن في الظهر. أمَّا كيف سيكون مصيره السياسيّ، فسيتعلَّق الأمر به بوصفه مديرًا لمكتب التحقيقات الفدرالي وبمعارفه القدامى من الماليين المميّزين في الولايات الجنوبيّة ممثَلين بوالد زوجته هنري هاويلَّا الذي يعدّ ممثِّلَ العائلة التي بدأت أعمالها في ولاية أتلانتا منذ منتصف القرن الثامن عشر، الأمر الذي تفتخر به العائلة بكلّ قوة.
الأهمّ الآن بالنسبة إلى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، ألا يقوم بحركاتٍ غير ضروريَّة قبل أوانها، وأن يختار فريق عملٍ ملائم، كي لا يصير إلى ما صار إليه الحاكم كريستين الذي بدأ طريقه أيضًا إنسانًا محترمًا يحارب الفساد.