كان أحمد يبلغ من العمر 7 أعوام، عندما سقطت قذيفة على منزل أسرته في مدينة إدلب السورية. أصابت الشظايا الصبي الصغير في رأسه، ولكنه نجا. مات أخوه الأصغر، ودُمّر المنزل الذي كان يأويهما. أحمد والناجون من أسرته لم يملكوا أي خيار سوى الفرار من سورية. في عام 2015، بعد عدة أسابيع من رحلة في العراء، استلقى أحمد مع الآلاف من اللاجئين على الطريق السريع المؤدي إلى روسزكي، في هنغاريا.

وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNCHR)، تسبب الصراع السوري منذ عام 2011، في إيجاد 5.4 مليون لاجئ، مثل أحمد. وهناك حوالي 6.5 مليون شخص، من بينهم 2.8 مليون طفل، نازحون في داخل سورية، وهذا ما جعل سورية أعلى دولة في عدد النازحين داخليًا في العالم.

عاد عدد قليل -نسبيًا- من اللاجئين إلى سورية، لكن هذه الأرقام لا قيمة لها، مقارنةً بالعدد الإجمالي للأشخاص النازحين. حتى الآن، عاد حوالي 556000 سوري، من هؤلاء عاد 93 بالمئة، أي 525000 شخص، إلى منازلهم، وكان غالبية العائدين من حلب وحماة، وفي المرتبة الثانية كان العائدون الذين قطنوا المباني المهجورة، وعددهم ما يقارب 20،000. في حين عاد حوالي 1000 من العائدين إلى العيش في المخيمات الجماعية في بلداتهم.

تعمل هذه الورقة على افتراض أن إعادة الإعمار عملية تبدأ خلال الحرب، لذا من الضروري أن يناقش صنّاع السياسة والمفاوضون وممثلو الأطراف المتحاربة في سورية، التفاوض بشأن دستور سورية الحالي، حيث من المرجح أن يستمر [هذا الدستور] في بعض مواده. وكلما كان أصحاب المصلحة أكثر درايةً بالفرص والعيوب في الدستور السوري؛ تمكنوا من توقع واستيعاب حقوق النازحين واللاجئين السوريين. إذا أجريت تعديلات في قانون الإدارة المحلية، والمرسوم التشريعي رقم 107، من أجل إضفاء الطابع الديمقراطي على المؤسسة الحاكمة السورية؛ فقد تكون تلك نقطةَ انطلاق فعالة، تقدّم اللامركزية كأداة محورية لتمكين جهود إعادة الإعمار المستدامة من أجل اللاجئين والنازحين. إن الدمج بين النسخة المعدّلة من قانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص في سورية، والمرسوم التشريعي الرقم 5 لعام 2016، يمكن أن يكون ضمانة من سوء المعاملة الموجه ضد حق اللاجئين النازحين، بموجب المبادئ المتعلقة بتعويض السكن والممتلكات للاجئين والنازحين: “مبادئ بينهيرو”.

الجزء الأول من هذا التقرير سوف يستكشف الدمار الشامل الذي تعرضت له سورية خلال النزاع القائم. وسيكشف المهمة الجبارة المتمثلة في إعادة الإعمار، حيث سورية غير قادرة بمفردها على التعامل مع ذلك، كما يعمل التقرير على استكشاف التفاعل بين السياسات التي ستناقش حول إعادة الإعمار. في الجزء الثاني سوف يعرض بالتفصيل تاريخ حقوق الملكية للسكن والعقارات السوري، كذلك سيشرح أيضًا أسباب التوسع الحضري السريع وانتشار الإسكان غير الرسمي الذي أدى إلى الاستياء الجماعي في البلاد. في الجزء الثالث سوف يحلل مبادئ بينهيرو، ويناقش إمكانية تقديم مساهمات قيّمة لفهم متزايد لاحتياجات مجتمعات ما بعد الصراع، وإمكانية تخصيص مجال لتصميم نهج أكثر تكيفًا لمعالجة حقوق النازحين واللاجئين السوريين. أخيرًا، يقوم الجزء الرابع بتحليل ووصف التعديلات والإضافات على الدستور السوري الحالي، بحيث يتوافق بشكل أفضل مع الأهداف النهائية لمبادئ بينهيرو. إن المبادئ المناسبة للامركزية في قانون الإدارة المحلية السوري، إذا تم تعديلها من أجل إضفاء الديمقراطية على مؤسسات الحكومة السورية، يمكن أن تمارس في إصلاح قانون التشاركية الخاصة العامة السوري. وهذا الأمر يحمي من الانتهاكات التي تستهدف اللاجئين والنازحين، ويعزز أصوات السوريين العائدين في المداولات التي تكرس لإعادة إعمار بلادهم.

لقراءة الملف كاملًا اضغط هنا