عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية: | Jordan’s Syrian Refugee Economic Gamble |
اسم الكاتب | تايلور لاك Taylor Luck |
مصدر المادة الأصلي | Middle East Institute |
رابط المادة | رابط المادة |
تاريخ النشر | 24 أيار 2016 |
المترجم | وحدة الترجمة في مركز حرمون – أنس عيسى |
المحتويات
مقدمة
في الوقت الذي كشفت فيه الحكومات العربية، في المنطقة، عن “رؤاها” الاقتصاديّة الاصلاحيّة، أطلق الأردن مشروعه الجريء الخاص؛ لإنعاش اقتصاده المتعثر، فالأردن يبحث عن علاج لما يعتبره كثير من الأردنيين عبئًا اقتصاديًّا؛ إذ لجأ إليه أكثر من 1.2 مليون لاجئ سوري؛ بسبب الحرب الدائرة هناك، في البلد المجاور.
في خضم السعي الأردني إلى التعامل مع تدفق اللاجئين، تفكّر الحكومة جديًّا في احتمال أن تتشكل لديهم أزمة ديون كبيرة، فقد تضاعف مقدار الدّين العام الأردني تقريبًا، من 18.9 مليار دولار أميركي، منذ بداية الأزمة السورية، عام 2011، ليصل إلى 35.2 مليارًا هذا العام، ويتعيّن على المملكة الأردنية الهاشميّة التعامل مع عجز الميزانيّة البالغة قيمته 1.27 مليار دولار هذا العام، وإذا ما أُضيف 600 مليون دولار، قيمة العجز الناتج عن خدمات الدعم الحكوميّ للكهرباء والماء، سيبلغ العجز الإجمالي 1.8 مليار دولار.
ارتفعت نسبة الدّين /، وبشكل مقلق، إلى 90 في المئة، كما أنّ كلّ المؤشرات الأخرى لتعافي الاقتصاد تدعو للقلق؛ حيث تقدّر الإحصاءات الرسمية معدّل البطالة بحوالي 14 في المئة، بينما تقدرها مصادر غير رسميّة بحوالي 20في المئة، وتبلغ فيها نسبة بطالة الشباب حوالي 30في المئة.
يعزو صانعو القرار في الأردن تلك الصعوبات الاقتصاديّة إلى اللاجئين السوريين؛ حيث يشيرون إلى تأثيراتهم المتنوّعة في الاقتصاد، فـ 40 في المئة زيادة على طلب الماء، و30 في المئة زيادة في معدّل بطالة الشباب، إضافة إلى ارتفاع نسب أسعار الإيجارات بمقدار 300 في المئة، وذلك في البلدات والمدن التي تستضيف الجاليات السوريّة.
خيارات اقتصاديّة ضعيفة
على الرغم من العبء الذي أضافه التدفّق السّوري على الاقتصاد، فإنّ اللاجئين السوريين لا يُعَدون السبب الجذري لعلّة الاقتصاد الأردني؛ ففي عام 2011، وقبل ان يبدأ أوائل السوريّين الهروب عبر الحدود، واجهت المملكة الأردنيّة عجزًا في الميزانيّة، قدره 1.44 مليار دولار، كما يُتوقع أن تساعد المساعدات الخارجيّة، البالغة 1.27 مليار دولار في عام 2016، إضافة إلى المساعدات الإنسانيّة الإضافيّة وميزانيّات وكالات المساعدة، في تعويض نفقات استضافة اللاجئين السوريّين، المقدّرة بـ 2.5 مليار دولار، بحسب البنك الدولي.
بالإمكان إرجاع أزمة الاقتصاد الأردني الحاليّة إلى المعيقات البنيويّة، والسياسات المحلّية، بما فيها تضخّ القطاع العام، وفشل العُثور على حلول مستديمة؛ للحصول على الطاقة، وازداد الأمر سوءًا مع الأزمة السوريّة.
يُرجِع الأردن الارتفاع الحاصل في الدين العام إلى حالة عدم الاستقرار في مصر، البلد الذي كان منذ عام 2002، وفي ظلّ حكم حسني مبارك، يزوّد المملكة بالغاز الطبيعي، بسعر أقل من أسعار السوق، مقابل الحصول على الدعم السياسي. لكن منذ إسقاط مبارك عام 2012، كانت أنابيب نقل الغاز عبر سيناء إلى الأردن عُرضة لسلسلة شهريّة من عمليات التخريب؛ الأمر الذي دفع بالأردن، ولأوّل مرّة منذ عقود، إلى الشروع في شراء النّفط بأسعار السوق العالميّة؛ بهدف توليد الكهرباء.
لقد حدَّ الربيع العربي، وبشكلٍ سياسيّ، من رفع السلطات أسعار الكهرباء على الشعوب التي كانت تجوب الشوارع باحتجاجاتٍ أسبوعيّة؛ ما دفع عمّان إلى دفع الفرق في سعر توليد الكهرباء النّاجم عن استيراد النفط، والدعم الحكومي للكهرباء؛ ففي عام 2016، خصّصت الميزانيّة الأردنيّة مبلغًا باهظًا ومثيراً للدّهشة، وقدره 2.8 مليار دولار، ما يشكّل 7 في المئة من الناتج المحلّي العام- وذلك لدعم أسعار الكهرباء والماء والخبز والغاز المنزلي، إضافة إلى السلع الغذائيّة الأوليّة، كما بلغت قيمة فواتير الدعم باهظة الثمن، مبلغًا وسطيًّا، يتراوح ما بين 2.8و3 مليار دولار، خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
خلال السنوات الخمس الممتدّة من 2011 إلى 2016، تراكمت ديون شركة الكهرباء الوطنيّة؛ لتصل إلى 7 مليارات دولار، المبلغ الذي لا تبدو الحكومة الأردنية قادرةً على سداده. ولتجنّب استعداء المحتجّين، شرَعت الحكومة بفرض زيادة تدريجيّة على تعرفة الكهرباء عام 2014، حيث طالت تلك الزيادة أولئك المستهلكين ذوي شرائح الاستهلاك العالي، وشملت هذه الخطوة التي المصانع والشركات الكبرى، وكذلك المناجم والفنادق والقطّاع البنكي.
وازدادت الأمور تعقيدًا، عندما قامت الحكومة الأردنيّة بتحديد سقف لاستخدام الطاقة المتجدّدة لتوليد الكهرباء، سواءً من قِبل الأفراد أم الشركات؛ ما منع العديد من المعامل، والشركات الأجنبيّة، من تركيب الألواح الشمسيّة لتوليد احتياجاتها من الكهرباء، بقصد إجبار تلك الشركات على الاعتماد على الشركة الوطنيّة للكهرباء التي ستستلم، في هذه الحالة، الإيرادات اللازمة لتغطية ديونها، بدلًا من السماح للشركات نفسها بإنتاج الكهرباء التي تحتاجها.
لقد أضعف ارتفاع سعر الطاقة الكهربائيّة القدرة التنافسيّة بين الشركات؛ ما دفع العديد من الشركات الأجنبية إلى التهديد بالانسحاب من الأردن.
ستبدأ عمّان، في شهر أيار/ مايو الحالي، محادثات مع صندوق النقد الدولي، على خلفيّة الدّين المرتفع والنمو المختنق؛ بهدف تمديد فترة التسهيل الائتماني، الأمر الذي يُعَدّ -من قِبل الأردن- ضرورة ملحّة لخططها الاقتصاديّة، القريبة وبعيدة المدى، وبموجب التسهيل الائتماني هذا؛ سيحرر صندوق النقد الدولي مبلغًا يتراوح قدره ما بين 700 و800 مليون دولار، لحساب بنك الأردن المركزي. إنّ ذلك التسهيل الائتماني سيساعد الأردن في تأمين الحاجة الملحّة للتمويل الميسّر خلال السنوات القليلة المقبلة، ما قد يُستخدم لردم فجوة دَيْنَه المرتفع.
وفي المقابل، فإنّ صندوق النقد الدولي يطلب سلسلة من الإصلاحات، تتراوح ما بين خفض الإنفاق العام، ورفع نسبة مشاركة النساء في سوق العمل، كما يطلب صندوق النقد الدولي من الأردن خفض نسبة الدَّين إلى الناتج المحلّي العام، من 90 في المئة إلى 80 في المئة، بحلول عام 2021، وفي أكثر الأحوال تفاؤلًا، قد يطلب صندوق النقد الدولي من الأردن تثبيت معدّل نسبة النمو السنويّة على 5-6 في المئة، خلال السنوات الخمس المقبلة، الطلب الذي يُعدّ صعبًا، نظرًا لأن متوسّط معدل نسبة النمو السنويّة في الأردن، خلال آخر 15 سنة مضت، كانت تتراوح بين 2 و2.8 في المئة، ومن المفترض أن تبلغ 2.7 في المئة عام 2016؛ ما يُبقيها أدنى من التوقّعات، وفي ظلّ التوجّهات الاقتصاديّة الحاليّة، لن يكون بمقدور الأردن تلبية معايير صندوق النقد الدولي الإصلاحيّة.
الاستفادة من اقتصاد اللجوء
وجدت الحكومة ما تعتقد أنّه الحل، بإنزالها السوريين إلى سوق العمل، وقد تمّ الوصول إلى تلك الفكرة، والتي بدت فيما سبق كفكرة غير قابلة للطرح سياسيًّا، في “اتفاقيّة الأردن” التي أُبرمت بين المجتمع الدولي والأردن، في شهر شباط/ فبراير في لندن، وبموجب تلك الاتّفاقيّة، وافق المجتمع الدولي على منح الأردن مبلغًا قدره 2.1 مليار دولار، خلال عامي 2016 و2018، بشرط أن تخلق عمّان فرص عمل للسوريين، الذين كانوا، خلال السنوات الخمس الماضية، ممنوعين من العمل -بشكلٍ قانوني- في المملكة الأردنية الهاشمية.
في المقابل، عرضت عدّة بنوك تنمويّة مبلغًا قدره 1.9 مليار دولار، كقرض ميسّر، كما وافق الاتّحاد الأوروبي على التنازل عن الضرائب والحصص، ومراجعة قواعد وأصول استلام بضائع مصنّعة من قبل السوريّين.
وكجزء من الاتّفاقيّة، فإنّه على الأردن، ومن خلال مستثمري القطّاع الخاص، تأهيل عدّة مناطق صناعيّة منتشرة في أنحاء البلاد؛ بهدف انتاج بضائع تُرسل إلى دول الاتّحاد الأوروبي، بشكل معفيّ من الأجور، والضّرائب والجمارك والمحاصصة؛ بهدف خلق مئتي ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة.
تهدف الخطة، كما يطيب للمسؤولين الأردنيّين تسميته، إلى تحويل أزمة اللجوء إلى فرصة للتنمية، أو بتعبير أدق، تحويل المشكلات الاقتصاديّة الحامضة إلى عصير حلو المذاق، ثمّ بيعه في الأسواق الأوروبيّة من دون قيود، كما يضيف المسؤولون: أ أن للأردنيّين الحريّة في العمل، إلى جانب السوريّين، في المناطق الصّناعيّة، على الرّغم من التصوّر القائل، بارتقاء الأردنيين المناصب الإداريّة فيها.
إضافة إلى ذلك، تمّ الاتّفاق على مسار ثان، خلال مؤتمر لندن، يسمح -بموجبه- الأردن لمئات الآلاف من السوريّين بالعمل بشكل قانوني، خارج المناطق الصناعيّة، من دون وضعهم في منافسة مباشرة مع الأردنيّين، ستفي الأردن بذلك عن طريق فتحها لقطّاعات العمل المُسَيطَر عليها من قِبل العمالة الأجنبيّة، والتخلّص التدريجي من تلك العمالة التي تقوم بتحويل عائداتها إلى بلادها الأصليّة، كالعمالة المصريّة، خصوصًا وأنّ السوريّين مُعدّين للإقامة بشكل أطول في الأردن.
بدأ الأردن بمنح تراخيص عمل للسّوريّين في مجالات الزراعة (يمسك الأردنيّون بزمام 7 في المئة من المناصب)، والبناء (3في المئة من المناصب للأردنيّين)، والأعمال اليدويّة، كعمّال النظافة وأجيري محطّات البنزين (أقل من 1في المئة). في هذه الأثناء، تقوم الحكومة بالسماح للسوريّين بترسيم أعمالهم في السوق السوداء، وتسجيلها بشكل نظاميّ.
يذهب الاعتقاد إلى أنّ الأجور المستقرّة، والمضمونة، للسوريّين، ستفضي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد الأردني، كما أنّ تنظيم أعمال السوريّين العاملين في السوق السوداء، والذين يكسب أكثر من نصفهم أقل من الحد الأدنى للأجور المحدّد ب 210 دولار شهريًّا، سيؤدّي إلى ارتفاع الأجور في أرجاء البلاد كلها، لكن يبقى الأهم للحكومة، أنّ العمّال السوريّين، كما أرباب عملهم، سيدفعون رسوم تصاريح العمل والضرائب؛ ما سيولّد دَخلًا، تكاد تكون الحكومة، الساعية إلى وقف حلقة الديون، في أشدّ الحاجة إليه.
يراهن الأردن على أنّ مخطّط العمالة السوريّة، سيكون له أثره الإيجابي في خطّته التنمويّة الكبرى “رؤية الأردن 2025″، والتي تدعو إلى بناء مناخ ملائم للاستثمار، وإعادة تصحيح شاملة لقطّاعات البلاد في الماء والصحة والطاقة والمواصلات. إضافة إلى ذلك، تعتقد الحكومة أنّ عوائد المخطّط، وقفزة النمو الاقتصادي المدفوعة بخلق فرص عمل؛ سيساعد الأردن على بناء قدراته في الاستجابة لمعايير صندوق النقد الدولي.
مع ذلك، تبقى هناك العديد من المتغيرات في ما يخص مخطط تشغيل السوريين، كنجاح الأردن أوّلًا في جذب الاستثمارات الخاصّة؛ لتوليد الانتاج في المناطق الصناعيّة. والتحدّي الآخر يتمثل في إمكانيّة الأردن في نقل العمّال السوريّين من السوق السوداء إلى العمالة المنظّمة، وفي المدة الزمنيّة التي يستغرقها إنجازها. إضافة إلى ذلك، تحتاج السلطات إلى أن تضع في حسبانها التوتّرات الاجتماعيّة، التي يمكن أن تثيرها خطّة كهذه في المجتمع الأردني، لاسيّما أنهم -أنفسهم- يعانون من معدّل بطالة مرتفع، وشعورهم بوجود استرتيجية تفضيل السوريين عليهم.
تُعدّ خطة تشغيل السوريين في الأردن، الخطّة الأكثر جرأةً في البلاد منذ سنوات، لكنّ عيبها الرئيس يكمن، ولمرّة أخرى، في اعتمادها -بشكل كلّي- على مدى سخاء الجهات المانحة، والتي أبقت الاقتصاد في البلاد عائمًا لسنوات عديدة. إنّ هذا الاتّكال الكلّي على المساعدات الدولّية، الخليجية، والأميركية، والأوربية، أو غيرها؛ هو الذي سبّب اتّخاذ قرارات قصيرة النّظر، وقاد إلى رَفْض إصلاح قطّاع الطاقة، وتوسّيع الدعم الحكومي غير القابل للاستمراريّة، إضافة إلى تطبيق سياسات ضريبيّة معيقة للاستثمار؛ ما أدّى إلى أزمة الدَين الحاليّة التي يعيشها الأردن.
من التفاؤل -بمكان- الاعتقاد بأنّ الاعتماد على المجتمع الدوليّ، والذي فشل في الوفاء بتعهداته أمام اللاجئين السوريّين في الماضي، (تمّ تمويل 37في المئة فقط من خطة الأردن للاستجابة للاجئين السوريّين، عام 2015) سيُساعد في تحويل اقتصاد، يُعدّ في أمسّ الحاجة لإجراء إصلاحات جذريّة.
تطوير اقتصاد مستدام
إنّ الطريق الأكثر وضوحًا لاقتصاد أردني مستدام، ومعتمد على الاستثمارات، يمر عبر دول الخليج، كما عبر أوروبا. على ألأردن تقديم حوافز ضريبيّة، وبيئة ملائمة للعمل، باستطاعة المملكة الأردنية أن تصبح وجهة رئيسة لعدد متزايد من رؤوس أموال أمراء دول الخليج، الذين سيحولون ثرواتهم إلى استثمارات خارجيّة طويلة الأمد.
اتخذ الأردن عدّة خطوات؛ لجذب صندوق الاستثمارات العامّة في المملكة العربيّة السعوديّة، وذلك عن طريق تأسيس هيئة تنسيق مشتركة مع الرياض، في شهر نيسان/ أبريل، للإشراف على مليارات الدولارات لتوظيفها في استثمارات طويلة الأمد، ومشاريع ضخمة في الأردن. في السياق ذاته، تدفع الأردن باتّجاه تأسيس “صندوق استثمارات الأردن”، وهو جسم نصف حكومي، سيكون عليه تسهيل استثمار الأموال الملكيّة في مشاريع وطنيّة، كسكّة الحديد الوطنيّة، وشبكة الكهرباء في البلاد، ومناجم اليورانيوم، وأنابيب نقل النفط الخام، سيكون على الصندوق -أيضًا- منح الحوافز والاستثناءات في المشاريع الكبيرة.
في الوقت الذي تُعدّ -فيه- تلك الخطوات تطوّرًا مرحَّبًا به؛ فإنه على الأردن أن ينظر أبعد من تلك المشاريع الضخمة وخطط تشغيل السورييّن، إذا أراد أن يرفع نسبة نمو الاقتصاد بمقدار 5 في المئة سنويًّا، وإذا أراد أن يبني قطّاعه الخاص؛ لأنّ تلك المشاريع الضخمة قد تحتاج لعدّة سنوات قبل أن تقلع عن الأرض، كما قد تضطر إلى انتظار أن ينظّم ممولو المملكة، كصندوق الاستثمارات العامّة في المملكة العربيّة السعوديّة، رؤوس أموالهم.
ينبغي لعمّان أن تنقل تركيزها؛ لإيجاد طرق تحفيز الشركات الصغيرة ومتوسّطة الحجم، والتي تشكّل قرابة 95في المئة من القطّاع الأردني الخاص، وقرابة 40في المئة من الناتج المحلّي العام. وبشكلٍ عام، يُمكننا القول بأنّ الشركات الصغيرة ومتوّسطة الحجم تُعاقَب، بدفعها فواتيرَ كهرباء أعلى سعرًا، ورسومًا جمركيّة عالية، وضرائب استيراد، وتلك المبالغ يتمّ توجيهها نحو مصلحة المناطق الصناعيّة والمشاريع الضخمة؛ لذلك يجب على عمّان أن تجد طريقة توسّع الحوافز الممنوحة للمناطق الصناعيّة؛ كي تشمل الشركات الصغيرة ومتوسّطة الحجم، واستخدام بعضًا من تمويلها الميسّر؛ لمساعدة الأردنييّن ذوي الأفكار الإبداعية، أو أصحاب العمل المستقبليين.
وعوضًا عن الاعتماد المستمر على الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على الدخل، فباستطاعة الأردن أن يخفض من عجزه عن طريق إنقاص عدد الكيانات الحكوميّة المستقلّة؛ إذ يملك الأردن 64 مجلسًا ومكتبًا، وغيرها من الأجسام الحكوميّة، تقوم بمهمّات متشابكة ومتداخلة، وتكلّف الأردن 2.6 مليار دولار سنويًّا. أخيرًا، يتوجّب على الأردن القيام بما لا مفرّ منه، وهو رفع أسعار الكهرباء؛ لتتلاءم مع تكلفة توليدها، ومراجعة الدّعم الحكومي للمياه.
يتوجّب على الأردن، الذي يتأرجح على حافّة أزمة الديون، ألّا ينظر إلى اللاجئين السوريّين كسبب جذري لأزمته، وألّا يعتبرهم الحل الوحيد لمشاكل البلاد الاقتصاديّة. إن كانت الأزمة السوريّة قد قامت بشيء، فإنها كشفت العيوب البنيويّة للاقتصاد الأردني، والتي تهدّد استمراريّته، وتتطلب حلولًا إسعافيّة عاجلة.