عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية: | The Russian Attorney at the Center of the Trump Jr. Scandal |
اسم الكاتب | JULIA IOFFE جوليا لوفي |
مصدر المادة الأصلي | The Atlantic |
رابط المادة | https://www.theatlantic.com/international/archive/2017/07/natalia-veselnitskaya-trump-junior/533670/ |
تاريخ النشر | 15 تموز /يوليو 2017 |
المترجم | مروان زكريا |
من ناتاليا فيسلنيتسكايا وما الذي تريده؟
لدى المحامية الروسية ناتاليا فيسلنيتسكايا عادة الظهور من حيث لا يعلم أحد، والاستحواذ على الاهتمام استحواذًا مفاجئًا. فقد كانت فيسلنيتسكايا شخصية غير معروفة نسبيًا حتى في موسكو، ولكن بعد اجتماعها المشؤوم مع دونالد ترامب الابن في حزيران/ يونيو 2016 الصيف الماضي الذي شارك فيه أيضًا رينات أخمتشين، وهو ضابط استخبارات سوفياتي سابق وأحد أفراد جماعة الضغط الروسية الأميركية في واشنطن دي سي – تصدر اسمها أبرز عناوين الصحف الدولية بسبب دفاعها الحماسي عن أفعال روسيا التي يصعب الدفاع عنها.
يقول صديقها المخرج الروسي أندريه نيكراسوف: «إنها مثل الدبابة، ربما تجاوزت بعض الحدود عندما كانت في نيويورك في الصيف الماضي، لكنها شعرت بقدرتها على فعل شيء نيابة عن روسيا، هذا هو طبعها، قد تبكي أحيانًا في أثناء الحديث عن هذه الأمور، إنها وطنية».
كان من الواضح أن هذا الشعور بالوطنية هو الذي نقلها من مكانها المغمور مندوبًا إقليميًا في روسيا إلى برج ترامب الصيف الماضي، ومن هناك إلى مركز فضيحة تجتاح الرئيس الأميركي.
عملت فيسلنيتسكايا، ذات الاثنين والأربعين عامًا، مدعيًا عامًا في منطقة موسكو في السابق. تلك المنطقة التي تتضمن ضواحي موسكو الضخمة والبلدات العسكرية وأحياء الداتشا. وتعدّ منطقة غارقة بالفساد، وتنتشر فيها الجريمة المنظمة. هذه المكونات الخشنة نسبيًا جعلت المراقبين الروسيين يشكون في تورط فيسلنيتسكايا المفاجئ بفضائح واشنطن. وفقًا لما كتبه الصحافي الروسي أوليغ كاشين «بدلًا من وجود مسؤولين روسيين رفيعي المستوى، وجواسيس، ودبلوماسيين مشهورين مثل (سيرجي كيسلياك)، يوجد لدينا الآن مندوبة من موسكو تعمل وسيطًا أصبح جزءًا من الفضائح في المستوى المحلي والإقليمي، ولكنه من دون أي نفوذ في المستوى الجيوسياسي).
لم يسمع أحد سوى عدد قليل من الناس في موسكو بالمحامية الروسية، حتى تصدر اسمها عناوين صحيفة (نيويورك تايمز) هذا الأسبوع. وأولئك الذين كانوا يعرفونها، تحدثوا عن سمعتها المخيفة. بيل براودر، المستثمر البريطاني من أصل أميركي وأبرز المستثمرين الأجنبيين السابقين في الأسواق الروسية، حارب فيسلنيتسكايا في المحكمة مدة أربع سنوات؛ يقول: «ربما كانت أكثر شخص عدواني واجهته خلال صراعي مع الروسيين، إنها صلبة وقاسية ولا تلين». وبحسب براودر، وظفت فيسلنيتسكايا فريقًا، وأنفقت ملايين الدولارات لتتبع تحركاته في أنحاء العالم كلها من أجل استدعائه إلى المحكمة، ما يجبره على تسليم وثائق استغرق جمعها أكثر من 20 عامًا. ولم تستجب فيسلنيتسكايا إلى الطلبات المتعددة للإدلاء بتعليق.
بالنسبة إلى محامية شابة، كانت منطقة موسكو مكانًا ملائمًا لصقل خبرتها، والعثور على العملاء والرعاة السياسيين الذين من شأنهم أن يساعدوها في الصعود. إذ أنشأت صلات وثيقة مع حاكم المنطقة ذي السلطة الواسعة بوريس جروموف، وعائلة يوري تشايكا الذي كان يشغل منصب وزير العدل سابقًا، والآن المدعي العام لروسيا الاتحادية. ووفقًا للأشخاص الذين يعرفونها، فإن فيسلنيتسكايا -بحسب قولها- ما تزال على علاقة وثيقة بعائلة تشايكا. وقالت المحامية لصحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة إنها على معرفة شخصية بتشايكا.
وخلال هذه المرحلة أيضًا، أصبحت فيسلنيتسكايا قريبة من الأسرة التي ساعدت في وصولها إلى نيويورك، ثم إلى برج ترامب.
في عام 2002، اتُهم بيوتر كاتسيف الذي كان رجل أعمال محلي ذا نفوذ -بعد ذلك شغل منصب وزير النقل في المنطقة- وابنه دينيس بالحصول على أرض عن طريق الابتزاز من رجل أعمال محلي الذي توجه بدوره من أجل طلب المساعدة إلى رجل يُزعم أن له صلات مع المافيا، وذلك وفقًا لتحقيق نشرته الصحيفة الليبرالية الروسية نوفايا غازيتا. استطاعت فيسلنيتسكايا، محامية عائلة كاتسيف، إرسال الرجل إلى السجن، وتأمين إصدار مذكرات اعتقال دولية لصاحب العمل وأسرته.
مرة أخرى عملت فيسلنيتسكايا مستشارًا قانونيًا لدينيس كاتسيف عندما رُفعت دعوى قضائية ضده في نيويورك بتهمة تبييض الأموال عام 2013، ولكن القضية كان لها آثار تزيد على 14 مليون دولار، واتُهم كاتسيف بالسرقة من بيل براودر. في دعواه، زعم براودر أن كاتسيف استخدم عقارات نيويورك لتبييض الأموال جزءًا من خطة كشف عنها الخبير القانوني سيرغي ماغنيتسكي، الذي توفي في سجن روسي في أحوال غامضة عام 2009. وبحسب أشخاص مطلعين على قضية كاتسيف، فمثله مثل الأثرياء الروسيين جميعهم، كان ببساطة يهرب أمواله الخاصة من روسيا باستخدام (قنوات دائمة)، وأن مبلغ 14 مليون دولار لم يكن جزءًا من عملية الاحتيال البالغة 230 مليون دولار الذي كشفها ماغنيتسكي.
سوِّيت القضية في أيار/ مايو، وشركة كاتسيف لم تعترف بالخطأ. ولكن خلال السنوات الأربع التي جرت فيها محاولات التصدي للدعوى، قرر كاتسيف وفيسلنيتسكايا ملاحقة براودر، ومقاومة جهده لمعاقبة المسؤولين الروسيين على وفاة ماغنيتسكي. وكان ماغنيتسكي قد حُرم من العناية الطبية في السجن على الرغم من تفاقم إصابته بمرض التهاب البنكرياس، ويبدو أنه توفي في أوضاع صعبة جدًا. وقد سعى براودر الذي كان موكله للانتقام، واستطاع بذلك تمرير قانون ماغنيتسكي 2012، وهو قانون يتيح فرض عقوبات على مسؤولين روسيين متورطين في انتهاكات لحقوق الانسان، إضافة إلى عقوبات على موظفين روسيين متورطين في وفاة الخبير القانوني سيرغي ماغنيتسكي عام 2009، الأمر الذي أثار غضب الكرملين، ودفع به إلى الانتقام بإصدار قانون يحظر عمليات التبني الأميركية للأطفال الروسيين، إضافة إلى بذل جهد ضخم من أجل الضغط لإلغاء مشروع القانون.
بدأ كاتسيف بتمويل مجموعات ضغط من أجل إلغاء قانون ماغنيتسكي ومنع تمرير نسخة موسعه منه، أقر الكونغرس الأميركي (قانون ماغنيتسكي) في كانون الأول/ ديسمبر. بعد ذلك أصبحت فيسلنيتسكايا ممثلة (مؤسسة مبادرة المساءلة العالمية لحقوق الإنسان)، وهي منظمة غير حكومية روسية جديدة، سُجلت في ولاية ديلاوير الأميركية في شباط/فبراير 2016، وكرس نشاطاتها للمساعدة في إلغاء قانون حظر تبني الأطفال الروس من الأسر الأميركية. وقام كاتسيف بتعيين أخمتشين، ضابط الاستخبارات السوفياتي السابق الذي حضر اجتماع برج ترامب. وأفيد بأن أخمتشين -وهو مواطن أميركي الآن- قدم تقريرًا مختصرًا للكونغرس، وكتب فيه «إنه من العار صدور قانون يمنع تبني الأميركيين للأيتام الروسيين».
أسهم الجهد المبذول ضد قانون ماغنيتسكي بتسليط الضوء أكثر على فيسلنيتسكايا. ففي الصيف الماضي، قبل اجتماعها مع ترامب الابن بوقت قصير، أصدر المخرج الروسي نيكراسوف فيلمًا يشكك في نسخة براودر عن قصة ماغنيتسكي. وكان من المفترض أن يعرض الفيلم لأول مرة في البرلمان الأوروبي، ولكن في اللحظة الأخيرة، تمكن براودر من إلغاء العرض. وفجأةً ظهرت فيسلنيتسكايا التي يقول نيكراسوف أنه لم يلتق بها من قبل، وأنها لم تشارك في إنتاج الفيلم، وأصدرت لائحة اتهام بإلغاء عرض الفيلم باللغة الروسية. وقال نيكراسوف: «لا أحد يتحدث اللغة الروسية في البرلمان»، وأضاف: «ألقت فيسلنيتسكايا خطابًا كان بالنسبة إلي عاطفيًا جدًا. وقالت شيئًا مثل (إنها بلدي، لقد جرى الاستهزاء بها وتغطيتها في التراب)، خطابها كان مؤثرًا، فهي محامية، ويمكنها أن تتحدث بشكل جيد، ونجحت في جذب وسائل الإعلام جميعها والكاميرات التي كانت موجودة هنا إليها، وأصبحت نجمة».
استغلت فيسلنيتسكايا الحدث بسرعة، ونظمت عروضًا للفيلم في نيويورك وواشنطن، وكذلك في موسكو، إذ قدم الفيلم المخرج السينمائي نيكيتا ميخالكوف الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع الكرملين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. قال نيكراسوف: «إنها عاطفية، وفي بعض الأحيان عاطفية أكثر من اللازم».
وقالت فيسلنيتسكايا إن وجودها في نيويورك كان بهدف التعامل مع قضية كاتسيف وقانون ماغنيتسكي. وهذا ما دفع بها -كما تدعي- إلى الاجتماع مع ترامب الابن، وجاريد كوشنر، وبول مانافورت من أجل مناقشة هاتين القضيتين. ولكن ترامب الابن أصيب بخيبة أمل لأنها لم تكن تحمل أي مستمسكات على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. (وفقًا لفيسلنيتسكايا في مقابلة مع صحيفة (عرض اليوم) خرج كوشنر في منتصف الاجتماع، وكان مانافورت غير مهتم وعيناه لم تفارق هاتفه ابدًا).
في رحلة لاحقة إلى نيويورك، في كانون الثاني/ يناير 2017، تمكنت المحامية الروسية من حضور كل من افتتاح مراسم تنصيب الرئيس دونالد ترامب ومسيرة المرأة الوطنية، ولكن ما رأته لم يعجبها. وكتبت فيسلنيتسكايا في صفحتها بفيسبوك إضافة إلى نشر عشرات الصور المأخوذة من نافذتها في الجادة الخامسة «جسدي اختياري؛ كل شيء عن الإجهاض والمثلية والهجرة غير الشرعية والرئيسين. كل شيء يذهب، ولكن لأولئك الذين لا يعلمون ما هو الموضوع، إنه ما يسمى الآن “حقوق الإنسان”».
وفي منشور آخر، وصفت الاحتجاجات بأنها «سخيفة، ومدبرة من زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر».
بعد أن أصبحت فيسلنيتسكايا موضوعًا للتكهنات في الصحافة الأميركية والروسية، نشرت في صفحتها بـفيسبوك العلم الروسي، ووضعت مقبوسات تأملية لأرسطو، ما يعكس سياستها بوصفها محامية متفانية في عملها، ومخلصة لوطنها. وتكتب فيسلنيتسكايا ببراعة عن الثقافة السوفياتية، وعن أهمية انتصار روسيا السوفياتية في الحرب العالمية الثانية (هذا ما يشدد عليه بوتين دائمًا)، وتهاجم المعارضة الروسية التي تدعي بأنها (ليبرالية). ولكن كثيرًا من منشوراتها كانت مكرسة لتحطيم براودر عمومًا. أوصلت معركتها القانونية إلى أكثر من 14 مليون دولار في الإطار الجيوسياسي الكبير. وعندما أقر قاضي نيويورك بفوز فريقها بالقضية في جلسة إجرائية في عام 2014، كتبت المحامية رسالة طويلة بعنوان (واحد- صفر لمصلحة روسيا). وعندما جرت تسوية القضية في أيار/ مايو، رُفع التجميد عن أكثر من نصف أموال كاتسيف، وكتبت فيسلنيتسكايا «للمرة الأولى، اعترفت الولايات المتحدة الأميركية بأن الروسيين على حق». وخلال ظهور لها في قناة تلفزيونية روسية، دافعت عن موكلها من خلال مهاجمة العقوبات التي أقرها قانون ماغنيتسكي، ووصفتها بأنها (ذريعة)، ووسيلة الحكومة الأميركية «لاستخدام سلطتها الإدارية للتأثير في قيادة بلدنا السياسية».
على الرغم من أنها لا تتحدث الإنكليزية، إلا أنها تولي اهتمامًا كبيرًا بالأخبار القادمة من الولايات المتحدة، وبخاصةً بعد أن تولى ترامب منصبه. وقد أصيبت المحامية الروسية بالحيرة عندما طرد ترامب النائب العام بالإنابة سالي ييتس بعد أن أمرت محامي وزارة العدل بألا يطبق قرار (حظر الهجرة). وكتبت «لا أستطيع التفكير في قاعدة واحدة من شأنها أن تسمح للنائب العام أن تفعل شيئًا من هذا القبيل»، «في مثل هذه الحالات، عليها أن تستقيل. هذا يذكرنا بما جرى في الأيام الأخيرة لأوباما في منصبه». ونشرت تقارير تتحدث عن شائعات بأن ترامب كان يفكر بتعيين عضو مجلس الشيوخ من ولاية تكساس تيد كروز لمنصب النائب العام. وأشادت بوزارة خارجية إدارة ترامب لوقفها تحويل الأموال إلى السلطة الفلسطينية -أي لحماس بحسب ظنها- في آخر قرارات أوباما وكيري قبل مغادرتهما السلطة. وأعادت تدوير نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة الأميركية بأن مسيرة النساء نظمها عضو في حركة حماس في آذار/ مارس في واشنطن. وخلصت إلى أن «الليبرالية هي اضطراب عقلي سخيف»، وهاجمت الصحافة الأميركية بسبب سلوكاتها (الطفولية)، و«غياب الفهم التام لما يجري بين الجماهير». وبعد الرحلة إلى الولايات المتحدة، التي تزامنت مع وقوع الاضطرابات في الأسبوعين الأولين من رئاسة ترامب، تساءلت بصوتٍ عالٍ عما إذا كانت الفوضى في أميركا تدل على واقع سيئ جدًا. وكتبت: «ربما هذا هو الوقت المُعطى لنا لاستمرار البشرية؟». وأجابت على صديق في منشور عن مسيرة المرأة بينما كانت ما تزال في الولايات المتحدة «لا أعرف لماذا يحدث هذا دائمًا»، «في كل مرة أوجد هنا، تحدث أمور مجنونة».