عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية: | How badly Comey hurt Trump: President’s defenders are engaged in furious and unconvincing spin — don’t buy it |
اسم الكاتب | Noah Rothmanنوح روثمان |
مصدر المادة الأصلي | Daily News |
رابط المادة | http://www.nydailynews.com/opinion/badly-comey-hurt-trump-article-1.3235346 |
تاريخ النشر | 11 حزيران/ يونيو 2017 |
المترجم | مروان زكريا |
اتهام مدمر (SAUL LOEB/AFP/GETTY IMAGES)
يدافع مؤيدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب عنه ويدعمونه بشراسة دعمًا غير مقنع، رافضين الاتهامات المتعلقة بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية والتنسيق الروسي المحتمل مع حملة دونالد ترامب. لدرجة أن الجمهوريين باتوا يدافعون عن ترامب ضد منتقديه مكررين العبارة ذاتها: إنه لا يعرف ماذا يفعل، هذا ما قاله رئيس مجلس النواب الأميركي بول رايان لإنقاذ ترامب من نفسه. قال رايان «الرئيس ما زال في أشهره الأولى، وليس لديه الخبرة الكافية بعد»، وأضاف «الرئيس غير متعمق بالبروتوكولات المستمرة منذ مدة طويلة التي تحدد العلاقات بين وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي والبيت الأبيض». كانت هذا أول رد فعل لـ “بول رايان” على الشهادة التى أدلى بها مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق جيمس كومي أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ يوم الخميس، ما يعطي بعض المؤشرات حول مدى تأثير هذه القضية في البيت الأبيض.
ولا يصور تسلسل الحوادث التي رواها كومي في أثناء تقديم شهادته الرئيسَ الأميركي رئيسًا ساذجًا، اصطدم بحوادث خارجة على سيطرته أو تتجاوز قدرته على الفهم بل إن تصريحاته رسمت صورة لرئيس كان حريصًا على رؤية التحقيق في سلوك حملته ينتهي بسرعة من دون أن يثبت ضده شيء، وعُزز هذا التوجه من خلال إجراءات عقابية.
وتشير رواية كومي للحوادث التي أدت إلى إقالته من مكتب التحقيقات الفدرالي في 9 أيار/ مايو إلى وجود الأسباب كلها التي تدفعه إلى الظن بأن رئيس الولايات المتحدة كان فعلًا يريد منه إنهاء التحقيق الجاري في حملته الانتخابية. وما أثار شكوك كومي -على وجه التحديد- رفض مستشار الأمن القومي السابق “مايك فلين” تسليم وثائق حول علاقاته بحكومات أجنبية، بما فيها روسيا. وقال إنه غير مخول لتحديد ما إذا كان ما قام به ترامب تعطيلًا للعدالة. وفي حين كان حريصًا على تجنب اتهام الرئيس اتهامًا مباشرًا، تقدم كومي مباشرة إلى الخط الأمامي.
وقال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق عند بداية جلسة الاستماع، إنه سجّل ملاحظات مفصّلة للقاءاته الاستثنائية مع ترامب خشية أن (يكذب) بشأن الاجتماعات. وقال كومي إن ما توقعه كان صحيحًا، إذ سوّغ البيت الأبيض قرار فصله بادعاء أن إدارته كانت سيئة، وتعمها الفوضى، وأن العاملين في مكتب التحقيقات الفدرالي قد فقدوا الثقة كلها في رئيسهم السابق. وأضاف كومي «كانت هذه محض أكاذيب».
ساعد سجل المحادثات مع ترامب التي دونها كومي في استعادة بعض الحوادث المثيرة للقلق بصورة خاصة، إذ أشار كومي إلى أحد الاجتماعات مع ترامب التي أثارت قلقه إثارة كبيرة عندما أمر الرئيس كل شخص بمغادرة القاعة باستثنائه. قال كومي «لماذا طرد الجميع من المكتب البيضاوي؟»، وأضاف «بالنسبة إلي كوني محققًا، كان ذلك تفصيلًا مهمًا جدًا».
وادعى كومي أن ترامب عبر عن رغبته في وقف التحقيق في علاقة مستشار الأمن القومي المُقال مايكل فلين بالكرملين. ووفقًا لكومي، قال ترامب «آمل أن تتمكن من رؤية طريقك واضحًا لإسقاط هذا الملف بشأن فلين، إنه رجل جيد، آمل أن تتمكن من إسقاط هذا الملف». وقال كومي إنه فهم من كلام الرئيس بأنه يطلب منه وقف التحقيق حول فلين، ولكن الرئيس تحدث في وضع يمكّنه في ما بعد من إنكار هذه التعليقات.
وعندما وصف اجتماعًا سابقًا مع الرئيس ترامب، عرض كومي بإيجاز سبب توقع ترامب الحصول على خدمات من مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، وتحدث في جلسة الاستماع عن كيفية تسليط ترامب الضوء على كرمه في السماح لكومي بالبقاء في المكتب. قال كومي «لم أشعر بالارتياح، وعلمت أن الرئيس يريد الحصول على شيء»، لكن كومي -على كل حال- قد سرّه توليه منصب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي. ومن وجهة نظر ترامب، فقد كان قرار الإبقاء على كومي الذي عينه سلفه باراك أوباما بمنزلة هدية له، ولكن الرئيس ترامب انزعج حين لم يحصل على أي شيء في مقابل عرضه الكريم.
وفي عقب هذه الادعاءات المدوية، أكد ترامب وحاشيته أن «ساحته قد بُرّئت تمامًا» حتى إنهم لطخوا صدقية كومي ونزاهته، فكومي «كاذب؛ مدمن الأضواء؛ مسرب أسرار». وخلف الكواليس، أصر المدافعون عن ترامب على أن سبب الهوس كله في عرقلة محتملة لسير العدالة هو العاملون في الأروقة الداخلية لواشنطن.
ليس من الضروري الظن أن الرئيس ارتكب جريمة باتخاذه سلسلة من القرارات المحسوبة لتحقيق غايات سياسية معينة. في الواقع، إنه لمن السذاجة المفرطة أن يقترح بعضهم أن الإجراءات التي اتخذها ترامب كانت غير محسوبة وجاءت نتيجة جهله بآلية سير الأمور. بدلًا من ذلك، فهي تكشف شخصيته، وخوفه الواضح، لأي سبب من الأسباب، ما قد يكشفه الغوص العميق في العلاقات التي تربط بين حملته الانتخابية وروسيا.
وكان الأمر الذي يجعل محاولة الإدارة اتهامَ كومي بالكاذب -لادعائه بأن لطرده علاقة بالتحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات- محاولة مثيرة، هو اعتراف ترامب نفسه بذلك، وفي أكثر من مناسبة.
وقال كومي فى بيان مكتوب قدمه إلى الكونغرس إن ترامب وصف التحقيق في حملته الانتخابية بـأنها (سحابة) تعيقه عن ممارسة عمله، وهذا يتفق تمامًا مع ما ذكره ترامب للآخرين، بمن فيهم أعضاء في الحكومة الروسية.
ووفقًا لبيان البيت الأبيض الذي حصلت عليه صحيفة (نيويورك تايمز)، يؤكد الحوادث التي جرت، فقد تحدث ترامب بتعجرف وزهو أمام وزير الخارجية الروسي وسفير روسيا لدى الولايات المتحدة، ووصف كومي بأنه (مجنون) ويستحق مصيره. وزعم ترامب أنه «واجه ضغطًا كبيرًا بسبب روسيا، وقد انتهى الآن». بعبارة أخرى، رأى الرئيس أن حريته في ممارسة عمله قد عُرقلت بسبب التحقيق في حملته، وقد اتخذ الإجراءات الملائمة من أجل استعادة تلك الحرية.
ووفقًا لما ذكرته الإدارة، فقد جاء في المذكرة التي كتبها نائب المدعي العام رود روزنشتاين أن السبب الرسمي لإبعاد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق من منصبه، كان طريقة تعامله مع التحقيقات الخاصة باستخدام وزيرة الخارجية، والمرشحة الرئاسية الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون، بشأن استخدامها بريدًا ألكترونيًا خاصًا في مراسلات رسمية. بعد ساعات فقط من إقالة كومي، ناقض ترامب نفسه في مقابلة مع شبكة (إن بي سي نيوز) الإخبارية الأميركية، إذ قال «كنت سأقيله بغض النظر عن توصية نائب المدعي العام». وردًا على سؤال عن كون قرار إقالة كومي له صلة بتحقيقات روسيا، قال ترامب إن التحقيق «كان يجب أن ينتهي منذ مدة طويلة» لأنه «ذريعة فحسب».
وليس ترامب جاهلًا بمدى قدرة الأقوياء على التأثير في مسار الشؤون القانونية من خلال حضورهم وحده، على الأقل هو مدرك تلك الدينامية عندما يكون الناس المنخرطون في هذا النوع من السلوك المشاكس هم الديمقراطيون.
وصرح ترامب لمضيف إذاعي عندما طلب منه العام الماضي إبداء رأيه بخصوص قرار وزيرة العدل السابقة لوريتا لينش بعقد اجتماع مع الرئيس السابق بيل كلينتون بينما كانت زوجته قيد التحقيق من وزارة العدل «ما مدى سوء تقدير كل منهما؟»، وأضاف «إنه نظام مزور بالكامل»، «هل يصدق أحد حقًا أن الاجتماع كان محض مصادفة؟».
لا يوحي شخص كهذا بأنه ساذج قليل خبرة!.
بإمكان البيت الأبيض وحلفاء ترامب تسليط الضوء على النقاط الإيجابية في تصريحات كومي، ولكنها ليست سوى قناع يخفي الضرر الذي ألحقه مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق بالبيت الأبيض.
على سبيل المثال، أكد كومي أنه عندما غادر مكتب التحقيقات الفدرالي الشهر الماضي لم يكن ترامب خاضعاً بصورة شخصية لتحقيق جنائي أو تحقيق يتعلق بمكافحة الإرهاب. وتقول التقارير التي استندت إلى مقابلات مع زملاء لكومي لم يُكشف عن اسمهم إن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق كان يخطط لدحض ادعاء ترامب بأن كومي قال له في ثلاث مناسبات منفصلة إنه لم يكن شخصيًا قيد التحقيق.
على كل حال، إذا لم يكن الرئيس قيد التحقيق قبل شهر، فمن المؤكد أن يصبح قيد التحقيق الآن، وربما قد يتوسع عمل المستشار القانوني الخاص ليشمل الرئيس، من أجل التحقيق في كل من حملته الانتخابية وإدارته.
ربما لن يكون هناك مستشار قانوني خاص، إذ لم يكن ذلك من عادة ترامب التي حذره منها حلفاؤه مرارًا وتكرارًا، الاستهزاء المتهور والمتعمد بالناس في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر). وفي يوم الجمعة 12 أيار/ مايو، غرد ترامب في حسابه الرسمي بموقع (تويتر) قائلًا: «على جيمس كومي أن يتمنى ألا توجود تسجيلات لمحادثاتنا قبل أن يبدأ في تسريب المعلومات لوسائل الإعلام». ووفقًا لكومي، فقد قرر يوم الاثنين التالي، بعد تغريدة ترامب، نشر تسجيلات محادثاته مع الرئيس على العلن في أقرب وقت ممكن.
وهذا ما فعله عن طريق صديقه البروفيسور في القانون في جامعة كولومبيا دانيال ريتشمان الذي وصف المذكرات لصحيفة نيويورك تايمز. وباعتراف كومي، كان تصرفه نابعًا من نية صريحة إجبار وزارة العدل على فتح تحقيق خاص في سلوك الرئيس.
استنادًا إلى اعتراف كومي، حاول مؤيدو ترامب -بل حتى الرئيس نفسه- تلطيخ سمعة كومي بوصفه مثالًا للانتهازية السياسية، وأن لديه دوافع خفية. ولكن إذا عمدنا إلى تجريم كل من يعمل بدهاء وفطنة في الكواليس، فإن نصف الموظفين والعاملين في واشنطن سينتهي بهم المطاف في السجن الفدرالي للولايات المتحدة الأميركية (ليفينوورث).
أقر كومي بعد استجوابه من السيناتور ماركو روبيو بأن ترامب كان يريد معرفة ما إذا كان أي من شركائه _(أقماره الصناعية) بحسب تعبير ترامب_ قد ارتكب أي خطأ. ولكن إذا كان ترامب حريصًا على معرفة الأخطاء التي ارتكبها مرؤوسوه، فكيف يمكن أن يتطابق ذلك مع ادعاء كومي بأن الرئيس طلب منه التخلي عن التحقيق بشأن فلين؟ مع ذلك، يمكن بسهولة شطب هذا بوصفه مثالًا على ميل ترامب إلى إخبار الناس بما يريدون سماعه.
علاوة على ذلك، قد يرغب مؤيدو ترامب أيضًا في الاستشهاد باعتراض كومي على تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 14 شباط/ فبراير، ويزعم بوجود اتصالات عدة بين مستشاري ترامب ومسؤولي الاستخبارات الروسية (ذكرت صحيفة تايمز وصف كومي لهذه القصة بأنها غير صحيحة). تنتظر مؤيدي ترامب مهمةٌ صعبة جدًا بمحاولتهم الاعتماد اعتمادًا انتقائيًا على صدقية كومي في بعض النقاط، بينما -في الوقت نفسه- يدمرونها في نقاط أخرى.
من وجهة نظر ترامب، فإن تصريحات مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق الأكثر فائدة وأهمية، ليس لها علاقة بهذه الإدارة، وإنما بالتي سبقتها. وقال كومي إن النائبة العامة السابقة لوريتا لينش طلبت منه في ذروة حملة عام 2016 أن يشير إلى التحقيق الجنائي بشأن سوء استخدام هيلاري كلينتون للمعلومات السرية على أنه محض (مسألة) بدلًا من (تحقيق).
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز بالفعل هذا التفصيل في نيسان/ أبريل.
لكن الطريقة التي وصف بها كومي رده على هذا الطلب كشفت كثيرًا. أخبر كومي السيناتور جيمس لانكفورد أنه يظن بأن لينتش أرادت حماية مرشحة الحزب الديمقراطي. يسود هذا النظام فساد بشع، وخصوصًا أن قرار لينتش بعقد اجتماع مع بيل كلينتون أجبرها على تزويد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي بصلاحيات ادعائية استثنائية في قضية كلينتون.
وعلى الرغم من أن هذه التفاصيل مربكة، إلا أنها ليست ذات أهمية سياسية. في الواقع، صراحة كومي في هذا الموضوع التي تسيء إلى الديمقراطيين الذين كانوا في السلطة، لا تؤكد سوى صدقيته ونزاهته اللتين حاول ترامب يائسًا أن يلطخهما.
إذا ابتعدنا قليلًا عن موجات الغضب والسخط المستشرية في أروقة القطاعات والهيئات الرسمية المختلفة في واشنطن، يصبح من الواضح أن كومي، في شهادته يوم الخميس، قدم بعض التهم التي جاءت متأخرة ومن شأنها إلحاق أضرار خطرة وطويلة الأمد بهذه الإدارة.
قال كومي مؤكدًا «لقد تدخل الروس في انتخاباتنا خلال دورة عام 2016». وأضاف «لقد فعلوا ذلك لسبب ما، وقد فعلوه بشكل محترف». ثم ربط حملة ترامب في هذا التدخل بطرائق لا يمكن دحضها، ولا يمكن تسويغها الآن.
على سبيل المثال، من خلال رفضه التعليق على هذه المسألة، أشار مدير مكتب التحقيقات الفدرالي السابق إلى أن ملف ضابط الاستخبارات البريطاني السابق كريستوفر ستيل، ليس له أي صدقية على الإطلاق. وخلافًا لتأكيدات مؤيدي ترامب، فإن هذا النوع من المعلومات الاستخبارية الأولية التي تدعي تورط ترامب في مجموعة من الأعمال السيئة، ويمكن أن تستخدمها موسكو لابتزاز ترامب؛ لم يرفضها المحققون بعد.
وعلاوة على ذلك، أشار كومي إلى أنه كان على علم منذ أشهر بأن وزير العدل جيف سيسيونس سوف يضطر إلى الاستغناء عن التحقيق في حملة ترامب من أجل إنقاذ نفسه. وأضاف أن تنحي سيسيونس لا علاقة له بقواعد وزارة العدل التي تنص على أنه يجب على موظفي وزارة العدل الذين لهم علاقة بالحملات الانتخابية ألا يحققوا مع شركائهم السابقين.
أما عن سؤال (لماذا)؟ فيمكنه مناقشة هذا النوع من المعلومات الحساسة وراء الأبواب المغلقات فحسب.
ووفقًا لما ذكرته شبكة إن بي سي الإخبارية، فإن كومي قد أخبر في وقت لاحق أعضاء مجلس الشيوخ في جلسة سرية، بأن الجلسات تضمنت عقد اجتماع ثالث لم يكشف عنه سابقًا مع ناشطين روس. هذا على الرغم من الشهادة التي أدلى بها النائب العام في جلسة الاستماع تحت القسم، بأنه «لم يكن لديه اتصالات مع الروس».
وبكل مهارة ودقة، استمر كومي يوم الخميس لمدة أربع ساعات بتمزيق روايات الإدارة الأميركية التي تسعى لتبرئة نفسها. البيت الأبيض يفقد صدقيته ببطء، البيت الأبيض ينزف، ويبدو أنهم لم يلاحظوا الجروح بعد. وحين يلاحظونها أخيرًا، سيكون الوقت قد تأخر كثيرًا، ولا مجال حينئذ لإنقاذ الضحية.