سيبال دوندار/ ترجمة فارس جاسم
(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة
المقدّمة
منذ بداية الأزمة السورية، كان النظام التعليمي من أكثر المجالات التي تدخّلت فيها الأطراف المتصارعة، في أماكن سيطرتها. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التنظيمات الإرهابية، فقد أُتيح لها نشر أيديولوجيتها وتلقين الأطفال والشباب، من خلال الاستفادة من الفرص التي وفّرتها الحرب الأهلية والسيطرة الميدانية. ويُعدّ النظام التعليمي الذي طبّقه تنظيم (داعش) و”وحدات حماية الشعب” الكردية (PKK/YPG) في مناطق سيطرتهم، مثالًا صارخًا على ذلك. فتنظيم (داعش)، حين كان في أوج قوته، رأى في جيل الشباب “مشروع مقاتلين” يمكن أن ينضمّوا إلى التنظيم في المستقبل، حيث أغلق المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرته، وفتح معسكرات تدريب وفق “المفهوم الإسلامي للتنظيم” وعلى أساس النزعة العسكرية. على غرار ذلك، لوحظ أنّ وحدات PKK/YPG تستخدم النظام التعليمي على أنه مجال يمكن أن يكون مصدرًا لتجنيد شباب يدافعون ويؤمنون بأيديولوجيتها على المدى الطويل. وكانت وحدات PYD/YPG قد قامت بتجنيد الشباب قسرًا، وهدمت المباني التعليمية وحولتها إلى مقار عسكرية. وغيّرت منهج التعليم في المدارس، وأدرجت المعلمين في قانون الخدمة العسكرية الإلزامية. ومن خلال التدخل في النظام التعليمي، أرادت وحدات PYD/YPG خلق بيئة لبناء الهوية الأيديولوجية ونقلها إلى الأجيال القادمة. واليوم أصبح النظام التعليمي في شمال شرق سورية مصدر قلق لكل من السكان المحليين والمجتمع الدولي، بسبب جهود تلك الوحدات لإضفاء الشرعية عليه.

تاريخ التدخل في النظام التعليمي في شمال شرق سورية
كان النظام التعليمي ومؤسساته من أكثر الأماكن تضررًا، في الصراع المستمر بين الأطراف في الحرب الأهلية السورية من أجل السيطرة على المناطق. في هذا السياق، أول انهيار خطير للنظام التعليمي في شمال شرق سورية حدث خلال الفترة التي سيطر فيها تنظيم (داعش) الإرهابي على المنطقة. حيث كانت فكرة التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة (داعش) قائمة على تدريب المسلحين وإنشاء جيل تحت تأثير أيديولوجيته. وقام التنظيم بتحويل عدد كبير من المدارس إلى مبانٍ عسكرية أو إلى مبانٍ لخدمة أغراض مختلفة. كما أغلق العديد من المدارس، بسبب استمرارها في تعليم المناهج السورية، وقام بإعادة توجيه المعلمين. مع انتقال سيطرة المنطقة من تنظيم (داعش) إلى وحدات PYD/YPG، تم استهداف النظام التعليمي في شمال شرق سورية مرةً أخرى.
إن المباني التعليمية في المنطقة تعرّضت لأضرار كبيرة نتيجة الاشتباكات بين تنظيم (داعش) ووحدات YPG والغارات الجوية للتحالف الدولي. وخاصة خلال الاشتباكات التي دارت في عين العرب عام 2015. حيث أغلب المباني التعليمية سُوّيت بالأرض. إن تنظيم (داعش) ووحدات PYD/YPG استخدموا المؤسسات التعليمية، وهي من أهم اللبنات الأساسية لتربية الأجيال، كأداة فعّالة في طريق السيطرة على الساحة السورية. بدأ PYD الذي برز كلاعب محلّي في المعادلة السورية، في تنفيذ خطواته الأولى في النظام التعليمي منذ أواخر عام 2011. حيث فتح دورات تعليم اللغة الكردية في المناطق التي سكنها الأكراد، وبدأ بإجراء تغييرات طفيفة على المنهاج الدراسي، مستفيدًا من الأوضاع في عموم سورية. أما فرصة تجربة نظامها التعليمي للمرة الأولى، فقد أتيحت في تموز/ يوليو 2021. في ذلك التاريخ، انسحبت قوات النظام من عفرين وعين العرب وبعض المناطق، وسلّمتها إلى وحدات PYD/YPG وفق اتفاق جرى بينهم. وبناءً على ذلك، توجّه حزب PYD نحو إنشاء تنظيم سياسي وإداري مستقل عن إدارة المركز، تحت مسمى “كانتون”، وبدأ في المقام الأول ببناء نظام تعليمي خاص[1]. بحلول عام 2013 أضاف الكيان (الذي أعلن الحكم الذاتي من جانب واحد تحت مسمى “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية”) اللغة الكردية إلى المناهج الدراسية بشكل رسمي، وبدأ بإنشاء هياكل مدنية وإدارية محلية في المنطقة. وفي هذا السياق، افتتح “مؤسسة التربية” عام 2014. وفي 2016 تم تدريب حوالي 2600 مدرّس بشكل تدريجي من أجل تعليم طلاب المدارس الابتدائية، وذلك من خلال “مؤسسة التربية”[2]. وفي نطاق الأنشطة المُنفّذة، تم تغيير محتويات المواد في جميع الصفوف الابتدائية في العام الدراسي 2016-2017. استمر حزب PYD في إجراء تغييرات طفيفة في المناهج الدراسية الحالية في المراحل الأولى، وبعد إعلانه تعليق مناهج النظام السوري وتطبيق مناهجه باللغة الكردية، تسارعت عملية تغيير نظام التعليم. وبدأت “مؤسسة التربية” بطبع الكتب التي تحتوي على أيديولوجية PKK وتوزيعها على المدارس. وقد رُفض هذا القرار من قبل العديد من المؤسسات والمعلمين والطلاب؛ حتى إنّ بعض الأسر اضطرت إلى مغادرة المنطقة، لكي يواصل أطفالها تعليمهم بشكل رسمي. ووجهت بعض الأُسر التي تريد إبعاد أطفالها عن دعاية تنظيم PKK أطفالَها إلى مدارس خاصة، لكن التنظيم كثيرًا ما كان يداهم تلك المدارس، وأغلق بعضها وهدد بعضها الآخر بالإغلاق. ولُوحظ أن العديد من المعلمين الذين يمارسون مهنتهم يرفضون المشاركة في العملية التعليمية في المناطق التي يسيطر عليها حزب PYD. في المقابل، نص قرار أصدرته “الإدارة الذاتية” في حزيران/ يونيو 2017، على تغريم المعاهد التي تواصل تعليم المناهج باللغة العربية بمبلغ 1 مليون ليرة سورية، وإغلاقها واعتقال موظفيها[3]. وفي العام الدراسي 2017-2018، وسّع التنظيم نطاق تغيير المناهج؛ حيث أدرجت المناهج التي تعكس أيديولوجيته في الصفوف: السابع والثامن والتاسع. وفي العام الدراسي التالي، أدرجت تلك المناهج للصفّين: العاشر والحادي عشر.

هنالك جوانب عدة تشير إلى أنّ التعليم يُنظر إليه باعتباره “جزءًا من الخدمة الأيديولوجية” في مناهج وحدات PYD/YPG. وتجدر الإشارة إلى أنّ مادة “التربية السياسية” التي تدرّس في المناهج، تم تغييرها لتصبح “الأمة الديمقراطية”، ولا يتم تعليم الطلاب تاريخ العرب[4]. وعند النظر إلى محتويات كتب التاريخ التي طبعها التنظيم ووزعها على الطلاب، يُلاحظ أنها مليئة بصور “عبد الله أوجلان” وقيادات PKK الإرهابيين. كما يُذكر في الكتب بشكل متكرر عبارة “أهمية PKK في التاريخ الكردي والـ PKK نقطة تحوّل”. بالإضافة إلى ذلك، أثارت دراسة نشرها إبراهيم خليل، على موقع “مدارات كرد”، نقاطًا تشير إلى أن المناهج تتّبع عن كثب أيديولوجية PKK. في المقال، فُحصت محتويات الكتب التي طبعها التنظيم وتبيّن أن هناك رسائل أيديولوجية تخللت صفحاتها[5]. ومن الواضح أن حوالي 40 ألف كتاب طبعها التنظيم ووزعها، تهدف إلى نشر دعاية أوجلان وتنظيم PKK.
إن التغييرات المنهجية التي قام بها التنظيم لم تقتصر على المناهج والكتب فقط. بل كان لها تأثير على موظفي المؤسسات التعليمية والمعلمين. في هذا الإطار، ثَبت أن المعلمين الذين عيّنتهم “الإدارة الذاتية” ركّزوا على مادتي اللغة والتاريخ اللتين فرضتهما وحدات PYD/YPG. وتم تأكيد ذلك من خلال دراسة أُجريت عام 2017. حيث أظهرت النتائج أن الطلاب ضعيفون جدًا في مواد مهمة، مثل مهارات قراءة اللغة العربية والرياضيات، على الرغم من أن نسبة الاجتياز هي 55 بالمئة[6]. كذلك تم توثيق عدم وجود عدد كاف من المعلمين المتخصصين لتدريس الطلاب المواد الأخرى. وإضافة إلى ذلك، تسببت السياسة التعليمية لـ “الإدارة الذاتية” في حدوث مشكلات مع الحكومة السورية، وأدى ذلك إلى إغلاق مئات المدارس الحكومية. غير أن المدارس الجديدة التي افتتحها التنظيم في المنطقة وصفت بأنها غير مؤهلة، وتسببت في ردات فعل مختلفة.
تعرّضت المناهج الدراسية التي وضعها حزب PYD لكثير من الانتقادات داخل البلاد وعلى الساحة الدولية. وخلال اجتماع بين “مؤسسة التربية” وممثلي منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) في مدينة قامشلي، رفضت المؤسسة مقترح الممثلين المتعلق بـ “الاستمرار في مناهج النظام السوري”. بعد ذلك، عُقد اجتماع بين إدارة PYD ولجنة من مديرية تربية النظام السوري، فاقترحت الحكومة خلاله تطبيق مناهجها الدراسية بالإضافة إلى 5 ساعات يتم فيها تعليم اللغة الكردية، في مراحل معيّنة. لكن إدارة الأمر الواقع عدّت ذلك نوعًا من الخضوع للحكومة المركزية، ورُفض الاقتراح. بعد هذه الفترة، زاد PYD من إجراءات تغيير النظام التعليمي بالتزامن مع تزايد قوته ميدانيًا. في هذا السياق، بدأ PYD الاستعدادات لفتح جامعات جديدة في مناطق الجزيرة والفرات وعفرين. وقد أثار إدخال المناهج الدراسية (التي لا تتمتع بأي مؤهلات رسمية) في الجامعات جدلًا أوسع.
الضغط المتزايد من قبل PYD على النظام التعليمي
في عام 2020، لُوحظ أن PYD قد غيّر المناهج التعليمية في مراحل معيّنة، وأن عملية التغيير لم تتم في جميع المدارس في وقت واحد، وأنه مارس عملية تقييد على العملية التربوية كان من ضمنها الإجبار على تغيير مناهج الصفوف الإعدادية. وفي منتصف 2020 أُدرج طلاب الصف الثاني عشر في المناهج الدراسية الجديدة، التي كانت تشمل في السابق طلاب الصفين العاشر والحادي عشر. لاحقًا تم الاستيلاء على المدارس التابعة لنظام الأسد في المنطقة، وطُبقت المناهج الدراسية الجديدة في جميع الصفوف من الابتدائية إلى الثانوية. ولم تتم استشارة السكان المحليين أو المعلمين أو الأكاديميين بخصوص التغييرات التي أُجريت. وعلى غرار المناهج التعليمية في النظام السوري التي تُمجد أيديولوجية البعث، يُلاحظ أن PYD يفرض مناهج تعليمية لا تشيد إلا بآراء ومبادئ سلطته.
وتبيّن أنّ وحدات YPG تمارس الضغط على المعلّمين لإدراجهم في الخدمة العسكرية الإلزامية، على أساس قانون “واجب الدفاع عن النفس” الذي أعلنته “الإدارة الذاتية” في 13 تموز/ يوليو 2014[7]. واستنادًا إلى ما يسمّى “القانون”، تم تجنيد الشباب في الحسكة والرقة ودير الزور ومنبج في الخدمة العسكرية الإلزامية، مع عمليات اعتقال واحتجاز تعسفي. أرادت YPG أيضًا ضمّ المعلمين في المنطقة في هذه الخدمة قسريًا، دون أخذ المشكلات التي قد تحدث في النظام التعليمي بعين الحسبان. ونتيجةً لذلك اعتُقل المعلمون الذين رفضوا الالتحاق بالخدمة العسكرية، كما اعتُقل المعلمون الذين اتخذوا مناهج النظام السوري في الدروس الخصوصية.
في أواخر عام 2020، حاولت وحدات PYD/YPG إرغام المعلمين على توقيع تعهّد بعدم تعليم مناهج النظام السوري، لكن بعض المعلمين رفضوا ذلك. وردًّا منها على ذلك، زادت وحدات YPG محاولات اعتقال المعلمين من دون تقديم أي مبرر. وبالإضافة إلى ذلك لم تُقدّم معلومات عن الوحدة التي صدرت منها أمر الاعتقال، كما لم تُزود أسر المحتجزين بالمعلومات المتعلقة بأماكن اعتقالهم وسبل التواصل معهم. لذلك، يعدّ العديد من الخبراء أن العمليات التي تستهدف المعلمين هي عبارة عن عمليات خطف.
وفقًا لقاعدة البيانات أعدّها المرصد السوري لحقوق الإنسان، وتم الحصول عليها من مصادرة عديدة، منها أسر الضحايا والشهود والناجين من الاحتجاز، تم توثيق اعتقال ما لا يقل عن 3784 شخصًا، منهم 659 طفلًا و176 امرأة، من قبل وحدات YPG[8]. ضمن نطاق التواريخ الواردة في التقرير، تبيّن أن مصير ما لا يقل عن 2147 شخصًا، منهم 113 طفلًا و83 امرأة الذين تم اعتقالهم بين تموز/ يوليو 2012 وشباط/ فبراير 2021، غير معروف[9]. ومن بين هذه الاعتقالات التعسفية، تم اعتقال 61 معلمًا بين أوائل كانون الثاني/ يناير 2021 ومنتصف شباط/ فبراير 2021، بسبب استمرارهم في تطبيق مناهج النظام السوري أو رفضهم المشاركة في الخدمة العسكرية الإلزامية. أُجبر المئات من المعلمين على ترك مهنة التعليم، بسبب الضغوطات، أو تم فصلهم، حيث تم اعتقال 27 معلمًا بسبب رفضهم المنهاج الذي فرضته وحدات PYD/YPG وتطبيقهم منهاج النظام السوري، وتم إطلاق سراح 14 منهم، بعد توقيعهم على تعهد يلزمهم بتطبيق المنهاج الذي فُرض عليهم، وما يزال مصير 13 معلمًا غير معروف. من جهة أخرى، تم اعتقال 34 معلمًا لرفضهم الانضمام لصفوف وحدات YPG. وللسبب نفسه اضطر حوالي 550 معلمًا إلى ترك مهنة التعليم أو تم فصلهم[10]. وتم نقل جميع المعلمين المحتجزين إلى مراكز التجنيد التابعة لـ YPG.
ردات فعل السكان المحليين
لوحظ أنّ وحدات PYD/YPG قد حظرت مناهج منظمة الأمم المتحدة للطفولة ومناهج النظام السوري، من خلال تنفيذ سياساتها بشكل تدريجي في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وندد الأهالي والمعلمون بالمناهج التي تدعم أيديولوجية التنظيم، التي طُبقت من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية، وخاصة في مدينة دير الزور ذات الأغلبية العربية. حيث أكّدت التظاهرات أنّ “المناهج لا تتوافق مع القيم الأخلاقية والدينية للمنطقة”. ونظرًا لحاجتهم إلى مواصلة التعليم بمنهاج رسمي يتم التدريس فيه باللغة العربية، يبرز قلق الطلاب من عدم قبولهم في الجامعات الموجودة خارج سيطرة وحدات YPG. لذلك اختارت العديد من الأسر من الخلفيات المختلفة التي تشعر بالقلق على مستقبل أبنائها أن ترسلهم إلى مدارس خارج سيطرة PYD/YPG، على الرغم من أنها أكثر تكلفةً.
في الفترة الأخيرة، قُوبلت محاولات اعتقال المعلمين من قبل وحدات YPG بردات فعل كبيرة من السكان المحليين، وبدأت الاحتجاجات ضد التنظيم في أماكن مختلفة. وجاء في البيان، الذي نُشر في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2020، من قبل 39 معلمًا من بلدة هجين بدير الزور، وهو بعنوان “المعلمون ليسوا مجندين”، تصريح برفض التجنيد الإجباري الذي تمارسه وحدات YPG. في كانون الثاني/ يناير 2021 داهمت وحدات YPG المنشآت التعليمية في هجين، وطلبت أسماء المعلمين الذين رفضوا قرار الخدمة العسكرية الإلزامية. وعلى أثر ذلك، نظّم المعلمون والطلاب احتجاجات في مناطق مختلفة من محافظة دير الزور، مثل (البصيرة، الهاواي، الراغب، السويداء، الجرادي). وظهرت في الاحتجاجات شعارات معارضة: “سلاح المعلم قلمه”، “لا للخدمة العسكرية الإلزامية”، “نريد المعلمين في المدارس وليس على الجبهات”، “لا تسرقوا مدرّسينا منا”[11].وتُظهر الشعارات أن السكان يرفضون احتجاز وحدات YPG للمعلمين تحت مسمى الخدمة العسكرية الإلزامية.
وعلى أثر استمرار الاعتقالات، نُظمت احتجاجات تضم طلابًا في 17 كانون الثاني/ يناير 2021 في مدينة الدرباسية، وقُوبلت تلك الاحتجاجات بالقمع الشديد، وتم توثيق اعتقال 17 طالبًا منهم 6 فتيات، على يد وحدات YPG. وتجدر الإشارة إلى أن الطلاب الذين أُطلق سراحهم فيما بعد، تراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا، حيث لم يؤخذ بالحسبان أعمار الطلاب أثناء اعتقالهم[12]. بدأ المعلمون في مناطق سيطرة وحدات PYD/YPG بإضراب عام، في 21 شباط/ فبراير 2021، مطالبين بزيادة رواتب العاملين في مجال التعليم، وإلغاء العقوبات المفروضة على المؤسسات التعليمية الخاصة، وإطلاق سراح المعلمين، ودعم القطاع التعليمي.

النتيجة
منذ نهاية عام 2011، اتّبعت وحدات PYD/YPG سياسة منهجية في المنطقة، وقامت بتغييرات تدريجية في المناهج التعليمية. يُستنتج من ذلك أن هدف التنظيم الإرهابي هو تربية جيل على أساس أيديولوجيته الخاصة، ونقل هذه الفكرة إلى الأجيال القادمة. بالإضافة إلى أن التنظيم الذي يسعى للحصول على الشرعية يريد إنشاء أرضية دائمة، من خلال إجراء تغييرات تعسفية في النظام التعليمي. لكن السكان المحليين منزعجون من السياسات التي تُنفّذ على أبنائهم، فضلًا عن أن الخبراء والأكاديميين والمعلمين لا يقبلون بأن يكونوا جزءًا من هذه العملية.
بينما يُقمع الطلاب وأولياء الأمور من ضحايا نظام التعليم الذين لا يقبلون المناهج المفروضة عليهم، يتم إبعاد المعلمين الذين يطبقون مناهج النظام السوري عن النظام التعليمي، بالاعتقال التعسفي وممارسة الضغط عليهم. تريد وحدات YPG إدراج المعلمين ضمن بنيتها في إطار الخدمة العسكرية الإلزامية، متجاهلةً المشكلات التي يمكن أن تحدث في العملية التعليمية نتيجة ذلك. وكلّ من يعارض هذه الإجراءات فإنه يُعتقل ويُنقل إلى مراكز التجنيد الخاصة بوحدات YPG. وجدير بالذكر أن العديد من المعلمين لم يستطيعوا الذهاب إلى المدرسة بسبب اعتقالهم ومداهمة المراكز التعليمية. ويتعرض المعلمون الذين يصنفهم التنظيم بأنهم “فارون من الخدمة” للتهديد بالإبعاد عن المدراس.
لا يوجد توافق في الآراء بين سكان المنطقة على مسألة المناهج الدراسية. لكن هنالك فئات بين الأقلية الكردية وغيرها من الأقليات إلى جانب الأسر العربية، منزعجة من الوضع الراهن. حيث ينتقد المجلس الوطني الذي يمثل جزءًا كبيرًا من المجتمع الكردي السوري، احتكار حزب PYD لجميع المجالات الاجتماعية حتى مسألة التعليم في المنطقة[13]. وردًا على اعتقال المعلمين بشكل غير قانوني، أصدر المجلس الوطني الكردي بيانًا ذكر فيه: “ندين بشدة اعتقال المعلمين من قبل قوات الأسايش التابعة للتنظيم، بحجة أنهم يقومون بتدريس المناهج الحكومية بدلًا من مناهج التنظيم”. ويتوافق رأي المعارضة السورية والسكان العرب مع رأي المجلس. وهناك عدد لا يستهان به من العرب يعدّون هذه الخطوات في التعليم ذات سمة انفصالية.
إن التغييرات التي أجرتها وحدات PYD/YPG على النظام التعليمي تضع مستقبل حوالي نصف مليون طالب في المنطقة، في وضع مجهول. بالإضافة إلى أن عدد الطالب الذين يتركون المدرسة نتيجة السياسات التي تنفذها الوحدات، في ازدياد مثير للقلق، والعديد من الأسر تُفضل إرسال أطفالها إلى مناطق سيطرة النظام من أجل الحصول على شهادة رسمية. هذا الوضع أدى إلى اكتظاظ الصفوف من مدارس النظام وانتشار وباء كوفيد -19. وسعيًا لحل مشكلة الاكتظاظ، تم تحويل العديد من المستودعات إلى صفوف دراسية. ما جعل الطلاب يواصلون التعليم في بيئة غير مواتية. وتؤثر المشكلات في مناطق سيطرة وحدات PYD/YPG، تأثيرًا سلبيًا على المناطق الأخرى، وتتناقص جودة التعليم في البلد مع استمرار النزاعات.
العنوان الأصلي | SURIYE’DE PYD EĞITIM SISTEMINDE PKK’NIN ROLÜ |
الكاتب | سيبال دوندار |
مكان النشر وتاريخه | مركز دراسات الشرق الأوسط (ORSAM) |
الرابط | https://bit.ly/2QZwYoI |
عدد الكلمات | 2600 |
الترجمة | قسم الترجمة-فارس جاسم |
[1] 1 Sardar Mlla Drwish , “The Kurdish School Curriculum in Syria: A Step Towards Self-Rule?”, Atlantic Council, 20 December 2017, https://www.atlanticcouncil.org/blogs/syriasource/the-kurdish-school-curriculum-in-syria-a-step-towards-self-rule/.
[2] Mohammed Al Hessan, Stephanie Bengtsson, Judith Kohlenberger, “Understanding the Syrian educational system in a context of crisis”, Vienna Institute of Demography, 2016, https://www.econstor.eu/bitstream/10419/156317/1/875728065.pdf
[3] Mohammed Hardan, “Authorities in northeast Syria struggle to impose Kurdish curriculum”, Al Monitor, 25 February 2021, https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2021/02/syria-kurdish-administration-education-arrest-teachers. html#ixzz6ng6NZOaD.
[4] Mohammed Al Hessan, Stephanie Bengtsson, Judith Kohlenberger, “Understanding the Syrian educational system in a context of crisis”, Vienna Institute of Demography, 2016, https://www.econstor.eu/bitstream/10419/156317/1/875728065.pdf,
[5] 5 Söz konusu araştırma için bkz.: İbrahim Halil, “Menahic et-talim el- Kurdiyye fi’l-idâreti’zzâtiyye” (Özyönetimde Kürtçe eğitim müfredatı), 8 Aralık 2015, https://www.medaratkurd. com/
[6] “Schools in Syria: Thematic Report”, Information Management Unit, May 2017, https:// reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Schools-in-Syria-2017-ACU-IMU-EN.pdf
[7] Dia Odeh, Mohamed Homs, Ninar Khalifa, “Compulsory military recruitment in Jazira Region: SDF imposing their authority” Enab Baladi, 12 July 2019, https://english.enabbaladi.net/archives/2019/07/compulsory-military-recruitment-in-jazira-region-sdfimposing-their-authority/#ixzz6nweC
[8] “Syrian Democratic Forces Have Arrested/ Detained at Least 61 Teachers Over Educational Curricula and for Forced Conscription Since the Beginning of 2021”, The Syrian Network for Human Rights (SNHR), 19 February 2021https://sn4hr.org/blog/2021/02/19/55948/.
[9] المرجع السابق
[10] المرجع السابق
[11] “Demonstrations Against SDF Rage in Deir ez-Zor Countryside”, The Syrian Observer, 24 December 2020, https://syrianobserver. com/news/62747/demonstrations-against-sdf-rage-in-deir-ez-zor-countryside.html
[12] SNHR condemns the SDF’s detention and assault of dozens of students following a protest in al Derbasiya city in Hasaka against the arrest of their teachers”, The Syrian Network for Human Rights (SNHR), 21 January 2021, https://sn4hr.org/ blog/2021/02/19/55948/.
[13] Sardar Mlla Drwish , “The Kurdish School Curriculum in Syria: A Step Towards Self-Rule?”, Atlantic Council, 20 December 2017, https://www.atlanticcouncil.org/blogs/syriasource/ the-kurdish-school-curriculum-in-syria-a-step-towards-self-rule/