ترجمة أحمد عيشة
(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة
المحتوى
ملخص تنفيذي
مقدمة
التحديات الحالية للاستقرار وبناء السلام
أسطورة “ما بعد الصراع”: مقترحات ما بعد الصراع الحالي تعزز نظام الأسد
المشاركة الغربية تفتقر إلى الرؤية السياسية
مشكلة الاقتراحات/ العروض الحالية
حوكمة الجيب: دروس من العراق في التسعينيات
التحايل على/ تطويق النظام والعمل مع المجتمع الدولي
احتضان حكم الجيب من دون تقويض السلامة الإقليمية
حوكمة الجيوب كرادع وتحفيز وميزة نفوذ
دور الولايات المتحدة واستخدام القوة: دروس من العراق في التسعينيات
جهات فاعلة أخرى: أهمية الإستراتيجية التركية الكردية
الخاتمة
ملخص تنفيذي
وسط الدمار الذي خلّفته الأعوام التسعة الماضية، تواجه سورية عددًا كبيرًا من التحديات التي تجعل إحلال السلام والأمن في هذا الوقت أمرًا صعبًا، حيث ما تزال البلاد تعاني الصراعَ المستمرّ وآثاره، بسبب وحشية نظام بشار الأسد والجماعات المتطرفة وأمراء الحرب. وفي أفضل الأحوال، يمكن أن تشهد سورية فترات متقطعة من الاستقرار وتهدئة العنف، بسبب الضغوط المحلية والدولية. ومع ذلك، ستظل البلاد، على الأرجح، غارقة في عدم الاستقرار العنيف، وسيبقى سكانها غارقين في البؤس والعوز، بينما يمكّن الصراع الإرهابَ المحلي والدولي، ويمكّن خصوم أميركا مثل روسيا وإيران.
تدافع هذه الورقة التحليلية عن تبني حوكمة الجيوب (المناطق المعزولة)، في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام في الشمال الشرقي، وفي المناطق الشمالية الغربية من البلاد، من أجل الحد من زيادة الأزمات الإنسانية، وحماية المدنيين، والتعامل مع التهديدات التي تتعرض لها الولايات المتحدة وحلفاؤها. ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها احتضان المناطق السورية غير الخاضعة لسيطرة النظام وتبنّيها، ومنع نظام الأسد من استعادة السيطرة على هذه المناطق، من خلال إبقاء قواتهم في مكانها، ودعم هياكل الحكم المحلي، كجزء من إستراتيجية طويلة المدى تركز على التحايل والالتفاف على نظام الأسد، وتحويل هذه المناطق إلى مواطن سلام واستقرار. إن المضيّ في هذا العمل، الذي سيشار إليه من الآن فصاعدًا باسم “حوكمة الجيوب/ المناطق المنعزلة”، هو الطريقة المثلى لمنع النظام من ارتكاب مزيد من الفظائع، وتأمين سلام دائم، وتوفير راحة من الصراع. بالاعتماد على مثال شمال العراق في تسعينيات القرن الماضي، توضح هذه الورقة أن تسخير حوكمة الجيوب يمكن أن يوفر سلامًا مستدامًا في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام، ويحمي على الأقل بعض شرائح السكان السوريين، مع ضمان ألا تأتي أي تسوية في مرحلة ما بعد الصراع بأيّ غطاء قانوني أو سياسي لمزيد من انتهاكات النظام.
وبدلًا من الدعوة إلى استعادة حكم النظام في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، ينبغي للجهات الفاعلة الدولية أن تتخذ تدابير لجعل ترتيبات الحكم الذاتي الحالية أكثر فاعلية، وأكثر عونًا لتحقيق السلام والحكم المستدامين. وينبغي أن يشمل هذا الأمر الاعتمادَ على استخدام القوة في الدفاع عن النفس، لردع فظائع النظام وتعديه على المناطق التي لا يسيطر عليها اليوم. ستكون السياسات الأميركية في سورية أكثر استدامة وصدقية، عند الصديق والعدوّ، إذا كانت مدعومة بإستراتيجية الجيب/ المنطقة المعزولة، التي توفر مجموعة من المبادئ التوجيهية للمشاركة الأميركية. وستجلب مثل هذه المبادئ الاستقرار السياسي الذي تشتد الحاجة إليه في بيئة متقلبة يسودها عدم اليقين بمستقبل القوات الأميركية في البلاد.
ترسم هذه الورقة شكل هذه المبادئ التوجيهية ومعاييرها، وتتناول احتمال أن تستغلّ مجموعات معيّنة هذه الجيوب، عبر تداعيات ضارة على الاستقرار المحلي، حيث إن المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام لها تحدياتها الخاصة، منها الصراع البيني بين المتمردين وداخل المجتمع. وعلاوة على ذلك، فإن المنظمات الإنسانية المحلية والدولية في المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام لديها أوجه قصور خاصة بها، مثل هياكل الحكم المحلي التي تسيطر عليها السلطات الكردية والقبائل العربية وائتلاف قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وعلى الرغم مما قيل، من الضروري إشراك سورية بطريقة تعكس واقع البلاد بعد تسعة أعوام من الحرب، بدلًا من فرض مخططات بديلة. تتمتع الجيوب التي يسيطر عليها المتمردون في سورية بالحكم الذاتي فعليًا، حيث ظهرت هياكل إدارية لامركزية ومحلية وتبلورت خلال الصراع. إن ترسيخ حكم الجيوب ضمن إستراتيجية طويلة الأجل سيعزز مرونة هذه الهياكل، ويخفف من التحديات التي يفرضها الصراع، ويُعيد ترسيخ السلام والأمن، من خلال تعزيز التعاون الوثيق مع الجهات الفاعلة المحلية، وزرع اليقين السياسي في الجيوب من خلال هذه العملية، وإرساء قواعد الانطلاق لنظام سياسي واقتصادي طويل الأمد. سيساعد هذا في الحدّ من آثار الصراع من الدرجة الثانية والثالثة للصراع، مع إعداد المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام بشكل أفضل لمواجهة أزمات غير متوقعة، مثل جائحة (كوفيد -19) وتحسين قدرتها على احتجاز المقاتلين الجهاديين الأجانب الذين أُسروا في أثناء حملة مكافحة الدولة الإسلامية (داعش). ترفض هذه الورقة التحليلية المقترحات الانتقالية لما بعد الصراع التي قدمتها كل من محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة وروسيا، باعتبارها من غير المرجح أن توفر نتائج شاملة بعد الصراع. وتعترض على تقاسم السلطة والحكم اللامركزي كجزء من تسوية ما بعد الصراع، لأن هذا الأمر يحتاج إلى مستوى من التنسيق مع النظام (أو الخضوع له) لم يتحقق بعد. وستُسرع هذه الخيارات إما في توطيد النظام، وإما في توفير ستار من الدخان لاستمرار فظائع النظام، أو ستفشل في استيعاب تعقيدات المشهد السياسي والأمني في سورية.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل