المحتويات
المقدمة
الرسوم الكاريكاتيرية بوصفها حوامل للفكر السياسي
الاستعارات
تدفق اللاجئين السوريين إلى البلدان الحدودية المجاورة
استجابة الاتحاد الأوروبي لقضية اللاجئين
استجابة الولايات المتحدة لقضية اللاجئين السوريين
استجابة دول الخليج لأزمة اللاجئين السوريين
الخلاصة
عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية | Whose Problem Is It Anyway? The Depiction of Syrian Refugee Influx in Political Cartoons |
اسم الكاتب | Özlem Özdemir & Emrah Özdemir أوزلام أوزدمير و أمراه أوزدمير |
مصدر المادة الأصلي | دراسات سورية، SYRIA STUDIES |
رابط المادة | https://ojs.st-andrews.ac.uk/index.php/syria/article/view/1480 |
تاريخ النشر | 21/1/2017 |
المترجم | أحمد عيشة |
تُظهر الرسوم الكاريكاتيرية السياسية أزمة اللاجئين السوريين، وتدفقهم إلى البلدان المجاورة والأوروبية من منظوراتٍ مختلفة باستخدام كلٍ من الاستعارات البصرية واللفظية بطريقةٍ كاريكاتيرية. ولهذا السبب، يهدف هذا البحث إلى الكشف عن الكيفية التي تُقدم فيها الرسوم الكاريكاتيرية السياسية الرحلة المحفوفة بالخطر التي يواجهها اللاجئون السوريون، وعائلاتهم بصريًا وكتابيًا. وفي هذا الصدد، جرى اختيار اثني عشر رسمًا كاريكاتيريًا سياسيًا بعشوائية من موقع الكاريكاتير السياسي العالمي المعروف cagle.com بين آذار/ مارس 2011 وشباط/ فبراير 2016 التي تشير إلى أزمة اللاجئين السوريين، وجرى تحليلها وفقًا للتحليل المجازي. من وجهة النظر هذه، وإطارًا نظريًا، تستخدم هذه الورقة مقاربةً سيميائية تشير إلى العلاقة بين الإشارات، والمعاني. إن تجسيد أزمة اللاجئين السوريين، والمواقف السياسية لمختلف البلدان، وتصوراتهم كما تعكسها الرسوم الكاريكاتيرية السياسية، هي نقطة التركيز في هذا البحث. تبين النتائج أنَّ البلدان ما تزال غير مبالية عمومًا بحركة اللاجئين السوريين. وفي الواقع، فإنَّهم لا يعدّون هذه القضية مشكلتهم الخاصة، ولا يرون فيها إلا التهديدات لمصالحهم الأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي يتعرضون لها نتيجةً لهذا التدفق. وعلاوةً على ذلك، فإنَّ اللاجئين السوريين يُصَورون وحيدين، وضعيفين وغير مرغوبٍ فيهم.
المقدمة
يمكن للرسوم الكاريكاتيرية، بوصفها أداة اتصالٍ بصرية، أنْ تعبر عن آراءٍ وتصوراتٍ مختلفة في موضوعات متباينة ومتنوعة، مثل القضايا الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والفنية، والتاريخية. إنَّ الاختلاف بين الرسوم الكاريكاتيرية وأدوات الاتصال المرئي الأخرى هي أنّها تستخدم السخرية، ما يجعل القراء يضحكون، وكذلك يتفكرون. وكما ذكر فيسك (1990: 48)، “الرسوم الكاريكاتيرية هي أمثلةٌ على الرسائل التي تحاول نقل كميةٍ كبيرة من المعلومات بوسائل بسيطة ومباشرة، وتستخدم دوالَ بسيطة لمدلولاتٍ معقدة”. وباتباع هذا الافتراض، تركّز هذه الورقة على الرسوم الكاريكاتيرية السياسية التي تقدّم الصورة البصرية، واللفظية لأزمة اللاجئين السوريين بعدّها مشكلةً سياسية، واجتماعية، وثقافية بطريقةٍ ساخرة. من هذا الجانب، تعدّ هذه الورقة الرسوم الكاريكاتيرية حوامل للتفكير السياسي في الولايات المتحدة، والدول المجاورة الأوروبية، والعربية.
لقد دخل الصراع المستمر في سورية عامه الخامس، وأدى غياب أيّ حلٍّ سياسيّ، والانتهاكات لحقوق الإنسان، وغياب الأمن، والتجاوزات، خلال هذه المدّة إلى إجبار كثير من السوريين على مغادرة بلدهم (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 2016). وخلال هذه الحرب الأهلية، قُتل أكثر من 250000 مدنيّ، وأُصيب أكثر من مليون شخص. كما عانى حوالى 6.5 مليون سوريّ النزوح الداخلي، -وغالبا ما يتكرر ذلك مرات عدّة- ما جعل من الأزمة في سورية أكبر أزمة نزوحٍ في العالم. في داخل سورية اليوم، يُقدَّر أنَّ 4.8 مليون شخصٍ بحاجةٍ إلى مساعداتٍ إنسانية في أماكن محاصرة، ويصعب الوصول إليها. إنَّ غياب الأمن، والعنف یحدّان من وصول المساعدات الإنسانية، وخدمات المساعدة إلی مختلف أنحاء البلاد (مکتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانیة، 2016، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئین، 2015).
وبسبب هذه الأوضاع المتدهورة، يسعى السوريون -الذين يشكّلون إحدى أكبر مجموعات اللاجئين في العالم- إلى الحماية، والسلامة، والحياة الأفضل سواء في البلدان المجاورة أم الغربية. في حين هرب العدد الأكبر من اللاجئين السوريين إلى البلدان المجاورة، مثل العراق (245022)، ومصر (117658) ولبنان (1069111)، والأردن (637859)، وتركيا (2620553) (مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، 2016)، فإنّ آلاف السوريين هم في طريقهم إلى البلدان الأوروبية.
يدخل اللاجئون السوريون بشكلٍ غير قانوني إلى أوروبا إما عابرين البحر، أو الحدود البرية. وهم في الأغلب يسافرون في قواربَ غير صالحةٍ للإبحار عبر بحر إيجة، والبحر الأبيض المتوسط، ومن المؤسف أنَّ بعض هذه الرحلات تنتهي بمأساةٍ كما في مثال الموت المأسوي لأيلان الكردي البالغ من العمر ثلاث سنوات، (مفوضية اللاجئين، 2015). إنَّ عدد اللاجئين السوريين الذين يصلون إلى أوروبا يتزايد يومًا بعد يوم، إذ كان عدد السوريين الذين طلبوا اللجوء في أوروبا في المدّة ما بين نيسان/ أبريل 2011 وكانون الأول/ ديسمبر 2015، قد بلغ 897645 طلبًا.
ويشمل هذا العدد 20 في المئة فقط من مجموع اللاجئين السوريين الذين غادروا بلدهم (مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، 2016). إنَّ صربيا (وكوسوفو: S/RES/1244 [1999])، وألمانيا، والسويد، وهنغاريا، والنمسا، وهولندا، والدنمارك هي أكبر البلدان التي تتلقى طلبات اللجوء، بينما لم تستقبل بلدان أوروبية أخرى، مثل المملكة المتحدة، وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وبولندا، وفنلندا سوى 12 في المئة من مجموع الطلبات (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 2016).
وعلى الرغم من هذه الأرقام المتزايدة، لم ترحب كلُّ الدول الأوروبية باللاجئين السوريين. بل على العكس من ذلك، يبذلون مساعٍ جادة لمنع تدفق اللاجئين السوريين. فالنمسا، ومقدونيا، وهنغاريا، وسلوفينيا، على سبيل المثال، أقامت أسوارًا لوقف تدفق المهاجرين (غراهام-هاريسون،31 تشرين الأول/ أكتوبر؛ سميل، 24 آب/ أغسطس؛ توملينسون، 10 أيلول/ سبتمبر). واتخذت السلطات البلغارية أيضًا تدابير لتقييد الوصول إلى أراضيها على طول الحدود مع تركيا، واعتقلوا 6600 لاجئٍ سوريّ عبروا الحدود البلغارية بصورة غیر قانونيّة في عام 2013 (المفوضية، 2014). وتضع بعض الصحف هذه القضية على أجنداتها وتكشف عن موقفها الضعيف. نشرت وكالات الأنباء حوادث عدّة تعرّض فيها اللاجئون السوريون للضرب من الشرطة، أو الجنود عندما كانوا يريدون عبور الأسوار (تورنتون، 6 أيلول/ سبتمبر2015، ويتنال، 6 أيلول/ سبتمبر، فوستر، 20 شباط/ فبراير).
غير أنَّ السكان الأوروبيين لم يولوا كثيرًا من الاهتمام لأزمة اللاجئين إلى أنْ نشرتْ وسائل الإعلام حدثيّن: جثة الصبي السوري البالغ من العمر ثلاث سنوات، أيلان الكردي، مرميًا على شاطئٍ تركي بعد غرقه في الرحلة، واللاجئ السوري البالغ من العمر 53 عامًا، أسامة عبد المحسن الذي تعرض لعرقلةٍ من مصوّرةٍ هنغارية بينما كان يحمل ابنه على الحدود الهنغارية الصربية (ثأرور، 3 أيلول/ سبتمبر، ليستر، 18 أيلول/ سبتمبر). وقد جلبت هاتان الحالتان الرمزيتان حالة اللاجئين السوريين الذين يفرون من الحرب، والفقر، والاضطهاد، والصراع والعنف، إلى مقدمة الخطاب العام. وإضافة إلى ذلك، سلّطتْ هاتان الحادثتان الضوء على معضلة الدول الغربية بين ترددها الناشئ عن المصالح الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، ومسؤوليتها الأخلاقية تجاه السوريين الأبرياء الذين تتعرض حياتهم لخطر الموت، ساعينَ نحو حياةٍ أفضل.
ومن الممكن أنْ نشير إلى مزيد من الحوادث المأسوية للاجئين السوريين الذين يحاولون الوصول إلى شواطئ أوروبا. هناك سببان رئيسان وراء تفضيل ملايين اللاجئين السوريين لدول الاتحاد الأوروبي على الدول العربية. أولًا، على الرغم من أنَّ دول الخليج مثل البحرين، والكويت، وعُمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة هي من بين أكبر الجهات المانحة للاجئين السوريين، إلا أنَّ هذه الدول العربية لا تسمح بدخول اللاجئين السوريين إلى أراضيها. وهذا ليس شاغلًا أو قلقًا خاصًا باللاجئين السوريين، ولكنْ لا تعترف أيّ من هذه البلدان رسميًا بالمفهوم القانوني للجوء، ولم توقّع أيّ دولةٍ من دول الخليج الست على القرارات الدولية المتعلقة بحقوق اللاجئين ومن هم بلا جنسية، وهي القرارات التي بدأ الاعتراف بها بعد الحرب العالمية الثانية. والسبب الثاني هو أنَّ بلدان الاتحاد الأوروبي وقعّت على اتفاق الأمم المتحدة بشأن اللاجئين التي تمنح حقوقًا مهمة لحياةٍ أفضل. وإضافة إلى ذلك، هناك بعض دول الاتحاد الأوروبي التي تمنح الوضع القانوني للاجئين. وحتى الآن، لا توجد سياسةٌ شاملة موحدة دولية بشأن اللاجئين لحلّ أزمة اللاجئين، وهذه القضية هي أيضًا أحد أكبر العوامل المسهمة في الأزمة (مالسين، 8 أيلول/ سبتمبر، وكينينمونت، 9 أيلول/ سبتمبر).
على الرغم من أنَّ هذه القضايا قد جرى تناولها في وسائل الإعلام من خلال وسائط مختلفة، مثل الأفلام الوثائقية، والبرامج الإخبارية، والبحوث المعمقة، والرسوم الكاريكاتيرية السياسية موضوع الورقة. إنَّ كل العملية السياسية تقريبًا لأزمة اللاجئين السوريين، ومسارهم إلى حدود بلدان الاتحاد الأوروبي تصوّرها الرسوم الكاريكاتيرية السياسية، وخصوصًا من منظور نقدي. لذلك، يركّز هذا البحث على الرسوم الكاريكاتيرية السياسية للنظر في أزمة اللاجئين السوريين من وجهة نظر مختلفة. جرى اختيار الرسوم السياسية عشوائيًا من الموقع gle.com العالمي المعروف في شبكة الإنترنت، وهو موقع رسومٍ كاريكاتيرية سياسية يعطي أفضل الأمثلة على الرسوم الكاريكاتيرية. تستخدم الرسوم الكاريكاتيرية السياسية المجاز البصري لتفسير أزمة اللاجئين السوريين بصورة هزليّة. فالرسوم الكاريكاتيرية السياسية لا تنطوي على رسائل بصرية فحسب، بل على رسائل نصيّة أيضًا بشأن الحوادث السياسية المقدمة من خلال الرموز الثقافية. إنّها وسيلةٌ اجتماعية مهمة نظرًا إلى تعدد معناها وشكلها (غوتشيك، 1998: 2). تشرح الرسوم الكاريكاتيرية ببساطة، وتلخص تدفق اللاجئين السوريين، وردات فعل الدول الغربية، والعربية على وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات. وتوضح صعوبة رحلة اللاجئين السوريين عبر البحر والبر. وبما أنَّ الرسوم الكاريكاتيرية السياسية تستخدم رسائل نصية، وبصرية في وقتٍ واحد، فهي أكثر فاعلية في لفت انتباه المجتمعات، أو الدول، أو الحكومات بالنسبة إلى حالات اللاجئين السوريين التي لا يُمكن تخيّلها. ومن هذا المنظور، يمكن لهذا البحث أنْ يقدّم إسهامًا مهمًّا في فهم مختلف التصورات حول أزمة اللاجئين السوريين، فضلًا عن سدِّ الفجوة في الأبحاث المتعلقة بتحليل الرسوم الكاريكاتيرية السياسية بوصفها طريقة مختلفة للتعبير عن النقد السياسي.
ومن ثم، تهدف هذه الورقة إلى المسهمة في البحوث الموجودة في أربع طرائق. أولًا، تساعد على فهم أزمة اللاجئين السوريين. ثانيًا، تظهر بوضوح كيف يجري تمثيل اللاجئين السوريين بصريًا في الرسوم الكاريكاتيرية السياسية. وثالثًا، تصوّر استجابة البلدان مع مشكلة اللاجئين. وأخيرًا، فإنّها تلفت الانتباه أيضًا إلى أزمة اللاجئين العالمية، ومواقف طالبي اللجوء.