عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية: | Turkey and Qatar’s Burgeoning Strategic Alliance |
اسم الكاتب | جورجيو كافيرو ودانييل واجنر |
مصدر المادة الأصلي | معهد الشرق الأوسط Middle East Institute |
رابط المادة | http://www.mei.edu/content/article/turkey-and-qatar-s-burgeoning-strategic-alliance |
تاريخ النشر | 8 حزيران/ يونيو 2016 |
المترجم | وحدة الترجمة في مركز حرمون – فاتن شمس |
المحتويات
رابعًا: المشهد العام لأمن الخليج.. 6
أولًا: مقدمة
بين صعود حزب العدالة والتنمية (A.K.P.) إلى السلطة مطلع الألفية الثالثة، واندلاع الأزمة السورية عام 2011، بدا نهج السياسة الخارجية التركية (صفر المشاكل مع دول الجوار) جديرًا بالثناء؛ ومع ذلك، فإن أفضل ما توصف به سياسة أنقرة الخارجية -اليوم- هو “صفر من دول الجوار دون مشاكل”؛ فاستجابة للانتفاضات العربية عام 2011، تحوَّل تخطيط أنقرة من طور القوة الناعمة في المقام الأول، إلى اعتناق قوة السلاح، ولاسيما في العراق وسورية، وقد أثار هذا التحول غضب لفيف من حكومات الشرق الأوسط، من مصر إلى إيران، والعراق، و الإمارات العربية المتحدة.
ووسط النكسات الكبرى، والاستراتيجيات الفاشلة في الشرق الأوسط المضطرب، رأت القيادة التركية -أخيرًا- في قطر الحليف العربي الأكثر ثقة لأنقرة. وفي الواقع، وفي إطار هذا السياق الجيوسياسي، كان سفير أنقرة لدى الدوحة قد أعلن العام الماضي عن خطط؛ لإقامة قاعدة عسكرية تركية-قطرية مشتركة في قطر، وفي صميم الاتفاق السياسي العسكري التركي اللاحق مع الدوحة، اعتراف علني بأن الدولتين كلتيهما تواجهان أعداء مشتركين، وترعيان الجهات غير الحكومية الفاعلة نفسها، ولديهما ردود أفعال متشابهة إزاء العديد من الأزمات الإقليمية، وتشتركان -أخيرًا- في أهداف عدّة على المدى الطويل.
بموجب الاتفاق، تعهدت تركيا بحماية قطر من التهديدات الخارجية، وهو تقدّم طبيعي؛ لتعزيز العلاقات العسكرية التدريجي بين البلدين، والذي يعود إلى اتفاقية التعاون في مجال الصناعة الدفاعية، الموقعة عام 2007، وقد أبرمت كل من تركيا وقطر اتفاقيات عسكرية لاحقة في العام 2012. وبموجب الاتفاقية الحالية، والتي تقضي بتبادل المعلومات الاستخباراتية أيضًا، فإن ما يصل إلى ثلاثة آلاف (3000) فرد من العسكريين الأتراك سيتمركزون في قطر، و مقابل التزام تركيا بأمن الإمارة العربية الخليجية الصغيرة؛ عرضت الدوحة المساعدة في تعويض خسارة السياحة الروسية في تركيا، في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية عام 2015، بما تُقدَّر قيمته بزهاء ثلاثة مليارات دولار أميركي من الدعم الاقتصادي، وكذلك ضمانات بتصدير الغاز غدت وشيكة، إذا ما قررت موسكو المضي في معاقبة أنقرة، بحجب إمدادات الغاز الطبيعي مستقبلًا.
ثانيًا: مصالح تركيا
في الواقع، إن الإعلان عن قاعدة عسكرية مشتركة تركية – قطرية، إعلان مفعم بالرمزية؛ فمنذ سقوط الإمبراطورية العثمانية، وقيام الثورة الإيرانية عام 1979، لطالما نظرت النخبة الكمالية في تركيا إلى الشرق الأوسط كمنطقة خطرة ومعقدة، تعاني من العنف القبلي والطائفي، ومن الأصولية الدينية، وبخلاف حزب العدالة والتنمية (A.K.P.)، الذي كان قد عزم على استعادة النفوذ التركي في منطقة الشرق الأوسط، كانت المعارضة العلمانية في تركيا تُقدِّر الجهود الرامية إلى تحسين علاقات أنقرة مع الغرب، وليس مع العالم العربي المضطرب.
بعد قرابة المئة عام من مغادرة القوات العثمانية حاميتها الأخيرة في الخليج “الفارسي”، فارِّين إلى إيران إثر المواجهات العنيفة مع البريطانيين، انسجمت عودة الجيش التركي إلى قطر مع تصورات طموحات “العثمانين الجدد” من جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وسواء أكان هناك دليل على سعي تركيا -فعليًّا- إلى استعادة أمجاد العثمانيين أم لم يكن؛ فإنه من الواضح أن أنقرة مهتمة ببسط النفوذ التركي على الأراضي التي حكمها العثمانيون يومًا، بما فيها السواحل الجنوبية للخليج. إذ أن هناك سوقًا مربحة للسلاح، فضلًا عن أنها لا تضرّ.
إن إعادة تأكيد النفوذ الروسي في المنطقة بأسرها، وبأهمية أكبر في سورية، يغذي -بالتأكيد- هذا الطموح، ولاسيما مع تصاعد التوتر في العلاقات التركية الروسية. وعلى الرغم من أنه قبل العام 2011، كان ثمّة حديث كثير عن تعميق الروابط التركية الروسية في مجال الطاقة، إلا أن الرهانات المتعارضة، في الحرب الأهلية في سورية، قد حرّضت البلدين ضد بعضهما بعضًا.
وبالمثل، فقد تدهورت علاقة تركيا بإيران، ما إن وجدت أنقرة وطهران نفسيهما على طرفي نقيض من الصراع السوري؛ ذلك على الرغم من أن إحدى مبادرات السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية (A.K.P.)، منتصف/أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة، قد استوجبت تحسين علاقات تركيا مع الجمهورية الإسلامية، ضمن إطار “صفر المشاكل مع دول الجوار”، غير أن الحرب في سورية قد أزَّمت العلاقات، على الرغم من بقاء روابطهما الاقتصادية قوية.
وقد أدى استمرار الدعم الروسي والإيراني للنظام السوري إلى انتكاسات كبرى للسياسة التركية في سورية، والتي كانت قد سعت للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، واستبداله بحكومة إسلامية سُنِّية صديقة لتركيا. وفي المقابل، فقد وجدت تركيا قضية مشتركة أكبر مع دول الخليج العربي، التي ترعى الجهات الفاعلة نفسها في الصراع السوري، ومع قطر أكثر من غيرها؛ حيث يتشارك البلدان في تفضيل متماثل للحركات الإسلامية السُنِّية. إن انخراط روسيا في الصراع السوري، وبوصفها لاعبًا رئيسًا في منطقة الشرق الأوسط، يُعقِّد مخططات تركيا، الخاصة بتوسيع نفوذها في المنطقة، كما أن تعميق التعاون بين موسكو وطهران، والذي يُوسِّع من وجودها في العالم العربي أيضًا، قد أعطى تركيا دفعاً أكبر لتركيا للسعي نحو بناء تحالف محليِّ؛ ليكون تحالفًا مضادًا، لاسيما بالنظر إلى عدم وجود اهتمام من الولايات المتحدة في القيام بدور قيادي في النظام الأمني الإقليمي المتغيّر. وتمثل قطر الهدف الأول الواضح، نظراً لأنها الدولة الأكثر انحيازًا إلى رؤية حزب العدالة والتنمية (A.K.P.) الإقليمية.
وتدخل السياسة الداخلية في المعادلة أيضًا؛ فتضييق أردوغان على الاحتجاج والصحافة، فضلًا عن فضائح الفساد المستمرة، وارتفاع وتيرة الاحتكاك بين حزب العدالة والتنمية، والعديد من شرائح المجتمع التركي، علاوةً على معارضتها أردوغان؛ دفع كل ذلك باتجاه توسيع الوجود العسكري للبلاد في الخارج، وتتفق القاعدة العسكرية المشتركة في قطر تمامًا مع استراتيجية أردوغان في اللعب بورقة القومية على الساحة الدولية؛ لصرف الانتباه عن المخاوف الداخلية. لم يكن أردوغان الزعيم الأول في التاريخ الذي قام بذلك، غير أن ميله إلى نمط الحكم السلطوي لم يتجلّى بهذه القوة التي هو عليها اليوم. وتثير تصرفات أردوغان تساؤلات، ليس بين منتقديه في تركيا فحسب، بل بين كثيرين في المجتمع الدولي كذلك، حول المدى الذي قد تؤثر فيه طموحاته السياسية في تحديد السياسة الخارجية لأنقرة للمضي قُدُماً.
ثالثًا: مصالح قطر
على الرغم من ثرائها المعروف، وغناها بالموارد المعدنية؛ فلا تزال قطر واحدة من أصغر الدول في منطقة الشرق الأوسط، محاطة بقوىً أكبر منها بكثير، ولحماية سيادة دولة قطر وأمنها؛ فقد اعتمد المسؤولون في الدوحة -تاريخيًّا- على الدعم الخارجي للدفاع، وكونها الحليف العسكري الرئيس للولايات المتحدة، والمستضيفة مقر القيادة المركزية الأمريكية (USCENTCOM)، وعضوًا في مجلس التعاون الخليجي (G.C.C.)؛ فإن قطر تعتمد -بشكل كبير- على علاقاتها مع واشنطن والرياض في مجال الأمن الداخلي، ومع ذلك، فإنّ استراتيجية الدوحة للأمن الدولي، تتوقف على احتضان مجموعة من الدول بوصفهم شركاء دفاع، وتأليب مصالحهم الجيوسياسية المتنافسة ضد بعضهم بعضًا؛ لتعزيز مصالح قطر الوطنية من خلال هذه العملية.
ومع أنها دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي، فإن قطر لطالما عدّت المملكة العربية السعودية جارًا متعجرفًا، لا يحترم -دائمًا- سيادة الدولة العربية الخليجية الصغيرة واستقلالها، وقد كان لديهما خلافات في السابق، ولم يكن بناؤها علاقات مع تركيا إلا طريقة لإبقاء قطر على بعض خياراتها مفتوحة، والاحتفاظ بمجال للمناورة أمام الموقف السعودي المهيمن، وليس المقصود من إنشاء القاعدة العسكرية التركية – القطرية المشتركة، أن تكون بديلة عن القيادة المركزية الأميركية، وإنما تندرج ضمن استراتيجية الدوحة في تنويع شبكة الإمارة من شركاء الدفاع، في الوقت الذي توفر فيه لدول أكثر نفوذًا في العالم حصصًا عليا في قَطَر مستقرة ومزدهرة.
رابعًا: المشهد العام لأمن الخليج
لسنوات عديدة عملت السياسة الخارجية لدولة قطر خارج إطار السياسة الفعلية لمجلس التعاون الخليجي، وغالبًا ما أغضب نهج الدوحة، المستقل -نسبيًّا- في الشؤون الخارجية، المسؤولين في الرياض وأبوظبي، الذين اتهموا القطريين بتقويض الأمن الجمعي لدول مجلس التعاون الخليجي، وقد كان دعم قطر للإخوان المسلمين مصدرًا رئيسًا للتوتر بين الدوحة ودول الخليج العربي الأخرى، وفي نظر العديد من الأنظمة العربية، فإن قناة الجزيرة الحكومية القطرية ما هي إلا بوق للإخوان المسلمين.
في شهر آذار/ مارس من العام 2014، أشعل هذا التوتر شرارة أزمة دبلوماسية، قامت على إثرها كل من البحرين، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، بسحب سفرائها من الدوحة، في محاولة لمعاقبة قطر على دعم الإخوان المسلمين، وعلى الرغم من أنه بحلول تشرين الثاني/ نوفمبر كان كل من السفراء: البحريني، السعودي، الإماراتي، قد عادوا إلى قطر، غير أن أمير قطر الجديد ، الذي اعتلى العرش عام 2013، فهم أن استراتيجيات والده، في السياسة الخارجية، قد أثبتت أنها مكلفة للدوحة؛ فقام الأمير تميم بعمل مثير للإعجاب في إصلاح علاقات الدوحة مع غيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، ومع ذلك، استمر دعم قطر الفصائل الإسلامية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ليكون مصدرًا للتوتر في علاقة قطر مع غيرها من الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ولاسيما الإمارات العربية المتحدة، ومع مصر، ومن خلال تعميق علاقاتها مع تركيا، التي تمتلك أجندة سياسة خارجية تتسق تمامًا مع قطر؛ تسعى الدوحة إلى تأمين قدر أكبر من النفوذ في مواجهة جيرانها من دول الخليج العربي، من خلال تنمية شراكتها العسكرية مع دولة من غير دول مجلس التعاون الخليجي.
ما المخاطر التي قد تلحق بالمملكة العربية السعودية، من جراء وجود القاعدة العسكرية، التركية –القطرية؟ من جهة، كان ثمّة توتر بين الرياض وأنقرة، ناجم عن دعم الأخيرة الإخوان المسلمين، ولاسيما ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، ويخشى بعض من في المنطقة من أن حزب العدالة والتنمية كان يأمل ركوب موجة انتصارات الإخوان المسلمين، في بلدان ما بعد الربيع العربي؛ ليصل إلى مكانة من الهيمنة في المنطقة العربية، وفي ضوء ذلك؛ فإن العلاقة القطرية-التركية الوثيقة، قد تثير قلق الممكلة العربية السعودية.
ومن جهة أخرى، فإنه من المهم تقييم التوتر المتناقص، بين المملكة العربية السعودية وتركيا، منذ تولي الملك سليمان العرش أوائل عام 2015؛ فمن خلال النظر إلى الإخوان المسلمين، بوصفهم أقل تهديدًا مما كان يعدّهم الملك عبد الله، ومن خلال التطلع إلى إمكانية تعاون أكبر مع أنقرة، في شأن الأزمة السورية، فقد تعدّ المملكة -في نهاية المطاف- الوجود العسكري التركي في قطر يتماشى نوعًا ما مع مصالح الرياض، في الوقت الراهن على الأقل. وفي الواقع، فإن الرياض، الدوحة، أنقرة، تشترك في العديد من الأهداف المشتركة في المنطقة، ليس في سورية فحسب، وإنما في اليمن كذلك، حيث تؤيد الحكومات الثلاث حكومة عبد الهادي منصور المعترف بها دوليًّا.
و”الفيل في الغرفة” هو إيران بالطبع، (والمشكلة الحقيقية التي يتم تجاهلها، هي إيران بالطبع). في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، صعق نائب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، العالم بإعلانه عن إنشاء التحالف العسكري الإسلامي، المكوَّن من أربعة وثلاثين (34) عضوًا (I.M.A.)، وكان الغياب الملحوظ لإيران والعراق عن التحالف العسكري الإسلامي، يؤكد الأجندة السُنِّية الشاملة التي تقوده، وبالنظر إلى أن تركيا وقطر عضوان في هذا التحالف العسكري السُنِّي الشامل؛ فمن الممكن للرياض -في النهاية- أن تحتضن القاعدة العسكرية المشتركة في قطر، فضلًا عن دور عسكري تركي أقوى في المشهد الأمني للخليج “الفارسي”. ونظرًا لحرب الرياض الباردة مع طهران؛ فقد يكون حُكَّام آل سعود أكثر تقبلًا للقاعدة العسكرية المشتركة، لدرجة أن أنقرة والدوحة لاتزالان متحالفتان مع المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية الخاصة بها، ولاسيما فيما يتعلق بسورية واليمن.
ومع ذلك، فقد يعارض اثنان من أعضاء التحالف العسكري الإسلامي الوجود العسكري التركي في قطر؛ فقد كان لمصر والإمارات العربية المتحدة مشاكل كبرى مع أنقرة والدوحة كلتيهما؛ بسبب دعمهما الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، فانتقاد أردوغان القاسي للجيش المصري، بعد إسقاط محمد مرسي، في تموز/ يوليو 2013، دفع مصر إلى خفض مستوى العلاقات مع تركيا، وأحكام الإعدام المُعلن عنها مؤخرًا، والتي سُلّمت لستة صحافيين، بمن فيهم اثنان من قناة الجزيرة، زُعم تورطهما في تسريب أسرار الدولة إلى قطر؛ أكدت انعدام الثقة بين القاهرة والدوحة، وفي ذلك الوقت، اتهم مسؤولون مصريون قناة الجزيرة بدعم الانتفاضة، وعدّوه ثأرًا قطريًّا من الرئيس السابق حسني مبارك.
في السنوات الأخيرة، تعارضت مصلحة تركيا والإمارات العربية المتحدة في مصر وليبيا، ومع ذلك، عيّنت أبوظبي، الشهر الماضي، سفيرًا جديدًا لدى أنقرة، بعد ثلاث سنوات من سحب الإمارات العربية المتحدة مبعوثها من تركيا، ردًّا على إدانة أنقرة عزل الرئيس مرسي قسريًّا في القاهرة عام 2013، وتشير هذه الخطوة إلى مصلحة محتملة، من جانب الإمارات العربية المتحدة، في التوصّل إلى تقارب مع القيادة التركية.
خامسًا: ملء الفراغ
مع احتضان قطر تركيا، بوصفها شريكًا دفاعيًّا، خلال فترة من الاضطراب الإقليمي المتزايد، تابع المسؤولون في الدوحة تحركات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، والتي كانت قد تحولت نحو شركاء جدد؛ لأغراض دفاعية، واستجابة لما يتصورونه تناقصًا في مصلحة ونفوذ أميركا في منطقة الشرق الأوسط؛ يدفع مسؤولو مجلس التعاون الخليجي باتجاه إعادة اصطفاف النظام الإقليمي، علاوة على ذلك؛ فإن دول الخليج العربي تتشارك المخاوف من تراجع محتمل للأهمية الاستراتيجية، المتصوَّرة نسبيًّا لمجلس التعاون الخليجي، لدى أميركا؛ كنتيجة لذوبان الجليد في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، وقد أدى تراجع واشنطن عن دورها السابق، كقوة إقليمية مهيمنة، إلى خلق مساحة لبنية أمنية جديدة في الشرق الأوسط، ، وإن تكن غير مرغوب فيها من عدد من حلفائها، ويشكل التحالف العسكري الإسلامي، فضلًا عن المساعي العسكرية التي تقودها السعودية، جزءًا من محاولة إعادة تعريف البنية الأمنية في المنطقة، ويمكن أن يُرى التحالف العسكري التركي-القطري الجديد من الزاوية نفسها، ولكن يبقى السؤال ما إذا كان هذا التحالف سيعمل كمحور مستقل في المنطقة، أم سينضوي تحت راية التحالف السُنِّي الضخم، الذي تتوخاه الرياض.
وعلى الرغم من أن حُكَّام الخليج العربي مصممون على حفظ تحالفهم مع الولايات المتحدة، غير أن دول مجلس التعاون الخليجي تتابع ترتيباتها الدفاعية الخاصة؛ لضمان أمنها لسنوات مقبلة، وقد عمَّق مجلس التعاون الخليجي -بالفعل- علاقاته الدفاعية مع فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، روسيا، والمملكة المتحدة، وقد اغتنمت تركيا فرصة استراتيجية للدخول إلى المشهد الأمني المتغيّر في منطقة الخليج. ويبقى أن نرى كيف ستكون ردة فعل الدول الخمس الأخرى، من مجلس التعاون الخليجي، على عودة القوات التركية إلى الخليج، بعد قرن من هزيمة البريطانيين للعثمانيين، وبغض النظر، هناك من الأسباب ما يدعو إلى توقُّع أن تقوم تركيا وقطر بتعميق تحالفهما الاستراتيجي في المستقبل، وسط الهياج الجيوسياسي المضطرب في المنطقة.