عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية: | Turkey and Iran: Bitter Friends, Bosom Rivals |
اسم الكاتب | فريق في مجموعة الأزمات الدولية |
مصدر المادة الأصلي | مجموعة الأزمات الدولية |
رابط المادة | https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/iran/b051-turkey-and-iran-bitter-friends-bosom-rivals |
تاريخ النشر | 13 كانون الأول/ديسمبر 2016 |
المترجم | محمد شمدين |
المحتويات
نظرة عامة
أولًا: توأم سيامي إقليمي
مشاركة المخاوف
عدم ثقة متبادل
ثانيًا: بين التنافس والتعاون
الخاتمة
تهدد الخلافات الجديدة في العراق وسورية التدابير السلمية المعروفة لتركيا وإيران في تنافسهما على الشرق الأوسط، ولإعادة بناء الثقة وتجنب صراع علني، عليهما التنسيق للحد من التصعيد، والتعاون الاستخباري، وتعيين ممثلين لفتح قناة جديدة بين قادتيهما.
نظرة عامة
حافظت تركيا وإيران على السلام بينهما على مدى قرنين من الزمن، على الرغم من المنافسة الجيوسياسية العنيفة بينهما من بلاد الشام إلى العراق والقوقاز، وظلّت العلاقة محصورة بالنمو في قطاعي الطاقة والتجارة، وكذلك في التعاون الإقليمي عندما تتقارب مصالحهما. إلا أنّهما اليوم في وقت يزداد التداخل الاقتصادي بينهما، فإنّ الاختلاف العميق بين مصالحهما في العراق وسورية يضع هاتين الإمبراطوريتين السابقتين على مسار تصادمي. لم يسعف الوقت بعد في ضبط الحاجات الماسة، ولكن حين يعترف كل من الطرفين بالمصالح الجوهرية للآخر، لعكس المسار، والأخذ بخطوات تسمح لكليهما بإدارة اختلافاتهما إدارةً سليمة، بمثل ما كانا يفعلان على مدار 200 سنة تقريبًا.
يمكن للتداخل الإثني والثقافي في بعض المرات أن يجعل البلدين كليهما أشبه بوجهين لعملة واحدة، إلا أن إيران من دعاة قيادة المنطقة عن طريق الإسلام الشيعي والحكم الديني، في حين إنّ الدستور العلماني التركي بُنيَ على أسس السلوك الإسلامي السنّي. بحسب ما يصرح به مسؤولو البلدين ودبلوماسيوه عمومًا، فإنّ تركيا وإيران اتفقتا على تعزيز علاقتهما التي تأسست بعناية فائقة على مدار تاريخ طويل من التعايش بينهما. إلّا أنه منذ الاضطرابات التي اجتاحت الشرق الأوسط وشمال أفريقية منذ عام 2011، بطرائق مختلفة؛ فقد ازدادت الخلافات بينهما، بسبب ما يراه كل طرف بأن الآخر يجري مناورات عدائية، في بلدين بالغي الأهمية لكليهما: العراق وسورية، وقد تسبّبت عدم قدرتهما على تقبل كلّ منهما الآخر في إضعاف علاقاتهما القوية أو إنهائها.
يملك كلاهما شركاء ووكلاء محليين في ساحات القتال في الموصل، وتلعفر، وحلب والرقة، وتهيئ نفسها بقوة للسيطرة على ما سينشأ من تحت أنقاض الحروب الحالية. وعلى الرغم من أن كليهما حاول -بناءً على مصالح مشتركة- محاربة الدولة الإسلامية (داعش) أو تهميشها، والحدّ من صعود فكرة الحكم الذاتي لأكراد سورية، فإنّ شكوكًا عميقة حول طموحات الآخر في الاستفادة من الفوضى الدائرة، قد منعتهما من الوصول إلى ترتيبات تحدُّ من لهيبها، فهذه (الدينامية) هي البديل من التوجّه نحو تعميق التوترات الطائفية، وإراقة الدماء، وتفشّي الفوضى في أرجاء المنطقة جميعها، والمخاطر الكبيرة – وإن كانت من دون قصد- ستؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة بينهما، حيث تتعارض مجالات نفوذهما؛ فثمة احتمال واردٌ بأن طائرة الدرونز (طائرة من دون طيار) -التي قتلت الجنود الأتراك شمالي سورية في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016- كانت إيرانية الصنع كما تزعم أنقرة، وهذا ما يجعل الأمور تتجه إلى تصعيد خطِر.
وللتحرك في الاتجاه المعاكس، وتجنب الأسوأ، يحتاجان إلى التغلب على عدم الثقة المتبادلة. ولتحقيق ذلك، بوصفها أولوية ملحة، عليهما إقامة قناة لمواصلة المفاوضات على مستوى رفيع على مدى مواقفهما الإقليمية. وقد تسبّبت وتيرة الاجتماعات التي جرى عقدُها بمشكلة، فاللقاءات الدورية العليا تظلّ يومًا أو يومين، ثمّ تتبعها مراحل طويلة نسبيًا من الفراغ الدبلوماسي، وتميل إلى التصعيد، في حروب بالوكالة، والمزاودة. فعلى كلٍّ من الرئيسين؛ التركي رجب طيب أردوغان، والمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، تعيين مبعوث شخصيّ يتمتّع بصلاحيات كاملة لإدارة القناة الدبلوماسية.
إن قاما بذلك، وأظهرا الجدية وحسن النية، فسوف تتخذ الحكومتان أيضًا خطوات لبناء الثقة، من خلال تعاون استخباري أكثر إلى التنسيق لكبح جماح الاختلافات الأكثر خطورة. يمكن لإيران شمالي العراق أن تعرض أول خطوة، من مثل تجميد انتشار الميليشيات الشيعية في محافظة نينوى، والوحدات التي تتبع رئيس الوزراء العراقي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، في المقابل يجب أن تقوم تركيا بسحب دباباتها وسلاحها الثقيل من المنطقة. فإن نفّذتا إجراءات بناء الثقة جيدًا، فيمكن أن يمهّد ذلك إلى مبادئ اتفاق لحسن الجوار، والاعتراف المتبادل بالمصالح الجوهرية والمخاوف الأمنية المشروعة في المنطقة وتحديد الخطوط الحمراء بوضوح -مع احترام نشاط الآخر- للمصالح الجوهرية، ومخاوف الطرف المقابل، والمخاوف الأمنية في المنطقة، ووضع خطوط حمراء واضحة، في ما يتعلق بإجراءات يراها كل طرف معادية.
تملك الولايات المتحدة وروسيا، روابط عسكرية قوية بتركيا وإيران تواليًا، ولا بدّ لهما في كل قضية خلافية أو صراع مصالح من دعم خطوات كهذه. ما زالت تركيا وإيران حتى الآن عالقتين في شباك العلاقات الروسية-الأميركية، تناوران لخلق مساحة لقرارات مستقلة؛ وسوف يكون مقدرًا لهما النجاح فحسب؛ إن وجدا طريقة للعمل معًا.
بات كبح التصعيد وزيادة التنسيق بين أنقرة وطهران ضروريًا، ولكنه غير كافٍ لمعالجة العدوى، أمام الأزمات المتقاطعة، المتضمنة عددًا من اللاعبين والمشاعر الطائفية المتزايدة. حتى الوصول إلى هذه النقطة سوف يكون شاقًّا؛ فالتقويمات الانتخابية للبلدين كليهما مع السياسات المحلية، وتوازن العلاقات مع الشركاء الإقليميّين القلقين حول هذا التقارب، يمكن أن تعيق تقدمها، إلّا أن الجهد سيكون مهمًّا ويجب أن يكون مستمرًّا؛ يمكنه على الأقل المساعدة في التخفف من التوترات الطائفية التي أجّجتها الخطابات غير المفيدة من جانب القيادتين كلتيهما.
بإيجاد أرضية مشتركة يمكن لتركيا وإيران الإسهام في منطقة أكثر استقرارًا وأمنًا. وقد تسبّب البديل -تبلور ديناميّة (صفر مشاكل) للعلاقات الإيرانية مع القوى الإقليمية السنيّة الأخرى، المملكة العربية السعودية- في كثيرٍ من الفوضى والمعاناة.