مجيد رزوقي/ ترجمة: بدرالدين عرودكي
(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة
بعد عشر سنوات من اندلاع الحرب الأهلية، تعترض فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية مسبقًا على انتخابات 26 أيار/ مايو، المُنظمة لصالح الدكتاتور وحده.
لا تثير إعادة انتخابه أي شك وبشار الأسد يهرع بلا مفاجأة نحو ولاية رابعة متوالية رئيسًا لسورية. اعتمدت العملية من قبل المحكمة الدستورية العليا، التي صادقت على ترشيحه، يوم الاثنين 3 أيار/ مايو من أجل اقتراع سيجري يوم 26 أيار/ مايو. انتخابات رئاسية سوف تراه فائزًا بها في مواجهة منافسيْن، وزير سابق ومعارض مقبول من السلطة.
سيكون الاقتراع هو ثاني اقتراع مُنظم منذ بداية حرب مدمرة في عام 2011، فجرها قمع التظاهرات التي نادت بإصلاحات ديمقراطية. وبفضل مساعدة حليفيْه الإيراني والروسي العسكرية، نجح نظام القائد السوري في استعادة ما يقارب ثلثي الأراضي السورية من أيدي الثوار والجهاديين بعد معارك أدَّت إلى ما يقارب أربعمئة ألف قتيل.
المنتخب باستفتاء عام 2000
وصل بشار الأسد البالغ من العمر 55 عامًا إلى السلطة عام 2000 بعد موت أبيه حافظ الأسد، الذي كان يرأس هو نفسه سورية طوال ثلاثة عقود. كان بشار الأسد قد انتُخب باستفتاء في عام 2000، وفي عام 2007. وفي عام 2014، سُمِحَ لمرشّحيْن أن يتنافسا معه لتقديم صورة نظام في طريقه إلى تطبيع وضعه. انتخب المستبد بنسبة 88% من أصوات ما وصفه معارضوه بـ “المهزلة”، وبإخراج جرى تنظيمه من أجل وسائل الإعلام الغربية.
هذه السنة، هناك بالإضافة إلى بشار الأسد، سوف يتنافس عبد الله سلوم، وزير الدولة بين عاميْ 2016 ــ 2020، ومحمد مرعي، عضو المعارضة “المقبولة”، كما يقال داخل البلد، التي تنظر إليها المعارضة في المنفى بوصفها امتدادًا للنظام. كان على المرشحين أن يحصلوا على دعم 35 نائبًا على الأقل، نظرًا إلى أنَّه لا يُسمَحُ لكل واحدٍ منهم أن يدعم أكثر من مرشح واحد.
وجود السيد مرعي الذي كان قد شارك في المفاوضات التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف في محاولة للعثور على مخرج من الحرب، يُرى من قبل دبلوماسي غربي بوصفه “التنازل الوحيد الذي قام به النظام للخارج. ومن ثمَّ لحليفه الروسي الذي يحرص حفظًا للمظاهر على ما يشبه “التنوع“. المعارضة في المنفى، من ناحيتها، مستبعَدة بالفعل، إذ إن القانون الانتخابي ينص على أن على المرشحين أن يكونوا مقيمين في البلد باستمرار خلال السنوات الست الأخيرة.
النقد المستفحل
رفض الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة المتحدة، مسبقًا نتائج الانتخابات. “لن تعترف فرنسا بأي صلاحية للانتخابات التي سيجريها النظام في نهاية شهر أيار/ مايو”، كما قال السفير الفرنسي في منظمة الأمم المتحدة، نقولا دو ريفيير، خلال الجلسة الشهرية لمجلس الأمن حول سورية في 28 نيسان/ أبريل. إنها من دون شمل الشتات، انتخابات “سوف تنظم تحت رقابة النظام وحده، من دون الإشراف الدولي” الذي نصّ عليه القرار 2254 (الذي صدر عن مجلس الأمن عام 2015)، كما أضاف.
“فشل وضع دستور جديد برهان على أن انتخابات 26 أيار/ مايو المزعومة ستكون كاذبة”، ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة في منظمة الأمم المتحدة.
أعلنت زميلته الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، موقفًا مماثلًا، فقد قالت: “فشل وضع دستور جديد برهان على أن انتخابات 26 أيار/ مايو المزعومة ستكون كاذبة”. لا بد من اتخاذ الإجراءات التي تتيح “مشاركة اللاجئين، والنازحين في الشتات في كل انتخابات سورية”. وما دام ذلك لم يحدث، “فلن نكون مخدوعين“، كما حذرت.
ولم تُخفِ منظمة الأمم المتحدة نقدها. “كانت الانتخابات [السورية] قد دعي إليها بموجب الدستور الحالي وهي لا تؤلف جزءًا من العملية السياسية التي يجب أن تجري طبقًا للقرار 2254“، كما صرح ستيفان دجاريك، الناطق باسم أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة. لكن هذا الرفض يسجل أيضًا إقرارًا بالعجز.
اعترف المبعوث الخاص لمنظمة الأمم المتحدة لسورية، الدبلوماسي النروجي، غير بيدرسون أنه نظرًا لغياب أي “التزام حقيقي” من قبل النظام السوري، فإن العملية السياسية لم تنجح بعد في تقديم تغييرات واضحة. وأضاف: “انتخابات حرة وعادلة”، قائمة على أحكام قرار مجلس الأمن رقم 2254، “لا تزال تبدو بعيدة”.
دستور سوري لم يتغيّر
يتجلى موقف دمشق على هذا النحو في سجالات اللجنة الدستورية بجنيف. يُفترض بهذه الهيئة التي شكلت بمبادرة موسكو وأنقرة، والمؤلفة من ممثلي السلطة والمعارضة أن تعدِّلَ الدستور السوري. بعد أكثر من عام ونصف على انعقاد الاجتماع الافتتاحي، في أيلول/ سبتمبر 2019، لم ينجح المندوبون في إعادة كتابة أدنى مادة، بسبب عرقلة مبعوثي النظام.
وكما في عام 2014، أصدر رئيس الدولة السورية، يوم الأحد 2 أيار/ مايو، مرسومَ عفوٍ قبل الانتخابات يغطي “الأفعال الإرهابية” التي لم تسبب موت أحد. يمكن أن يستفيد من هذا القرار الهاربون من الجيش المدعوون إلى تقديم أنفسهم إلى القضاء، أو السجناء المحكومون بسبب التهريب والاتجار غير المشروع لقاء دفع غرامات.
وبينما يواجه استياءً متزايدًا، بفعل ارتفاع الأسعار وهبوط قيمة العملة في المناطق الموالية، قام النظام أيضًا باتخاذ سلسلة من الإجراءات، منها زيادة الرواتب ومنح القروض بفائدة منخفضة. تلك إشارة موجهة إلى قاعدته. بدءًا من ضباط ورؤساء الميليشيات المسرحين الذين تحولوا إلى مقاولين ينشطون في فلك السلطة.
عنوان المادة: Bachar Al-Assad orchestre un simulacre d’élection présidentielle en Syrie
الكاتب: Madjid Zerrouky
المترجم: بدر الدين عرودكي
مكان وتاريخ النشر:CAREP, le 5 mai 2021
رابط المقال: https://bit.ly/3wvVc9n
عدد الكلمات: 1022