ترجمة: نزار أيوب

  1. كيف يمكن لإسرائيل الاستفادة من صفقة إيران والسعودية؟

نشرت صحيفة (جيروساليم بوست) تقريرًا، في 17 آذار/ مارس، قالت فيه إنّ المملكة العربية السعودية يمكن أن تجلب الهدوء إلى المنطقة، وتبطئ التهديدات لأمن إسرائيل القومي. وأشارت إلى ظهور مخاوف، في أعقاب الصفقة بين السعودية وإيران لإعادة العلاقات، من أنّ هذه الصفقة نكسة لإسرائيل، إذ ظهرَت تقارير، قبل أيام فقط من الإعلان عن الصفقة، تفيد بأن السعودية قدّمت شروطًا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وطلبت ضمانات أمنيّة من الولايات المتحدة، مقابل التطبيع، ثم تبيّن فجأة أنها وقّعت صفقة مع إيران في بكّين.

إلا أن كاتب التحليل سيث فرانتزمان اعتبر أن هذه الصفقة ليست بالضرورة انتكاسة لإسرائيل، حيث إن للسعودية مصالح مهمّة في العراق واليمن وسورية والعراق، إضافة إلى معارضة الرياض امتلاك إيران سلاحًا نوويًا، مما سيعني أن العلاقات الجديدة قد تجعل طهران تستجيب أكثر للمخاوف السعودية، خاصة أن الصين هي من دعمت المصالحة بين الطرفَين. وأضاف أن التصوّر السائد في بعض الدوائر هو أن نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط آخذٌ في التراجع، وأن صنع القرار في الرياض يسترشد بهذا الافتقار إلى النفوذ الأميركي.

يقول فرانتزمان إنه على الرغم من أن البعض يرى في ذلك انتكاسة للعلاقات بين إسرائيل والخليج، فإنه لا يوجد دليل على أن الصفقة السعودية ستؤدي إلى تآكل نجاح إسرائيل في الخليج؛ إذ يبدو أن “اتفاقيات إبراهيم” تزدهر من حيث التجارة والعلاقات بين الأفراد على بعض المستويات. ويذكر أن الصفقة بين السعودية وإيران قد لا تستهدف إسرائيل، بل قد يتعلق الأمر بحسابات الرياض الخاصة، حيث رأت المملكة العربية السعودية كيف يمكن لقطر وتركيا أن يكون لهما سياسات مستقلة خاصة بهما، فيما يحصلان على تنازلات من الغرب. وقد تمت ترقية قطر إلى حليف رئيسي من خارج الناتو للولايات المتحدة، على الرغم من استضافة الدوحة (حماس) وطالبان، مما يرجّح الاعتقاد بأن قرار الرياض يتعلّق بمصلحتها البراغماتية، ولن ينعكس سلبًا على إسرائيل.

يستعرض التحليل الأسباب التي جعلت السعودية تُقدِم على هذه الخطوة، إذ اتخذت واشنطن، في عهد الرئيس السابق أوباما، قرارات مهمة في العراق ولبنان أضرّت بالسعودية. وفيما لعبت الرياض دورًا رئيسيًا في لبنان منذ عام 1989، بدا أن الولايات المتحدة تغضّ الطرف عن نموّ قدرات حزب الله في لبنان، فضلًا عن مساعدتها نوري المالكي، وهو رجل قوي مؤيد لإيران، في الوصول إلى السلطة في العراق، مما يعني أنه تم تسليم دول رئيسية في المنطقة إلى إيران. ويضيف أن السياسة الأميركية في هذا الصدد معقدة، وهي جزءٌ من تحوّل أوسع من قبل إدارة أوباما، للسعي إلى إقامة علاقات مع إيران، وإعادة ضبط العلاقات مع روسيا، والعمل مع نظام بوتين، وقد تجاهلت عدوان موسكو على جورجيا، وفضّلت عدم مواجهة نظام الأسد، مما مكّن روسيا من التدخل في سورية، فضلًا عن الصفقة الإيرانية التي تم توقيعها في عام 2015، حيث أدى كل هذا إلى شعور الرياض بأن إيران كانت تنهض بسرعة كبيرة في المنطقة، بينما أدارت إدارة أوباما ظهرها للتدخل السعودي في اليمن. لذلك، ليس من المستغرب، في ظلّ هذه التطورات، أن بدأت المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج الأخرى في رؤية الصين كلاعب مرحّب به في المنطقة، في الوقت الذي شعرت فيه بأن إدارة ترامب وإدارة بايدن لم تعد إلى العلاقات الوثيقة مع المملكة العربية السعودية، مما جعلها تسعى إلى إعادة العلاقات مع إيران.

كيف يمكن لإسرائيل الاستفادة من العلاقات السعودية الإيرانية؟

يشير التقرير إلى إمكانية أن تستثمر السعودية في إيران، إذا توقّفت إيران عن دعم الحوثيين لاستهدافها، وخففت من حدة انتقادات وسائل الإعلام الإيرانية للرياض. ويذكّر بمصلحة السعودية في الاستقرار في اليمن والعراق ولبنان، بوصفها تؤثر في إسرائيل، نتيجة لسعي إيران على مرّ السنين إلى السيطرة على العراق، ودعم الميليشيات التي من شأنها أن تهدد إسرائيل بطائرات مسيرة وصواريخ، ونقل الأسلحة إلى سورية ولبنان. ومن شأن الصفقة السعودية الإيرانية أيضًا أن تُفضي إلى تسوية سياسية، بشأن رئاسة لبنان وملء فراغ السلطة وانحسار الفوضى السياسية في لبنان التي تمثّل تهديدًا لإسرائيل. ويعتبر التقرير أن استغلال إيران الفوضى في اليمن للتدخل في هذا البلد، ونقل طائرات بدون طيار وتكنولوجيا صواريخ إلى الحوثيين، زاد من التهديدات على إسرائيل على مرّ السنين، ولذلك قد يؤدي الاتفاق السعودي الإيراني إلى وقف إطلاق النار في اليمن، وسيفضي ذلك إلى انخفاض تدفّق الأسلحة التي تشكل تهديدًا لإسرائيل.

يذكر التقرير أن الاتفاق بين السعودية وإيران قد يُؤدي إلى إعادة العلاقات بين الرياض ودمشق، وعودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، وسيُقلل ذلك من النفوذ الإيراني في دمشق، لإدراك إيران أن نقل الصواريخ إلى سورية قد يزعزع استقرار النظام. وهذا بدوره سينعكس على حملة “الحرب بين الحروب” الإسرائيلية، لمجابهة ترسيخ إيران وجودها في سورية، وربما سيُؤدي إلى تداعيات على محاولات إسرائيل وقف الترسخ الإيراني في سورية.

يؤكد التقرير أن أهم ما في الأمر، بالنسبة لإسرائيل، أن الصفقة الإيرانية السعودية قد تؤدي إلى خفض إيران لتخصيبها اليورانيوم ومحاولة الحصول على سلاح نووي؛ إذ ليس هنالك من سبب يجعل السعودية توقّع اتفاقًا مع إيران، ثم فجأة تمتلك إيران قنبلة تهدد المنطقة. ويعتبر أن الاستقرار الإقليمي يعني عدم وجود إيران مسلحة نوويًا أو وجود سباق تسلّح نووي، الأمر الذي ستثيره الصين مع إيران، لأنها ستراعي مخاوف السعودية، بحكم أن لديها اتفاقًا جديدًا مع إيران لمدة 25 عامًا، إضافة إلى صفقات الصين المعقودة مع دول الخليج.

يخلص التقرير إلى احتمال متابعة السعودية هذه المسارات بشكل مستقل، حيث ستلتقي بالمسؤولين الإيرانيين في بغداد، وستلمح في الوقت نفسه لواشنطن بأنها قد تقيم علاقات مع إسرائيل. ومع ذلك، تتطلع إيران إلى أن يؤدي اتفاقها مع الرياض إلى انتكاسة لإسرائيل والولايات المتحدة. هذه مصلحة إيران، لكنها ليست بالضرورة مصلحة السعودية؛ إذ يمكن أن تصبح الرياض قناة للتعبير عن المخاوف بشأن إيران وتهديدات وكلائها للمنطقة، بعد ارتباط الطرفين بعلاقات.

  • العلاقات السورية الإماراتية تنمو بعد الاتفاق الإيراني السعودي – تحليل

جاء في تحليل كتبه سيث فرانتزمان، في صحيفة (جبروساليم بوست) في 19 آذار/ مارس، على إثر زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الإمارات، في أعقاب زيارته عُمان وروسيا، أنه من الواضح أن النظام السوري يعتقد أنه يعود إلى لعب دوره السابق في المنطقة، وأنه يشعر مجددًا بالثقة بعد عقد من الحرب الأهلية، فيما لا يزال شمال سورية خاضعًا لسيطرة القوات التركية والجماعات المسلحة، وتعمل قوات سوريا الديمقراطية في شرق سورية بدعم من القوات الأميركية.

علاقات متنامية

أكد التحليل أن العلاقات بين أبو ظبي ودمشق تمثّل أولوية لكلا البلدين، حيث إن قيام زعيم النظام السوري بثلاث رحلات إلى الخليج، إحداها إلى عُمان، واستقبال دمشق لعبد الله بن زايد مرتين في دمشق هذا العام يظهر مدى التقدّم على صعيد العلاقات بين البلدين. ويستشهد التحليل بتوسط الصين والعراق في إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، ولقاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بنظيره المصري أخيرًا في القاهرة، في خطوةٍ لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على أعلى مستوى، ولقاء رئيسي البلدين.

أشار التحليل إلى أن هذه التغييرات في المنطقة تأتي في ضوء تصوّرٍ متزايدٍ بأن الولايات المتحدة تُقلل من اهتمامها بمنطقة الشرق الأوسط، وكذلك الأمر بالنسبة إلى روسيا بعد غزوها أوكرانيا. ويخلص إلى أن هذا يعني أن القوى الإقليمية قررت أن تتصرف من تلقاء نفسها، ترمم العلاقات فيما بينها في عالم غير مستقر، حيث لم تجلب لهم الصراعات النجاح الذي اعتقدوا أنه سيتحقق من خلال الحروب والتدخلات والغزو.

استعرض التحليل خوض السعودية وإيران حربًا بالوكالة في اليمن، منذ عام 2015، وتدخّل الإمارات أيضًا، ومساعدة دول مثل قطر في دعم المتمردين في سورية، في الأيام الأولى للحرب هناك. واستخلص أن العديد من الدول تعتقد أن الوقت قد حان للخروج من مواصلة الحروب بالوكالة، وتمويل الميليشيات، والتركيز بدلًا من ذلك على الدبلوماسية رفيعة المستوى. وأشار إلى أنه من شأن زيارة الأسد إلى الإمارات أن تتوج بمزيد من العلاقات في الخليج، وأيضًا بلقاء مع المسؤولين الأتراك. وتساءل: كيف ستعيد العلاقات الجديدة مع الإمارات تشكيل سورية؟ وهل سينتج عنها أي تغيير في علاقة سورية بإيران وتركيا أو قطر؟ وما هو الدور الذي ستلعبه في علاقات سورية مع مصر والأردن؟

ختم فرانتزمان تحليليه بالقول: إن أحد أهم القضايا في مصالحة سورية مع دول المنطقة استمرارها في استضافة القوات الإيرانية التي تهدد إسرائيل، التي تعلن دائمًا عدم قبولها ترسيخ وجود إيران في سورية. قد تأخذ علاقات سورية الجديدة مع مختلف الدول المستقرة مسارًا خاصًا بها، بعيدًا عن وجود إيران في سورية. وبقدر ما تقوض إيران الاستقرار في سورية، فإن هذا سيشكل مصدر قلق للدول التي تقيم علاقات تجارية مع دمشق.

  • التقارب مستمر: ملك السعودية يدعو رئيس إيران إلى زيارة الرياض، والآخر يعلن: سآتي

قال الكاتب الصحفي دانيال سلامي، في تقرير نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت) في 19 آذار/ مارس: إنه بعد أسبوع ونصف من إعلان استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، صرّحت طهران بأن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز دعا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للقيام بزيارة رسمية إلى الرياض، وقال المستشار السياسي للرئيس الإيراني إن الرئيس الإيراني أكد أنه يعتزم القدوم إلى المملكة وتعزيز العلاقات بين البلدين.

جاء في التقرير أن اتفاق إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، الذي أعلن في 10 آذار/ مارس، أثار قلقًا كبيرًا في إسرائيل، حيث كانت القدس وواشنطن تأملان الاستفادة من التنافس بين النظام السنّي في الرياض والنظام الشيعي في طهران، لإقامة محور إسرائيلي عربيّ ضد إيران على خلفية اندفاعها النووي. لكن الاتفاق الذي تم بوساطة الصين وَجّه ضربة قاسية لهذه الآمال. واستذكر قطع العلاقات بين البلدين في عام 2016، بعد أن اقتحم محتجّون إيرانيون السفارة السعودية في طهران، وأشعلوا فيها النيران، وأدى ذلك إلى تفاقم التوترات بينهما، من جراء تسليح إيران المتمردين الحوثيين في اليمن، خصوم الرياض، الذين يطلقون الطائرات بدون طيار والصواريخ على الأراضي السعودية.

أشار سلامي في تقريره إلى أن هنالك اعتقادًا لدى الغرب، ولدى المملكة العربية السعودية نفسها، بأن المصالحة المعلنة ستواجه العديد من التحديات، بسبب انعدام الثقة بين البلدين، لكن الإعلان عن زيارة الرئيس الإيراني رئيسي المخطط لها تُظهر أنهم يحاولون دفع تنفيذ الاتفاقية إلى الأمام.

تطرق التقرير إلى تطور آخر يُظهر حقيقة المتغيرات الجارية في الشرق الأوسط، وهو زيارة بشار الأسد الاحتفالية لدولة الإمارات العربية المتحدة، بصحبة زوجته أسماء ووفدٍ من كبار المسؤولين السوريين، وذلك في ضوء استمرار تحسّن العلاقات بين سورية والدول العربية، بعد أكثر من عقد من تعليق عضوية دمشق في أعقاب الحرب الأهلية التي ذبح فيها الأسد مواطنيه، فقتل مئات الآلاف من الأشخاص، ونزح ملايين آخرون عن ديارهم وأرضهم. واستذكر دعم الإمارات العربية في العقد الماضي الثوار ضدّ الأسد، وإن كان ذلك بدرجة أقل من السعودية وقطر، قائلًا: لكنها الآن تعتبر رائدة في إعادة علاقات العالم العربي مع نظام الأسد، على الرغم من استياء حليفها المقرّب واشنطن.

وأوضح التقرير أنّ الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية، الشهر الماضي، وتسبب بمقتل 46 ألف تركي، وأكثر من 4000 سوري، أدى إلى تسريع عملية المصالحة بين الأسد والعالم العربي، حيث يأمل الأسد بأن يتيح التقارب المستمر مع الدول العربية تدفّق الأموال إلى بلاده لإعادة الإعمار، بعد الدمار الهائل الذي سببته الحرب الأهلية. إلا أنه من غير المرجح أن تُضخ مبالغ كبيرة في الوقت الحالي، وذلك بسبب رفض النظام تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 الصادر في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015، والذي وضع خارطة طريق للسلام في سورية، والذي يعدّ تنفيذه مطلبًا أساسيًا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتطبيع العلاقات مع دمشق.

وأشار التقرير إلى المساعدات العربية المحدودة التي تتدفّق إلى سورية بعد الزلزال، حيث أرسلت الإمارات عشرات شحنات المساعدات. وذكر أنّ الرياض أشارت، على خلفية تجديد علاقاتها مع إيران أخيرًا، إلى إمكانية إجراء حوار بينها وبين الأسد، ولا سيما في الأمور الإنسانية، في ضوء الإجماع العربي الذي تشكل تدريجيًا بشأن عدم فاعلية عزل سورية.