إبراهيم إردم – أولكو نور زنجين – كبرى بتول بيتشن غورن – مراد أوظون/ ترجمة علي كمخ
(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة
المحتويات
ملخص تنفيذي
مدخل
ظهور ونشأة الاضطراب الداخلي في سورية في سياق الانتفاضات العربية عام 2011
حركة الثورات العربية وأثرها على سورية
أثر الجهات الفاعلة والعمليات الدولية
حروب الوكالة وانعكاساتها على أمن تركيا
حركات الهجرة الجماعية من سورية باتجاه تركيا
العودة الطوعية (كيفيتها – شروطها)
إنشاء المنطقة الأمنة
مفهوم المنطقة الآمنة ونماذج تطبيقها
إدارة المنطقة الآمنة
الخاتمة
الهوامش
ملخص تنفيذي
تتناول هذه الدراسة قضية السوريين الموجودين في تركيا، وتعمل على وضع التقييمات المتعلقة بالمنطقة الآمنة التي تعتزم تركيا إنشاءها في شمال سورية، وتعالج بداية انعكاسات الربيع العربي وآثاره على سورية، ومن ثم تناقش مسألة عودة السوريين (المقيمين في تركيا) الطوعية، انطلاقًا من انسحاب أثر الاضطرابات الداخلية السورية على تركيا، كما تتناول سياسة تركيا المتعلقة بإنشاء المنطقة الآمنة ما وراء الحدود.
والقضايا البارزة في هذه الدراسة هي:
- – نظرًا لأن سورية إحدى الدول القومية المتأخرة التي أُسّست في الشرق الأوسط، فهي تتمتع بحدود رُسمت بشكل مصطنع، وتمتلك بنية غير متجانسة من مختلف الأديان والطوائف والثقافات والهويات التي يمكن أن تمهّد الطريق لنشوب النزاعات والصراعات الاجتماعية.
- – أدت الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية دورًا كبيرًا في تحويل المشكلة السورية من صراع داخلي إلى حروب بالوكالة؛ فصراع المصالح بين الولايات المتحدة وروسيا والصين في المنطقة جعل من الشرق الأوسط ساحة للحروب والنزاعات، وكانت المقاربة الإيرانية القائمة على المذهبية الطائفية للقضية، ودعمها للأسد بتوفير الحشد البشري له على الأرض، من الأسباب التي أسهمت في تعقيد المشكلة على المدى الطويل.
- – إن ظهور المنافسة الجيوسياسية والجغرافية – الاقتصادية الحاسمة والمحددة، التي خلقتها الجهات الفاعلة المتدخلة في الصراع في منطقة البحر الأبيض المتوسط، قد زاد من أخطار النزاع، وهكذا بدأت رياح حرب باردة تهبّ في البحر الأبيض المتوسط من جديد، لتتحول إلى حروب بالوكالة بين أطراف إقليمية وعالمية.
- – عملت الدول الغربية في معرض تحييد (داعش) على تعزيز قدرات وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني؛ إذ سرعان ما باتت بعض الأجزاء الملاصقة للحدود التركية، التي كان يسيطر عليها (داعش)، من ضمن المناطق التي ينفّذ فيها حزب الاتحاد الديمقراطي/ حزب العمال الكردستاني أنشطته، لكن بالنظر إلى الانعكاسات الأمنية لذلك على تركيا، يتبين أن ذلك ليس سوى تبديل للأسماء فقط، وحلول تنظيم إرهابي مكان تنظيم إرهابي آخر.
- – مهّد تراخي وفراغ السلطة الذي حدث مع اندلاع الحرب الأهلية في سورية، أرضية ملائمة وخصبة (بيئة) لظهور التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وهكذا باتت تركيا، إضافة إلى تداعيات الاضطراب الحاصل في سورية، وجهًا لوجه مع قضايا وتحديات أمنية فيما وراء الحدود.
- – بسبب وجود جهات فاعلة مختلفة تولت مهام إدارة عدم الاستقرار والحرب بالوكالة في المنطقة، يمكن القول: إن لتركيا ثلاث قضايا رئيسية في ما يتعلق بسورية، وهي ضمان الأمن وراء الحدود، ومشكلة الإرهاب، وحركة الهجرة الجماعية.
- – هجرة السوريين ونزوحهم إلى تركيا أحدثت عملية تأثر ثقافي متبادلة بعيدة عن منحى الاحتواء والتلاقح الثقافي.
- – على الرغم من أن النظام الذي تم إنشاؤه لإدارة حركات الهجرة وفقًا للقانون الدولي الذي يقوم على أساس تقاسم الأعباء والمسؤوليات، فإنه في الممارسة العملية لا يعمل على هذا النحو.
- – تولّت تركيا، بسبب الحرب الأهلية وعدم الاستقرار في سورية، المسؤوليات القانونية تجاه حركات الهجرة الجماعية إليها، وتبنّت سياسة الباب المفتوح، وقبلتهم من منطلق توفير الأمن الإنساني.
- – ثمة ثلاث سياسات يجب اتباعها في حل قضية اللاجئين وهي: إعادة التوطين في بلد ثالث؛ التعايش الاجتماعي وفق شروط بلد الإقامة؛ العودة الطوعية.
- – العودة الطوعية هي وسيلة يجب معالجتها أثناء حلّ قضية اللاجئين، وأثناء التعاطي معها ومع الخيارين الآخرين المتمثلين في التعايش الاجتماعي وإعادة التوطين.
- – لكي يعمل برنامج العودة إلى البلاد بطريقة مقبولة دوليًا، يجب أن يؤخذ شرط طوعية العودة كأساس لها، ويجب أن تكون العودة آمنة ومستدامة.
- – يمكن تصنيف العودة الطوعية بثلاثة أشكال: العودة الطوعية الكاملة؛ العودة التي تفرضها الحكومات؛ العودة التلقائية. فالعودة المنشودة هنا هي العودة الطوعية الكاملة التي تحدث بسلاسة وهدوء.
- – معظم اللاجئين السوريين ذكروا، في عدد من الدراسات الميدانية التي أجريت، أن أهم سبب للجوئهم إلى تركيا هو المشكلة الأمنية الناتجة عن الحرب الدائرة في بلادهم، وأعربوا بكل وضوح عن عدم رغبتهم في العودة إلى سورية، ما لم يتحقق الأمن والاستقرار فيها. ولذلك، من المهم جدًا في سبيل إدارة عملية العودة بنجاح أن يخطط لها زمانيًا ومرحليًا (توقيتها وفي أي مرحلة من مراحل الصراع) أيضًا.
- – العودة الطوعية نظمتها المادة 42 من الباب التاسع (العودة الطوعية والمغادرة إلى دولة ثالثة) من اللائحة التنفيذية للحماية المؤقتة رقم 6883 الصادرة بتاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2014، والتعميم الوزاري رقم 10/ 2017 المؤرخ في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017.
- – مع تطبيق إجازة الأعياد، أتيح للمواطنين السوريين الفرصة لزيارة أقاربهم ومعايدتهم. والهدف من ذلك هو السماح لهم، عبر الذهاب إلى المناطق التي كانوا يعيشون فيها سابقًا والعودة منها، من منطلق (اذهب، اطّلع، عُدْ وأخبر)، بتقييم الوضع من ناحية الأمن والسلامة: هل بمقدورهم مواصلة الحياة والتكيّف مع الظروف المعيشية في حال عودتهم الطوعية إلى بلادهم أم لا.
- – أظهرت الدراسات الميدانية التي أُجريت تناسبًا عكسيًا، بين الرغبة في البقاء في تركيا والعودة الطوعية، إذ كلما طالت مدة البقاء انخفضت الرغبة في العودة.
- – يُعدّ النموذج التركي في فهم الخدمات التي قدمتها تركيا فيما وراء الحدود نموذجًا فريدًا على مستوى العالم؛ فالعملية التي بدأت بآمال التحول الديمقراطي أنتجت واحدة من كبرى الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، والمرحلة القادمة حبلى بعملية سياسية تكون تركيا قائدتها أو جزءًا منها على الأقل.
- – في سياق القانون الدولي، لا تقتصر تسمية إنشاء مناطق معينة بغية حماية المدنيين على اسم “المنطقة الآمنة” فقط، بل تُستخدم مفاهيم مختلفة مثل “القرى الصحية” و”القرى الأمنية” و”الأماكن الآمنة” و”المناطق المحايدة” و”الأماكن المعرضة للخطر” و”المناطق المستضعفة”، وغيرها من المفاهيم الأساسية المستخدمة في الاتفاقيات الدولية.
- – على الرغم من وجود عوامل مستقلة وغير خاضعة للرقابة تؤثر في نشاطات إعادة الهيكلة مثل البيئة السياسية، والقدرة الاقتصادية، والتنمية المحلية، والفسيفساء الثقافية، والعوامل النفسية أو القيود القانونية، تظهر أمامنا ثلاث درجات أو مراحل، ألا وهي: الاستجابة والتحول والاستدامة.
- – ينصبّ الهدف الرئيسي من إنشاء تركيا للمنطقة الآمنة على اتخاذ التدابير اللازمة بشأن أمن حدودها، وإعادة الحياة في المنطقة إلى طبيعتها، ووقف الهجرات الجماعية القادمة من سورية، وضمان العودة الطوعية قدر المستطاع.
- – من أجل فهم أفضل لعملية المنطقة الآمنة التي يجري العمل على إنشائها في سورية، من المهم مقارنتها بأمثلة تطبيقية أخرى؛ إذ تُعدّ أنشطة إعادة الهيكلة التي تم تنفيذها في أفغانستان والبوسنة نموذجًا في هذا السياق.
- – في الوقت الذي مُولت فيه فعاليات إعادة الهيكلة المنفذة في أفغانستان والبوسنة من الموارد المالية المتدفقة من بلدان مختلفة، فإن تركيا تحمّلت المسؤولية بمفردها في عملية إعادة الهيكلة في سورية، من دون الاعتماد على موارد دول أخرى.
- – عند مراجعة مسألة إدارة تركيا للمنطقة الآمنة، نجد أن أعمال إعادة الهيكلة في المنطقة تتجلى على التوالي في تأسيس المناخ والبيئة الآمنة، وتحديد الوضع الحالي، وعملية إدارة الاحتياجات، واتخاذ التدابير المتعلقة بالاحتياجات الإنسانية الملحّة، وتطوير البنية التحتية وتحسين ظروف المعيشة، وإزالة آثار الصراع، وفي الخدمات وتعزيز القدرة الإدارية والحثّ على الوفاق والمصالحة، وضمان الاكتفاء الذاتي، وتحقيق التماسك والتعايش الاجتماعي.
- – المنطقة الآمنة التي تولّت مسؤوليتها تركيا نموذج مصمم خصيصًا وفق متطلبات الوضع.
- – بمجرد انتهاء الاشتباكات في المنطقة، بوشر بالأعمال التي تيسّر عودة الحياة إلى طبيعتها على ثلاثة محاور رئيسية: تشكيل المجالس المحلية؛ ضمان الأمن؛ إزالة الأنقاض. بالإضافة إلى ذلك، هنالك أعمال وأنشطة يجري تنفيذها في خدمات أخرى.
- – تُقدّم جمهورية تركيا في مناطق العمليات خدماتها الاستشارية فقط، فيما تتولى المجالس المحلية وحدها القرارات المتعلقة بالإدارة.
- – حتى الآن، تمّ إعداد وتدريب ما يقارب من 10.524 فردًا من أفراد الشرطة السورية، وبهذه الطريقة تكون تركيا قد طبقت بشكل فاعل نموذج (صناعة السلام) بدلًا نموذج (حفظ السلام) الذي كان سائدًا في العالم في التسعينيات من القرن الماضي، والهدف من تدريب وحدات إنفاذ القانون (الضابطة) هو إكساب البلدان القدرة على الحفاظ على نظامها العام من خلال ديناميّاتها الداخلية.
- – يسود اليوم المناطق التي كانت تعاني (قبل العمليات العسكرية التركية فيما وراء الحدود) الإرهاب والظلم والقمع والجوع والعنف وتقييد الحريات حالةٌ من تضاعف في عدد السكان، وتواصل في العملية التربوية من دون انقطاع، وانتعاش في التجارة وتوفر في الأمن، إذ باتت تلك المناطق قادرة على الاعتماد على ذاتها وتلبية احتياجاتها نتيجة هذه العمليات وتأثير العودة الطوعية.
- – تكشف الدراسات عن إطار عمل يتكون من خمسة أبعاد، حول ما يجب القيام به من أجل إنجاز هيكلة مستدامة ودائمة في المنطقة، يديرها أهل المنطقة، وتشمل؛ 1) الأمن، 2) مكافحة التطرف، 3) التنمية، 4) القدرة الإدارية، 5) التوافق الاجتماعي.
- – إذا تطلب الأمر تقييم عملية إنشاء المنطقة الآمنة فيما يرتبط بالأمن الداخلي، فالهدف من إنشائها هو الحد من تداعيات عدم الاستقرار السوري وانعكاساته على تركيا، وتخفيف ضغط اللاجئين إلى المستويات الدنيا. أما في سياق الأمن الخارجي، فهي آلية مهمة من حيث ضمان الأمن وراء الحدود التركية والتعامل مع التهديدات في مصدرها وقبل حدوثها.
- – تدفقات الهجرة الجماعية المتجهة إلى تركيا عبء ليس بمقدور تركيا حمله أو مجابهته بمفردها.
- – إن مشروع المنطقة الآمنة أمرٌ على غاية من الضرورة، بالنسبة إلى مئات الآلاف من السوريين الموجودين على الحدود التركية، في سياق بسط الأمن السلام والاستقرار في منطقة مطهرة من الإرهاب، للحد من أزمة اللاجئين، وإنهاء حالة عدم الاستقرار الإقليمي في سورية، وحل المشكلات في موقعها.
- – ضرورة تبني الجهات الفاعلة، وعلى رأسها الدول الغربية والإقليمية، أطروحاتها ذات الصلة بالمنطقة الآمنة ومسألة اللاجئين، والقبول بها، وتقديم الدعم اللازم لتركيا في مرحلة التنفيذ.
- يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل