عنوان المادة الأصلي باللغة الانكليزية: | Inside ‘the Glasshouse’: Iran ‘is running covert war in Syria costing BILLIONS from top secret spymaster HQ near Damascus airport’ |
اسم الكاتب | جايك واليس سيمونز Jake Wallis Simons |
مصدر المادة الأصلي | صحيفة الدايلي ميل البريطانية The Daily Mail. |
رابط المادة | http://www.dailymail.co.uk/news/article-3718583/Leaked-intelligence-dossier-reveals-location-secret-Iranian-spymasters-HQ-Syria-codenamed-GLASSHOUSE-Iran-fighters-ground-Assad.html |
تاريخ النشر | 30 آب/ أغسطس 2016 |
المترجم | أنس عيسى |
داخل “المبنى الزجاجي”: تدير إيران “حربًا خفية في سورية تكلّف المليارات من المقر الرئيسي، والـ “سري للغاية”” لمركز التجسس قرب مطار دمشق”.
- سرّبت مصادر في الحرس الثوري الإيراني معلومات استخباريّة لناشطين، مرّروها في دورهم إلى صحيفة الميل أونلاين.
- تُدير إيران عملياتها في سورية من مقرّها الرئيسي قرب مطار دمشق، والذي يُطلق عليه لقب “المبنى الزجاجي”.
- تقول المعلومات بوجود 60.000 مقاتل تحت قيادة إيرانية في سورية، وليس 16.000 فحسب كما كان يُعتقد.
- يقول خبراء الاستخبارات بصدقية تلك الادعاءات، ما يقترح تقليل الغرب من شأن النفوذ الإيراني.
- أنفقت إيران المليارات، وقد يصل المبلغ إلى 100 مليار دولار أميركي، موزّعة بين معدّات ودعم للأسد منذ 2011.
- يأتي هذا بعد عام من توصّل القوى الغربية لاتفاق نووي مثير للجدل مع إيران.
جايك واليس سيمونز، محرر مشارك للشؤون الدولية، لموقع ميل أونلاين، Mailonline.
نشرت في 30 آب/ أغسطس 2016، الساعة الرابعة عصرًا ودقيقة. وحُدّثت في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، الساعة الخامسة عصرًا وأربع دقائق.
تدعم إيران النظام السوري من مقرّ سرّي في دمشق، يُلقّب بـ”المبنى الزجاجي”، وتقود جيشًا ضخمًا سريًّا لدعم الأسد، وذلك وفقًا لمعلومات مسرّبة أوصلها ناشطون إلى موقع ميل أونلاين.
يدّعي المجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI) أن القائد الأعلى للدولة الاسلامية علي خامنئي قد أنفق المليارات على معدات شُريت لحليف إيران بشار الأسد في السنوات الخمس الماضية، كما أنه يدير العمليات على الأرض من مبنى ذي خمس طبقات، ومشكّلٍ من حجر واحد قرب مطار دمشق.
يحتوي المقر الإيراني الرئيسي، وهو ذو دورٍ محوريٍ في دعم نظام الأسد بالتوازي مع روسيا، على غرف عمليات استخبارية ومكافحة التجسس، كما يضم خزائن سرية ممتلئة بملايين الدولارات نقدًا جيء بها من إيران، وفقًا لادّعاءات المجلس الوطني للمقاومة في إيران. وردت تلك الادعاءات في ملف تقارير سُرِّبت، على ما يبدو، بوساطة مصادر رفيعة المستوى داخل حرس إيران الثوري، وجمعها ناشطون منشقون يعارضون النظام الإيراني.
إنّ المجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI) هو حركة للمعارضة الإيرانية المنفيّة، والملتزمة بإسقاط النظام الشيعي في طهران. لقد اتُّهِمت بأنّها “تتشبّه بالدين” وبامتلاكها صلات مع الإرهاب. سرّبت تلك الجماعة معلومات استخباراتية عن النظام في الماضي، لم تثبت دقّةُ جميعها.
يدّعي الملف –والذي لم يُتحقق من صحته بصورة مستقلّة، ولكنه وُصف من جانب خبراء الاستخبارات بكونه ذا “صدقيّة”- وبجرأة أن إيران تتحكم بأكبر قوّة مقاتلة في سورية، وبأن لديها قواعد عسكرية في أنحاء شتى من البلاد المتشظية، وبأنها قد جمعت لتمويل الحرب ميزانية أضخم كثيرًا مما نخشاه دعمًا للرئيس السوري.
الشكل: يدعي قادة المعارضة أنّ إيران تخوض حربًا سريّة في سورية من مقر رئيس ضخم يُدعى “المبنى الزجاجي”.
طبقات المبنى بحسب الشكل:
- القبو: مكافحة التجسّس والخزائن المالية.
- الطبقة الأرضية: عيادة طبية خاصة.
- الطبقة الأولى: قسم البروباغندا.
- الطبقة الثانية: قيادة الميليشيات الأجنبية.
- الطبقتان الرابعة والخامسة: خدمات استخبارية.
الصور من يمين الشاشة:
- العميد إسماعيل خان: عضو مجلس القيادة الخماسي.
- اللواء قاسم سليماني: قائد فيلق القدس الإيراني، الوحدة المسؤولة عن العمليات السرية.
- العميد محمد جعفر أسدي: استلم قيادة القوات الإيرانية في سورية بعد مقتل همداني في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
- العميد حسين همداني: القائد الأعلى للقوات الإيرانية في سورية، قتل أثناء تنفيذه لـ”مهمة استشارية” في حلب الواقعة في المنطقة الشمالية لسورية.
![]() | ![]() |
الدعم: يتلقى الرئيس السوري بشار الأسد دعمًا من النظام الإيراني للقائد الأعلى علي خامنئي، والذي استثمر كثيرًا في دعم الدولة المتشظية.
كيف يعمل المبنى الزجاجي؟
يبدو أنّ وحدة استخبارات الحرس الثوري تحتل الطبقتين الثالثة والرابعة، وتعتبر تلك الوحدة المسؤولة عمومًا عن قيادة المقر. وتُعدّ تلكما الطبقتان منطقتين محظورتين حتّى على أكثر ضباط الجيش قِدمًا.
في الطبقة الأرضية، يوجد، بحسب التقارير، مقهى وعيادة خاصة تحتوي على 20 سريرًا مخصصًا لاستقبال جرحى الطاقم العسكري ذوي الرتب العالية. بينما تسكن الطبقة الأولى وحدة بروباغندا الحرس الثوري، إضافة إلى أماكن راحة وغرف للصلاة، على حدّ قول المعلومات المسربة. ويحتوي القبو على وحدات مكافحة التجسس والخدمات اللوجستية، كما يُقال بوجود ملايين الدولارات النقدية فيها. وحال وصول جنود الحرس الثوري إلى سورية، يصدر لهم المقر الرئيس بطاقات بيضاء تحتوي على رمز خاص، وتُسلّم عند المغادرة.
ينقسم الخبراء حيال مسألة موثوقية المجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI)؛ ففي الوقت الذي يتفق فيه الجميع بأنّ تلك الجماعة تتحرك وفقًا لأجندة معادية لطهران، تختلف تقييماتهم فيما يتعلق بأثر ذلك في المعلومات التي تسرّبها. فإن ثبتت دقّة ادعاءات الناشطين، فسيعني ذلك أنّ نظام إيران المتشدد وحلفاءه الشيعة أقوى بكثير مما كان يُعتقد؛ حيث قدر المحللون الغربيون العدد الإجمالي للقوات الشيعية التي تقودها إيران، حتّى الآن، بـ 16.000 مقاتل فحسب. بينما يدّعي المنشقون أن إيران تقود نحو 60.000 مقاتل شيعي في سورية، أي أكثر بـ 15.000 مقاتل من العدد الذي اصطحبته بريطانيا إلى حرب العراق عام 2003، في الوقت الذي انخفض فيه عدد مقاتلي جيش الأسد إلى 50.000 جندي فقط. إضافة إلى ما سبق، يقول المنشقون إنّ ميليشيا حزب الله اللبناني، والذي يمتلك بنية قيادة مستقلة، ولكنه يعمل بتنسيق لصيق مع إيران، تمتلك نحو عشرة آلاف مقاتل في البلاد.
كشف المجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI) في عام 2002، عن وجود منشآت نووية سرية في كل من ناتانز وأراك، في وسط إيران، ما جعل الغرب أكثر حذرًا في المفاوضات. ولكن كان هنالك بعض الجدل الدائر عن أي قسم من تلك المعلومات كان جديدًا، وأي قسم كان المسؤولون الأميركيون قد كشفوا عنه من قبل.
إن صحّت تلك الادعاءات، فمن المرجح أن يسبّب امتلاك إيران كثيرًا من الجنود على أرض المعركة -16.000 مقاتل إيراني يقودون 45.000 مقاتل من مرتزقة الشيعة القادمين من العراق وأفغانستان وباكستان ولبنان، إضافة إلى فلسطينيين وبلوش، وهي أقليّة من أفغانستان [البلوش إيرانيون، وربّما قصد الكاتب الهزارة وهم شيعة أفغان. المحرّر] – القلق في المنطقة وفي الغرب الذي يشرع في رفع العقوبات عن النظام بعد التوقيع على الاتفاق النووي المثير للجدل.
قال كمال علام، محلل الأبحاث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) بأن المعلومات المسربة “معقولة بشكل كامل”، وأضاف: “أذهب بصورة منتظمة إلى سورية، وأزور ميادين القتال فيها، ورأيت كيف يحاول الإيرانيون أن يُحافظوا، قدر الإمكان، على سرية عملياتهم. يتحدث مقاتلوهم اللغة العربية عوضًا عن الفارسية في الأماكن العامة، كما أنّهم لا يرتدون البزات الإيرانية، هذا ما يصعّب على المراقبين مهمة معرفة عددهم في البلاد”.
كما قال علام، يُدفع المحللون لاستخدام تقديرات متحفظة لأعداد المقاتلين؛ وذلك لأن طهران، التي تخشى من إشاعة الذعر في الداخل والخارج، لا تُصدر أرقامًا موثوقة. إضافة إلى أن الرئيس السوري الأسد، والذي يقود إدارة علمانية، يقلّل من شأن الدعم الإيراني ليتجنب انطباع كونه ألعوبة في يد النظام الإسلامي.
ينص ادّعاء الناشطين الرئيس على أنّ إيران تُدير مقرًّا رئيسًا ضخمًا قرب مطار دمشق، وقال المجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI) إنّ ذلك المبنى يُدعى “المبنى الزجاجي (مقر شیشه أي باللغة الفارسية).
الشكل: يدعي الناشطون أن إيران تقود في سورية، وفي الوقت الحالي، 10.000 مقاتل زيادة على عدد مقاتلي الأسد نفسه. إن صحّ هذا الادعاء، سيعني ذلك أن هنالك ما لا يقل عن 15.000 مقاتل زيادة على العدد الذي قادته بريطانيا إلى حرب العراق عام 2003.
بحسب القول، يقع المبنى ذو الـ 180 غرفة على مقربة من مهبط الطائرات، يُدعى وفقًا للمجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI)، “محمد علي”، ويسهّل موقعه ذاك عملية استلام قادة الجيش الإيراني حاجات المقاتلين، من معدّات ومال من جهة، ويسهل الهروب في حال سقوط دمشق من جهة أخرى. كما تشكل جدران مضادّة للانفجار مربعًا حول محيط المبنى الذي تحرسه فرق عسكرية مسلحة بعتاد ثقيل. ووفقًا للمجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI)، فإنّ ما قد يصل عدده إلى الـ 1000 شخص يعملون في تلك القاعدة السرية، ويخضع جميعهم لفحص أمني مكثف.
وتتمركز العديد من الأقسام في داخل المبنى، من بينها مكافحة التجسس، والخدمات اللوجستية والبروباغندا وقيادة المرتزقة الأجانب (انظر المربع). يُعتقد أنّ المخابرات الايرانية المخيفة، والتي تُعدّ مسؤولة عن القاعدة، تشغل الطبقتَين الأخيرتين من المبنى. كما يُشاع عن المبنى احتواؤه على غرف للصلاة، وعيادة خاصة مجهزة بعشرين سريرًا مخصصًّا للجرحى من الضباط ذوي المراتب العليا، كما يحتوي على منشآت بغرض حفظ ملايين الدولارات نقدًا، تُحفظ جميعها، بحسب التقرير، في القبو.
الصورة: الحرس الثوري الإيراني في جنازة الجنرال محمد على الله دادي، القائد الذي قتل في جنوبي سورية.
الخريطة: يدعي الناشطون أنّ طهران قد قسمت سورية إلى خمس “جبهات”، مع ثماني عشرة قاعدة منتشرة من الشمال إلى الجنوب، لكن لم يكن في الإمكان التحقق من صحة تلك المعلومات.
الصورة: مقاتلو حزب الله في القلمون، غرب سورية. يقول ناشطو المعارضة الإيرانية أنّ عددهم يقارب الـ 1000 مقاتل في البلاد.
الصورة: الرئيس السوري بشار الأسد يزور جنود الجيش السوري الذين يقاتلون في الغوطة الشرقية في دمشق، سورية، في حزيران/ يونيو 2016.
الصورة: ناجون يُسحبون من النار المشتعلة بعد قصف طائرات الأسد حيَّ الأنصاري في حلب، تموز/ يوليو 2016.
تدعي المعلومات التي مُرِّرت لموقع “Mailonline” أن طهران قد أنفقت مبلغًا باهظًا قدره 100 مليار دولار أميركي على النزاع منذ عام 2011، مقدِّمةً معدّاتٍ، ودعمًا لنظام الأسد. فاجأ ذلك الرقم الذي ادّعاه المجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI) المحللين الغربيين، والذين كانوا قد توقعوا أن سقف ما قد صرفته إيران على الحرب في سورية هو 15 مليارًا فقط. كما يقول المعارضون إنّ ملايين الدولارات تصل نقدًا، وفي انتظام، إلى مهبط الطائرات الإيراني قبل أن تُحوّل إلى المقر الرئيس الذي يُدعى “المبنى الزجاجي”، حيث تُخزّن هناك في القبو تحت إشراف رئيس قسم الخدمات اللوجستية، العميد سيد رازي موسافي الذي كان القائد السابق لنخبة فيلق القدس في سورية، والذي يُستَخدم أساسًا لدفع رواتب المقاتلين.
جاءت تلك الكشوفات بعد أن اتخذت إيران الخطوة الاستثنائية بالسماح لروسيا باستخدام قواعدها الجوية لشن الهجمات في سورية، مبرهنة بذلك على دورها الواسع. كما أنّها تلت تقارير عن نقل إيران صواريخ أرض-جو “إس 300” روسية الصنع إلى منشأة تخصيب اليورانيوم في فوردو شمال غربي إيران. وقال خبير في الشؤون الإيرانية من المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI): “من الصعب جدًا معرفة الأرقام؛ وذلك لأنّ إيران تتعامل بكتمان شديد، ونحن نتصارع مع هذا الأمر في جميع أبحاثنا”.
“ليس سرًّا أن لإيران حضورًا ثقيلًا على الأرض، وغير مقتصر على الناصحين والمستشارين. إنّ هذه البيانات تعزّز افتراضاتنا وشكوكنا حول التدخل الإيراني في سورية، ولكنّها ـتذهب أبعد بكثير فيما يتعلق بأرقام ذلك التدخل. كما أنها تعزّز من رؤيتنا بأنه بسبب الاستثمار السياسي والمالي والعسكري الضخم في سورية، من غير المرجح أن تسحب إيران قوّاتها من على الأرض من دون تبدّل ضخم في ميزان القوى”.
رابط يحتوي على موقع فيديو يُظهر قائد الحرس الثوري الإيراني في سورية.
الصورة: حُوِّلت الشوارع إلى أنقاض بوساطة الطائرات الروسية في إدلب، سورية في شهر تموز/ يوليو. تتلقى القوات الإيرانية الدعم من القوة الجوية الروسية.
أخبر متحدث باسم وزارة الخارجية موقع “Mailonline” بما يلي: “يتجلى دور إيران في تعزيز اللا استقرار في الشرق الأوسط، ويتضمن ذلك الدعم المستمر للجماعات الحليفة لها ونظام بشار الأسد، كما تبقى نشاطات فيلق القدس مصدر قلق خطِر”. ويدعي الناشطون أيضًا غرس طهران جذورًا عسكريّة لها في 18 موقعًا تمتد من شمالي سورية إلى جنوبيّها (انظر إلى خريطة المعلومات في الأعلى)، ويكشف ذلك نواياها للتحكم بمساحات واسعة من البلاد حتّى في حال هزيمة الأسد.
ويقال إنّ المخططين العسكريين الإيرانيين –والذين يعملون تحت قيادة العميد محمد جعفر أسدي الذي عُيِّن مؤخّرًا، قائدًا أعلى للقوات الإيرانية في سورية- قد قسموا البلاد إلى خمس جبهات تضمّ: الجبهة الشمالية والجبهة الشرقية والجبهة الجنوبية، إضافة إلى جبهة القيادة المركزية والجبهة الساحلية، وذلك بحسب ادعاءات المجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI).
لقد تأسّست قواعد الحرس الثوري في كل من تلك القطاعات، وتستطيع كل قاعدة منها، وفقًا للمجلس الوطني للمقاومة في إيران (NCRI)، استقبال ما قد يصل إلى تعداده إلى 6000 مقاتل، إضافة إلى أسلحة ثقيلة وقوة جوية وصواريخ مضادة للطيران. ويقول الخبراء إنّ طهران مصممة على الدفاع عن وحماية خطوط إمداد حليفها حزب الله في جنوب لبنان، وعلى توسيع مخارجها من تلك الأرض.
الصورة: الدفاع المدني يتفحص الضرر الناجم عن تعرض موقع للقصف الجوي في ضاحية دوما التي يسيطر عليها الثوار، دمشق تموز/ يوليو 2016.
الصورة: طفل جريح مستلق في سيارة إسعاف بعدما هاجمت قوات الأسد حيّ الأنصاري في مدينة حلب، تموز/ يوليو 2016.
وقد أخبر مصدر أمني موقع “Mailonline” قائلًا: “إن إيران تضع نفسها في أفضل موضع يمكّنها، سواء بقي الأسد أم سقط، من التحكّم مهما حصل في المستقبل”.
هذا هو حجم التدخل طهران في سورية، والذي بدأت إيران بدفع ضريبته على الصعيد المحلي، وفقًا لما يدّعيه الملفّ. ففي السنة الماضية، كان 5000 إيراني -فقط- نشِطين على الأرض، أمّا اليوم فإنّ هذا الرقم يصل إلى 16.000. كما تظهر التقارير الأمنية المستويات المتزايدة من القلق العام في إيران، والذي تسببه كثرة الخسائر البشرية، وجوابًا على ما سبق، تظهر إيران ذلك النزاع كالخط الأمامي في الحرب ضد الإرهاب، والذي سيهدد إيران في الدّاخل في حال لم تُواجه في الخارج.
رابط يحتوي على مقطع فيديو يظهر الحرس الثوري الإيراني في سورية.
الصورة: جنود منتصرون من الجيش السوري يصرخون بشعارات مؤيدة للأسد عند دخولهم بلدة واقعة شمال دمشق، سورية.
الصورة: مدنيون يمشون أمام الأضرار الحاصلة في موقع تعرّض للقصف الجوي في ضاحية دوما التي يسيطر عليها الثوار. دمشق، تموز/ يوليو 2016.
الشكل: صفحة من الملف المسرّب تدّعي بكشفها للهيكلية السرية لقيادة القوات الخاضعة للتحكم الإيراني في سورية.
تعليق: مايكل بيرليغ، مؤرّخ.
تكشف المعلومات الاستخباريّة الجديدة عن الوجود الإيراني في سورية عن نقاط مهمة تؤكد الصورة العامة التي اعتادها الخبراء، ولعل أبرزها ضخامة القوات المدعومة إيرانيًّا، وتبلغ نحو 60.000 رجل معظمهم من الشيعة (من خارج الجيوش النظامية)، وينحدرون أساسًا من أفغانستان وباكستان.
يُعدّ الأفغان لاجئين جرى تجنيسهم بسرعة؛ للقتال في سورية، كما أنّ الباكستانيين جميعهم من الشيعة. تزود تلك القوات معًا، ما تبقى من جيش الأسد عالي التسليح بقدرات خفيفة لقوات المشاة، والتي تعدّ أساسية لحرب المدن الكثيفة ضد جماعات جهادية سُنّية في المقام الأول.
كما يزودنا الملف برؤى مهمة حول هياكل القيادة التي يمتلكها الحرس الثوري الإيراني على الأرض، وبشكل خاص في مقرّه الرئيس: “المبنى الزجاجي” قرب مطار دمشق. كما أنّه يضيف لما هو معروف عن العمليات التي يقودها اللواء قاسم سليماني، الوجه الغامض لعمليات التخريب الإيرانية الأوسع في الصراع الإقليمي على السيطرة مع المملكة العربية السعودية السُّنية، وبعض من حلفائها من دول الخليج الأصغر حجمًا. لقد تعهد سليماني مؤخرًا بأنّه حالما ينتهي الحرس الثوري من القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق وسورية، فإنّه سيساعد في تحرير الأغلبية الشيعية لدولة البحرين من مضطهديها المَلَكيّين السُّنّة.
تمتلك كل من إيران وسورية أسبابًا معقولة للمحافظة على سِريّة ذلك الوجود العميق؛ حيث لا يرغب النظام الديني في إيران في أن يعلن عن تورطه في ذلك العدد الكبير؛ ويعود ذلك إلى أنّ الشعب الإيراني قد عانى ما عاناه من الحروب عالية التكلفة، مع مئات آلاف القتلى من حرب أعوام 1980- 1988 ضد العراق.
إضافة إلى أنّ توقع معظم الإيرانيين حصولهم على حصتهم من عوائد الاتفاق النووي المبرم مع مجموعة (P5+1)، أي الغرب وروسيا والصين، والذي ترافق مع فكّ التجميد عن نحو مئة مليار دولار أميركي من الأصول المصرفية. إن كان ذلك الملف صادقٌ في ادّعاءاته بأنّ الحرب قد كلفت إيران مئة مليار دولار أميركي منذ عام 2011، فسيعني ذلك أنّه لن يكون هناك “عوائد” لتوزيعها على الإطلاق، على الرغم من كون تطابق هذين الرقمين، من بين المعلومات المسربة كلّها، يُعدّ مثيرًا للشكوك. كما يتسبب عدد القتلى الذي يبلغ نحو 1500 رجل في سورية، في مشكلات لحزب الله في معاقل حزب الله (جنوبي لبنان).
يقاتل نظام الأسد ذو الأغلبية العلوية (يشكّل العلويون، الذين غالبًا ما يُنظر إليهم بوصفهم طائفة شيعيّة، أقلية بين السوريين) لإعادة فرض سيطرته على كل البلاد وعلى سكانها السّنة الذين يفوقون بعددهم العلويين كثيرًا. ولا يستطيع الأسد احتمال أن يُنظَر إليه على أنّه دمية لطهران، الأمر الذي لن يؤّدي إلّا إلى مفاقمة الطبيعة الطائفية للنزاع؛ ولهذا السبب تُعرض في دمشق ملصقات صور القادة الروس عوضًا عن الإيرانيين؛ وذلك لأن الروس، بقوتهم الجوية، لا يضيفون طابعًا طائفيًّا للنزاع. والأمر الذي يدعو إلى الدهشة هو قطع إحدى الجماعات الجهادية الرئيسة -جبهة النصرة، وللسبب ذاته- جميع صلاتها مع القاعدة لتقديم نفسها بوصفها تنظيمًا سوريًّا حصرًا.
ووفقًا لرأي د. تبريزي، المختص في الشؤون الإيرانية، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، فإنّ الوجود الإيراني الضخم يزيد من خطر التصعيد الإقليمي، حيث كان قد قال: “إنّ دول الخليج تخاف مسبقًا من استعراض القوة الإيرانية في المنطقة، وقد يسرّع ذاك الأمر من دعم [دول الخليج] للجماعات الثائرة، أو قد يقودهم ذلك حتّى إلى التفكير بنقل قوات برية إلى سورية”.
ولكن الدور الإيراني يذهب أبعد من ذلك حسب الناشطين، والذين يدعون أنّ الدولة اتخذت خطوات لتشجيع روسيا على تخصيص موارد ضخمة لدعم الأسد في عام 2015، وقد فعلت طهران ذلك في شهر آب/ أغسطس من ذلك العام، وذلك عندما بدا أنّ الأسد في طريقه إلى السقوط بعد تكبّده خسائر هائلة في حلب وإدلب ودرعا. خلال لقاء سري مع موسكو في تموز/ يوليو من عام 2015، طلب اللواء قاسم سليماني دعمًا جويًّا روسيًّا أكبر، إضافة إلى شحنة أسلحة ضخمة تتضمن طائرات ميغ وسوخوي وأنتونوف، ومروحيات كاموف وميلن إضافةً إلى دبابات ت-90. ويدعي المعارضون نقلًا عن مصادر في الحرس الثورة الإيراني أنّ الصفقة قد تمت بشرط دفع إيران 3 مليارات دولار من أصل التكلفة الإجمالية البالغة 10 مليارات دولار أميركي. وأخبر مصدر أمني موقع “Mailonline” بما يأتي: “أنت تتحدث عن وجود إيراني عالي التنظيم والجرأة والتخطيط. إنهم يفكرون بوضوح شديد وحكمة، ويغرسون جذورًا عميقة، مشكلين جيوب قوة في الأماكن ذات الأهمية الاستراتيجية. يتقن الإيرانيون التدخل في المهمات السياسية المختلفة في الخارج، وهذا بالضبط ما يُخيف كثيرين في المنطقة؛ فهو أكبر كابوس بالنسبة إليهم”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية: “قالت الحكومة الإيرانية إنها تريد رؤية حل سلمي للنزاع السوري، ولكن وفقًا لمجريات الأحداث، فإيران بعيدة جدًا عن لعب دور بنّاء؛ فهي تستمر بإرسال المقاتلين إلى سورية، بمن فيهم قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري، كما أنها تساعد نظام الأسد ماليًّا، وتدعمه بفاعلية في قمع الناس الأبرياء”.
تحليل: كمال علام، محلل الأبحاث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)
“لا تزال الجمهورية العربية السورية تمتلك الأسد في صميمها، وهي عربية وسنّية”
من المستحيل أن نعرف بالتأكيد عدد المقاتلين الذين تقودهم إيران وينفذون عمليات في سورية. أذهب بانتظام إلى سورية، وأزور ميادين القتال فيها، ورأيت كيف يحاول الإيرانيون أن يُحافظوا، قدر الإمكان، على سرية عملياتهم. يتحدث مقاتلوهم اللغة العربية عوضًا عن الفارسية في الأماكن العامة، كما أنّهم لا يرتدون البزّات الإيرانية، هذا ما يصعّب على المراقبين مهمة معرفة عددهم في البلاد.
لا تريد إيران أن يتكشف جنودها للسوريين العاديين، وذلك تجنّبًا لبدء استيائهم من الوجود الإيراني في سورية، إضافة إلى ذلك، ترغب الحكومة السورية في إخفاء التدخل الإيراني؛ فإيران شيعية، ولكن معظم جنود الأسد سنّيّون، لذلك لتجنب التوترات، لا يرغب الأسد في أن يبدو أضحوكة لطهران. هذا ما يجعل مهمة معرفة مدى تدخل طهران في سورية، من دون تسريبات استخباريّة، مهمةً شبه مستحيلة. لكن مع ذلك، في رأيي أنّ الجمهورية العربية السورية لا تزال تمتلك الأسد في صميمها، وهي عربية وسنية. لا تُشاهد صور خامنئي وروحاني أو سليماني في دمشق، كحالها في بغداد وبيروت، كما أن الجيش السوري أقرب بكثير من موسكو مقارنة مع طهران- تُرى صور بوتين، ورئيس هيئة الأركان الروسي غيراسيموف على الفناجين والجدران وكتذكارات مغناطيسية على البرادات في جميع أنحاء دمشق وحلب الغربية.
تمتلك مصر والجزائر أكبر قوات برية في العالم العربي، وهي سنيّة مئة في المئة، وعلى الرغم من ضغط دول الخليج، يدعم كلاهما الأسد. تعي دول الخليج درجة الاعتماد التي يتلقاها الأسد لدى العرب، وهي تركّز بصورة أكبر على قيادة إيران خارج سورية. وفعلًا، لا يزال للكويت وعمان سفارتان مفتوحتان في دمشق. وفي الوقت الذي بدأ فيه قادة أجهزة الاستخبارات الإيطالية والبلجيكية والاتحاد الأوروبي بالعمل مع دمشق مجدّدًا، يحتاج الجيش العربي السوري أن يرسم خطًّا واضحًا بينه وبين الإيرانيين.
كما يجب أن يُؤخذ في الحسبان أن الخامنئي كان دائمًا يرفض رؤية حافظ الأسد؛ وذلك لاعتقاده أن العلويين ليسوا شيعة. يتوخى الجيش العربي السوري ودمشق الحذر في مسألة إيضاح أنهم يقاتلون من أجل أنفسهم وليس بالنيابة عن إيران.
تُطلق دمشق على القتال الدائر في حلب اسم “أم المعارك”، وقد يقلب سقوط المدينة الدفة لمصلحة الأسد. ويسكن الجزء الغربي من المدينة، والذي بقي تحت سيطرة الحكومة منذ بداية الأزمة، أقدم العائلات التي طالما أيّدته.