ترجمة علي كمخ
(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة
محتويات الدراسة
مدخل
- الإطار النظري والمفاهيمي
- تركمان سورية: مقدمة تاريخية، معلومات عامة وآثار الربيع العربي
- تركمان سورية في السياسة الخارجية التركية
الخاتمة
المصادر
ملخص تنفيذي
تهدف هذه الدراسة إلى إظهار آثار الظاهرة العِرقية (الاثنية) في عملية صنع القرار المتعلق بالسياسة الخارجية، ويشكّل تحليل مفهوم السياسة الخارجية، في هذا الإطار، الأساسَ النظري للدراسة، وذلك من خلال البحث في مسألة التقارب العرقي في عملية صناعة القرار، وفي خطاب صنّاعِه وسلوكهم. ومن هذا المنطلق، يشكّل تحليل الخطاب -بطرق نقدية- البنيةَ التحتية لهذه الدراسة. حيث سنناقش مسألة إنشاء الهوية في خطاب صانعي القرار: أهي مبنيّة على الأصل العرقي أم لا؟ إذ تتشكل آثار خطابات بناء الهوية في عملية صنع القرار، في إطار الفكر الوحدوي الذي يفتح الباب أمام خيال سياسي وجغرافي مشترك للقرابة العرقية، وفي مهمّة حماية الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية للأطياف والجماعات ذات التقارب العرقي. ومن حيث النتيجة؛ نجد أن تأثير القضية التركمانية السورية (التي أدرجت في أجندة السياسة الخارجية التركية في محور تحليل الخطاب والسلوك السياسي لصانعي القرار في ظل التطورات المرحلية) في عملية صنع القرار، يتجلى -في هذه الدراسة- في حماية الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتركمان سورية والحفاظ عليها.
مدخل
الاثنية ظاهرة تقع في قلب النقاشات التي تتناول القومية، وهي تؤثّر بعمق في النظام الدولي، كحال ظاهرة الحداثة، بسبب استخدامها في تكوين ظاهرة الأمة وبناء مفهومها. ويمهّد مفهوم الهوية الطريق لنشوب نزاعات داخل الحدود وخارجها، ولحروب وصراعات عالمية، وهو يوصف عمومًا بأنه أسطورة الأجداد المشتركة والوحدة الثقافية، ولذلك يُعدّ أحدَ موضوعات الجدل والنقاش في العلاقات الدولية. حيث ما زال مفهوم الاثنية الذي كان من أهم الأسباب الظاهرة في الصراعات التي نشبت بداية بين مجتمعات منطقة البلقان وأوروبا الشرقية وآسيا والشرق الأوسط قبيل الحرب العالمية الأولى، والصراعات التي اندلعت في أفريقيا والشرق الأوسط في الحربين العالميتين الأولى والثانية وما بعدهما، والحروب التي نشبت بعد نهاية فترة الحرب الباردة في مناطق البلقان والقوقاز وأفريقيا والشرق الأوسط، ما زال يتسببُ اليوم في حروب ونزاعات دامية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا والقوقاز، ويحتفظ بمكانته في النقاشات الأكاديمية والسياسية الأوروبية، مع مطالبة كتالونيا بالاستقلال. ولهذا، فإن هذه الظاهرة هي أحد العوامل القوية التي تشكل السياسات الخارجية للدول وتصوغها.
إن دراسة تأثير مفهوم الاثنية في السياسة الخارجية، وقصر تناولها على سياق النزاعات، ليست مقاربة صحيحة. ويرجع ذلك إلى أن اهتمام الدول بالدول الأخرى، التي تعتقد بوجود تقارب عرقي بينها أو مع أقاربهم العرقيين الذين يعيشون تحت سيادة دول أخرى، يتجلى على شكل تطوير العلاقات في السياق السياسي والاقتصادي والثقافي. ومن المعروف أن توزع المجموعات التي تتمتع بالأصل العرقي نفسه على أكثر من دولة واحدة في بعض الحالات، أو أن وجود مجموعات عرقية تعيش تحت سقف دولة أو دول أخرى، هو واقع وحقيقة. ولذلك، لو كانت قضية الانتماء العرقي سببًا دائمًا للحروب والصراعات التي نشأت، لكانت كل المجتمعات في حالة حرب متواصلة اليوم.
في هذه الدراسة، سنعمل على مناقشة السؤال المتعلق بتأثير الانتماء العرقي على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية، وما مدى تأثيره على عملية صنع القرار، من حيث تطوير العلاقات السياسية والثقافية والاقتصادية، وكذلك مدى صعود ظاهرة الوحدوية (وهي سياسة عدوانية تحريفية وتوسعية) إلى المقدّمة في هذه العملية. وفي هذا الصدد، كان من الضروري أن يحدث هذا النقاش النظري، بواسطة دراسة حالة، وقد اخترنا لهذه الحالة عنوان السياسة التركية تجاه تركمان سورية. ويرجع السبب في هذا الاختيار إلى تحوّل المسألة التركمانية إلى قضيّة مهمّة في السياسة الخارجية التركية، في أعقاب اندلاع الحرب في سورية. ويشكّل تحليل السياسة الخارجية، التي ترتكز على عملية صنع القرار وصنّاعه، البنية التحتية النظرية للدراسة؛ حيث إن تحليل السياسة الخارجية يؤكد ضرورة مراجعة خطابات صنّاع القرار وتحليلها في إطار منهجي. وتبحث هذه الدراسة في آثار الاثنية في عملية صنع وبناء السياسة الخارجية، وإن أهم سبب لاختيار منهج تحليل الخطاب هو امتلاك القومية العرقية لبنية مهيمنة نتيجة إنتاجها المستمر عبر نصوص وخطابات مختلفة (Düzgit, 2011: 52).
فضّلنا في هذه الدراسة الاعتماد على أحد أنواع وصنوف تحليل الخطاب، وهو تقنية تحليل الخطاب النقدي الذي يُعدّ إحدى المقاربات التي تركز على الغوص في السياق السياسي والاجتماعي المنشئ للخطاب. من حيث إن تحليل الخطاب، من ناحية البعد النقدي في محتواه، يوفر إطارًا مفاهيميًا ومنهجيًا واسعًا للغاية، يشتمل على الهوية والاختلاف والجدل حول الآخر (Yalçıner, 2011: 11). ويُعدّ ميشيل فوكو من أهم المفكرين الذين يمثلون تحليل الخطاب النقدي؛ إذ بيّن أن الحقيقة والمعرفة يُبنيان خطابيًا، وأن المفهوم الخطابي لا يشير إلى اللغة فحسب، بل يشير أيضًا إلى طرق وأنماط معينة في التفكير على مستوى الإفادة و التعبير أيضًا (Evre, 2007: 11). ومن المعلوم أن مفاهيم الهوية والاختلاف هي من القضايا التي يحاول تحليل الخطاب النقدي معالجتها بعجالة؛ حيث تشكل التوجهات الأساسية المستخدمة في بناء الخطاب، وإستراتيجيات بناء الهوية الوطنية (constructive strategies)، والإستراتيجيات الحمائية المستخدمة في الحفاظ على الهويات الوطنية وإعادة إنتاجها، والإستراتيجيات التي تسعى إلى تدوير الهويات الوطنية (transformative strategies)، والإستراتيجيات التي توصي بتركيب وتفكيك الهويات الوطنية (destructive strategies)، محورَ التحليل الخطابي النقدي (Yalçıner, 2011: 15). ولأن تحليل الخطاب النقدي هو المستخدم في الدراسات التي تتناول قضية الهوية، سنحلل في هذه الدراسة خطابات متخذي القرار حول تركمان سورية، من خلال اختيار نماذج من خطابات وزارة الخارجية والخطابات الواردة في الصحف والمتعلقة بالقضايا التي وضعت التركمان في أجندة السياسة الخارجية التركية وجدول أعمالها.
بداية، ستقوم هذه الدراسة، وهي بعنوان “الاثنية والهوية والسياسة الخارجية: السياسة التركية تجاه تركمان سورية”، بدراسة ومراجعة الإطار المفاهيمي والنظري. ومن ثم ستقدم المعلومات ذات الصلة بالنهج التركي وخطابات صناع القرار وسلوك السياسة الخارجية تجاه تركمان سورية. وفي الجزء الختامي من الدراسة، سنحلل خطابات صانعي القرار وسلوكاتهم في السياسة الخارجية، من حيث الاختبار النظري للفرضية.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل