الكاتب: ليلى فيغنال
(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة
ليلى فيغنال: أستاذة مشاركة في الجغرافيا البشرية بجامعة رين الثانية. تتركز اهتماماتها البحثية حول المدن والعولمة في العالم العربي. منذ عام 2011، أجرت العديد من الأبحاث حول جوانب التحول في سوريا أثناء النزاع، مع التركيز على التدمير والتغييرات الاقتصادية والإقليمية والديمغرافية.
__________
قام مركز حرمون بترجمة المادة بعد الحصول على إذن من مؤسسة فريدريك إيبرت المالكة حقوق نشر المجلد
المحتويات
نزع الملكية كتكتيك حرب
نزع الملكية واقتصاد الحرب
نزع الملكية والوثائق القانونية
نزع الملكية والتخطيط الحضري
تحويل وضع الأراضي الحضرية واستخدامها
تحديد الاتفاق الحضري الجديد
تأمين نقل الممتلكات الحضرية القيمة
الخلاصة وتوصيات السياسة
يُعدّ تغيّر النسيج البشري في سورية تركة عميقة الأثر خلّفها النزاع، وقد تستمرّ مدة طويلة بعد انتهائه. ويكمُن مفهوم نزع الملكية (فقدان المنزل ووثائق ضمان الملكية) في قلب هذا التغيير. كمثال إحصائي واحد على ذلك، نزح حتى عام 2019 أكثر من نصف سكان سورية، البالغ عددهم قبل الصراع 21 مليون نسمة، إذ لجأ نحو سبعة ملايين سوري إلى خارج البلاد، فيما أصبح أكثر من 6.5 ملايين نازحين داخليًا[1].
طالما كانت عمليات النزوح والتدمير وسلب الممتلكات متأصلة في النزاعات العنيفة على مرّ التاريخ، وفي جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، يرى هذا الفصل أن ضخامة ظاهرة نزع الملكية في سورية تضطرنا إلى تحليلها، ليس كنتيجة حتمية للحرب والدمار، إنما كنتيجة لعمليات متعددة الأوجه، سببها الاختلاف في استراتيجيات الجهات الفاعلة في زمن الحرب، وفي هذا الإطار، علينا معاينة وجهات النظر المختلفة، والجهات الفاعلة المتصلة بتغيرّات حقوق ملكية الأراضي وحقوق الحيازة الحضرية في سورية، التي تقود إلى نزع الملكية. يحلل هذا الفصل أربعة أشكال لنزع الملكية، هي: نزع الملكية بوصفه تكتيكًا عسكريًا، ونزع الملكية بوصفه جانبًا من جوانب اقتصاد الحرب، ونزع الملكية من حيث التوثيق القانوني للملكية، ونزع الملكية الناجم عن التخطيط الحضري والأنظمة الحضرية في زمن الحرب.
تؤثّر تلك الأشكال الأربعة المترابطة ترابطًا وثيقًا في سكان المناطق التي كانت أو ما تزال خاضعة لسيطرة المعارضة، وتخدم هذه الأشكال كلها أهدافًا عسكرية أو سياسية أو اقتصادية، أو مصالح مجموعات وجهات فاعلة معينة، وتُحدث تغييرًا في حقوق السكن والأرض والملكية للسكان عامّة، لكن هذه الأشكال توضح أمورًا مهمة حول طريقة خوض الحرب السورية والشروط التي يمكن بموجبها (أو لا يمكن) للبلد أن يتعافى من الدمار الذي لحق به في العقد الثاني من القرن الحالي.
ومع تعذّر إجراء العمل الميداني في ظل الحرب الجارية في سورية، جُمعت المواد البحثية من مصادر عدة: ابتداء من عام 2014 أُجريت مقابلات مع السوريين في الخارج (معظمهم في لبنان، والباقون في مصر وفرنسا والمملكة المتحدة) واستُخدمت صور الأقمار الصناعية لقياس حجم الدمار والتغيير في الأراضي الحضرية، ثم دُمجت هذه المصادر الأولية الغنية مع المصادر الثانوية، أي البيانات التي جمعتها المنظمات الدولية، مثل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وتقارير الوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية العاملة في سورية، والبيانات التي تنتجها مراكز البحوث ومنظمات المجتمع المدني السورية، إلى جانب المصادر الإعلامية والمواقع الإلكترونية المتخصصة (ولا سيما النشرة الاقتصادية الإلكترونية “ذي سيريا ريبورت” التي تدرس الاقتصاد السوري).


نزع الملكية كتكتيك حرب
في شهر آب/ أغسطس 2017، صرّح بشار الأسد قائلًا: “فقدنا أفضل شبابنا… لكننا في المقابل اكتسبنا مجتمعًا أكثر صحة وتجانسًا”، كان ذلك اعترافًا صريحًا منه أن سورية، بالنسبة إلى نظامه على الأقل، تحسّنت بعد هرب ثلث سكانها، ودمار نصف البلاد، ويهدف هذا القسم إلى توضيح كيف استخدمت قوات الحكومة السورية وحلفاؤها (وخصوصًا روسيا) القصف بالقنابل والمدافع، مرارًا وعلى نطاق واسع، لبلوغ غاية محددة، وهي تدمير المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وإجبار السكان على المغادرة.
اتُّبعت هذه التكتيكات للمرة الأولى عام 2012، بعد تصاعد وتيرة عسكرة جزء من الحراك الثوري الذي خرج إلى الشوارع احتجاجًا في 2011، وقد اضطرّ النظام السوري حينذاك إلى القتال في آن واحد في جبهات عدة في أنحاء البلاد، ليصبح سريعًا تحت وطأة ضغط هائل، ثم استفاد كثيرًا من سيطرته الجوية (فالجيش السوري هو الوحيد الذي يملك طائرات ومروحيات، ولم يكن لدى أي من جماعات المعارضة أسلحة مضادة للطائرات)، كما استفاد من قدرته الواسعة على استعراض قوته باستخدام المدافع. واستُخدمت في حملات القصف الأسلحة التقليدية (المدافع والدبابات والطيران وصواريخ سكود بعيدة المدى) والأسلحة غير التقليدية (القنابل العنقودية والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية، والحصار الطويل) [2]. ومن أيلول/ سبتمبر 2015، أدّى التدخل الجوي الروسي الداعم لنظام الأسد إلى تكثيف تلك التكتيكات، فتسبّب القصف المتواصل والفعال بتحويل ديناميات الصراع لمصلحة النظام، وقد سمح له ذلك تدريجيًا باستعادة المناطق من سيطرة قوات المعارضة، بدءًا من أحياء حلب الشرقية، في كانون الأول/ ديسمبر 2016، وصولًا إلى الغوطة الشرقية في دمشق الكبرى، خلال نيسان/ أبريل 2018، ومن ثم درعا في حزيران/ يونيو من العام نفسه [3].
تعكس جغرافيا الدمار عمومًا الهدفَ السياسي والاستراتيجي للنظام، المتمثل في سحق جماعات المعارضة كافة واستعادة السيطرة الكاملة على الأراضي السورية، وقد اتُبع تكتيكان رئيسيّان في هذا الإطار، فمن ناحية، استخدم النظام، خلال القصف، سياسية الأرض المحروقة بهدف تدمير المناطق وإفراغها، تسهيلًا لاستعادتها، وهذا ما حدث في القُصير (وهي بلدة تقع جنوب غرب حمص واستعادها النظام في حزيران/ يونيو 2013 بعد حملة استمرّت شهرين وسوّاها بالأرض) [4]. ومن ناحية أخرى، هدف القصف الواسع والمكثّف في المناطق السكنية إلى معاقبة السكان في مناطق المعارضة، أو ربما إلى طردهم، وكانت هذه هي الحال في حلب الشرقية، التي تعرّضت لقصف متواصل بدءًا من عام 2013 حتى كانون الأول/ ديسمبر 2016، حين نجحت قوات النظام، بمساعدة قوات روسية وإيرانية، في استعادة المنطقة من سيطرة المعارضة. في حلب، كما في أماكن أخرى، لم يميّز النظام السوري، في قصفه وقذائفه، بين الأهداف العسكرية المحددة والنسيج السكني والبنية التحتية المدنية (أي المدارس والمستشفيات والمخابز وغيرها) [5]. والواقع أن كثيرًا من السوريين النازحين لم يفرّوا من النزاع المسلح، بقدر ما كانوا يفرّون من العنف السياسي الذي استهدف أجزاء معينة من الأراضي والمجتمع، بهدف كسب الحرب.
تسبّب هذان التكتيكان الرئيسان في دمار واسع النطاق، ولا سيّما في المناطق التي كانت تحت سيطرة جماعات المعارضة. (تعرّضت بعض المدن السورية في الشمال الشرقي للقصف من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية)، وتشير التقديرات التي تستخدم تقنيات التصوير عن بُعد إلى تضرّر 1.2 مليون وحدة سكنية وتدمير 400.000 وحدة بنهاية عام 2015 [6]. وفي عام 2017، أجرى البنك الدولي تقييمًا واسعًا للأضرار في عشر مدن سورية، واستنتج أنّ 27 في المئة من المساكن تضرّرت بفعل الحرب، حيث دُمّر 7 في المئة منها، وأصيب نحو 20 في المئة بأضرار جزئية [7]. ويختلف الوضع من مدينة إلى أخرى، ومن حيّ إلى آخر، ومن قرية إلى أخرى.

تسببت هذه التكتيكات في مقتل الناس وجرحهم وإصابتهم بصدمات نفسية [8]، وأدت إلى معاناة كبيرة، في الحصة الأكبر من النزوح السكاني الهائل الذي يتناسب عمومًا مع نمط الدمار الحاصل. وأُفرغت بعض البلدات والقرى -جزئيًا أو كليًا- من سكانها؛ بينما حافظت بعض البلدات والقرى على العدد نفسه من السكان تقريبًا، بسبب بقاء السكان، أو نتيجة تعويض النازحين القادمين إليها، على سبيل المثال، في عام 2016، احتفظت مدينة (إزرع) في محافظة درعا الجنوبية، بأقل من 25 في المئة من سكانها الأصليين، بينما لم يتغير عدد سكان (الصنمين) المجاورة [9]. وشهدت بعض المناطق زيادة سكانية واضحة، وينطبق هذا خصوصًا على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، مثل المدن والقرى الساحلية التي كانت بعيدة عن القصف، وكذلك الحال في منطقة إدلب الشمالية الغربية، حيث نُقلت إليها، منذ عام 2016، أعداد متزايدة من المقاتلين والسكان، من المناطق التي استعادها النظام وحلفاؤه (انظر الخريطة 1) [10]. وفقد كثير من السوريين منازلهم، وبخاصة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بسبب الدمار والنزوح.
نزع الملكية واقتصاد الحرب
تخلق الحرب اقتصادًا يـتّسم بنزع الملكية. ويركز هذا القسم على عمليتين رئيسيتين مرتبطتين بتحول الاقتصاد، في زمن الحرب، الذي يتسبب في فقدان المنازل والممتلكات، وهما: احتلال الممتلكات الخاصة بالسوريين النازحين من أطراف ثالثة، ومصادرة القوات المسلحة المنازل والممتلكات، فضلًا عن معاملات الاضطرار[11]، وبيع الأصول من أجل النجاة.
تشير الشهادات والتقارير إلى أن الممتلكات المهجورة مهددة بأن يستولي عليها، أحيانًا، أشخاص مهجرون آخرون ينتقلون إليها بموافقة المالك أو بدونها، ويعيشون عمومًا بلا إيجار. على سبيل المثال، غادر معظم سكان قرية (عز الدين) القريبة من مدينة حمص، التي تعرضت لحملات قصف منذ عام 2012. يكشف اللاجئون أن في عام 2018، كانت المنازل القليلة مأهولة بالنازحين داخليًا، الذين لم يدفعوا أي إيجار [12]. ويصادر الجيش السوري أحيانًا منازل الغائبين والشقق لإيواء الجنود، كما حدث مثلًا في معظم منازل قرية (الحمرات) قرب حمص [13]. يمارس أفراد الميليشيات العديدة العاملة في سورية عمليات مصادرة المنازل الخاصة في نطاق واسع، وتقوم بذلك جميع أطراف النزاع والجهات الفاعلة (الميليشيات السورية والميليشيات الأجنبية و”الدولة الإسلامية”).[14] إلى جانب الحاجة إلى إيواء القوات، تكون المصادرة عادة بمنزلة تعويض عيني للجنود والضباط.
تكون المصادرة سياسية أيضًا، في بعض الأحيان، وتستهدف الممتلكات الخاصة لأشخاص معينين ذوي خلفيات سياسية أو مجتمعية، أو كتدابير عقابية عند استعادة المنطقة. عندما عادت والدة حكمت إلى حلب، لتتفقد منزلها شرقي المدينة؛ وجدت على باب البيت لافتة مكتوب عليها “مصادرة” [15].
عُمومًا، تتعرض المنازل التي تُركت خالية، إلى جانب الممتلكات الأخرى مثل الورش والمصانع، لخطر النهب وسلب كل شيء، حتى الأسلاك الكهربائية وأدوات الصرف الصحي، وانتشرت هذه الممارسة على نطاق واسع في سورية في وقت الحرب، وقد صِيغت لها كلمة باللهجة المحلية: “التعفيش” [16].
تصبح حماية الممتلكات أمرًا بالغ الأهمية للسوريين المهددين بمثل هذا النهب والسلب، وخصوصًا النازحين؛ فهي لا تمثل عادة الأصول الأساسية للعائلة فحسب، وإنما ثمرة سنوات من العمل والادخار، وتمثل أيضًا الأمل بالعودة يومًا ما [17]. وتُعدّ حماية الممتلكات، في هذا الصدد، أحد أسباب انفصال العائلات النازحة، داخليًا أو خارجيًا، إن تسنى ذلك لأفرادها، حيث يبقى شخص من العائلة لحراسة المنزل، وإذا لم يبق أحد، فإن أحد أفراد العائلة يعود للتحقق من المنزل، إن كان ذلك آمنًا [18].
تمثّل المعاملات الاضطرارية الجانب الثاني من عملية سلب الممتلكات، الموجودة في اقتصادات الحرب، إذ يُحرم الأفراد من أصولهم الرئيسية (السلع المنزلية أو السيارات أو الأدوات المهنية أو البضائع.. إلخ)، وأحيانًا من الممتلكات، نتيجة معاملات توصف بأنها “اضطرارية”، وجد كثير من السوريين الذين قابلتهم الباحثة أنفسهم، منذ عام 2014، مضطرين إلى البيع التدريجي لمعظم أو كل ممتلكاتهم وأصولهم للنجاة، بمجرد استنفاد مدخراتهم. قالت (نسرين) التي نزحت من مدينة نوى الصغيرة قرب درعا: “غادرنا عندما بدأ القصف، لم يكن هناك شيء يمكن أن نأخذه معنا؛ لأننا كنا معرضين لخطر سرقة كل شيء، عند نقطة تفتيش الجيش، لم أستطع أخذ شيء إلا مجوهراتي، وقد بعتها (…)، لكن ما كانت قيمته ألف دولار، بعته بمئة دولار” [19].
هذه المبيعات “اضطرارية” على نحو مضاعف. وهذا بسبب الفقر العام الموجود في سورية منذ بدء الحرب. وفقًا للأمم المتحدة، يعيش 69 في المئة من السكان الآن تحت خط الفقر (أقل من 1.90 دولار أميركي في اليوم) مقارنة بـ 30 في المئة قبل النزاع [20]. أشار تقرير للأمم المتحدة عام 2017 إلى أن 36 في المئة من المجتمعات التي شملتها الدراسة لجأت إلى بيع الأصول، لمواجهة الافتقار إلى المأوى والقضايا الأخرى غير الغذائية (الجدول 1)، و7 في المئة باعوا منازلهم أو أراضيهم.
الجدول 1: آليات مواجهة المجتمعات التي تواجه الافتقار إلى المأوى وقضايا غير غذائية أخرى.
آليات التعاون | % |
إنفاق المدخرات | 22 |
اقتراض المال/ الشراء على الائتمان | 18 |
بيع الأصول/ السلع المنزلية | 16 |
بيع الأصول الإنتاجية أو وسائل النقل | 13 |
تخفيض النفقات غير الغذائية | 10 |
بيع المنزل أو الأرض | 7 |
المخاطر العالية أو العمل غير القانوني | 6 |
تقليل المدخول الغذائي | 5 |
التسوّل | 3 |
آليات أخرى/ لا أعرف | 1 |
المصدر: مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، تقييم الحاجات الإنسانية 2018، تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، ص. 65؛ حسابات المؤلف الخاصة.
على الرغم من أن بعض عمليات البيع تتم بحسن نية، فإن تلك التي تتم خلال النزاع تعكس عمومًا اقتصاد الحرب السائد، الذي يميل فيه ميزان القوى نحو المشترين. وتوضح قصة (نسرين) كيف يبيع السوريون أصولهم، تدريجيًا، بأسعار مخفضة جدًا، وهذا يعمّق حالة إفقار كثير من الناس، وتوضح، في المقابل، كيف بنى قليلون ثروات عبر العمل كوسطاء، أو الاستفادة المباشرة من عمليات النقل هذه، وأصبح أمراء الحرب من الشخصيات المحورية للحياة الاقتصادية [21]. أخيرًا، تفيد التقارير أن المجموعات الخارجة عن القانون تستغل الوضع لإجراء معاملات احتيالية، وتزوير وثائق ملكية مزيفة ومبيعات إجبارية [22] .
كانت معاملات كهذه، وهي محكومة بالفقر أو توازن القوى غير المتماثل، تتم إبان النزاع السوري، وعلى الرغم من أن قياسها الآن مستحيل، فإنها تؤدي بوضوح إلى تحويلات مهمة للأصول الخاصة التي تشمل الممتلكات.
نزع الملكية والوثائق القانونية
يفقد الناس منازلهم في الحرب السورية بطرق عدة، ويركز هذا القسم على الصورة الجديدة للاعتراف بحقوق الملكية الناجمة عن الحرب، ففي حين تمتعت أنواع بديلة من وثائق الملكية بدرجة معينة من الاعتراف في سورية ما قبل الحرب، أصبح توفير سندات الملكية القانونية وتوثيق الحيازة والملكية جانبًا رئيسيًا لديناميات السكن والأرض والملكية.
لا تُعدّ قضايا توثيق السكن والأرض والملكية جديدة في سورية، إذ كانت نسبة كبيرة من سكان المدن، قبل الحرب، تعيش في أحياء عشوائية، ولم يكن لديهم سندات ملكية رسمية [23]. وبدلًا من العقود القانونية تمتعت الوثائق والإجراءات البديلة بدرجة معينة من الاعتراف، بما يكفي لتوفير قاعدة للمعاملات [24]. وجمع كل من بودوان دوبريت، ومريم فيرير، في إحدى الحالات، وثائق متنوعة والخطوات الإجرائية اللازمة لإثبات ملكية شقة، لتُباع في مخيم اليرموك، نظرًا لعدم وجود سندات رسمية.[25] حين عجزت السلطات السورية عن توفير مساكن كافية، قبل الحرب، اعترفت ضمنًا بمعظم الأحياء غير الرسمية، وربطتها بشبكات الكهرباء والمياه والطرق الرئيسية، وزوّدت بعضها بالمدارس والمراكز الصحية وغير ذلك من الخدمات العامة، لكن خلال الحرب، استُبدلت قضية عدم وجود الوثائق الرسمية والقانونية بالدمار والأهداف السياسية والعسكرية، وحجم النزوح (أكثر من نصف السكان السوريين) يشير إلى ذلك.
أدت الحرب إلى زيادة فقدان الوثائق وسندات الملكية والهويات الشخصية، ودُمّرت أو أُتلفت عناوين الممتلكات في عمليات القصف، وترك العديد من النازحين مستنداتهم عرضة للنهب أو التدمير، أو فقدوها أثناء فرارهم، وفي دراسة أُجرِيت في الأردن عام 2016، قال 75 في المئة من اللاجئين السوريين أنهم امتلكوا قبل مغادرتهم نوعًا من الوثائق، في حين قال 20 في المئة فقط من النازحين داخليًا أنهم ما زالوا يحملون وثائقهم؛ وأفاد 35 في المئة أن مستنداتهم قد تضررت أو فُقدت [26]. وأظهرت دراسة أن 9 في المئة فقط من الأسر السورية النازحة جنوبي البلاد لديهم سندات ملكية[27]. تُفقَد الوثائق أيضًا عبر مصادرة الجيش والميليشيات والجماعات المسلحة الأخرى، على نقاط التفتيش، كمصادرة الهوية الشخصية وسجلات الممتلكات، وتتيح مصادرة بطاقات الهوية تسجيل الأشخاص الذين يغادرون ومكان إقامتهم، وتحرم مصادرة وثائق السكن والأرض والملكية الناس من إثبات الملكية، ومن القدرة على استعادة الممتلكات، وقد تحرمهم من العودة.
تحصل انتهاكات أخرى لحقوق الملكية في سورية، مثل صعوبات تسجيل الوثائق أثناء النزاع، فمن ناحية، نجد أن العنف والصدامات وتفتيت البلاد يعوقان الوصول إلى مكاتب تسجيل الأراضي والسكن المحلية، لكن من ناحية أخرى، لا يتخذ العديد من السوريين الخطوات اللازمة لاستبدال السندات المفقودة أو تسجيل المعاملات، لأنهم، خوفًا على سلامتهم الشخصية، يفضلون تجنب زيارة الإدارة المحلية، هذا واقع بخاصة على القاطنين في مناطق سيطرة المعارضة، التي ينحدر منها غالبية النازحين داخليًا، وكذلك بخصوص أي شخص مرتبط بالمعارضة.
يؤدي تدمير مكاتب التسجيل إلى إعاقة تسجيل المعاملات واستبدال الوثائق المفقودة أو التالفة، وقد واجهت بعض المكاتب المصير العام للأحياء التي تسيطر عليها المعارضة، التي دُمّرت بسبب القصف، ومع ذلك، يبدو أن مؤسسات أخرى قد دُمّرت عن قصد، مثل مكاتب التسجيل في الزبداني أو داريّا أو القصير أو حمص، على أيدي قوات النظام [28]. على سبيل المثال، في حمص، في تموز/ يوليو 2013، نشب حريق في مبنى دائرة تسجيل الأراضي، الذي كان في الجزء الأكثر أمانًا من المدينة [29]، كما حُرق مبنى السجل المدني والأراضي في مدينة منبج الشمالية، في آب/ أغسطس 2016، وكانت (قوات سورية الديمقراطية) [30]، التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، قد استولت على المدينة من (تنظيم الدولة الإسلامية)، وعلى إثر ذلك اتهمت جماعات المعارضة حزب الاتحاد الديمقراطي بحرق المبنى، بهدف حرمان العرب من سندات الملكية الخاصة بهم [31].
توضح هذه الحالات الأهمية التي اكتسبتها الوثائق الرسمية، في مكان نزح أكثر من نصف سكانه ويخشون الطرد، وما يؤكد هذا التفسير أن عبد الكريم إدريس (رئيس الإدارة العامة للشؤون المساحية في سورية) أعلن، بعد الحريق الذي وقع في منبج بمدة قصيرة، أن جميع سندات الملكية في سورية خُزّنت بأمان، إلكترونيًا، وأن وجود نسخ من السندات يجعل الأشخاص الذين لديهم سندات ملكية قانونية يتمتعون ببعض الحماية ضد المصادرة القسرية والإخلاء، ومع ذلك، لم يذكر إدريس أن برنامج ترقيم المستندات يهدف فقط إلى تسجيل المستندات من عام 2010، وأنه توقف بعد وقت قصير من بدء الاحتجاجات [32].
جعلت الحرب مسألة تأمين المستندات مصدرَ قلق رئيس للسوريين، وحاولت المجالس المحلية في مناطق سيطرة المعارضة معالجة هذه المسألة، عبر إنشاء سجلات الأراضي والممتلكات الخاصة بها، في مدينة دوما في الغوطة الشرقية، على سبيل المثال، أدار الناشطون مكتبًا عمل على تسجيل الملكية والميراث، وأشرف على المبيعات والمعاملات الأخرى [33]. مثل هذه السجلات كانت حاسمة لحماية الممتلكات من السرقة، ولتسوية النزاعات حول الملكية والإيجارات، وقد تولت منظمات المجتمع المدني هذه المسألة، وتدير جمعية المحامين السوريين الأحرار (FSLA) أربعة مكاتب في محافظة إدلب: (في معرة النعمان، وجبل الزاوية، وسراقب، وإدلب) لتسجيل العقود وأنواع أخرى من القضايا الإدارية المدنية (المبيعات والمشتريات والإيجارات) [34]، وأطلقت الجمعية أيضًا برنامجًا لحماية حقوق السكن والأرض والملكية للسكان، في أجزاء من الشمال السوري، عبر أرشفة سجلات الأراضي والممتلكات، ونقلها إلى مكان آمن خارج سورية [35]. ومن غير المرجح أن يعترف نظام الأسد بالسجلات البديلة، حيث ينص المرسوم التشريعي 11 لعام 2016 بوضوح، على أن تسجيلات الملكية التي تُجرى في مناطق خارجة عن سيطرة النظام باطلة ولاغية.
وضع النزاع حدًا للتفاهم الواسع والتسامح النسبي اللذين ميزا حقوق الملكية في سورية قبل عام 2011، وبسبب عدد من ديناميات نزع الملكية الموصوفة في هذا الفصل، أصبحت قضية حقوق الملكية محددة الآن بشروط قانونية صارمة، تحتاج إلى مستندات مسجلة لإثبات الملكية، وتستبعد قطاعات كبيرة من السكان، بحكم الواقع والقانون، وهم الذين لم يبق لديهم وثائق، والذين لم يكن لديهم بالأصل ملكية نظامية. وهذا يتماشى مع نية النظام تهجير وتجريد السكان الذين يعدّهم معارضين.
نزع الملكية والتخطيط الحضري
فرّغت الحكومة السورية أحياء كاملة، وغيّرت نظام حقوق الملكية، عبر المرسوم رقم 40، والقوانين المتعلقة بالسكن والأرض والملكية التي تتبناها منذ بداية الحرب. ويوضح هذا القسم كيف خلقت هذه القوانين والتشريعات أساسًا قانونيًا لتبرير تغيير حالة الأرض الحضرية، وكيف خدمت المصالح “الغنائمية” نظام بشار الأسد، بعد أن أضفت تلك القوانين طابعًا رسميًا على نقل الأراضي الحضرية القيّمة التي تكون خالية من السكان.
تحويل وضع واستخدام الأراضي الحضرية
اعتمدت الحكومة السورية، عام 2012، مرسومين مهمين بشأن التخطيط الحضري، فقد أمر المرسوم التشريعي رقم 40، الصادر في 20 أيار/ مايو 2012، بهدم جميع المباني غير المصرح بها في الأحياء “غير القانونية”، فيما يهدف المرسوم 66، الصادر في 18 أيلول/ سبتمبر 2012 إلى “إعادة تطوير المناطق السكنية غير المأذون بها، والمستوطنات غير الرسمية”، في منطقتين جنوبي دمشق (الجزء الجنوبي الشرقي من المزة وكفرسوسة من جهة، ومن جهة أخرى مناطق قنوات، وبساتين الرازي، وداريا والقدم التي كانت معاقل للمعارضة) وتضمن المرسوم 66 أحكامًا بطرد السكان ومصادرة مالكي العقارات والشروع في مشاريع عقارية.
تزامنت هذه المراسيم مع العمليات العسكرية التي دمّرت المساكن عبر القصف، أو طهّرت الأراضي الحضرية القيمة، عبر جرفها الأرض بواسطة الجرافات والحفارات، وكانت المناطق المستهدفة في معظمها أحياء غير رسمية في المواقع شبه المركزية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وتُبرّر هذه العمليات عادة بأسباب عسكرية (إفراغ أحياء من مقاتلي المعارضة، وتأمين خطوط المواجهة) أو أسباب سياسية (الانتقام من داعمي مقاتلي المعارضة) أو قضايا إدارية (تنفيذ لوائح التخطيط)، ويوفر مرسوم عام 2012 الأسس القانونية لاستمرار انتهاك الاستراتيجيات العسكرية (استهداف مناطق المعارضة) للقانون الإنساني الدولي. على سبيل المثال، بين تشرين الأول/ أكتوبر 2012 وتشرين الأول/ أكتوبر 2013، أُجريت سبع عمليات من هذا النوع: خمس عمليات في منطقة دمشق الكبرى، واثنتان في ضواحي حماة، تحت إشراف قوات النظام أو الجيش أو أجهزة الأمن [36]، وقد وُثّقت تلك العمليات.
ينص المرسومان الصادران عام 2012 على إعادة إطلاق “الدراسات التفصيلية”، مثل مشاريع التجديد الحضري التي كانت قبل الحرب في الأحياء غير الرسمية بالقرب من وسط دمشق [37]، وتطوّرت الدراسات في أواخر العشرية الأولى من القرن الحالي، عندما شُجّع الاستثمار الخاص في مشاريع التطوير العقاري [38]. كان المستثمرون السوريون والأجانب من القطاع الخاص يأملون أن تمهد هذه الدراسات الطريقَ لهم، للحصول على موقع حضري رئيسي للمشاريع الضخمة التي من شأنها تحويل دمشق إلى مدينة “أكثر عولمة”، ومع ذلك، فإن (عقدة غورديان) للتنفيذ المحتمل لهذه المشاريع الحضرية الضخمة، كانت مصير السكان المحليين، إذ لا يمكن طردهم جماعيًا، ومع ذلك، بعد بضع سنوات فقط، كانت مناطق الاستيطان غير الرسمية التي استهدف المرسوم 66 “إعادة تطويرها” متداخلة كثيرًا مع المناطق التي نُظِر فيها للتجديد الحضري أواخر العقد الأول من القرن العشرين، في غضون ذلك، أُفرغت هذه المناطق من سكانها بعمليات القصف والهدم والتهجير القسري، إضافة إلى الافتقار إلى سندات الملكية القانونية، والتشريعات الحضرية الجديدة.
تحديد الاتفاق الحضري الجديد
ساهم تدخل روسيا وإيران، منذ عام 2015، في قلب ميزان الحرب لصالح نظام الأسد. وقد سهل ذلك على الحكومة السورية تعزيز المصالح الاقتصادية لمجموعة صغيرة من المستثمرين من القطاع الخاص، الذين يحددون عقدًا حضريًا جديدًا قائمًا على مشاريع عقارية حصرية وراقية، وحدد المرسوم 19 لعام 2015 نموذج التمويل والإدارة لهذه المشاريع؛ أولًا، تأسيس شركة قابضة مملوكة بالكامل لوحدة إدارية محلية مخصصة (LAU)، وتؤسس هذه الشركة القابضة، المملوكة للقطاع العام، شركات خاصة تحت مظلتها، ونظرًا لأن هذه المشاريع المشتركة ليس لها سقف للملكية، يُسمح للشركات الشريكة من القطاع الخاص بالحصول على معظم الأسهم، وهذا يسمح للشركات الخاصة بالوصول إلى الأراضي العامة لتنفيذ مشاريعها العقارية الخاصة.
أُعلن البدء بمشروعين حضريين واسعين في المناطق المحددة بموجب المرسوم 66، وهي مناطق تعرضت لدمار كبير في أثناء النزاع، ونزح معظم سكانها، الأول مدينة (ماروتا) التي بدأ العمل بها عام 2016، وتُبنى على مساحة 214 هكتارًا، وتغطي الحي السابق غير الرسمي لبساتين الرازي في المزة الذي كان سكانه في طليعة انتفاضة 2011، وأُعلن المشروع الثاني، مدينة (باسيليا)، عام 2018، بمساحة 880 هكتارًا، أي أربعة أضعاف مساحة مدينة (ماروتا)، لتُزال بذلك أحياء في المزة وكفرسوسة والقدم وداريّا. في عام 2019، بدأ إعداد الأرض الأساسي لـ (ماروتا) فقط [39]، وأنشأت شركة دمشق شام القابضة، التي أسستها محافظة دمشق لتشغيل مدينة ماروتا عام 2016، ستة مشاريع مشتركة مع شركات خاصة، تعود جميع هذه الشركات إلى رجال أعمال سوريين أقوياء مقربين من النظام، منهم سامر الفوز (مجموعة أمان) الذي جمع ثروته في الحرب، ومنهم أيضًا رامي مخلوف (شركة روافد)، أكبر رجل أعمال سوري قبل الحرب، وابن خال بشار الأسد [40].
تُظهر هذه الأمثلة أن التشريعات الحضرية التي أُقرّت أثناء النزاع تشجّع مشاريع التنمية الحضرية، اجتماعيًا ومكانيًا، التي تبدو غير واقعية، نظرًا للوضع الحالي للمجتمع والدولة، وتساعد القوانين الجديدة أيضًا في إدامة الممارسات الرأسمالية التي كانت قبل الحرب تسمح لمجموعة من رجال الأعمال الموالين والقريبين من النظام بالاستفادة من الوصول الاستثنائي إلى الأصول العامة [41].
تأمين نقل الممتلكات الحضرية القيمة
منذ عام 2016، أُعلن عن العديد من مشاريع التطوير الحضري التي تستخدم مجموعة متنوعة من الأدوات القانونية، ومن غير المحتمل أن تكون هذه المشاريع قريبة التحقق في بلد تعرّض للتدمير والنزف بشدة، وهو مختل وظيفيًا من الناحية الإدارية[42]، ومع ذلك، فإن الأطر القانونية الجديدة تسمح بطرد سكان الأحياء غير الرسمية، وتحويل حقوق الملكية الفردية، ونقل الممتلكات التي يملكها الأفراد إلى هيئات عامة وخاصة.
في عام 2018، على سبيل المثال، نُشرت دعوة للمناقصة لإعادة تطوير 23 منطقة، بموجب القانون 15/2008 [43]، من بينها حي (الحيدريّة) شرقي حلب، وهو أحد أكبر الأحياء غير الرسمية في سورية قبل الحرب، وقد دمُرّ بالكامل في السنوات الأربع التي كان فيها تحت سيطرة المعارضة المسلحة، ومن المخطط تطوير 118 هكتارًا في الحي، تضم 45000 وحدة سكنية، وتصف المناقصة الأراضي المملوكة للحكومة بأنها “مصادرة”، من دون توضيح ما يقتضيه ذلك [44].
يمثّل إصدار القانون 10، في 2 نيسان/ أبريل 2018، نقطة تحول في هذه العملية، فبتوسيعه نطاق المرسوم 66 ليشمل البلد بأكمله، يُسمح لأي وحدة إدارية متخصصة بتحديد مناطق إعادة التطوير العقاري في الأحياء غير الرسمية داخل أراضيها [45]، ويقلل ذلك كثيرًا من حقوق المالكين الأصليين في تلك المناطق، ومن القضايا العديدة المثيرة للجدل، في ما يتعلق بحقوق السكن والأرض والملكية، أحكام القانون 10 الخاصة بطرد السكان السابقين، وعدم كفاية خطط التعويض، التي تعوق قدرة المالكين الأصليين على الاحتفاظ بممتلكاتهم مُددًا زمنية قصيرة، على نحو غير واقعي (أقلّ من عام)، واتخاذ الإجراءات اللازمة، وبالنظر إلى الإدارة شديدة التنظيم والافتقار للموظفين، والتشريد الذي طال أمده، والنزاعات السياسية وقضايا السلامة، من المرجح أن يؤدي فقدان ومصادرة العديد من سندات الملكية خلال الحرب إلى إعاقة حصول الناس على حقوقهم، ويجب أن نضيف إلى ذلك أن معظم سكان الأحياء العشوائية لم تكن لديهم صفات قانونية في المقام الأول، لذلك حتى لو أرادوا المطالبة بأي نوع من التعويض، فلن يكونوا قادرين على ذلك.
غيرت الحرب آلية الوصول إلى الأراضي الحضرية القيّمة بطريقتين: الأولى طهرت مساحات شاسعة من المنشآت في الأحياء غير الرسمية وشردت سكانها، والثانية استُخدمت فيها التشريعات الحضرية لإلغاء تأمين الوصول إلى الأراضي الحضرية القيمة، وهذا يسهّل عملية نزع الملكية ونقل الملكية، التي ستفيد على الأرجح الجهات الاقتصادية الخاصة القريبة من النظام، ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى مشاريع تُعطل النسيج الحضري المادي والاجتماعي والسياسي. بعض الأحياء السورية التي مُحيت عمدًا جراء الحرب، مهددة اليوم بأن تُمحى عن عمد مرة ثانية، عن طريق إعادة الإعمار بقيادة النظام.
الخلاصة وتوصيات السياسة
يقدم هذا البحث نموذجًا لنزع الملكية بعد عام 2011 في سورية، ويوضح كيف يحدث ذلك عبر عمليات متعددة ومترابطة، إذ تُجرّد الملكية عبر التكتيكات العسكرية والسياسية (تدمير مناطق المعارضة لتهجير السكان قسرًا داخل وخارج البلاد)، ويعزز هذا أهداف مجموعات صغيرة من المستثمرين، إلى تأمين الأراضي الحضرية القيّمة (الفارغة). وبسبب الأحوال الصعبة التي تُجبر السكان المستهدَفين على بيع أصولهم للبقاء على قيد الحياة، تأثرت علاقات القوة غير المتماثلة في زمن الحرب (أدى ذلك إلى وجود قيود على المبيعات والامتلاك)، فيما غيّرت الحرب أيضًا مفهوم الملكية، وتساعد الحاجة إلى إظهار العقود القانونية والسندات نظامَ الأسد في حرمان قطاعات كبيرة من السكان السوريين من حقوق الملكية الخاصة بهم، التي كانت تستند إلى إجراءات غير رسمية، ويستثني إطارٌ قانوني جديد، لإعادة التطوير الحضري عبر نخبة مختارة من رجال الأعمال المؤيدين للنظام، قطاعاتٍ كبيرة من السكان، ويروّج لمدينة تلبي حاجات القلة، وتسهّل إجراءات التجريد من الممتلكات أثناء الحرب عمليات نقل الأصول الضخمة، التي تحرم ملايين السوريين من حقوقهم في السكن والأرض والملكية، ومن منازلهم في نهاية المطاف.
تعتمد حقوق السكن والأرض والملكية في سورية اعتمادًا كبيرًا على السياسة السورية المستقبلية، فإذا كان الانتقال السياسي سيؤدي إلى حل سياسي شامل (على النحو المنصوص عليه في القرار 2254/2015 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة)؛ فسيكون من الممكن استعادة حقوق السكن والأرض والملكية، وفقًا لمبادئ الإسكان والممتلكات الخاصة باللاجئين والمشردين التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 2007 [46]، وتهدف “مبادئ بينهيرو” إلى ضمان عودة الأشخاص، ليس إلى بلدهم أو مدينتهم فحسب، وإنما إلى منازلهم أيضًا، كما تتناول مطالبات استرداد حقوق السكن والأرض والملكية، وتقدم إطارًا لاسترجاع العقود المفقودة، والتعويضات، والاعتراف بحقوق الملكية البديلة، وغيرها من مطالبات الملكية الأخرى، فضلًا عن معالجتها المعاملات المتنوعة والتغيرات في زمن الحرب.
ويُعدّ الوضع السياسي والعسكري في سورية العقبة الرئيسة أمام تنفيذ هذا الإطار الشفاف والمنصف والمستقل. وسيسعى النظام الحالي (الذي يُرجح بقاؤه في السلطة السنوات المقبلة، مع استمرار دعم حلفائه، الروس والإيرانيين وحزب الله اللبناني) إلى عرقلة هذا الخيار. لقد أظهر هذا الفصل أن التدمير والتهجير والتجريد من الممتلكات هي ممارسات تصب في صالح النظام، كما أشار بشار الأسد، حين قال إن النزاع المسلح قد خلق مجتمعًا سورية أكثر صحة وتجانسًا. ومع وجود النخب الحاكمة المصممة على بقاء النظام[47]، لا فائدة من مناقشة إعادة الإعمار الشفافة والشاملة والقائمة على الحقوق.
يوضح هذا الفصل أن إعادة الإعمار قد بدأت بالفعل في سورية: إعادة الإعمار بقيادة النظام الذي يستثني السكان غير المرغوب فيهم، ويدعم مصالح أصدقائه. ليس لدى المجتمع الدولي مجال للمناورة، وهو يواجه معضلة خلقها نظام الأسد ببراعة منذ بداية الحرب: كيف ستدعمون الشعب السوري من دون دعم قادته [48]؟
في هذا السياق، لا شك في أن خيارات السياسة محدودة. وهذا يزيد من ضرورة المشاركة في مبادرات المجتمع المدني السوري، والمنظمات غير الحكومية، وجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، التي تسعى إلى حماية حقوق السكن والأرض والملكية، عبر البرامج المخصصة لذلك. يجب أيضًا تذكير المجتمع الدولي بأهمية حماية حقوق السكن والأرض والملكية للسوريين، داخل سورية وخارجها، في جميع المجالات الدبلوماسية ذات الصلة. وهذا أمر بالغ الأهمية، حتى لا تقوم البلدان والمستثمرون والوكالات الإنسانية التي تموّل برامج حسنة النية (كتقديم المساعدات الإنسانية، ومشاريع إصلاح البنية التحتية وتوفير الخدمات)، عن غير قصد، بتمويل الانتهاكات المرتكبة ضد حقوق السوريين في السكن والأرض الملكية.
[1] في عام 2019، قدّرت وسائل الإعلام عمومًا عدد اللاجئين السوريين بـ 5.6 ملايين لاجئ. إلا أن هذ العدد لا يمثّل سوى السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في الشرق الأوسط. انظر: https://data2.unhcr.org/en/situations/syria (آخر وصول 14 أيار/ مايو 2019). ولا يشمل هذا الرقم اللاجئين غير المسجلين في الدول المجاورة، والذين لا توجد أرقام رسمية عن عددهم. يتّفق المراقبون على أن عدد السوريين غير المسجلين يبلغ حوالي 610،000 في الأردن (إضافة إلى 655،000 لاجئ مسجل) و500،000 في لبنان (إضافة إلى مليون لاجئ مسجل) و175،000 في مصر (إلى جانب 125،000 مسجل). منذ عام 2011، تقدّم مليون سوري آخر بطلب اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي (المكتب الإحصائي للاتحاد الأوروبي)، بينما شقّ مئات الآلاف من السوريين طريقهم إلى دول الخليج (De Bel Air، Françoise (2015): “مذكرة بشأن اللاجئين السوريين في الخليج: محاولة تقييم البيانات والسياسات”، أسواق العمل والهجرة الخليجية 11، متاح على: https://bit.ly/38iLtsd (آخر وصول 14 أيار/ مايو 2019) ، وإلى الولايات المتحدة وكندا والبرازيل والأرجنتين وتايلاند، عبر برامج إعادة التوطين أو غيرها من الوسائل، وفقًا لقواعد البيانات الإحصائية الوطنية المختلفة.
تقوم وكالات الأمم المتحدة المسؤولة عن الاستجابة الإنسانية في سورية، وبصورة منتظمة، بنشر تقديرات عن عدد النازحين داخليًا لإعطاء صورة عن الوضع في فترة معينة. معظم الأشخاص النازحين داخليًا عالقون نزوح داخلي مديد، لكن بعضهم تمكّن من العودة إلى ديارهم. وهذا يعني أنّ النسبة التي شهدت نزوحًا خلال ثماني سنوات من الصراع هي أعلى بكثير مما تشير إليه الأرقام الرسمية.
[2] البراميل المتفجّرة هي براميل نفط كبيرة تزن أكثر من نصف طن وتُملأ بالمتفجرات والخردة المعدنية والمواد الكيميائية. عند إسقاطها من المروحيات، تُلحق هذه البراميل أضرارًا واسعة النطاق وعشوائية. تم توثيق هذه التأثيرات وتحليلها في مقالة بحثية بقلم ليلى فينيال، (2014 أ) تحت عنوان: “التدمير المستمر: الثورة والقمع والتخطيط الحربي في سورية (من العام 2011 فصاعداً)”، مجلة (بيلت إنفايرمونت) (Built Environment)، العدد 40 (3).
[3] نفّذت الطائرات الروسية 39000 طلعة جوية بين تشرين الأول/ أكتوبر 2015 وصيف 2018، وفقًا لوزارة الدفاع الروسية. “روسيا تقول إن 63 ألف جندي شاركوا في القتال في سورية”، بي بي سي (23 آب/ أغسطس 2018)، متوفر على: https://www.bbc.com/news/world-middle-east-45284121 (آخر وصول 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2018).
[4] انظر الفصل الذي أعدّه غونزالس عن القُصير في هذا الكتاب.
[5] يحظّر القانون الدولي الإنساني استهداف المدنيين.
[6] مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) (2015): “خطة الاستجابة الإنسانية، كانون الثاني/يناير إلى كانون الأول/ديسمبر 2016. الجمهورية العربية السورية”، متوفر على: https://www.unocha.org/sites/dms/Syria/ 2016_hrp_syrian_arab_republic.pdf (آخر وصول 10 أيار/ مايو 2019).
[7] البنك الدولي (2017): “تقييم الأضرار في سورية”.
[8]على الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة، تشير التقديرات إلى أن نصف مليون قتيل سوري (“أكثر من 570 ألف شخص قُتلوا على الأراضي السورية خلال 8 سنوات من الثورة، طالبوا بالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة”، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 15 آذار/ مارس 2019، متاح على الموقع: http://www.syriahr.com/en/؟p=120851، تم الرجوع إليه في 13 حزيران/ يونيو 2019). وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SHRN) 223.161 وفاة مدنية، بين آذار/ مارس 2011 وآذار/ مارس 2019. وتقدر أن 1,271,616 شخصًا كانوا محتجزين أو ما زالوا محتجزين في مراكز الاعتقال الرسمية وغير الرسمية للنظام السوري، أو أخفوا قسرًا. (“بعد ثماني سنوات من بدء الانتفاضة الشعبية في سورية، تستمر الانتهاكات الفظيعة”، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 11 آذار/ مارس 2018، متاحة على: http://sn4hr.org/blog/2019/03/11/53423/، رُجِع إليه في 10 أيار/ مايو 2019). يُحسب عمومًا أن في النزاعات يموت واحد بين كل أربعة جرحى، وهذا يعني أن بحلول عام 2019، سيكون حوالي مليوني شخص أصيبوا في الصراع السوري.
[9] ريتش (2016): “سورية: نظرة عامة على الوضع الإنساني”، متاح بالإنكليزية على https://bit.ly/2NzIPod (آخر وصول 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016).
[10] يوجد الأساس المنطقي لما يسمّى النظام “اتفاقات المصالحة” في عملية” أستانا” التي تقودها روسيا، وقد بدأت عام 2015، وتراوح هذه بين الحلول التوفيقية التي ظل فيها مقاتلو المعارضة، بعد وقف إطلاق النار، يشاركون في الأدوار الأمنية والحكمية في مناطقهم، وبين حالات الاستسلام الفعلي للمعارضة وإجلاء المقاتلين، وأحيانًا السكان بأكملهم. ريمون هينبوش، وعمر عمادي (2018): “اتفاقيات المصالحة في سورية”، دراسات سورية، 9 (2)، 1-14، متاح على: https://ojs.st-andrews.ac.uk/index.php/ سورية/ article / view / 1558 (آخر وصول 28 أيار/ مايو 2018).
[11] انظر، على سبيل المثال، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (2018): “تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة عن الجمهورية العربية السورية”، A / HRC / 39/65، متاح على: https://www.ohchr.org/ en / hrbodies / hrc / iicisyria / pages / Independentinternationalcommission.aspx (آخر وصول 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2018).
[12] مقابلات في لبنان مع اثنتي عشرة عائلة من عز الدين، نيسان/ أبريل 2017، وآذار/ مارس 2018.
[13] مقابلات في لبنان مع عائلتين من الحمرا، آذار/ مارس 2018.
[14] نُشر العديد من الشهادات على الموقع الإلكتروني (الرقة تُذبح بصمت)، وهي متاحة على: https://www.raqqa-sl.com (آخر وصول 12 شباط/ فبراير 2019).
[15] “قد تفقد المنزل إلى الأبد بسبب النزوح داخل سورية”، وكالة (أسوشيتد برس) (14 تموز/ يوليو 2018)، متاح على:
https://apnews.com/e0c4b19a74e14a7386b820c-506dbcb88 (آخر وصول 22 تموز/ يوليو 2018).
[16] مصطلح “التعفيش” جاء من كلمة “عفش”، وهي تعني الأدوات المنزلية (الأثاث، الألواح الخشبية، الأسلاك إلخ). يرتبط الفعل بـالسرقة والنهب وإعادة البيع في الأسواق المستعملة. خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، استُخدم المصطلح لوصف نهب المنازل من الجيش السوري.
[17] في تقييم أُجري في بعض مناطق سورية في أواخر عام 2016، أفاد النازحون داخليًا أن ممتلكاتهم تعرضت لأضرار بنسبة (44 في المئة من مجموع الأسر)، أو تم تدميرها بنسبة (36 في المئة) أو نهبها بنسبة (34 في المئة). المصدر: REACH (2017): “تقييم المأوى والمواد غير الغذائية: سورية”.
[18] مقابلات مع اللاجئين السوريين في لبنان وفرنسا ومصر والمملكة المتحدة، 2015-2019.
[19] في سورية، يكون المهر في الغالب من المجوهرات الذهبية. مقابلة، نسرين، بيروت، لبنان، 5 نيسان/ أبريل 2017.
[20]( أوتشا) (2017): “سورية 2018: نظرة عامة على الحاجات الإنسانية: ملايين الأشخاص يعيشون صراعًا يوميًا من أجل البقاء”: https://www.unocha.org/story/
syria-2018-humanitarian-needs-overview-millions-people-face-daily-struggle-survive (accessed 15 Dec. 2017).
[21] ليلى فينيال (2018): “الإنتاج، الاستهلاك، العيش: الممارسات الاقتصادية اليومية في سورية خلال الحرب (2011-2018)”، Critique Internationale، 80 (3) (إصدار خاص)،
متاح على: https://bit.ly/2Vs1tTr (آخر وصول 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2018).
[22] عمر عبد العزيز الحلاج (2017): “الإسكان الحضري ومسألة حقوق الملكية في سورية”، حالة المدن السورية 2016-2017، متاح على: https://syrianechoes.com/2017/12/21/urban-housing-and-the-question-of-property-rights-in-syria/ (آخر وصول 19 نيسان/أبريل 2019)
[23] على سبيل المثال، نحو 40 في المئة من سكان دمشق: كليرك، فاليري (2014): “الأحياء العشوائية في النزاع السوري: التخطيط الحضري كسلاح”، البيئة العمرانية، 40 (1)، ص. 34-51، متاح على الموقع: https://halshs.archives-ouvertes.fr/halshs-01185193/document (آخر وصول 3 أيلول/ سبتمبر 2014) أو 45 في المئة من سكان حلب: مشروع حلب للتطوير العمراني (2009): ‘الأحياء العشوائية في حلب. ملامح الأحياء العشوائية في حلب، مشروع مشترك بين بلدية حلب والوكالة الألمانية للتعاون الفني، متاح على: https://bit.ly/2ZirHJ0 (آخر وصول 7 آذار/مارس 2019)
[24] استعادة المنزل، مؤسسة فريدريك إيبرت، 2019
[25] دوبريت، بودوين وفرير، ميريام (2012): “بيع ممتلكات الفرد في حي عشوائي: مقاربة تطبيقية لدراسة حالة سورية” في عبابس، مريم، دوبريت، بودوين ودينيس، إريك (محرران): حيازة الأراضي في الشرق الأوسط: دراسات حالة من مصر وسورية والأردن ولبنان وتركيا. مطبعة الجامعة الأمريكية، القاهرة ونيويورك.
[26] unial، لورا (2016): “السكن والأرض والملكية في الجمهورية العربية السورية”، مذكرة إعلامية للمجلس النرويجي للاجئين، متاحة على: https://bit.ly/2YFM1Vu (آخر وصول 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017)
[27] المجلس النرويجي للاجئين (2017): “النزوح، وحقوق السكن والأرض والملكية والوصول إلى الوثائق المدنية في جنوب الجمهورية العربية السورية”.
[28] مجلس الأمن (2018): ‘رسالة مؤرخة 12 تموز/ يوليو 2018 موجهة من الأمين العام ورئيس مجلس الأمن إلى الممثلين الدائمين لألمانيا وتركيا (S / 2018/700)، متاح على: https://bit.ly/2YF8qm7 آخر وصول 14 أيلول/ سبتمبر 2018.
[29] د. جون أونرو (2016): “استخدام حقوق الملكية كسلاح في الحرب الأهلية السورية: تسهيل الاستعادة؟”، مجلة التدخل وبناء الدولة، 10 (4)، 459؛ اللجنة السورية لحقوق الإنسان (2013): شارع السجل الداخلي في حمص جبل القوت، “الحُكمية” (حُرق سجل أرض حمص من القوات العسكرية الحكومية) على الموقع: http: // www.shrc.org/؟p=15314 (آخر وصول 15 نيسان/ أبريل 2017).
[30] “قوات سورية الديمقراطية” هي تحالف تسيطر عليه وحدات حماية الشعب (YPG)، والقوات المسلحة لحزب الاتحاد الديمقراطي.
[31] “الحريق في سجل منبج العقاري يسلط الضوء على مسألة ملكية الأراضي في سورية”، تقرير سورية (22 آب/ أغسطس 2016). 32) أونروا (2016).
[32] Unruh (2016).
[33] درويش، صبر (2016): “السوريون تحت الحصار: دور المجالس المحلية”، بدائل سياسة مبادرة الإصلاح العربي، متاح على: https://archives.arab-reform.net/en/node/976 (آخر وصول 13 أيار/ مايو 2019).
[34] “حماية حقوق المواطنين السوريين”، معهد تقارير الحرب والسلام (23 آب/ أغسطس 2006)، متاح على: https://www.refworld.org/docid/57beb3494.html (آخر وصول 23 تموز/ يوليو 2017).
[35] “في سورية المتمردة، سباق لإنقاذ سندات الملكية الثمينة”، وكالة الصحافة الفرنسية (20 حزيران/ يونيو 2018)، متاح على: https://www.france24.com/en/20180620-rebel-syria-race-saveprecious-property-directions (آخر وصول 20 تموز/ يونيو 2019).
[36] تم تطوير تحليل مفصل لهذه العمليات وتبريرها في Vignal (2014a)، ص. 335-338.
[37] يتألف التجديد الحضري من هدم وإعادة بناء المناطق المستهدفة لإعادة التطوير، على عكس التجديد الحضري، الذي يتضمن التنظيم/ التقنين والتحديث. انظر Clerc (2014).
[38] ليلى فينيال (2014b): ‘دبي على بردى؟ صنع “دمشق المعولمة” في برومبر، كاترين وآخرون: قيد الإنشاء. منطق العمران في منطقة الخليج. اشجيت، فارنهام.
[39] المصدر: تحليل المؤلف لصور القمر الصناعي لهذه المنطقة في تواريخ مختلفة (10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016؛ 28 أيار/ مايو 2017؛ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018؛ 23 آذار/ مارس 2019؛ 22 حزيران/ يونيو 2019). صور الأقمار الصناعية مصدرها Google Earth.
[40] “قائمة بالمشاريع المشتركة القائمة بين شركة دمشق شام القابضة والمستثمرين من القطاع الخاص”، تقرير سورية (17 نيسان/ أبريل 2018).
[41] “صحيفة حقائق: مدينة ماروتا، مشروع الاستثمار الأكثر إثارة للجدل في سورية”، تقرير سورية (1 حزيران/ يونيو 2018).
[42] يقدر إجمالي الناتج القومي السوري بنحو 60 مليار ليرة سورية قبل الحرب، إلى 15 مليار ليرة سورية فقط في عام 2019.
[43] “قائمة بمناطق التطوير العقاري”، تقرير سورية (13 آذار/ مارس 2018).
[44] “حلب تعلن إطلاق أعمالها في المناطق غير الرسمية”، تقرير سورية (30 آذار/ مارس 2018).
[45] يوجد عرض فيديو قصير عن القانون 10/2018 وآثاره باللغتين الإنجليزية والعربية على موقع Syrbanism: https://www.syrbanism.com/law10 (آخر وصول 14 أيار/ مايو 2019). انظر أيضًا استعادة المنزل، مؤسسة فريدريك إيبرت، 2019
[46] OHCHR (2007): كتيب عن إعادة الإسكان والممتلكات للاجئين والمشردين. تنفيذ “مبادئ بينهيرو”، المتاحة على الموقع: https://bit.ly/2ND5M9X (آخر وصول 14 أيار/ مايو 2019)
[47] ستيفن هايدمان (2018): “ما وراء الهشاشة: سورية وتحديات إعادة الإعمار في الدول المتوحشة”، السياسة الخارجية في بروكينجز، متاحة على: https://www.brookings.edu/wp-content/uploads/2018/06/ FP_20180626_beyond_fragility.pdf (آخر وصول 11 أيار/ مايو 2019).
[48] مارك لينش، مها يحيى (هيئة التحرير) (2018): “سياسة إعادة إعمار ما بعد الصراع”، POMEPs / مركز كارنيغي للشرق الأوسط، متاح على: https://pomeps.org/wp-content/uploads/2018/ 09 / POMEPS_Studies_30_Post-Conflict_Web.pdf (آخر وصول 14 أيار/ مايو 2019).
العنوان الأصلي للمادة | Locating Dispossession and HLP rights in the War in Syria |
الكاتب | ليلى فينيال |
المصدر | من مجلد “استعادة المنزل” لمؤسسة فريدريك إيبرت/ 2019 |
الرابط | http://library.fes.de/pdf-files/bueros/tunesien/15664.pdf |
المترجم | وحدة الترجمة- محمد شمدين |