عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية: | FACTBOX: Syria’s Conflict Economy |
اسم الكاتب | براندي يونغ BRANDI YOUNG |
مصدر المادة الأصلي | Atlantic council |
رابط المادة | رابط المادة |
تاريخ النشر | 13 تموز / يوليو 2016 |
المترجم | وحدة الترجمة في مركز حرمون – فاتن شمس |
نتيجة “للحرب الأهلية” الدائرة، منذ خمس سنوات في سورية، عانت البلاد من خسائر كبيرة، إنسانية واقتصادية؛ فقد أدت الحرب إلى تراجع البلاد عقودًا، في مجالات التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والإنسانية. وهنا، نلخص بعض هذه الخسائر، بالاستناد إلى تقرير عمل صندوق النقد الدولي: “اقتصاد الصراع في سورية”.
قبل الصراع
في مطلع الألفية الثالثة، سعت سورية إلى تحرر اقتصادي تدريجي، من خلال اتخاذ عدد من الخطوات الملموسة، كتعزيز الرقابة المصرفية والتنظيم، وتحديث الإطار النقدي، وتطوير سوق دين حكومي، وتعزيز وتبسيط إدارة العائدات، وتحسين الإدارة المالية العامة، وذلك -كله- بمساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي، وكان الاقتصاد مستقراً.
ومع ذلك، كانت هناك مؤشرات لمشكلات أساسية؛ فقد بدأت معدلات الفقر والبطالة في الارتفاع، خلال النصف الثاني من العقد الأول من الألفية الثالثة، وكان التفاوت بين الفقر الريفي والمديني كبيرًا، إذ لم يستفد سكان الريف من جهد التحرر الاقتصادي، كما أن “مؤشر أداء قطاع الأعمال” في سورية كان فقيرًا؛ فقد كان أداؤه سيئًا في الحصول على التمويل، وإنفاذ العقود، وتسجيل الملكية، إضافة إلى مشاكل الفساد، والقوى العاملة غير الكفؤة، والكهرباء. وكانت الإصلاحات السياسية بطيئة أيضًا، وبعد تولي بشار الأسد الرئاسة، عام 2000، بدأت الاحتكاكات [الخلافات] بالظهور.
كارثة إنسانية
يُعدُّ الصراع السوري “الأزمة الإنسانية الأسوأ في عصرنا”؛ فقد تقلص سكان سورية بنسبة تقدر بـ 20 في المئة؛ 250.000 من القتلى، و800.000 غيرهم من المصابين، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة الرسمية، إضافة إلى 4.7 مليون لاجئ فروا من سورية، و7.6 مليون سوري نازح في الداخل.
وتنتشر البطالة والفقر على نطاق واسع؛ فنسبة 60 في المئة من القوى العاملة، عاطلة عن العمل، بعد أن فقد ثلاثة ملايين شخص وظائفهم، بسبب الصراع، ويطال الفقر ما تقارب نسبته 83 في المئة من السكان، ويصل عدد المنازل المدمرة إلى 2.1 مليون منزل.
ويقع الأطفال في خانة أكثر الفئات تأثرًا بالصراع؛ إذ نحو مليوني طفل لم يلتحقوا بالمدارس، وربع مدارس سورية لم تعد صالحة للعمل، بسبب الحرب، فضلًا عن 3.7 مليون طفل سوري، وُلدوا لاجئين، منذ بداية الصراع.
وقد انخفض متوسط العمر المتوقع 20 سنة؛ بسبب الصراع، وانخفضت معدلات تطعيم الأطفال من 99إلى 100 في المئة قبل الأزمة، إلى ما بين 50و70 في المئة، إضافة إلى شح في الأمن الغذائي، وصراع للحصول على ما يكفي من المياه والكهرباء.
وتفتقر المنظمات الإغاثية للتمويل الكافي، لدعم 13.5 مليون من الأشخاص المحتاجين للمعونة، ومواجهة التحديات الناجمة عن العقوبات الدولية، التي تستهدف مسؤولي الحكومة السورية، والتنظيمات الإرهابية. كما يقبع 4.6 مليون شخص، في مناطق يصعب الوصول إليها، فضلًا عن رفض الحكومة السورية السماح للمنظمات غير الحكومية، بتوزيع المساعدات في بعض المناطق.
اقتصاد مُدمَّر
انكمش الاقتصاد –بالقيمة الحقيقية- بنسبة 57 في المئة، منذ عام 2010، وتتركز خسائر الناتج، وتدمير البنية التحتية المادية، في قطاعات النفط، والتصنيع، والنقل، والبناء.
فقد انخفض إنتاج النفط الخام، في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، من 386.000 برميل يوميًا عام 2010، إلى 9.000 برميل يوميًا عام 2014، بنسبة 98 في المئة انخفاضًا في الناتج المحلي الإجمالي للنفط، ومع ذلك؛ فإن إجمالي إنتاج النفط الخام أعلى، إذا ما قورن بإنتاج الحقول الخاضعة لسيطرة المتمردين [الثوار]، والتي تُباع في السوق السوداء.
وشهد الإنتاج الزراعي، الذي كان يشكل خُمس الاقتصاد السوري قبل الصراع، خسائر كبيرة؛ إذ خرجت بعض أكثر المناطق خصوبة عن سيطرة الحكومة، مثل: محافظتي حلب والرقة، واللتان كانتا مسؤولتين عن نصف الإنتاج الزراعي في سورية ؛ ما أدى إلى انخفاض ف إنتاج القمح بنسبة 20 في المئة، عما كان عليه في عام 2010، وانخفاض الإنتاج الحيواني بنسبة 30 في المئة للأبقار، و40 في المئة للأغنام والماعز، و50 في المئة للدواجن، وتمثل الثروة الحيوانية 20 في المئة من قوة العمل الريفية، كما كانت الأغنام، والماعز، والدجاج، من السلع التصديرية المهمة.
الجدول 2: الجمهورية العربية السورية: الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ومكوناته
مُقدَّر | متوقع | % تغيير | |
2010 | 2015 | 2010-2015 | |
الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي | 1.470 | 637 | -57 |
النفط الخام والغاز الطبيعي | 173 | 22 | -87 |
النفط | 161 | 17 | -89 |
الغاز الطبيعي | 12 | 5 | -56 |
ثروات تعدينية أخرى | 6 | 5 | -21 |
الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي | 1.297 | 615 | -53 |
الزراعة | 240 | 102 | -57 |
الصناعات التحويلية | 133 | 31 | -77 |
المرافق | 37 | 24 | -37 |
البناء | 53 | 16 | -70 |
الخدمات | 853 | 460 | -46 |
تجارة الجملة والتجزئة | 295 | 93 | -68 |
النقل والاتصالات | 191 | 75 | -61 |
التمويل والتأمين | 80 | 28 | -65 |
الخدمات الحكومية | 207 | 214 | 3 |
خدمات أخرى | 81 | 50 | -38 |
الخدمات المالية المقاسة بشكل غير مباشر (-) | -25 | -22 | -12 |
المصدر: تقديرات وتوقعات خبراء صندوق النقد الدولي
كما تأثر قطاع التصنيع بشدة، بسبب نقص المواد المدخلة، ومحدودية الحصول على التمويل التجاري، وتدمير البنية التحتية. وقد كانت العديد من مراكز التصنيع في سورية، تتمركز في حلب، وحمص، وضواحي دمشق، وهي من المناطق الأكثر تضررًا من الحرب؛ ما أدى لانتقال كثير من المشاريع التجارية السورية إلى تركيا؛ ما يمثل نسبة 26 في المئة من الشركات الجديدة المسجلة في تركيا.
أما في القطاع الخارجي؛ فقد أدى الصراع وحظر التجارة الدولية، إلى عجز في الحساب الجاري، بنسبة 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، بارتفاع نسبته 0.6 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي عام 2010، ويُعزى الجزء الأكبر من هذا التدهور، إلى الانهيار الحاصل في السياحة، وصادرات النفط؛ إذ انخفضت الصادرات بنسبة 70 في المئة، بين عامي 2010 و2015، بسبب الحظر الدولي، كما انخفضت الواردات بنسبة 40 في المئة تقريبًا.
ويخمن صندوق النقد الدولي، هروب رؤوس أموال كبرى، في حين كانت تدفقات رأس المال محدودة، ما يعني، أولًا، أن سورية تلقت قليلًا، أو لا شيء مطلقًا، من تدفقات رأس المال الخاص، بما في ذلك الاستثمار؛ وثانيًا، لم تعد سورية قادرة على خدمة الديون؛ وثالثًا، لم يعد مسموحًا لها بإعادة أي من الأرباح، ولم يتبق من المساعدات المالية المفترضة، إلا خطوط الائتمان، من الحكومة الإيرانية.
وأخيرًا، فقد قُدِّر انخفاض الاحتياطيات الدولية إلى 1 مليار دولار أمريكي، في نهاية عام 2015، كما انخفض سعر الصرف بشكل كبير أيضًا، بعد خسارة تُقدّر بـ 85 في المئة من قيمته مقابل الدولار.
نظام مالي مشتت
يُقدَّر ارتفاع العجز المالي من 8 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي عام 2010، إلى أكثر من 20 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015. وبينما يموِّل الائتمان الإيراني قدرًا من الدين السوري، تُغطى البقية -محليًّا- من قبل المصرف المركزي، والمصارف التجارية، وقد تجاوز الدين العام نسبة 100 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي، نهاية عام 2015، بينما كانت نسبته 31 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي، نهاية عام 2009.
وقد أُجبرت الحكومة السورية، بسبب نقص العملات الأجنبية، والمواد الخام، على خفض دعمها للقمح، والخبز، والسكر، والوقود، والمياه، والكهرباء، كما اضطرت الحكومة –أيضًا- إلى الاستعانة بالقطاع الخاص، في معظم الخدمات الضرورية، وتوصلت إلى اتفاقات مع الدولة الإسلامية (داعش)، والأكراد، لشراء النفط الخام السوري، والغاز؛ لضمان إمدادها للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
إن النظام المالي في حالة من الفوضى؛ فقد عُزلت المصارف السورية –إلى حد كبير- عن السوق الدولية؛ حيث أُوقف التعامل، مع ثلاثة أرباع السوق المصرفي، بأنظمة الدفع والتسوية الدولية؛ نتيجة العقوبات الدولية، وجُمّدت معظم الأصول الدولية، بينما شكلت القروض المعلقة [متعثرة السداد]، مشكلة كبيرة؛ إذ ارتفعت من نسبة لا تتعدى 4 المئة عام 2010، إلى 35 في المئة بحلول أيلول/ سبتمبر 2013.
سُبل إعادة البناء
تكلف إعادة بناء البنية التحتية المادية، ما يُقدَّر بـ 100 إلى 200 مليار دولار أميركي، فضلًا عما يتوجب على سورية فعله من تغلب على التحديات الاجتماعية-الاقتصادية. وبالرجوع إلى فترتي التعافي، في لبنان والكويت، بعد انتهاء الصراع في كل منهما، يمكن تقدير أنه، إذا ما تحقق الاستقرار في سورية في عام 2018، سيستغرق اقتصادها عشرين سنة؛ ليعود إلى مستويات الناتج المحلي الإجمالي قبل الصراع، ولكن، وبالنظر إلى مستويات الدمار غير المسبوقة، فقد يستغرق ذلك وقتًا أطول.
وعلى المدى القصير، يجب على سورية أن توجه إصلاحاتها الاقتصادية نحو تحقيق الاستقرار، ومساعدة الأكثر فقرًا؛ فبعد استعادة الأمن، والبدء بإعادة الإعمار، ينبغي النظر في إصلاحات، ذات مدى أبعد، مثل تطوير القطاعات غير النفطية، والحفاظ على الاستدامة المالية، مع توفير حماية اجتماعية للشبان العاطلين عن العمل، كما أن تنمية القطاع الخاص، أمر بالغ الأهمية، فضلًا عن مواجهة تحديات البيئة، والثروات الطبيعية، ولاسيما ما يتعلق بالإجهاد الحاصل على إمدادات المياه، والصرف الصحي.
وباختصار، على سورية النظر، في كيفية التعامل مع التباينات الإقليمية، عندما تبدأ بإعادة الإعمار، لتجنب تكرار مرحلة عدم الاستقرار، ومن الضروري أن تكون السياسة والإدارة المالية فعالة، نزيهة، وشفافة، وما إن تبدأ الإصلاحات الاقتصادية، لابدَّ من وعي الظروف الاجتماعية-الاقتصادية الغادرة [الخطرة]، التي كانت السبب الأول في بداية الصراع.