عنوان المادة الأصلي باللغة الإنكليزية: | Iran covertly recruits Afghan Shias to fight in Syria |
اسم الكاتب | سوني أنجل راسموسين، و زهرة نادر، في كابول |
مصدر المادة الأصلي | الغارديان |
رابط المادة | رابط المادة |
تاريخ النشر | 30 حزيران/ يونيو 2016 |
المترجم | وحدة الترجمة في مركز حرمون – محمد شمدين |
تحقيق للغارديان، يكشف كيف تقنع إيران الرجال الشيعة، من أفغانستان، بالذهاب إلى الحرب؛ لدعم الرئيس السوري بشار الأسد.
تقوم إيران بتجنيد المئات من الشيعة الأفغان سرًّا؛ للقتال إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، حيث تغريهم بالخروج من بلاد تمزقها الصراعات الداخلية الخاصة بها، وترمي بهم إلى حرب أخرى، ليس لأفغانستان أي مصلحة فيها.
وغالبًا ما يكون هؤلاء المقاتلين الأفغان من الفقراء، أو من المتشددين دينيًّا، أو من الذين يبحثون عن المال، كما يكونون -عادةً- من المنبوذين اجتماعيًّا؛ حيث ليس لديهم أي هدف في الحياة.
وفي الماضي كان قد تم توثيق تجنيد إيران اللاجئين الأفغان داخل إيران، إلا أن النشاط الإيراني المماثل، داخل أفغانستان نفسها، ظلّ طي الكتمان والنفي؛ إذ تنفي إيران على لسان المتحدث باسم سفارتها في كابول: ” استخدام أي أغراء، أو إكراه” في تجنيد الأفغان للذهاب إلى القتال في سورية، لكن صحيفة الغارديان استطاعت الكشف عن كيف تغري إيران الرجال للذهاب إلى الحرب، وعن الدوافع التي تدفع هؤلاء الشباب إلى السفر آلاف الأميال؛ للانضمام إلى معركة قد لا يعودون منها.
إن التجنيد يكون بطرق عدة، والمدعو ” جواد” كمثال، يعمل ضابط شرطة في النهار، ويعمل كوسيط” وكالة سفر” خارج أوقات الدوام، ويقول “جواد”: إنه “عمل لمدة سنة، كوسيط مع الحرس الثوري الإيراني”، وذلك عندما بدأوا بتشكيل ” لواء فاطميون” من الميليشيات الأفغانية عام 2014؛ للقتال إلى جانب القوات الحكومية السورية.
كان مكتب “وكالة السفر”، الذي يعمل فيه “جواد”، يقع في الطابق الثاني من مبنىً غير معروف؛ حيث يقوم “جواد” بتجنيد الشباب لصالح السفارة الإيرانية في كابول، وكانت السفارة تساعده في الحصول على تصاريح وتأشيرات السفر، وتدفع له مقابلًا ماليًّا، لقاء أتعابه.
كان جواد يرتدي بنطالًا من ماركة عالمية (جينز)، وهو يتكلم عن الذين يجندهم؛ حيث قال: إن قسمًا من المجندين يذهب لقاء إقامة دائمة في إيران عند العودة من الحرب، كما أنهم يتقاضون راتبًا شهريًّا يتعدى الـ 500 دولار، والقسم الآخر من المجندين كان يذهب للدفاع عن الأضرحة [تطوّعًا].
يقول “جواد”: إن سورية هي موطن العديد من المزارات الشيعية المقدسة، وفي مقدمتها “مسجد” السيدة زينب في دمشق؛ حيث تُكرَّم فيه حفيدة النبي محمد، والتي تحولت إلى نقطة تجمّع للشيعة الذين يريدون الدفاع عنها، ضد متشددي السنّة، مثل: “الدولة الإسلامية”.
المرة الاولى التي قابلت فيها صحيفةُ الغارديان “جواد”، كان يستعد للسفر إلى سورية بنفسه، كان “تنظيم الدولة” اختطف 12 من المقاتلين الأفغان، في إحدى ضواحي دمشق، من الذين جندهم “جواد”؛ حيث أشار إلى “أن أسرهم طلبت منه المساعدة في تأمين الإفراج عنهم”.
وعندما عاد من سورية بعد شهر، كان “جواد” مصدومًا بشكل واضح؛ حيث عرض بعض الصور التي شاهدها في دمشق، وذكر عن طريقة تفاوضه لتحرير الرهائن ” المقاتلين الأفغان”، كما أشار إلى “أنه رأى بنفسه كيف كان الإيرانيون يستخدمون الأفغان كدروع بشرية في الخطوط الأمامية”، وقال: إنه سيتوقف عن العمل كوسيط مع الإيرانيين؛ حيث عبر قائلًا:” أشعر بالخجل؛ لأنني أرسلت هؤلاء الناس إلى هناك”. ربما يوجد سبب آخر دفع “جواد” إلى هذا القرار؛ فبُعيد عودته من سورية، احتجزته المخابرات الأفغانية لمدة 48 ساعة، وأخبروه: ” لا تقم ببيع إخوتك إلى بلد آخر”.
لا توجد أرقام رسمية عن أعداد الأفغان الموجودين في سورية، إلا أن بعض وسائل الاعلام الإيرانية تشير إلى أعداد تقديرية، تصل إلى عشرين ألف مقاتل أفغاني في سورية، ولكنها لا تعترف بالتدخل الإيراني المباشر.
وفقًا لـ “أمير توماج”، الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فقد تمت ترقية “لواء فاطميون” مؤخرًا، من لواء إلى فرقة؛ حيث يقترب قوامه من 10 آلاف مقاتل، إلا أن بعضهم يرى أن هذه الأرقام مبالغ فيها، ومنهم “علي الفوني”، المحلل السياسي الإيراني المستقل، والمقيم في واشنطن؛ إذ يقدّر عدد المقاتلين الأفغان في سورية بحدود بضعة ألاف، مستدلًّا إلى بأن عدد قتلى الشيعة الأفغان، المعلن عنهم، بلغ (334) قتيلًا منذ أيلول/ سبتمبر 2013.
ويسمح القانون الإيراني الجديد بمنح الجنسية لعائلات أفغان قتلوا في معارك سورية، وقال توماج: من المرجح أن القانون محاولة لتشجيعهم على القيام بمهام أكثر خطورة، وكذلك لجذب المجندين.
في حين يرى “الفوني” أن وجود ميليشيات أفغانية وفية لإيران، سوف يخدم سياساتها على المدى الطويل في سورية، ويضيف: ” كما أنه يخدم -بوضوح- مصالح الحرس الثوري الإيراني في تدريب الأفغان الشيعة في وقت لاحق، يمكّنهم من محاربة طالبان، أو جماعات سنية أخرى، على الأراضي الأفغانية، وذلك بعد الانسحاب العسكري للولايات المتحدة من هذا البلد “.
غالبًا ما يكون المقاتلون الأفغان في الخطوط الأمامية من المعارك في سورية، حيث ذكر “محمد” عبر الهاتف من طهران، وهو في الـ 19 من عمره، وكان قد عاد مؤخرًا من سورية، عندما حاولوا دخول مستشفًى، كان تحت سيطرة قوات ” العدو”: “بغرض إخافتنا، كانوا يلقون الرؤوس البشرية إلينا، حيث تدحرج رأس طفل صغير على قدمي، تلوّن حذائي بالدم، وحينها شعرت برعب حقيقي”، وأضاف: ” دخلت مبنًى، ولمستْ قدمي سلكًا، ما أدى إلى انفجار؛ فأُصبت إلى بكسور في قدميّ ويديّ”.
إن تقدير أعداد الأفغان القتلى في سورية صعب جدًّا؛ حيث نادرًا ما تعود الجثث لدفنها، إضافة إلى أن بعض القتلى يُنقلون إلى إيران قبل أن يختفوا.
كان إحسان وفهيم صديقين من مدينة مزار شريف، حيث قال والداهم: إنهما سافرا إلى طهران للعمل، وبعد فترة ليست بطويلة مرّت على سفرهم، بدأ إحسان بإرسال رسائل وصور، عن طريق الفيسبوك إلى صديق ثالث اسمه رسول، وكان رسول يقول عن إحسان إنه كان شخصًا متدينًا جدًّا، وكان يتحدث دائمًا عن الواجب الديني المفروض عليه، للذهاب والقتال في سورية.
يقول رسول: إنه كان على تواصل مع إحسان عبر الفيسبوك، ويذكر أنه في بداية مايو/ أيار، وبعد معركة خان طومان التي قتل فيها ما يقارب ال 80 مقاتلًا، من الموالين للقوات النظامية، كان منهم العشرات من المقاتلين الأفغان، أرسل إحسان إليه عبر الفيسبوك، دون أن يذكر شيئًا عن صديقه فهيم، ما دفع والدي فهيم إلى السفر إلى إيران، حيث مازالا يبحثان عنه.
وقد حاول بعض السياسيين الأفغان التدخل في هذه القضية، من بينهم “نذير أحمد زاي”، النائب في البرلمان، والمشرف على قضية تجنيد المقاتلين الأفغان، الذي أكد لنا: أن إيران تحاول تأجيج التوتر الطائفي بين السنة والشيعة؛ من أجل فرض سيطرتها على أفغانستان، فقال:” السياسة الإيرانية جلبت الانقسام بين المسلمين”، وأضاف: إن إيران تريد لأفغانستان أن تكون مثل سورية، وذكر أنه يملك قائمة مكونة من 1800 اسم، على الأقل، من الأفغان الذين تم تجنيدهم في كابول وحدها. هذه التقديرات العالية يرفضها الفوني.
إضافة إلى وسطاء مثل “جواد”، استخدم الحرس الثوري المساجد في المدن الأفغانية، كمراكز للتجنيد، وواحد من تلك المساجد مسجد ” دست بارشي”، في حي تقطنه الغالبية الشيعية في العاصمة كابول، وفقًا لـ “أحمد زاي” الذي رفض الكشف عن اسم المسجد، وبعد إرسال فريق من المحققين، أُغلق المسجد؛ بسبب التجنيد.
على الرغم من نفي السفارة الإيرانية في كابول تورطها، إلا أن “هيثم المالح”، أحد زعماء المعارضة السورية، والقيادي في ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، التي تقاتل “لواء فاطميون”، طالب الحكومة الأفغانية –مؤخرًا- بوقف تدفق المقاتلين للسفر إلى سورية، حيث ذكر بأن أعداد المقاتلين الأفغان في سورية، التي تقاتل إلى جانب الأسد، وصلت إلى 8 آلاف مقاتل.
وقال على محمد علي، المحلل الأمني في جهاز الاستخبارات الأفغانية بأنهم قد حدّوا من بعض حركة التجنيد، إلا أن الأمر يحتاج إلى عناية واهتمام، وأضاف “علي”: هناك الكثير من الجهات المنخرطة في الصراع السوري، ومن الواضح أن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا، فالعلاقات مع الجارة الأخرى القوية (باكستان)، والتي هي أكثر قساوة، تجبر كابول على عدم الاستغناء عن طهران.
الحرب في سورية كانت بالنسبة إلى “محسن – 24 سنة” هي حرب من أجل قضية صحيحة، وخلال معركة ضد ” الدولة الإسلامية” يقول أنه شهد دليلًا على أن الله بجانبه؛ حيث قال: إن القتال استمر لمدة 24 ساعة، بدون توقف، وكان قد أُرهق؛ ما دفعه إلى أن يستند برأسه إلى جدار، وأمال خوذته إلى الأمام، حيث اخترقت رصاصة جبهة خوذته المكتوب عليها ” يا بيبي زينب” في تحية إلى حفيدة النبي محمد، وقد نجا من الموت، وفي الأيام الباقية ساعد “لواء فاطميون” في تحرير نبل والزهراء، وهما قريتان شيعيتان، كانتا تحت حصار ” التنظيم” لمدة أربع سنوات.
ويضيف محسن للغارديان “إن هدفه الدفاع عن الشيعة الابرياء في سورية، وإن “التنظيم” يقتل الأطفال وكبار السن والجميع”.
في المقهى الذي جُنّد فيه محسن في إيران، أظهر صورًا من هاتفه، كان قد صورها وهو في سورية، وهو يرتدي زيًّا، ورُسمت مع الكحل حول عينيه، وخلال زيارته الثالثة إلى سورية، في شباط/ فبراير، كان قد جُرح ثلاث مرات، رصاصة مازالت في فخذه، والرصاصات الأخرى يضعها حول عنقه كقلادة، وأضاف: “إنه لا يفعل أي شيء خطأً؛ فالأماكن المقدسة تنتمي لنا، وقال: نحن في طريقنا للدفاع عنها.
وعلى الرغم من معارضة الأهل، والاستخبارات والسياسيين، إلا أنه من المرجح أن يستمر الشبان الأفغان في التوجُّه نحو سورية؛ طالما هناك أمل في مستقبل مزدهر، آمن في منزل وعمل.
يقول “يونس”، وهو خريج جامعي غير موظف في كابول، بأن ” الاشخاص الذين يذهبون لا يبقون شيئًا خلفهم، فهم ممن فقدوا الأمل”، وأضاف: إنه يعرف حوالي 20 شخصًا من كابول قد ذهبوا إلى سورية عن طريق إيران، ومن بينهم اثنان من أبناء عمومته، وكذلك عمّه، وجميعهم قُتلوا هناك، وأشار إلى أن جميعهم كانوا من ” المدمنين”، أو لديهم مشكلات عائلية كبيرة، وقال: إن مواجهة التطرف، وتعاطي المخدرات، ووصمة العار التي تلحق به، كلها أمور تدفع بعضهم إلى أن يرى الحرب هي الطريقة الوحيدة؛ للقيام بشيء يعبر عن ذاته، إن الذهاب إلى سورية هو التعبير النهائي عن اليأس، فإما أن يكونوا أمواتًا، ويصبحوا “شهداء”، وإما أن يذهبوا إلى حياة أفضل مع راتب وإقامة دائمة في إيران، والبدء في حياة جديدة.
* تم تغيير بعض الأسماء لحماية هوية المصدر.