(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة

نطاق وشمولية قانون قيصر

في 17 حزيران/ يونيو 2020، دخل “قانون قيصر” المتعلق بحماية المدنيين في سورية، وهو قانون يتضمن فرض عقوبات ضد نظام بشار الأسد وداعميه من المرتزقة الأجانب بسبب جرائم الحرب المرتكبة في سورية، حيّز التنفيذ. وبموجب القانون الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية من جانب واحد؛ فإن الأشخاص الأجانب الذين يقاتلون في سورية، سواء أكان قتالهم مباشرًا أو نيابة عن النظام أو باسم روسيا وإيران، وكذلك الشركات الأجنبية التي تساندهم وتعمل على تأمين الخدمات لهم، سيتعرضون لعقوبات، إذا ما رأى الرئيس ترامب ذلك مناسبًا. ولا تكمن أهمية قانون قيصر في كونه يشمل النظام السوري فقط، بل في شموله القوات الروسية والإيرانية الموجودة على الأرض أيضًا. وبموجب القانون؛ ستخضع كل الأطراف التي تقدّم الدعم المادي أو التكنولوجي أو الدعم المالي أو أي إجراء مهمّ للأفراد أو الشركات المحددة في القانون، للعقوبات أيضًا. وبناءً على ذلك؛ ستُجمّد ممتلكات الأشخاص أو المؤسسات ذات الصلة في الولايات المتحدة الأميركية، ويُحظر حصولها على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة الأميركية. وبهذا، تهدف إدارة واشنطن إلى تقوية يدها ضد موسكو وطهران من جهة، وإلى زيادة الضغط على النظام من أجل دفعه نحو الحل السياسي من جهة ثانية، ومع ذلك يحقّ للرئيس الأميركي تعليق العقوبات، في حالات:

– عدم استخدام الحكومة السورية والروسية المجال الجوي السوري في قصف المدنيين.

– تأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وإتاحة حرية حركة الناس هناك.

– الإفراج عن جميع السجناء والمعتقلين السياسيين.

– عدم استهداف القوات السورية أو الإيرانية والروسية لمرافق الرعاية الصحية والمدارس والمناطق السكنية.

– توقف النظام عن إنتاج الأسلحة الكيمياوية واستخدامها.

– ضمان العودة المشرفة والآمنة للمدنيين الذين أجبروا على النزوح، إلى المناطق السكنية.

– اتخاذ الحكومة السورية الخطوات اللازمة لمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب.

لا يبدو أن العقوبات الواردة في قانون قيصر ستؤدي وحدَها إلى تغيير محتمل للنظام في سورية، إذا ما استمرّت إيران وروسيا في دعمهما للنظام. في واقع الأمر، وفي مرحلة من الغموض الذي يلف مسار الحل السياسي اليوم، يدلي عدد من المسؤولين الأميركيين، وعلى رأسهم جيمس جيفري، بتصريحات مفادها أنهم لا يسعون لتغيير النظام في سورية، وأن أي تغيير جدي دراماتيكي في موقف النظام كاف لرفع هذه العقوبات عنه. من ناحية أخرى، نرى أن اتحاد “السيكولوجيا الاقتصادية” الذي سيظهر بعد تطبيق القانون، بالفساد وسوء الإدارة، سيتسبب في غضب الشعب الذي يعيش تحت سيطرة النظام، وسيساهم في إذكاء الصراعات السياسية الداخلية أكثر فأكثر.

تأثيرات قانون قيصر

بالفعل، كان للقانون الذي أخذ اسمه من الاسم الرمزي لعنصر الشرطة العسكرية الذي سرّب 55 ألف صورة لـ 11 ألف سجين قُتلوا تحت التعذيب بيد نظام الأسد إلى الصحافة العالمية، تأثيرٌ واضحٌ على الاقتصاد السوري منذ بدأ. حيث يعود الانخفاض السريع في قيمة الليرة السورية مقابل الدولار إلى حد بعيد إلى المناخ الذي فرضه هذا القانون، لكن ثمة عوامل أخرى أيضًا، ساهمت في تسريع هذا المسار السلبي في الاقتصاد السوري. وفي هذا السياق، برز إلى الواجهة، مع الفساد المنتشر في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في البلاد، وعدم الكفاية الإدارية، والأزمة المالية الخانقة التي تعيشها الجارة لبنان، الضغطُ الذي مارسه الأسد في معرض بحثه عن مخرج من الأزمة الاقتصادية تحت ما يسمى بـ “محاربة الفساد” على أثرياء البلد، وفي مقدمتهم ابن خاله رامي مخلوف. وإضافة إلى ذلك، فإن تغيير رئيس الوزراء في سورية، في 11 حزيران/ يونيو 2020، يشتمل على دلالات عن التطورات السياسية المحتملة التي قد تعيشها البلاد في المستقبل القريب.

وفي سياق النزاع السياسي الداخلي، أخذ التوتر بين بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد (المعروف بقربه من إيران) أبعادًا مختلفة مع قانون قيصر. ووفقًا لبعض الأنباء التي تداولتها وسائل الإعلام، فقد طلبت روسيا من ماهر الأسد إزالة نقاط التفتيش الأمنية للفرقة الرابعة التي يقودها، في أجزاء مختلفة من البلاد، وإعادة الفرقة إلى ثكناتها. وزُعم أن ماهر الأسد الذي وافق على إزالة بعض نقاط التفتيش في بعض المناطق، ومن ضمنها طريق مطار دمشق، قد رفض طلب روسيا إزالة النقاط الموجودة في شرق البلاد وعلى طريق دمشق – بيروت الدولي. ومن المعروف أن العناصر التابعة لماهر الأسد، التي تتحكم في طرق ومداخل ومخارج المدن الكبرى في سورية، تقتطع مقادير كبيرة من الجزية والخراج تحت اسم “الضريبة”، لتخلق مصدر دخل لها عبر السلع والأموال التي تدخل هذه المدن. وعلى هذا؛ يمكن تناول محاولات روسيا إضعاف نفوذ ماهر الأسد في سياق التنافس بين طهران وموسكو في الساحة السورية. وإن موقف بشار الأسد من أخيه ماهر يوازي مطالب روسيا التي كشفت عن نيتها زيادة نفوذ وقوة الفيلق الخامس المنضوي تحت سيطرتها، في مواجهة القوات التابعة لماهر الأسد، مع قيام إيران بمراقبة هذه الموازين العسكرية المتعارضة.

وإلى جانب التطورات المتعلقة بماهر الأسد، يظهر الضغط الذي يمارسه بشار الأسد على رجال الأعمال كعنوان آخر. فالأسد يسعى إلى تجاوز الأزمة الاقتصادية التي دخلت البلاد فيها، من خلال الاستيلاء على أصول وأرصدة رجال الأعمال الأغنياء الذين جمعوا ثروات كبيرة طائلة بدعم منه شخصيًا. وفي هذا الإطار، كانت الأزمة التي نشأت بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف الذي كان قبل الحرب يمسك بين يديه ما نسبته 60 % من اقتصاد سورية، وخاصة شركة الاتصالات السورية (سيرياتل)، ويملك ثروة تقدر ما بين 5- 10 مليار دولار، قد تسببت في تشويش واختلاط كبير في ذهن القاعدة المؤيدة للأسد، وبالأخص بين “النصيريين” منهم. ذلك أن حجز أموال رامي مخلوف، وهو أحد أكبر الداعمين للميليشيات المسلحة الموالية للأسد منذ بدء الحرب في عام 2011، ووضع اليد عليها، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، تسبب في ردات أفعال الأوساط القريبة منه، وهزّ صورة النظام وأفسدها لدى الشريحة التي تسانده. وأدى الفساد وتكاليف المعيشة الباهظة التي ازدادت لدرجة إيقاف عجلات الاقتصاد في البلاد، في ظل التطورات الداخلية المذكورة، إلى إثارة غضب الشارع وغليانه. فارتفاع الأسعار الذي وصل إلى أرقام قياسية يحمل خطر إعادة إشعال الانتفاضات الشعبية مجددًا. وما الاحتجاجات المستمرة منذ السابع من حزيران/ يونيو 2020، في مدينة السويداء، حيث يعيش الدروز بكثافة في جنوب سورية في هذا السياق، إلا دليل على مستوى خطر وقوع الأحداث الاجتماعية. تبنى المحتجون في هذه التظاهرات، التي انطلقت كردة فعل على غلاء المعيشة، شعارات مشابهة لشعار “الشعب يريد إسقاط النظام” الذي انتشر في تظاهرات عام 2011 السلمية. كان موقف النظام (الذي لم يستخلص دروسًا من الحرب المستمرة منذ تسع سنوات) من هذه الاحتجاجات، هو قيامه مرة أخرى بممارسات وأعمال التهديد والاعتقال ضد المتظاهرين. وتجاه هذه الاحتجاجات التي انطلقت مرة أخرى مع الأزمة الاقتصادية، مال النظام إلى إظهار رئيس الوزراء عماد خميس ككبش فداء، فأقاله من منصبه في 11 من حزيران/ يونيو، وعيّن وزير الموارد المائية حسين عرنوس بدلًا منه.

 وبالطبع، أدّت الانهيارات القياسية في الليرة السورية التي فقدت 50 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، خلال الشهر الأخير، دورًا رئيسًا في اتحاذ هذا القرار. وكانت الليرة السورية، التي كانت تعادل 50 ليرة للدولار الواحد قبل اندلاع الحرب، قد سجلت تراجعات تاريخية متتالية بعد ارتفاع الدولار إلى مستوى 1500 ليرة سورية، قبل ثلاثة أسابيع. فالليرة السورية التي عانت انخفاضًا مستمرًا طوال أسبوعين، وصلت إلى مستوى 2000 ليرة ثم إلى 3000 ليرة مقابل الدولار، لتدخل في مرحلة استجماع عافية جزئية مرة ثانية عند 2500 ليرة مقابل الدولار الواحد. على الرغم من التقلب في أسواق المال، تشير التقديرات إلى أن تدابير “مكافحة التهريب”، التي قررها خميس قبل إقالته من منصبه بسويعات قليلة، كانت من العوامل التي ساهمت في تسريع عملية إقالته، ذلك بأن هذا المجال هو أحد المصادر المهمة للدخل غير المشروع الذي تتقاسمه الميليشيات المسلحة الموالية للأسد.

تأثيرات قانون قيصر على التطورات السياسية الخارجية والجهات الفاعلة الأخرى

إلى جانب آثار القانون على المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، سيكون له تأثيرات على التطورات السياسية الخارجية أيضًا. ومن غير المرجح أن تتوصل الولايات المتحدة، التي تطبق سياسة عقوبات صارمة منذ انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018، إلى حلّ مشترك بشأن الأزمة السورية مع إيران، إلا أن إقدامها على اتخاذ بعض الخطوات المشتركة مع روسيا أمرٌ وارد من ضمن الاحتمالات. ففي هذا السياق، فتحت روسيا في الأسبوع الثاني من حزيران/ يونيو (ربما مقابل إبقائها في منأى عن العقوبات) باب التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية. حيث تناول نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، في حديث هاتفي في 11 حزيران/ يونيو مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية جيمس جيفري، عملية الحل السياسي للأزمة السورية. وتمت الإشارة في لقاء المسؤولين الروس والأميركيين إلى قرار الأمم المتحدة 2254، الذي اتخذ مسار جنيف مرجعًا. حيث دخل الطرفان مجددًا في مساعي لإحياء عملية جنيف التي فقدت زخمها بعد ظهور مساري أستانا وسوتشي اللذين وجدا جذورهما برعاية الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران. حيث إن ما ذكره الممثل الخاص للأمم المتحدة في سورية غير بيدرسون الذي أعرب عن رغبته في استئناف مفاوضات اللجنة الدستورية بين النظام والمعارضة في آب/ أغسطس مجددًا، كان لافتًا للانتباه.

ومن الأهداف الأساسية الأخرى للولايات المتحدة في سورية، إخراج الميليشيات المسلحة الموالية لإيران من البلاد، وإضعاف نفوذ طهران في سورية. لذلك لا يُستبعد أن تتعاون إدارة واشنطن مع موسكو لتحقيق هذا الهدف. وبهذا الشكل؛ يظهر النهج المربح لكلا الجانبين: موسكو وواشنطن. وفي المحصلة، تريد إدارة واشنطن -من خلال استخدام قانون قيصر- إرسال إشارات عن نيتها أخذ زمام المبادرة وتعزيز موقفها مرة أخرى في سورية التي ابتعدت عن نطاقها بعض الوقت.

وإلى جانب الولايات المتحدة وروسيا، يجب تناول التطورات الحاصلة في لبنان أيضًا. حيث إن أسباب التحسن الجزئي في قيمة الليرة السورية خلال الأيام القليلة الماضية، باتت مجالًا للنقاش المفتوح في الصحافة العربية. وفي هذا السياق، صعدت إلى الواجهة المزاعمُ التي تربط عدم استقرار الأسواق المالية في لبنان بالوضع في سورية. ذلك أن المعلقين والخبراء الاقتصاديين يلفتون الأنظار إلى أن الليرة اللبنانية تفقد قيمتها في الوقت الذي تشهد فيه الليرة السورية صعودًا، ويؤكدون أن هذا الأمر هو نتيجة لأنشطة “حزب الله” المؤيد للأسد، الذي يسحب الدولار من السوق اللبنانية بطرق غير مشروعة، ويحوّله إلى سورية. وادعى السياسي اللبناني سمير جعجع الذي تطرق إلى هذا الموضوع، أن لا طائل من طرح مصرف لبنان المركزي للدولار الأميركي في السوق لتقوية الليرة اللبنانية، لأن “حزب الله” سيجمع الدولار من السوق، ثم يحوّله إلى سورية. وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بمدى قدرة “حزب الله” الذي يتحرك بالتنسيق مع إيران، على دعم سورية من الناحية الاقتصادية، فإن الاحتمال بأن يبقى هذا الدعم محدودًا، يقوى، إذا ما أخذنا الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان بالحسبان. وبقراءة المشكلة الاقتصادية في لبنان وسورية، من الجهة المعاكسة؛ يجب أن يؤخذ في الحسبان أن الأزمة السياسية والمالية الحاصلة في لبنان، منذ تشرين الأول/ أكتوبر حتى الآن، كانت إحدى أهم العوامل التي هزت الاقتصاد السوري.

مهدت الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد وما تلاها من أزمة حكومية، لاتخاذ المصارف اللبنانية حزمة من الإجراءات التي تحدّ من انخفاض قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، وساهم ذلك في وقف تدفق الدولار إلى سورية كثيرًا، وأدى إلى تراجع كبير في قيمة الليرة السورية منذ ذلك التاريخ. لذلك، يمكن القول إن الأزمات الاقتصادية في لبنان وسورية يغذي بعضُها بعضًا، وإن قانون قيصر يخلق تأثيرًا مضاعفًا عليهما.

وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تواصل إيران المعروفة بموقفها الحازم من بقاء الأسد في السلطة، دعمها للأسد، على الرغم من عقوبات قيصر، فإن موقف روسيا سيكون محددًا وحاسمًا في هذا الاتجاه. وإن اكتساب الأصوات المنتقدة للأسد في روسيا تسارعًا، في الآونة الأخيرة، يقوي ويعزز فكرة أن إدارة موسكو قد تكون منفتحة لتنازلات بشأن الأسد. وعلى الرغم من أن روسيا، التي لعبت دورًا عسكريًا فاعلًا في سورية منذ عام 2015، قد ظهرت رابحة من حيث الحصول على بعض الامتيازات لاستخدام الموانئ والمطارات، فإنها تبدو بعيدة عن تحقيق المكاسب نفسها من الأزمة السورية وتكاليفها المالية. حيث إن عليها، في سياق تحقيق مكاسب اقتصادية، الاستفادة من سياسات الطاقة في شرق المتوسط، ​​ومن عملية إعادة الإعمار في سورية. وفي هذا الإطار، لن تتمكن الشركات الروسية -بسبب قانون قيصر- من الحصول على ما تأمله، ما لم يتخذ الأسد خطوات باتجاه الحل السياسي. ذلك لأن قانون قيصر يركّز على أنشطة إعادة الإعمار، ويفرض عقوبات على الذين يقدمون خدمات للنظام، في قطاعات الطيران والبناء والهندسة إلى جانب إنتاج الغاز والنفط. ومن الواضح -عند أخذ الخسائر الاقتصادية بعين الاعتبار- أن روسيا سوف ترغب في اتخاذ مثل هذه الخطوة بشكل قانوني، على الرغم من الجدل حول مسألة مهمة: هل لدى روسيا نيّة بالتخلي عن الأسد أم لا؟ وتعدّ الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سورية في آذار/ مارس عام 2021، فرصة سانحة لروسيا، من أجل إبعاد الأسد عن المشهد الحالي مع الحفاظ على النظام القائم. ومع هذا، إذا لم تسمح الديناميكيات الداخلية في البلاد بذلك، فإن احتفاظ الأسد بكرسيه أمر محتمل. لذلك يبدو أن إمكانية تشجيع الدوائر القريبة من روسيا في الجيش على القيام بمحاولة انقلابية، هي أحد الخيارات المتاحة أمام موسكو. لكن هذا الوضع سيفتح الباب لنشوب صراع مسلح، بين الجناح الموالي لإيران والقوات المدعومة من روسيا، وسيؤدي إلى إضعاف الجيش. ولهذا السبب، فإن تفضيل روسيا لهذا الخيار يمكن أن يُفسّر من ضمن الاحتمالات البعيدة.

يضاف إلى ذلك أن تأثر المناطق التي يسيطر عليها تنظيم PKK/ YPG الإرهابي (الذي يتحرك في سورية بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية)، بقانون قيصر، سيكون أمرًا لا مفرّ منه. لكن وسائل إعلام مقربة من التنظيم الإرهابي نقلت أن المستشار الأميركي في التحالف الدولي وليام روباك يعمل مع الحكومات المحلية لإبقاء هذه المناطق في منأًى عن هذه العقوبات. لكن التناقضات على مستوى PKK/ PYD/ YPG تظهر بوضوح شديد. وإذا أردنا ضرب مثال على ذلك؛ قلنا إنّ من المعروف أن تنظيم PKK / PYD/ YPG (الذي يمسك بحقول النفط والبترول في يده) يتعاون مع النظام في مجال تجارة النفط؛ فالتنظيم الإرهابي -من هذه الناحية- لن يتأثر بهذا القانون، لكونه يستهدف الأفراد من الأصول الروسية والإيرانية، لكنّ وطأة أزمة النظام قد تضطره إلى التعاون مع التنظيم بشكل أكثر اعتدالًا، وربما من المحتمل أن يقدّم تنازلات سياسية له أيضًا.

أما في الشمال الغربي من سورية، فالوضع يكشف عن ميزانية مختلفة؛ لأن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الانتقالية السورية ستنال نصييها من فقدان الليرة السورية لقيمتها ومن التضخم كنتيجة لذلك. لكن في النهاية ما تزال هذه المناطق على علاقات تجارية مع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. لذلك أطلق المعارضون الذين دخلوا في مساع لإيجاد حلول للتخفيف من الآثار السلبية لقانون قيصر، عملية تتمثل في الانتقال إلى التعامل بالليرة التركية. حيث تم اختيار منطقة إعزاز، قبل مدة، كمنطقة رائدة لهذا التطبيق في هذا الإطار. وبدأت في الأيام الماضية عملية الانتقال إلى التعامل بالليرة التركية، في كل المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وخاصة في إدلب وشمالي حلب. كما اتخذ المعارضون إضافة إلى ذلك بعض الإجراءات والتدابير المتعلقة بمكافحة التخزين والاحتكار والأسعار الباهظة في السوق، في سياق دعم المواد الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها مادة الخبز.. من جانب آخر، يتضمن قانون قيصر بابًا مستقلًا خاصًا بحماية المدنيين في سورية، ينص على توفير الدعم اللازم لجمع الأدلة، وإجراء التحقيقات من أجل تقديم أولئك الذين ارتكبوا جرائم حرب أو انتهاكات لحقوق الإنسان، إلى العدالة. فالقانون من هذه الزاوية يحتوي على فرص ومكاسب سياسية لمصلحة المعارضة.

النتيجة

بدا أن العقوبات الأميركية التي استهدفت نظام الأسد خطوة مهمة، باتجاه احترام حقوق الإنسان وإضعاف النظام. لكن يبدو أن الآثار الجانبية التي قد تنشأ من تطبيق القانون لم تُبحَث وتحلّل كما ينبغي. ولهذا السبب يمكن القول إن الأزمات الاقتصادية، وما يرتبط بها من أزمات سياسية قد تنشأ في سورية، ستلحق الضرر بالشعب السوري، فبينما تحوّل التنظيمات الإرهابية آثار القانون إلى مزايا، تكون المعارضة المعتدلة قد وقعت في أوضاع سيئة، ما لم تتخذ تدابير عاجلة.

في هذا السياق؛ يجب على تركيا تطوير التدابير والإجراءات التي من شأنها منع الفساد، في المناطق التي تم تأمينها [تم توفير الأمن فيها] في الشمال الشرقي من سورية، وتوفير المؤسسات فيها، وتقليص التفاعل الاقتصادي بينها وبين المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

اسم المادة الأصليABD’NİN ESED REJİMİNE YÖNELİK SEZAR YASASI VE MUHTEMEL SONUÇLARI
الكاتبمراد أصلان- علا كاراكورت
المصدر وتاريخ النشرمؤسسة SETA للأبحاث السياسية والاجتماعية- حزيران 2020
رابط المادةhttps://bit.ly/2ZPI2oW
المترجمقسم الترجمة- علي كمخ
عدد الكلمات2100- 2484