مركز “حرمون” للدراسات المعاصرة ينظم زيارة لمتحف الأرشيف العثماني
نظم مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، الأربعاء 11 أيلول/ سبتمبر، زيارة إلى متحف الأرشيف العثماني، في مدينة إسطنبول التركية، بحضور المتدربين المشاركين في دورة “قراءة الأرشيف العثماني”، والأستاذ المختص كمال خوجة، وعدد من أعضاء المركز، بهدف تعريف المتدربين بحجم الوثائق التاريخية التي يضمّها الأرشيف، وكيفية الوصول إليها لقراءتها وترجمتها.
بدأ المتدربون جولتهم بزيارة قسم “خزينة الأوراق”، وهو يضمّ العديد من الوثائق والمخطوطات التي تعود لعهد السلطان عبد المجيد، الذي أولى اهتمامًا كبيرًا بأرشفة الأوراق والسجلات والمكاتبات والمراسلات. وأوضح الموظف المختص باستقبال الضيوف في المتحف، أنه “في الفترة التي سبقت فتح مدينة إسطنبول، كانت الأوراق المهمة للدولة العثمانية تُجمع في غرفة صغيرة، لكن في عهد الفتح العثماني، أمر السلطان عبد المجيد بتأسيس ما يسمّى بـ (الخزينة الكبيرة)، بهدف تنظيم الأوراق والوثائق، والاحتفاظ بها بشكل رسمي في مستودعات آمنة، واستمر هذا الأمر حتى نهاية الدولة العثمانية”.
ثم انتقل الحضور إلى زيارة قسم “الأوسمة والعملات”، الذي يستعرض نماذج من الأوسمة التي كانت متداولة أو معتمدة في الدولة العثمانية، إضافة إلى قطع من الليرة العثمانية الذهبية، التي كانت تسمى في بعض الأحيان باسم السلطان الذي يحكم في هذه الفترة، لذلك تعدّ الليرة العثمانية من أغلى وأهمّ العملات في تاريخ العصر الحديث، خاصة خلال الـ 1500 سنة الماضية.
وفي قسم “المعاهدات والرسائل”، اطلع المتدربون على المراسلات الرسمية المتبادلة، بين سلاطين الدولة العثمانية وقادة وملوك الدول الأخرى، إضافة إلى صكوك المعاهدات الدولية المبرمة في تلك المرحلة. وفي قسم “الحداثة في الدولة العثمانية”، اطلع المتدربون على وثائق ولوحات تعبيرية، جسدت التحول الجذري الذي شهدته الدولة العثمانية عام 1786، حيث تمّ في هذه المرحلة إلغاء الجيش الإنكشاري الذي أُنشئ في عهد السطان محمود الثاني، وتم تحديث شكل ونظم العمل في مؤسسات الدولة العثمانية، بشكل يتماشى مع القوانين الأوروبية الحديثة.
اختتم المتدربون جولتهم بزيارة قسم “الأبحاث”، الذي يُعدّ من أهم أقسام متحف الأرشيف العثماني، لكونه يضمّ ملايين الوثائق المتاحة للزائرين والباحثين، كي يطلعوا عليها، بواسطة أجهزة الحاسوب، أو بطلب رؤية النسخة الأصلية للمخطوطات المحفوظة في 9 مستودعات، بإشراف عشرات الموظفين.
وعن أهمية اطلاع المتدربين على محتويات الأرشيف العثماني، قال المدرّب المختص كمال خوجة: إن “مهمة المتدربين تتركز في الاطلاع على جميع هذه الوثائق، وقراءتها وفهمها وترجمتها إلى اللغة العربية، لأنها تمثل تاريخ المنطقة؛ حيث يبلغ عدد الوثائق التي تخصّ الدول العربية قرابة مليون وثيقة”، ورأى أن “من المهمّ جدًا للمتدربين أن يعرفوا ماذا يوجد في الأرشيف من مخطوطات، ودفاتر، ووثائق، وأوامر سلطانية، وفرمانات، نظرًا لأهميتها الكبيرة”.
يُعدّ الأرشيف العثماني من أضخم وأهمّ المراجع التاريخية، حيث يحتوي على أكثر من مئة وخمسين مليون مخطوطة، كما يُعدّ مصدراً أساسياً لفهم ودراسة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكافة الأقطار والأقاليم التي كانت تابعة للدولة العثمانية. وتنبع أهمية الوثائق الموجودة في متحف إسطنبول تحديدًا، بحسب الأستاذ خوجة، من احتوائها على عدد كبير من المخطوطات المتعلقة بالدول العربية، ولا سيّما القدس وفلسطين، في العهد العثماني الأخير، وبخاصة أيام السلطان عبد الحميد الثاني.