في سورية المدمرة، من أين يحصل النظام السوري على وارداته الأساسية لتغطية الإنفاق العام؟ وما هي نسبة هذه الواردات من احتياجاته الضرورية؟ وكم يبلغ العجز فيها؟ وما هي الوسائل والأساليب التي يتبعها لتغطية ذلك العجز؟ وما انعكاس ذلك على سياساته الاقتصادية ومجمل النشاط المالي والاقتصادي الحالي في سورية؟

وهل أدى تراجع الخطر الوجودي على النظام من البوابة العسكرية إلى تحسن وضعه الاقتصادي؟ أم أن ما غطاه الدخان وسحب المواجهات طوال مدّة الحرب بات مكشوفًا وواضحًا على شكل استحقاقات غير قابلة للمماطلة أو التسويف، وبات السؤال الاقتصادي يتربع على واجهة الأسئلة.

يسعى البحث بطرح هذه الأسئلة ومناقشتها وفق المعطيات المتاحة، إلى أبعد من تحري كميات الموارد العامة ومصادرها في بلد مدمر، فهو بذلك يكشف معطى القوة والضعف للنظام في وضعه الراهن والمستقبلي، ويكشف المآلات والسياسات الرامية إلى تغطية العجز الكامن من أجل الاستمرار في البقاء، وتأثير تلك الحلول في طبيعة الاقتصاد من جهة وتجلياته الاجتماعية والاقتصادية في الحياة المعيشية من جهة ثانية.

استتباعًا، وعلى الصعيد السياسي، يعيد الأسئلة القديمة إلى الظهور عن قدرة النظام وصموده من البوابة الاقتصادية أو مدى اضطراره إلى الارتهان الخارجي، أما على الصعيد الاقتصادي فيرسم هامش قدرته على التموضع الجديد بالتقشف والتكيف مع الموارد المتاحة حاليًا، ما يعني كشف طرائقه للتحلل من أشكال الإنفاق التاريخية القائمة على شيء من الدعم والرعاية الاجتماعية في ظل واقع معيشي صعب يعيشه السوريون جميعًا.

وتتولى المقارنة التي يعتمدها البحث عملية كشف مسار التراجع وحجمه في الواردات السورية الحكومية بعد الحرب، ما يذهب بنا إلى تعيين التناقض الرئيس في المرحلة الراهنة، وهو الحاجة إلى الإنفاق المتزايد الذي تفرضه طبيعة المرحلة الاقتصادية المدمرة من جانب، والتناقص في الواردات العامة.

ويذهب التناقض أبعد من إطاره الداخلي المحكوم تاريخيًا بالفساد وسيطرة أمراء الحرب لاحقًا، إلى وجود شركاء جدد مفتوحي الشهية من الحلفاء الطالبين لحصص ومغانم وسداد ديون مباشرة أو سياسية لهم ولأذرعهم المحلية.

في ظل هذا التناقض تبدو الخلاصة التي يشير إليها البحث على شكل سؤال قديم متجدد: ما هي الإمكانات الفعلية لزيادة الواردات العامة في ظل المعطى السياسي الراهن؟ وما هي التحولات في الاقتصاد السياسي المقبل في ظل استمرار النظام؟ وما هي الخطوات المطلوبة أو الممكنة لزيادة الواردات السورية للخروج من المأزق.

يمكن تحميل البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل.