(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة

تحتل تركيا موقع الصدارة بين دول في العالم، من حيث عدد اللاجئين الذين استضافتهم. وقد ألقى هذا الواقع -كما هو معروف- عبئًا ثقيلًا على كاهل الحكومة التركية والشعب التركي معًا. يعيش معظم اللاجئين الموجودين في تركيا خارج المخيمات، ويواصلون حياتهم في أرجاء البلاد المختلفة، بين السكان المحليين في مراكز المدن في الغالب؛ فيستأجرون البيوت ويرسلون أولادهم لمتابعة تعليمهم في المدارس التركية، وعلى الرغم من أن غالبيتهم يستفيدون من صناديق الإغاثة الإنسانية، فإن كثيرين منهم اضطروا إلى الدخول إلى سوق العمل من أجل إعالة أسرهم وتأمين معيشتهم. ويشكل السوريون القسم الأكبر من اللاجئين الموجودين في تركيا، بعدد يصل إلى 3.6 مليون نسمة. غير أن قضية احتضان اللاجئين السوريين واستضافتهم تحوّلت إلى جدل سياسي حاد في تركيا، في الأشهر الأخيرة.

في تموز/ يوليو من عام 2019، توجهت منظمة اللاجئين الدولية  Refugees Internationalإلى مدن غازي عنتاب وإسطنبول وأنقرة، للوقوف على أوضاع اللاجئين وإجراء دراسة حول مسألة وصولهم إلى سوق العمل. ومن الواضح في هذا الموضوع أن اللاجئين يحملون أهمية كبيرة بالنسبة للعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية وللقائمين بتأمين هذه الموارد لهم. ولو نظرنا من زاوية الشعب المضيف، فإننا نفهم أن دخول السوريين سوق القوى العاملة قد أدى إلى خلق حساسية سياسية. ومع اقتراب الأزمة في سورية من عامها التاسع، والتباطؤ في وتيرة الاقتصاد التركي وفي بيئة من البطالة المتزايدة، يبدو أن المواقف تجاه السوريين في البلاد أخذت تدخل مراحل حرجة وحاسمة. لذلك بدأ المسؤولون الأتراك، في تموز/ يوليو عام 2019، إجراءات تفتيش مكثفة للتحقق من هويات السوريين وبطاقاتهم الشخصية في الأحياء التي يقيمون فيها وفي وسائل الموصلات التي يستقلونها، كالحافلات والمترو ومحطاتها. تلا ذلك تداول أنباء حول ترحيل شباب سوريين إلى خارج الحدود وإرسالهم إلى مدينة إدلب التي ما تزال ساحة حرب ومنطقة قتال، كما هو معلوم. وقد نفى المسؤولون الأتراك هذه الأنباء، لكن منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام الدولية أكدت ووثقت بشكل مفصل واقعة الترحيل القسري للشباب السوريين، بعد أن وقّع كثير منهم على نموذج العودة الطوعية تحت الضغط والإكراه. إضافة إلى ذلك، أصدرت السلطات التركية تعليماتها بشأن مغادرة السوريين غير المسجلين في إسطنبول إلى المدن التي ثبّتوا فيها قيودهم من قبل، وإرسال غير المسجلين أصلًا إلى مدن أخرى، وأمهلتهم حتى الـ 20 من آب/ أغسطس للالتزام بهذه التعليمات. وقد تسببت تلك التعليمات بقلق كبير بين اللاجئين المرتبطين بمدينة إسطنبول، لأسباب تتعلق بالعمل أو لأسباب أخرى بسبب كون المدينة مركز جذب في أعين اللاجئين لما تحتويه من فرص وإمكانات كبيرة للعمل قياسًا بالمناطق الأخرى. ولكن عندما حان موعد الـ 20 من آب/ أغسطس، أصدرت الحكومة بيانًا ينص على تمديد المهلة التي منحتها للامتثال بهذا القرار، حتى تاريخ  30 تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2019.

يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل