باتت التنمية السياسية واحدة من أهمّ الطروحات التي تشغل دول العالم والنخب السياسية والاقتصادية، خارج المراكز الدولية المتقدمة، ضمن محاولات كانت متفاوتة في نتائجها، بمقدار ما كانت متفاوتة في مستوى الجدية بين دولة وأخرى، غايتها الخروج من حالة التخلف، وسدّ فجوة التقدّم التي تعانيها، بحسب الظروف الحاكمة لكل دولة، خارجيًا أو داخليًا، وإذا كان من المعروف أن هذا المفهوم هو حديث العهد نسبيًا، إذ جرى تداوله ما بعد الحرب العالمية الثانية وتراجعِ ظاهرة الاستعمار التقليدي؛ فقد جاءت مضامينه -بحسب المقاربات النظرية التي تناولته في المراكز الدولية المتقدمة- ما بين النظرية التحديثية الإصلاحية ذات العمق الاقتصادي، والنظريتين الراديكاليتين: الماركسية التي تعوّل على سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج وصياغة البنى الفوقية وفقًا لذلك، أو نظرية التبعية التي انتشرت في أميركا اللاتينية، ودعت إلى فكّ الارتباط بالمراكز الإمبريالية،  كي يمكن إطاق استراتيجيات تنموية متحكّم فيها وقابلة للنجاح.

إن العولمة التي تبلورت في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، وكانت ذروة لمسار طويل في التطور العالمي على الصعد كافة، وما رافقها من ثورة في عالم الاتصالات والمعلومات، قد ساهمت مساهمة كبيرة في نمو الوعي بمفهوم التنمية السياسية وبضرورة تحقيقه، من خال نشر ثقافة حقوق الإنسان وتعميمها على مستوى العالم، بفعل التدفق الهائل للمعلومات وتوفر وسائل تداولها على نطاق واسع.

ولا شك في أن من المهم تكوين إحاطة نظرية بكل الطروحات التي تناولت مفهوم التنمية السياسية وأهدافها ومضامينها، بهدف الاستفادة من تجارب تنموية ناجحة في دولٍ أخرى؛ لبحث سبل معالجة الواقع السوري المعاش، بعد الإلمام بتفاصيله وتحديد العقبات التي واجهت عمليات التنمية وأدّت إلى فشلها. فقد كانت خطط التنمية ذات طابع اقتصادي من خال خطط خمسية، كانت محاكاة تجريبية تفتقر إلى الجدية، لخطط المركز الاشتراكي آنذاك، وكذلك البحث في الآليات التي تمكّن من تجاوز العقبات التي حالت دون التقدم في عمليات التنمية على تنوعها، ولا سيّما التنمية السياسية، والمرحلة الزمنية المستهدفة هنا هي العقود التي حكم فيها حزب البعث حتى انطلاقة ثورة الحرية والكرامة، في 18 آذار/ مارس 2011.

يمكن تحميل البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل.