ملخص تنفيذي
تتناول الدراسة تشخيصًا لظاهرة عمالة الطفل السوري، خلال سنوات الحرب المستمرة منذ عام 2011، وتطرح التساؤلات حول أثرها في حاضر الطفل ومستقبله، في الداخل السوري وفي مجتمعات دول الجوار في المناطق التي اتّخذت عينة للدراسة، لكون البحث فيها أداة تفتح طريق العلاج. وقد حددت الأسباب بالوضع المادي المتردي الذي وصلت إليه الأسرة السورية نتيجة الحرب الطويلة الأمد، وبانعدام المعيل لها أحيانًا، وبالنزوح والسكن في الخيام ضمن ظروف رديئة تنعدم فيها مقومات الحياة الطبيعية، حيث لا وجود للمدارس ولا لسكن نظامي ولا عمل للمعيل في الأسرة يُمكّنه من سدّ احتياجات أسرته من دون الاستعانة بعمالة أطفاله، وأوضحت أن أشكال العمالة كثيرة ولا تفرق بين طفلٍ وطفلة، ومن ضمنها تجنيد النظام الأطفال في مناطق سيطرته، وكذلك الفصائل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
هدفت الدراسة إلى تبيان واقع ظاهرة العمالة وخطورتها على الصعد الاجتماعية والنفسية والتعليمية والقانونية للطفل، وصولًا إلى طرح مقترحات لعلاجها وللتخفيف من آثارها، سعيًا لخلق جيل متوازن نفسيًا واجتماعيًا ومعرفيًا، يكون فاعلًا تنمويًا بانتظار حصول الحل السياسي والاستقرار المجتمعي اللذين من دونهما لا يمكن القضاء على ما نشهده اليوم من ظواهر اجتماعية متخلفة، ولأجل تنفيذ العمل اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، واتخذت من محافظة دمشق وريفها عيّنة عن مناطق سيطرة النظام، ومن منطقة إدلب وريفها وريف حلب الشمالي والغربي عيّنة عن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وأخيرًا من بلدان الجوار، تناولت لبنان والأردن وتركيا، لكونها استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين.
وقد اعتمدت في توثيق البحث على حوارات مع أطفال عاملين، في كل مناطق العيّنة، وأيضًا على لقاء مع عدد من الناشطين الحقوقيين المهتمين بقضايا حقوق الطفل أو العاملين في منظمات المجتمع المدني، أُنشئت مجموعة بؤرية في بعض مناطق الدراسة، نوقشت من خلالها مشكلة عمالة الأطفال والأسباب التي أدت إلى إبرازها بوصفها ظاهرة مجتمعية، والبحث عن السبل الممكنة للحد منها، وقد استرشدت الدارسة بالتقارير والتحقيقات التي تناولت هذه الظاهرة، وبالدراسات السابقة -على قلّتها- التي تناولت موضوع العمالة من الجانب القانوني فقط، ويمكن عدّ هذه الدراسة إضافة إليها، لأنها تناولت الظاهرة تحليلًا حتى نهاية عام 2021، وبنسب تقريبية جديدة، وبشواهد من واقع مناطق البحث.
أما أهمّ النتائج التي توصلت إليها الدراسة، فتتلخص في أن الأسباب الرئيسية لتفاقم الظاهرة متشابهة في مختلف مناطق العيّنات، من حيث إنها نتيجة للحرب السورية المستمرة منذ عشر سنوات التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية عمومًا، إضافة إلى أن انتشار وباء كورونا بدءًا من عام 2020 كان سببًا لتفاقمها في دول الجوار، حيث توقفت المدارس وقلّت فرص عمل الكبار. والنتيجة الأهم التي توصلت إليها، تجلت في أنه لا وجود لحلٍ نهائي لمشكلة العمالة، ما لم يكن هناك حلّ للمشكلة الكبرى (الحرب السورية)، فما دامت الحرب مستمرة، فإن الواقع المجتمعي سيزداد سوءًا سنة بعد سنة، وسيحتاج إلى أضعاف سنواتها لردم ما نتج منها من ظواهر مجتمعية مخلة بالشرائع الحقوقية الطبيعية للإنسان.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل