هذه الدراسة هي متابعة وتطوير وإغناء لجهود سابقة ومتواصلة لي، في مجال المبادئ فوق الدستورية، بدأت في حزيران/ يونيو 2016، بورقة بحثية عنوانها “أولوية المبادئ فوق الدستورية في حالتنا السورية“، تلتها في تموز/ يوليو من العام نفسه ورقة بحثية أخرى بعنوان “فكرة المبادئ فوق الدستورية“، نُشرتا على موقع مركز حرمون للدراسات المعاصرة. تلا ذلك مشاركات عديدة في منتديات مختلفة، ثم جاءت مساهمتي في كانون الأول/ ديسمبر 2019، في ندوة إسطنبول “تجارب سورية الدستورية”، بورقة حول المبادئ فوق الدستورية. وأخيرًا مساهمتي في كانون الثاني/ يناير 2020، في ندوة برلين “تجارب سورية الدستورية”، بورقة متصلة بالموضوع عنوانها “في حاجة السوريين إلى عقد اجتماعي جديد“.
هذه المساهمات العديدة، وما اتصل بها من نقاشات، دفعتني إلى التفكير في ضرورة إعادة النظر بالمادة النظرية، وتطويرها، من حيث المحتوى، ومن حيث طريقة الطرح والتقديم.
من حيث المحتوى، رأيت أن عليّ التركيز أكثر على إسقاط فكرة المبادئ فوق الدستورية على الحالة السورية، ومحاولة الإجابة عن كل التساؤلات/ المسائل التي تتعلق بهذا الإسقاط. أما من حيث طريقة الطرح والتقديم، فقد علمتني النقاشات ذات الصلة أن طريقة مقارباتي السابقة للموضوع لم تكن تراعي حساسيته وجِدَّته وغرابته. حساسيته لاتصاله الوثيق بموضوع الأكثرية والأقليات، الموضوع الذي غدا الأكثر حساسية لدى السوريين بسبب هذه المأساة المستمرة. وغرابته لأنه يتناول قواعد دستورية تسمو على سواها، وتتمتع بحصانة تمنع المساس بها، وكأنها من صنع فئة تدَّعي أنها أسمى من باقي الشعب، بل أسمى حتى من الأجيال القادمة. وجِدَّته لأنه لم يسبق أن تم طرحه ومناقشته على الساحة السورية، ولم يسبق بحثي الأول في الموضوع المنشور في حزيران/ يونيو 2016، سوى وثيقة أصدرها “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية”، في 14 شباط/ فبراير 2014، عنوانها “القيم المؤسِّسة للدستور”، تتضمن عشرة بنود، هي بمنزلة أسس توافق وطني، وهي تقترب كثيرًا من موضوعنا، باعتبارها تتناول “قيمًا توافقية عليا” يُبنى عليها الدستور، ولا يجوز المساس بها. والموضوع حديث حتى على مستوى الساحة العربية، حيث تم تداوله للمرة الأولى في مصر عام 2012، فيما بات يعرف بوثيقة “علي السلمي”.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل