الضرورة، التفاهم، التغيير

ديدام دانيش، لولوفار كوركماز، إلهان زينب كاراكلتش/ ترجمة فارس جاسم

(*) الآراء الواردة في هذه المادة لا تمثل بالضرورة آراء المركز ولا مواقفه من القضايا المطروحة

المحتوى

الأشكال والجداول

الملخص التنفيذي

المدخل

لمحة نظرية عن سوق العمل في سياق الهجرة القسرية

المنهجية

خصائص المحاوَرين

ميدان البحث: ثلاثة مدن

تجارب النساء في سوق العمل في سياق اللجوء

الدخول في العمل المأجور: الضرورة

شبكات المهاجرين والعلاقة بين الجنسين: الخروج

الحدود المادية والاجتماعية للشبكات

اجتياز الحدود

تقوية الشبكات

ظروف العمل

شبكات الدعم المادي العابر للحدود بين الأقارب

الجندرة والقدرة على الصمود

الأعباء الزائدة: كل الأعمال على عاتقي

تحول العلاقات بين الجنسين: التفاهم

العمل والصمود: أتخلى عن كل شيء إلا عملي

المستقبل: من أجل أطفالي

النتيجة

التوصيات

المراجع

المرفق: قائمة المحاوَرين

الملخص التنفيذي

يهدف هذا البحث إلى فهم التغيّرات التي طرأت على طبيعة الجنسين، وعلاقاتها وأدوارها التي نشأت نتيجة انخراط المرأة السورية في العمل المأجور خلال عملية إعادة الاستقرار. ويتمثل أحد أهداف البحث في فهم نوع التغيّرات التي أحدثتها تحولات سوق العمل، والعلاقات بين الجنسين، في حياة اللاجئات السوريات، وهل هذه التغيّرات عامل تمكين وصمود أم لا. والهدف الآخر هو الكشف عن التوترات التي تعانيها النساء في عملية التهجير وإعادة الاستقرار، وكيف تتشكل مساحة المساومة.

يستند البحث إلى 48 مقابلة معمقة شبه منظمة مع سوريات عاملات في إزمير وغازي عنتاب ومرسين، حيث حوالي 26 في المئة من هؤلاء النساء تتراوح أعمارهن بين 18 و25 عامًا، و38 في المئة بين 27 و35 عامًا، بينما تتراوح أعمار 26 في المئة بين 36 و45 عامًا. ومن ضمن النساء اللاتي قوبلن، هناك 16 امرأة تعمل في مؤسسات حكومية أو منظمات، و4 نساء يعملن في ورشات ضمن نطاق مشاريع تأمين فرص عمل، و8 في قطاع الخدمات، و2 في المنسوجات، و4 نساء يعملن في التجارة. بالإضافة إلى ذلك، هناك 10 نساء يعملن “مقابل القطعة” من المنزل، وامرأة واحدة تعمل في جمع النفايات. وعند النظر إلى الحالة المدنية، تبيّن أن 59 % منهن متزوجات، و29 % عازبات، و6 % مطلقات، و4 % أرامل، و2 % يعشن بعيدًا عن أزواجهن، وأن 16 امرأة كانت لديها تجارب في العمل قبل اللجوء القسري.

جميع النساء تقريبًا ذكرن أنهن بدأن العمل في تركيا بسبب نقص سبل العيش والضرورة.

إن أغلب النساء لم يكنّ يعملن قبل الهجرة، بسبب ظروف المعيشة السهلة نسبيًا، والمعايير الجنسية التي لا تسمح بعمل المرأة خارج المنزل. أمابعد الهجرة، ومع تزايد حدة النقص في سبل العيش، فقد بدأت النساء في العمل بدافع الضرورة. وقد تعرضت النساء، ولا سيّما اللواتي لم يكن لديهن خبرة عمل سابقة، أو اللواتي لم يرغبن في العمل من قبل، لردات فعل من محيطهن خلال أولى فترات عملهن. على الرغم من ذلك، فإن الفقر والأوضاع الصعبة التي يعاني منها أغلب السوريين أدت إلى زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتقبّل فكرة عمل النساء خارج المنزل.

إن العلاقات الاجتماعية تؤدي دورًا رئيسيًا في عثور المرأة على العمل. ووجود الأسرة والأقارب والمعارف في مدينة ما له دور حاسم في اختيار مدينة الإقامة خلال عملية الهجرة، وعلى الرغم من أن هذه العلاقات تشكل جزءًا مهمًا من الشبكة الاجتماعية، تتجاوز المرأة الحدود المادية والاجتماعية لهذه الشبكات من أجل العثور على عمل. إن العثور على العمل “مقابل القطعة” من المنزل يتمّ من خلال العلاقات الوثيقة مع الجيران والأقارب، في حين الخروج من حدود الحي للعثور على عمل خارج المنزل أمر ضروري. بالإضافة إلى ذلك، تشكّل منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال اللجوء نقطة إقامة علاقات مع اللاجئين وغير اللاجئين على حدّ سواء، وتحسين شبكة العلاقات. وتُتاح للنساء فرصة إقامة علاقات اجتماعية، وذلك من خلال المشاركة في الدورات التدريبية والأنشطة المماثلة، إضافة إلى تمكينهم من العثور على فرص عمل.

تقتصر ظروف العمل ونظامه على تلبية الاحتياجات اليومية للمرأة. وكثيرًا ما تعمل المرأة في وظائف غير مؤمنة ومؤقتة ومنخفضة الأجر، إضافة إلى أن التقاعد يكاد أن يكون مستحيلًا بالنسبة إليهن. ومن ناحية أخرى، تُنفق الأموال المكتسبة من العمل على احتياجات الأسرة. من خلال البحث، حدّدنا أربعة أشكال من العمل: النساء اللواتي يعملن في المنظمات غير الحكومية أو المؤسسات العامة؛ النساء اللواتي يمارسن أعمالهن الخاصة؛ النساء اللواتي يعملن في وظائف مأجورة خارج المنزل مثل تصفيف الشعر والبيع المتجول وبيع الملابس؛ النساء اللواتي يعملن في المنزل ويتقاضين أجرًا مقابل القطعة. والقاسم المشترك بين جميع تلك الفئات هو أن تلك الأعمال أبعد ما تكون عن توفير مستقبل آمن للمرأة.

التمييز والعنصرية في مكان العمل من الممارسات الشائعة، حيث تدني أجور النساء السوريات قياسًا إلى العاملين الأتراك، وتعرضهن للإذلال المباشر والشتائم، يجبرهن على إخفاء هويتهن السورية، وأحيانًا يقمن بذلك بمفردهن كإجراء احترازي. وتكافح النساء اللواتي يعملن بالتجارة من أجل الحفاظ على وظائفهن بسبب العنصرية والتمييز، والصعوبات المالية، والبيروقراطية.

على الرغم من أن بعضهن يتلقين مساعدات عينية ومالية إضافة إلى الدخل الذي يحصلن عليه من خلال العمل، فهذه المساعدات محدودة وغير منتظمة. وأفادت ربع النساء اللاتي أجريت معهن المقابلات بأنهن لم يتلقين مساعدات عينية أو مالية، فيما أفادت نساء أخريات أنهن يتلقين مساعدات من أقربائهن بانتظام أو عند مواجهة ضائقة، وإن كانت بمبالغ صغيرة. وبالإضافة إلى الصعوبات المفروضة على آلية الدعم بين الأسرة والأقارب والأصدقاء، فالمساعدات المقدمة من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية منخفضة أيضًا.

إن عملية انخراط المرأة في العمل تجلب معها أعباء وأخطارًا جديدة لا تقلّ عن التمكّن والصمود؛ حيث إن المرأة التي يُنظر إليها على أنها المسؤولة عن رعاية المنزل والأسرة تواجه صعوبات كبيرة بسبب طبيعة الأعراف الأبوية الجندرية. وإلى جانب العمل، تبذل المرأة مزيدًا من الجهد في سبيل أداء واجباتها المنزلية على أكمل وجه، وإن أهم عقبة تواجه عمل المرأة هي رعاية الأطفال واستمرار نظام الأسرة. ومن ناحية أخرى، فالرجال الذين يتمتعون بالسلطة والقرار يشعرون بالقلق من أن يُنقِص دخول النساء إلى سوق العمل من رجولتهم، ويفكرون بأنهم أصبحوا غير قادرين على ترأس الأسرة. وتبذل المرأة جهدًا عاطفيًا قائمًا على نوع الجنس، وذلك من أجل تخفيف حدة التوتر ومواجهة الصعوبات العاطفية والعقلية التي يعاني منها أزواجهن.

يُلاحظ أن أحلام المرأة في المستقبل تقتصر على مستقبل أطفالها. ولا تهدف المرأة السورية العاملة إلى ادّخار الأموال للمستقبل أو اكتساب مهارات جديدة أو ضمان راتب تقاعدي، إذ ذكرت النساء اللاتي قوبلن أنهن يعملن من أجل تأمين تعليم جيد لأطفالهن، وأن الرغبة في الذهاب إلى بلد ثالث هي أيضًا بهدف تحسين ظروف أطفالهن وتأمين مستقبلهم.

وعبّرت العديد من النساء عن رضاهن من التغييرات التي طرأت على العلاقات بين الجنسين، وأفدن أن ذلك مرتبط بالعيش في تركيا، إذ أدى الخروج من الحدود المادية للمنزل، سواء من أجل العمل أم لتلبية احتياجات أخرى، إلى الخروج عن قواعد العلاقات، غير أن النساء يشعرن بالقلق من أن تؤدي العودة إلى سورية إلى فقدان هذه التغيرات. ويُذكر أن الرجال يريدون العودة إلى سورية بغية الحفاظ على القواعد والعلاقات القديمة.

وعلى الرغم من الصعوبات، تقول النساء: إن الخروج من المنزل والانخراط في العمل يُعدّ مكسبًا مهمًا جدًا بالنسبة إليهن؛ إذ يزيد ذلك من قوتهن. وإن تمكنهن من فرض رأيهن في حياتهن من أجل إقامة العلاقات بشكل مختلف، وتجربة هذه الحالة الجديدة، يُعدّ علامة على أن النساء يتحولن ويكتسبن الصمود، وعلى الرغم من أن هذه العملية تحتوي على تناقضات وتصدعات، فمما لا شك فيه أنه سيستمر مع الجيل القادم.

يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل