المحتويات
أولًا: لمحة عن تاريخ المجتمع المدني
ثانيًا: المجتمع المدني والمجتمع الأهلي
ثالثًا: المجتمع المدني والدولة
رابعًا: أسس المجتمع المدني ودوره وتعريفه
خامسًا: نشوء وتطور المجتمع المدني السوري
سادسًا: تقييم تجربة المجتمع المدني السوري قبل عام 2011
سابعًا: توصيات ومقترحات
ملخص تنفيذي
مرّ المجتمع المدني بمراحل مختلفة عبر تاريخ تطوره، منذ الحضارة الإغريقية حتى وقتنا الحاضر، ولم يكن له الدلالة ذاتها أو التعريف ذاته. وفي الوقت الحالي، احتل المجتمع المدني حيزا خاصًا بين الدولة والمجتمع الأهلي، من خلال تعريفه كمنظمات طوعية وغير ربحية وعابرة لبنى المجتمع الأهلي.
أشارت هذه الدراسة إلى أنّ مفهوم “المجتمع المدني” يتناقض مع طبيعة الدولة الشمولية القائمة على التسلط والاحتواء، فلا تتحقق حالة التعاون بين مؤسسات الدولة وهيئات المجتمع المدني إلا في مناخ ديمقراطي، تحكم فيه القوانين ويحصل فيه التعاون والتنافس على خدمة المصلحة العامة، وحل المشكلات الاجتماعية من زاويتين مختلفتين؛ فالمجتمع المدني يحتاج إلى الدولة من أجل تنظيم فضاء الحرية، فيما تحتاج الدولة الديمقراطية إلى هيئات المجتمع المدني، كوسيط بينها وبين المجتمع، من أجل تعزيز وتسريع الخدمة العامة، وتعزيز دولة الحق والقانون.
تعود جذور المجتمع المدني السوري إلى أواخر العهد العثماني، حيث تشكلت الجمعيات المهنية، قبل أن يعطي قانون تنظيم الجمعيات العثماني لعام 1909 دفعًا مهمًا لنشوء وتطور العديد من الجمعيات التي تمثلت أهدافها الرئيسة، في إيقاظ الوعي القومي العربي وإحياء اللغة العربية والنضال من أجل التحرر من الحكم العثماني. ولم يشهد العهد الفرنسي تطورات نوعية في عمل منظمات المجتمع المدني، ويعود ذلك إلى غياب التشريع الملائم وسياسة الانتداب في ما يخص عمل المنظمات ذات التوجه الوطني.
بعد الجلاء، أعطى دستور عام 1950 زخمًا لتطور المجتمع المدني، ومنحت المادة 17 منه الحق للمواطنين بتشكيل الجمعيات، وحصل ازدهار نسبي انتهى في بداية عهد الوحدة، حين أصدرت السلطات القانون رقم 93 لعام 1958، الذي وضع قيودًا على عمل منظمات المجتمع المدني، وظل القانون الأساس، علاوة على تعديلاته، الذي يتم الاستناد إليه حتى الوقت الحاضر في سورية نظام الأسدين، حيث تم إلحاق منظمات المجتمع المدني بالسلطة أو السيطرة عليها، ومنح التراخيص للمقربين من النظام للاستيلاء على مصادر التمويل.
استفاق المجتمع المدني السوري من غيبوبته، في أواخر حكم حافظ الأسد وبداية حكم بشار الأسد، وسادت بعض الآمال بانفتاحه الرئيس الجديد على المجتمع، وتشكلت العديد من الجمعيات والمنظمات وتضاعف عددها ثلاث مرات، مقارنةً بفترة حكم الأسد الأب، وارتبط ذلك باعتماد نموذج اقتصادي جديد هو اقتصاد السوق الاجتماعي، كإشارة إلى انفتاح العهد الجديد على العالم، لكن السياسة الأمنية لم ترخص لأي منظمة مدنية لها علاقة بالسياسة.
وفي بداية هذه المرحلة، تأسست بضع منظمات تُعنى بحقوق الإنسان، وانتشرت منتديات الحوار في مختلف المدن السورية. لكن ذلك لم يدم طويلًا، وتوقفت جميع الأنشطة المستقلة تباعًا، بعد أن تم قمعها واعتقال بعض أعضائها، وعادت السلطة إلى ممارسة نهجها الاستبدادي المعتاد، حتى انطلاق فعاليات الثورة السورية في عام 2011.
على العموم، لم تتشكل للمجتمع المدني السوري شخصيته المستقلة طوال تاريخ سورية، ولم يكن ثمة تأسيس يعتدّ به لعمل منظماته، التي امتزج فيها العامل الأهلي بالمدني، وهذا ما انعكس لاحقًا على طبيعة وعمل منظمات المجتمع المدني بعد الثورة، وتجلى ذلك في قلة الخبرة وضعف التنظيم والفوضى والفساد.
مقدمة
تزداد أهمية منظمات المجتمع المدني في الدول الديمقراطية كقطاع ثالث بين الدولة ومؤسساتها من جهة، والمجتمع الأهلي من جهة ثانية. وتكمن أهمية هذه المنظمات في أنها عابرة للبنى الاجتماعية الأهلية، وتمثل نقلة مهمة لبناء مفهوم المواطنة وتعزيزه في الدول الحديثة. وتسهّل على مؤسسات الدولة قيامها بواجباتها الخدمية، وتبقى مستقلة في الحدود التي تخضع فيها للتشريعات والقوانين الناظمة لعملها، بحيث تقوم بدورها بأفضل ما يمكن كوسيط بين الحكومات والمواطنين من أجل حماية مصالحهم. من جهة ثانية، أحدثت وسائل التواصل الاجتماعية نقلة هائلة في عمل هذه المنظمات، وسهلت انتشارها وعممت فوائدها ووسعت من مجال الخدمات التي تقوم بها لتغطي مصالح واهتمامات متنامية تقوم على المبادرات التطوعية الفردية والجماعية.
استنادًا الى ما سبق؛ يمكن وصف مشكلة الدراسة بالآتي:
- ما طبيعة السياق التاريخي الذي نشأت فيه منظمات المجتمع المدني في سورية حتى 2011؟
- ما دور التشريعات السورية في عمل منظمات المجتمع المدني؟
- ما العوامل الكامنة وراء الخلط بين منظمات المجتمع المدني والأهلي في سورية، التي أدت إلى إضعاف الدور الذي من المفترض القيام به؟
هدف الدراسة
تهدف هذه الدراسة إلى تتبع نشأة وتطور منظمات المجتمع المدني في سورية، منذ المراحل الأخيرة للعهد العثماني حتى الثورة السورية في عام 2011، وتأثير مختلف المراحل والظروف السياسية، سلبًا أو إيجابًا، على عملها.
أهمية الدراسة
تكمن أهمية الدراسة في ضبط مفهوم وتعريف المجتمع المدني في سياقه التاريخي، وإظهار ما يميزه عن المجتمع الأهلي من حيث طبيعة النشأة والدور، علاوة على تبيان حالة منظمات المجتمع المدني في مختلف المراحل التي مرت بها سورية، منذ أواخر العهد العثماني حتى الثورة، والعوامل التي عرقلت تطورها أو عززته، بما يساعد منظمات المجتمع المدني الجديدة والمهتمين في إعادة بناء المجتمع المدني السوري على أسس حديثة، من خلال الدراسات المستقبلية لمنظمات المجتمع المدني لما بعد 2011.
منهج الدراسة
المنهج الأساس المعتمد في هذه الدراسة هو المنهج الوصفي التحليلي، من خلال العمل المكتبي القائم على تحليل الدراسات والتقارير التي تناولت المجتمع المدني في سياقه النظري، منذ أواخر الحكم العثماني حتى 2011.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل