عندما اجتاح تنظيم “داعش” شمال العراق وأجزاء من سورية في عام 2014، ترنّح العالم على وقع صدمة قصص الاسترقاق الجنسي للنساء الإزيديات. دعا قادة وشخصيات بارزة في العالم إلى اتخاذ فعل فوري وحاسم، لمكافحة جرائم ضدّ الإنسانية أجهضت القانون الدولي، وبدأت مهمة إنقاذ الإيزيدين من أيدي “داعش”. وعلى الرغم من اتحاد العالم في إدانة اغتصاب الفتيات الإزيديات من قبل عناصر داعش، إلّا أنّ ضحايا العنف الجنسي، المرتبط بالنزاع الذي يرتكبه النظام السوري والجماعات المسلحة الأخرى، قوبلوا بحماسٍ أقل.

في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2015، يُعرَّف العنف الجنسي المرتبط بالصراعات؛ بأنّه «أيّ فعلٍ جنسي يرتبط بصورة مباشرة أو غير مباشرة (موقتة، جغرافية أو سببية) في أيّ صراع». العنف الجنسي المرتبط بالصراع بحق الذكور يتخذ صورًا مزعجة عدّة، وغالبًا ما يختلف كثيرًا عن العنف الجنسي المتربط بالنزاع الذي تعانيه النساء والفتيات. وفقًا لدوستين أ. لويس، قد يُجبر الرجال والفتيان على ارتكاب العنف الجنسي بحق الآخرين، بمن فيهم الموتى وأفراد العائلة، أو يُجبرون على مشاهدة الجرائم الجنسية المرتكبة ضدّ الآخرين. ويُمكن أن يشمل العنف الجنسي ضد الرجال عملية (الإخصاء)، والصدمات الكهربائية للأجهزة التناسلية، والضرب، والاستمناء القسري، وإدخال أدوات في المجرى البولي أو فتحة الشرج، والاغتصاب الفموي والشرجي بأدوات من مثل البنادق والعصي والزجاجات المكسورة، كما ورد في عدد من الصراعات حول العالم بما في ذلك الصراع الدائر في سورية.

على الرغم من ذلك، فإنّ الرجال والفتيان الذين يعانون هذه الجرائم غالبًا غير مُعترف بهم. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فيما يتعلق بضحايا اغتصاب الذكور، فإنّ الإحصائيات الرسمية تفتقر إلى حدٍّ كبير من العدد الحقيقي للناجين. ويرجع ذلك، على الأرجح، إلى نقص في الإبلاغ، والضعف في التحري، والوصم الاجتماعي، والأطر القانونية الضيقة التي لا تُجرِّم العنف الجنسي ضدّ الرجال، والتركيز على العنف الجنسي الذي تتعرض له النساء والفتيات. على أيّ حال، سلّطت مجموعة من التقارير الضوء على العنف الجنسي ضدّ النساء في منطقة الشرق الأوسط، وذلك في أثناء الهجرات القسرية، والاضطرابات السياسية والصراعات، وغالبًا خلال مدة السجن والاحتجاز. واعترفت هذه الدراسات بأنّ العنف الجنسي ضدّ الذكور يمارس بصورة مُنظَّمة، وغير مستثنى، ومنتشر بصورةٍ كبيرة. وأكّد هذا الرأي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالعنف الجنسي الذي أشار إلى التفاوت بين مستويات العنف الجنسي المتربط بالصراعات ضدّ النساء ومستوياته ضدّ الرجال بأنّه (دراماتيكي كما هو متوقع).

في الآونة الأخيرة، سجّلت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، حجم العنف الجنسي المرتبط بالصراع في سورية بتفاصيل مروعة. أصبح من الواضح وبصورة مثيرة للقلق أنّ النظام والجماعات المسلحة المعارضة تستخدم بصورة اعتيادية الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي ضدّ الرجال والفتيان عنصرًا أساسًا في استراتيجياتهم العسكرية والاجتماعية. على الرغم من عد العنف الجنسي ضدّ الرجال صورة من صور الاضطهاد والإكراه السياسي، إلّا أنّ له تاريخًا طويلًا في سورية، فاستخدام العنف الجنسي بدأ في وقت مبكر من الصراع، وخاصة في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام أداةً من أدوات التعذيب. إنّ إطالة أمد الحرب ووحشيتها جعلا هذه الممارسات حالة طبيعية، حيث أفادت منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان أنّ مجموعة من الميليشيات المسلحة، المرتبطة بالنظام على الأغلب، ارتكبت بصورة اعتيادية جرائم العنف الجنسي ضدّ الرجال والفتيان.

يمكن تحميل البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل.