تلخيص:
يحاول هذا البحث أن يدرس، وفقًا للمنهج التاريخي، الدور الإسرائيلي في تسويق مشروع الدويلة الدرزية من جهة، وموقف الطائفة الدرزية منه من جهة أخرى، حيث يندرج هذا المشروع في سياق الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية التي تهدف إلى تقسيم سورية ولبنان إلى دويلات طائفية متصارعة، خدمة لمصالحها، بهدف درء أيّ خطر قد يهدّدها مستقبلًا من الجبهة الشمالية. تناولت هذه الدراسة سريعًا أهمّ المحاولات والعروض التي قدّمتها فرنسا عبر التاريخ إلى الدروز، بهدف استمالتهم وإخراجهم من حاضنتهم الطبيعية أي الحاضنة العربية الإسلامية، بدءًا من مشروع نابليون بونابرت، وصولًا إلى مرحلة الانتداب الفرنسي على سورية بعد الحرب العالمية الأولى، حيث قامت فرنسا بتقسيم سورية إلى دويلات طائفية، من ضمنها دويلة جبل الدروز، لتسهل عليها مهمة السيطرة على سورية. واستعرضت هذه الدراسة أيضًا المحاولة الإسرائيلية الفاشلة الأولى لتسويق مشروع الدويلة الذي جاء على إثر حرب حزيران 1967، مستفيدة من الوضع المتردي للجانب العربي بعد الهزيمة، ومن ثم حاولت الدراسة أن تستشرف معالم الدور الإسرائيلي بعد الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، من خلال محاولتها استغلال الأوضاع التي وصلت إليها سورية بعد الثورة، لتعيد التجربة مرة أخرى بتسويق مشروع الدويلة من جديد، خصوصًا بعد بدء الحديث عن إمكانية تقسيم سورية ومشروع “سوريا المفيدة” الذي طرحه النظام السوري خلال الثورة. لقد فشلت، حتى الآن، كلّ المشاريع التي بادرت إليها فرنسا وإسرائيل، وكان لعدم تجاوب القيادات الدرزية مع هذه المشاريع والتساوق معها دورٌ مفصليّ في فشلها. والسؤال الذي تريد أن تجيب عنه هذه الدراسة هو: أما زال هذا المشروع قائمًا؟ وإذا كان قائمًا، فهل سيقبل الدروز وقياداتهم بهذا المشروع، في ظل الظروف الحالية التي تمرّ بها سورية والحديث عن التقسيم، بعد أن رفضوه سابقًا؟
تدّعي هذه الدراسة أن هذا المشروع ما زال قائمًا في أدراج القيادة الإسرائيلية، ينتظر الظروف الملائمة لتطبيقه. وقد وفرت الأحداث في سورية، بعد الثورة السورية، فرصة سانحة لإسرائيل لإعادة إخراج هذا المشروع إلى النور، خصوصًا بعد أن بدأ الحديث عن إمكانية تقسيم سورية، إلا أن هذه الدراسة تميل إلى الاعتقاد أن المشروع الإسرائيلي الجديد القديم سيلقى الرفض مجددًا من جهة القيادات الدرزية الفاعلة في سورية ومن غالبية الدروز. وقد عرضت الدارسة الأسباب التي ستجعلهم يرفضون هذه العروض.
اعتمدت هذه الدراسة على مصادر عربية، كانت قد تناولت مواضيع هذه العروض بالتفصيل، وبالمقابل تطرقت إلى أهمّ المصادر الإسرائيلية التي عالجت أيضًا هذه السياسة من وجهة نظر إسرائيلية. هذا إضافة إلى الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، بهدف الوصول إلى رسم صورة واضحة للسياسة الإسرائيلية في سورية في مرحلة ما بعد الثورة السورية، بما يتعلق بمخطط التقسيم القديم الجديد.