أدّى تطور الأسلحة إلى دخول الإنسانية في منعرج كبير بداية من القرن الرابع عشر، خصوصًا بعد ظهور السلاح الناري من بنادق ومدافع، ما أدى إلى تساوي القزم مع العملاق وقلب منطق الحرب رأسًا على عقب، فازدادت مآسي الشعوب، وتعقد وضع الأبرياء ومن أصبحوا خارج دائرة سير العمليات العسكرية من جرحى ومرضى…، وظلّت الإنسانية تعاني ويلات النزاعات التي أصبحت أكثر دموية وبطشًا، وقد أكدت الحرب السورية حقيقة أن السلاح ما هو إلا اختراع وحشي أتقنته يد العلم، ففي خضمِّ هذا الصراع دفع الأبرياء السوريين، ويدفعون، القسط الأكبر من ويلاتها، ذلك أنّهم الحلقة الأضعف في ظل هذه الحرب، فقد أصبحوا اليوم ضحايا لأعمال العنف العشوائية من مثل القتل، والتوقيف، والتعذيب، والاختفاء التي يقوم بها أحد أطراف القوات المسلحة أو الأطراف المعارضة لها، وأضحت تعني لهم العنف والخوف والحرمان من سبل العيش والعنف الجنسي والاحتجاز والجروح البدنية، والموت.
إذا كانت الحرب ظاهرة سيئة، فإن القاعدة الرئيسة التي تحكمها هي أن الدول في العلاقات السلمية يجب أن تفعل أفضل الممكن، أما في العلاقات الحربية يجب أن تفعل أقل سوء ممكن، لذلك حرّمت الاتفاقات الدولية على الأطراف المتنازعة استعمال الأسلحة والأساليب الحربية التي لا تقتصر آثارها على المحاربين فحسب، بل تتعدى ذلك إلى المدنيين وممتلكاتهم، وذلك محافظة على حياة المدنيين والأشخاص العاملين على رعايتهم، إذ قُيّد حق المتحاربين في اختيار وسائل القتال وأساليبه، ومما تقدم كان لا بد من تناول المبدأ الرئيس الذي جاءت به الاتفاقات الدولية، ويعد حجر الأساس في بناء القانون الدولي، وهو مبدأ حظر استخدام الأسلحة التي تسبب آلامًا لا مسوّغ لها، هذا المبدأ الذي توالت على انتهاكه الأطراف المتصارعة على الأرض السورية، ومن ثم تبيان مدى مشروعية استخدام الأسلحة في ظل النزاعات المسلحة.
أهمية البحث
تنبع أهمية البحث من:
- الارتفاع المتصاعد للانتهاكات المستمرة والخطرة التي تعرضت لها الاتفاقات الدولية وتغييبها تمامًا، في أكثر من نزاع وفي مقدمتها النزاع السوري، نتيجة الوسائل والأساليب المتبعة في سير العمليات العسكرية.
- التأثر العميق بالمآسي المؤلمة التي تعرّضت لها الفئات المدنية، وتلك التي أضحت خارج نطاق العمليات العسكرية في ظل النزاعات الدولية وغير ذات الطابع الدولي، وبخاصة في كل من سورية وفلسطين والعراق وليبيا واليمن وأفغانستان والصومال.
أهداف البحث
يهدف البحث إلى:
- التعرف إلى أهم الاتفاقات الناظمة لوسائل استخدام الأسلحة وأساليبها.
- إجراء عملية إسقاط بين القواعد التي نظمت استخدام الأسلحة الدولية والتزام الدول في تطبيق تلك القواعد التي جاءت بها الاتفاقات الدولية الناظمة لاستخدامها.
مشكلة البحث
إن الانفجار غير المسبوق للنزاعات المسلحة بمعايير وتسميات تختلف باختلاف حوادثها وأماكنها، وحصدت معها الملايين من القتلى والجرحى الأبرياء، بفعل الوسائل والأساليب العسكرية الجديدة ذات الآثار العشوائية التدّميرية، دفع المجتمع الدولي إلى أن يبذل مزيدًا من الاهتمام في ظل هذه الأوضاع لبيان الأسلحة المشروعة وغير المشروعة.
تتمحور مشكلة البحث وفق ما تقدم، في ما يأتي:
هل استطاعت الاتفاقات الدولية الحد من استخدام الوسائل العسكرية غير المشروعة بتحديدها للوسائل المشروعة؟ وما مدى فاعلية تلك القواعد التي جاءت بها الاتفاقات الدولية في الحد من الأساليب المتبعة في إدارة تلك الوسائل؟
منهج البحث
سُلِك المنهج الوصفي التحليلي للنصوص القانونية الناظمة لاستخدام الأسلحة والوقوف على أبعادها، إضافة إلى الاعتماد على المنهج المقارن بين القواعد التي نظمت استخدام تلك الأسلحة وقدرتها على الحد من الانتهاكات الناجمة عنها في دول النزاعات.
مخطط البحث
مقدمة
المطلب الأول: المبادئ الأساسية لقواعد القتال وسلوكه
أولًا: مبدأ الإنسانية
ثانيًا: مبدأ الضرورة العسكرية
ثالثًا: مبــــــــدأ التناسب
المطلب الثاني: حظر استخدام الأسلحة التي تسبب آلامًا لا مسوّغ لها.
أولًا: الأسلحة الكيماوية
ثانيًا: الأسلحة النووية
ثالثًا: الألغام الأرضية المضادة للأفراد
رابعًا: الأسلحة الليزرية المسببة للعمى
المطلب الثالث: وسائل القتال المشروعة وأساليبه.
أولًا: حصار المدن
ثانيًا: استخدام الخدع والحيلة
ثالثًا: استخدام الغواصات البحرية والألغام
رابعًا: وسائل مختلفة
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل