الملخص
تنطلق هذه الورقة العلمية من دراسة مفهوم التمكين الاقتصادي للاجئين السوريين في دول اللجوء المختلفة، ودراسة إمكانية تطبيق برامج التمكين الاقتصادي، وتحديد العقبات التي تحول دون دمج اللاجئين في سوق العمل، انطلقت هذه الدراسة في تنفيذ هدفها العام من منطلقين رئيسين: الأول نظري اعتمد على دراسة مفهوم التمكين الاقتصادي وتحديد أبعاده ومعناه الاصطلاحي والإجرائي، وطرائق تطبيقه مع الاطلاع على بعض التجارب الدولية الناجحة في هذا المضمار، إضافةً إلى دراسة واقع اللاجئين الاقتصادي في ظل حياة اللجوء.
أما المنطلق الثاني لهذه الورقة فيتمثل في دراسة ميدانية، اعتمد الباحث لإنجازها على استمارة استقصاء وُزِّعت على اللاجئين عشوائيًا، إذ وُزِّعت 450 استمارة وجرى استرجاع 378 استمارة صالحة للتحليل الإحصائي، اعتمد الباحث على التحليل الوصفي لمتغيرات الدراسة إضافةً إلى تحليل الارتباط والانحدار وشكل التوزيع البياني للمفردات.
توصلت الدراسة إلى نتائج عدة وقدمت توصيات عدة، وتتمثل أهم النتائج في عدم وجود علاقة معنوية ذات دلالة إحصائية، بين عمل اللاجئين السوريين من جهة، ومتغيري العمر والجنس كل على حدة، وتوصلت إلى وجود علاقة ارتباط عكسية ذات دلالة إحصائية، بين متغير العمل من جهة ومتغيري المستوى التعليمي والخدمات الإنسانية المقدمة من المنظمات الإغاثية والإنسانية.
الكلمات المفتاحية: التمكين الاقتصادي، اللاجئون، برامج التمكين، المشروعات الصغيرة، حاضنات الأعمال.
المقدمة
تعد الأزمة السورية من أسوأ الأزمات الإنسانية التي عاشها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وطالت الآثار السلبية لهذه الأزمة مختلف نواحي الحياة، وخلفت هذه الأزمة دمارًا وخرابًا طال البشر والحجر، بدأ من دمار البنية التحتية والمنظومة الصحية وشبكات مياه الشرب، فضلًا عن عدد القتلى الكبير الذي تجاوز مئات الألوف، ومن المفرزات السلبية لهذه الأزمة نزوح السوريين ولجوؤهم بأعداد كبيرة، إذ تقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد النازحين السوريين داخليًا بما يزيد على 6 مليون نازح، واللاجئين بما يزيد على 5,6 مليون لاجئ موزعين في أغلبهم على دول الجوار، إضافةً إلى وجود أعداد لا بأس بها في أوروبا، وفي خلال عشر سنوات من عمر الأزمة السورية، استهدف عدد من المنظمات الإنسانية والإغاثية المحلية والإقليمية والدولية اللاجئين السوريين بجملة واسعة من الخدمات الإنسانية، إلا أن أغلب هذه الخدمات كانت تقوم على تقديم المساعدات المادية والغذائية، ما جعلها محدودة الأثر، إذ تقتصر فاعليتها الزمنية على أيام أو أسابيع قليلة لتُقدَّم خدمات جديدة، وهكذا دواليك.
إن المتتبع لمسار الإعانة والإغاثة المقدمة للاجئين السوريين في مختلف دول اللجوء يلاحظ جليًا غياب فلسفة التمكين عن البرامج الموجهة لهؤلاء اللاجئين، الأمر الذي يقودهم إلى استمرار الحاجة، كون الإعانات المقدمة تعالج نتائج المشكلة ولا تتطرق إلى الأسباب، فالنتائج تتمثل في حاجة اللاجئين إلى المساعدة، بينما الأسباب تتمثل في انعدام الدخل نتيجة الهجرة القسرية والإقامة في مخيمات وانعدام الفرصة بوجود عمل، لذلك فالحل الفعلي والحقيقي لأزمة اللاجئين الاقتصادية تتمثل في مساعدتهم على توفير دخول ثابتة وهذا لا يتحقق إلا بالتمكين الاقتصادي، وانطلاقًا من هذا الطرح تسعى هذه الورقة العلمية لدراسة الواقع الاقتصادي للاجئين السوريين في دول اللجوء المختلفة ودراسة تأثير التمكين الاقتصادي في هذا الواقع إضافةً إلى تحديد الأسس والأساليب التي يمكن من خلالها تحقيق التمكين المنشود.
وانطلاقًا من هذا الطرح تنطلق هذه الورقة العلمية من تساؤل بحثي مفاده “هل يشكل التمكين الاقتصادي حلًا جذريًا للمشكلات الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها اللاجئون السوريون، وهل من الممكن تطبيق التمكين على السوريين في ظل حياة اللجوء؟”. وللإجابة عن هذا التساؤل تسعى الورقة من خلال مباحثها لتقديم إجابة شاملة وكافية، وذلك باستخدام منهجيات البحث العلمي المتناسبة مع أهداف البحث.
أما بالنسبة إلى أهداف هذا البحث فتتمثل في الوقوف على معنى مفهوم التمكين الاقتصادي عمومًا وآليات تطبيقه والتعرف إلى اتجاهاته ومدارسه، ودراسة الواقع الاقتصادي الحالي للاجئين بحيث يجري الانطلاق من هذا الواقع في أي برامج تمكين مستقبلية، والتعرف إلى معوقات تطبيق برامج التمكين وتحديد طرائق تطبيق برامج التمكين بما يتناسب مع أوضاع اللاجئين الذاتية والموضوعية، وهذه الأهداف الجزئية تتكامل لتصل إلى هدف واحد رئيس متمثل في المساهمة في تحسين الواقع الاقتصادي للاجئين من خلال تزويد المنظمات الإنسانية والإغاثية والجهات الحكومية بالنتائج التي ستتوصل إليها هذه الورقة.
تقوم أهمية هذه الورقة على جملة عناصر أبرزها تشكيلها خطوةً مهمةً باتجاه دراسة واقع اللاجئين السوريين الاقتصادي من منظور مختلف، من خلال التركيز على دراسة الأسباب الحقيقية لواقع اللاجئين الاقتصادي المتدهور، إضافةً إلى تشكيلها منطلقًا تطبيقيًا يبين طرائق تطبيق برامج التمكين الاقتصادي، ويمكن الاستناد إلى نتائجها بوصفها خطة عمل للجهات المهتمة بشأن اللاجئين من منظمات إنسانية وإغاثية وجهات حكومية وأممية، والأهم أنها تشكل مدخلًا مهمًا لإخراج اللاجئين من عباءة تلقي المساعدات وإدخالهم في صلب العملية الإنتاجية للدول المضيفة، ومن ثم تحويلهم من عبء اقتصادي إلى داعمين للتنمية الاقتصادية المحلية.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل
نرجوا تعميم التجربة على كافة مناطق تواجد السوريين