يتزايد التوتر في منحنى العلاقة الأميركية الإيرانية، منذ أن ألغى الرئيس الأميركي الاتفاق النووي، الذي عقدته الإدارة السابقة في ربيع العام 2015، وذلك تنفيذًا لوعوده الانتخابية حول نيته إلغاء الاتفاق، الذي درج على تسميته بالاتفاق السيء، إلا أنه وبعد أن انتهت فترة السماح في الثالث من مايو أيار الماضي، التي كانت ممنوحة لثمانية من الدول المستوردة للنفط الإيراني ومدتها ستة أشهر بغية تصفير الصادرات الإيرانية من النفط والغاز إضافة إلى عقوبات قاسية أخرى، فقد أتخذ التصعيد منحىً ينذر بأن الحرب باتت واقعة أو تكاد، وتتزاحم الأساطيل الأميركية في الخليج، وتجري الاستعدادات العسكرية واللوجستية اللازمة بطريقة ملفتة. أما على الجانب الإيراني فهناك حراك سياسي ودبلوماسي محموم، واستنفار عسكري سواءً على الأراضي الإيرانية وفي مضيق هرمز، أو لأذرعها من الميليشيات الشيعية المنتشرة في أكثر من دولة، كما ترتفع لغة الوعيد والتهديد الإيراني للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، بخاصة من قادة الحرس الثوري الإيراني، فيما يحاول الساسة الإيرانيون إطلاق رسائل مناقضة لتصريحات العسكريين، وفي كل الأحوال فإن المرشد الإيراني صاحب القرار في إيران، قد حدد الموقف الإيراني بأنه لن يحارب ولن يفاوض، كذلك يكثر الرئيس الأميركي ووزير خارجية من تطميناته بأن الولايات المتحدة لا تريد الحرب، وليس لديها خطط لتغيير النظام الإيراني، بل يريدون تغيير سلوكه وتخليه عن طموحاته النووية وبرنامجه الصاروخي، ووقف نشاطاته المزعزعة لاستقرار المنطقة، أي أن ترامب يسعى لأن يجلب إيران إلى طاولة التفاوض حول اتفاق نووي جديد وسياسات إيرانية جديدة تحت التهديد بالحرب، ومابين اللا حرب واللا تفاوض، أو اتجاه الأمور نحو أحدهما، أو أن تكون الحرب ممرًا اجباريًا للتفاوض، تسود دول المنطقة حالة من الترقب والحذر، باعتبار أن بعضها أو كلها، قد يتخذها الطرفان ساحة لتبادل الرسائل الاستفزازية وجس النبض، من نمط الهجوم الذي تعرضت له السفن الأربعة في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية قبالة أمارة الفجيرة على خليج عمان، واتهمت إيران بالوقوف خلفه.

قد يكون من الصعب ترجيح أحد الخيارين على الأخر، نظرًا لأن كلا الخيارين يملك قدرًا كبيرًا من المبررات عند هذه العتبة من الصراعات الدولية المحتدمة حول الهيمنة والنفوذ في المنطقة وعليها، ولا يمكن الجزم بأنه يمكن تجنب السقوط في الهاوية، إذا ما زلت قدم أحد الطرفين من على حافتها مهما كانت مهاراته، فتاريخ الصراعات طالما أكدت القاعدة التي تقول بأن الحرب عند القادرين عليها، تتكفل بانجاز ما عجزت عنه السياسة، فأيهما سوف يتقدم على الآخر السياسة أم الحرب في الصراع الأميركي – الإيراني المتصاعد؟.

يمكن تحميل البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل.