تحظى دراسة العلاقات الاجتماعية في المجتمع السوري اليوم بأهمية كبرى، بسبب التحولات التي تعرّضت لها خلال سنوات الصراع في سورية، فقد تعرّضت حالة التعايش والتعدّد الثقافي بالدرجة الأولى للاهتزاز، ما أسهم في ظهور التنافر بدل التقارب في السلوكات والممارسات الجمعية والفردية، وبات انحسار العلاقات الاجتماعية وتغيّرها موضوع التساؤل والبحث، ما يفرض على المهتم تتبّع تفاصيل أحوال العلاقات الاجتماعية للسوريين، لفهم رواسب الحرب والأسباب الدافعة لطغيان ذهنية التنافر ونتائجها السلبية.

تهدف هذه الورقة البحثية إلى كشف بروز ثقافة الضغينة والتنافر خلال سنيّ الحرب في سورية، ومخاطر تلك الثقافة في تكريس أفكار التعصّب الديني والمذهبي والقومي، إذ تُدرس هذه الورقة نوعًا من العلاقات الاجتماعية، وهي علاقة “الكرافة” التي كانت منتشرة في الجزيرة السورية التي هي لوحة ملّونة بالقوميات والمذاهب.

تسلّط هذه المُساهمة الضوء على مفهوم علاقة “الكرافة” وطقوسها، وتقف عند تأثير الحرب على انحسار هذه العلاقة، وتعرض الورقة في النهاية حاجة المجتمع السوري إلى رفد البيئة الثقافية للسوريين بأفكار التسامح، وإزالة ضغينة التعصّب والتنافر من أفكارهم، وإحياء علاقات القربى في ما بينهم.