جدول المحتويات
القسم الأول: النزاع المسلح والانتهاكات الجسيمة
أولًا: طبيعة النزاع المسلح في سورية
ثانيًا: القانون الدولي الإنساني
ثالثًا: القانون الدولي لحقوق الإنسان
2- الهجوم العشوائي على الأماكن السكنية ومحاصرة المدنيين
3- سياسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري
4-التعذيب والعقوبة القاسية والمعاملة اللاإنسانية
القسم الثاني: الآليات المتاحة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية
2- إنشاء محكمة جنائية خاصة بسورية
مقدمة
تصدت قوات النظام السوري وأجهزته الأمنية لثورة السوريين السلمية التي انطلقت في آذار/ مارس 2011، من أجل المطالبة بالحرية والكرامة، بالاستخدام المفرط للقوة، بدعوى أنها تواجه «عصابات مسلحة» و«إرهابيين» يتلقون الدعم والتمويل من جهات خارجية. وادّعى بشار الأسد في خطابه في 30 آذار/ مارس 2011، بوجود «مؤامرة كبرى» تستهدف نشر المعلومات الكاذبة، وإذكاء النعرات الطائفية والعنف.([1])
وعلى الرغم من الطابع السلمي الذي ميز الاحتجاجات العارمة في مختلف مناطق سورية طوال عام 2011، إلا أن عنف السلطة أفضى إلى تدهور خطر في حقوق الإنسان. إذ تدلل الوقائع جميعها على ارتكاب القوات العسكرية، ومختلف الأجهزة الأمنية المحسوبة على نظام بشار الأسد، انتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان، ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، تمثّلت بالقتل العمد، واحتجاز الأشخاص وتعذيبهم، وإساءة معاملتهم، فضلًا عن ممارسات العنف الجنسي، والاختفاء القسري.
وصل العنف في سورية إلى أخطر مستوياته في إثر تحول الاحتجاجات السلمية إلى اضطرابات داخلية، ونزاع مسلح غير دولي (داخلي) لاحقًا، ما بات يستوجب تطبيق القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وأدى اتساع نطاق العسكرة إلى تفاقم أعمال العنف بين أطراف النزاع، حيث وصل إلى مستويات خطرة وغير مسبوقة، تمثلت بارتكاب المتحاربين جميعهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في نطاق واسع، ما بات يستدعي محاسبة الضّالعين بارتكاب هذه الجرائم جميعهم أمام القضاء.
تستهدف هذه الورقة البحثية تسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها أطراف النزاع جميعها، وترقى في كثير من الأحيان إلى درجة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وتعتمد منهجيّة الورقة على قراءة وتحليل الواقع المرير لحقوق الإنسان في سورية، بمثل ما ورد في وثائق لجنة التّحقيق الخاصة بالجمهورية العربيّة السّورية والتقارير المتعاقبة التي أصدرتها، وكذلك وثائق وتقارير المنظّمات الدّولية والسورية لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها منظمتا «أمنستي» و «هيومن رايتس واتش».
«كانت معركة السيطرة على حلب مرحلة عنف لا هوادة فيه، فوقع المدنيون على جانبي الصراع ضحايا جرائم ارتكبتها جميع الأطراف»([2])
القسم الأول: النزاع المسلح والانتهاكات الجسيمة
جوبهت «ثورة الحرية والكرامة» السلمية من جانب نظام الأسد بأقسى درجات العنف، حيث انتهجت القوات والأجهزة الأمنية المحسوبة على النظام ممارسات تتمثل بإطلاق النار على المحتجين، واستهدافهم بالقتل العمد، واعتقالهم، وتعذيبهم، وإساءة معاملتهم، والهجوم العشوائي على الأماكن والمرافق المدنية، بقصد التدمير، وإلحاق الضرر بالمدنيين، ونهب الممتلكات، وكذلك العنف الجنسي، والاختفاء القسري. وارتكبت الجماعات المسلحة انتهاكات خطرة لحقوق الإنسان، تمثلت بأعمال القتل العمد والخطف والإعدامات خارج نطاق القضاء والتعذيب.([3])
أولًا: طبيعة النزاع المسلح في سورية
أدى تمادي النظام في استخدام القوة المفرطة في مواجهة الاحتجاجات السلمية العارمة، وما ترتب على هذه الممارسات من جرائم خطرة، بما في ذلك جرائم ضد الإنسانية، إلى انشقاقات متتالية في صفوف القوات العسكرية والأجهزة الأمنية. وقد تبع هذه الانشقاقات نشوء تنظيمات مسلحة، أعلنت أنها ستأخذ على عاتقها حماية الاحتجاجات السلمية بقوة السلاح.
في ضوء هذه المستجدات، بدأ الطابع السّلمي للثورة السّورية بالانحسار في بدايات العام 2012، وبرزت مؤشرات على تنامي القدرات التنظيمية والعسكرية للجماعات المسلحة. وأخذ نطاق الاشتباكات بين قوات النظام والجماعات المسلحة بالاتساع من حيث كثافة النيران، وامتداد رقعة الاشتباكات إلى مناطق جديدة، وتحولت إلى قتال دائم يتميز بقدر أكبر من الوحشية والأسلحة المستخدمة.
برزت مظاهر الصراع المسلح جليّات مع تنامي حدة العنف، والاشتباكات المسلحة بين الطرفين، فأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 16 تموز/ يوليو 2012، عن حال نزاع مسلح غير دولي- داخلي في سورية (on International Armed Conflict).([4]) وأقرّت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية أيضًا بأن العنف الممارس من جانب قوات النظام، ومنظمة «الجيش السوري الحرّ» وصل إلى حد النزاع المسلح غير الدولي، ومن ثمّ، بات يتعين تطبيق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.([5])
وبتعاظم العنف المسلح، واتساع رقعة العمليات القتالية بين قوات النظام والجماعات المسلحة، لم يعد ارتكاب الجرائم الخطرة مقتصرًا على القوات العسكرية والأجهزة الامنية التابعة للنظام، بل إن جماعات المعارضة المسلحة أيضًا، ومن ضمنها المصنفة إرهابية، باتت تمارس صور العنف المختلفة، بحق المدنيين والعسكريين السوريين. وتؤكد الشهادات والتقارير الدولية على أن الجماعات المسلحة بمن فيها الجماعات «الجهادية» -الخارجية والداخلية- من مثل فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، والكتائب المسلحة معظمها، بمثل جيش الإسلام، وأحرار الشام، وجيش المهاجرين والأنصار، وصقور العزّ وغيرها، تنتهك حقوق الإنسان انتهاكًا خطرًا، وترتكب جرائم ضدّ الإنسانية، وجرائم حرب أسوة بالنظام.([6])
يرزح المدنيون تحت وطأة العنف الوحشي للمتحاربين، منذ ما يزيد على أعوام من النزاع المسلح. فقوات النظام والمليشيات الموالية لها تمعن في أعمال القتل العمد، والتعذيب، وإساءة معاملة السجناء والمحتجزين، والاختفاء القسري، والإعدام خارج نطاق القضاء، فضلًا عن الهجوم على المدنيين واستهداف المستشفيات والمدارس والبنية التحتية وشبكات المياه، واستخدام الأسلحة المختلفة المحرمة دوليًا، بمثل القنابل العنقودية والأسلحة الحارقة، وقنابل الكلور على الأحياء السكنية، ما يتسبب بالضحايا بين المدنيين. وتمارس الجماعات الإرهابية بمثل فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) سياسة الإعدام خارج نطاق القضاء، بمن في ذلك النساء، وتجنِّد الأطفال، وتشترك مع جماعات مسلحة أخرى في قصف الأحياء السكنية الماهولة بالمدفعية، ما يتسبب في قتل المدنيين وتحديدًا الأطفال. أما داعش، فتمارس الإعدام والعقوبات الجسدية بحق المدنيين بمن فيهم الأطفال، بدعوى انتهاكهم فكر الجماعة، وتُدمّر الأماكن الأثرية على غرار ما حدث في مدينة تدمر. وتستخدم الجماعات المسلحة الأخرى المدافع والأسلحة ذاتية التصنيع في قصف الأماكن السكنية، ما يتسبب في قتل المدنيين، وتسعى إلى فرض «القانون» بوساطة المحاكم الشرعية التي لا تتوافر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة، وترتكب أفعالًا منافية لحقوق الإنسان، بمثل الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والتعذيب، وإساءة المعاملة والاختفاء القسري.([7])
وترتكب الجماعات المسلحة الكردية والمتحالفة معها من مثل وحدات حماية الشعب (YPG)، وقوات سورية الديمقراطية (SDF) انتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان، إذ تُهجّر قسرًا السكان في المناطق التي تحت سيطرتها، بحجة تنظيف حقول الألغام التي استحدثها داعش، ولا تقدّم خدمات الإغاثة الإنسانية للمهجرين في بعض الأحيان، وتُجنّد قسرًا الفتيان والرجال. وتنفّذ بعض القوى الدولية والإقليمية ضربات جوية على الأراضي السورية، وتنشر قوات على الأرض في سورية، ما يثير مخاوف جدية بشأن تفاقم حدّة الصراع وزيادة الإضرار بالمدنيين.([8])
ثانيًا: القانون الدولي الإنساني
«بعد ست سنوات من أعمال العنف الأكثر وحشية في التاريخ الحديث، لكل رجل أو إمرأة أو طفل مأساة يتقاسمونها مع الآخرين. فقدان الأبوين، فقدان الأطفال، فقدان المنازل، فقدان الأمل. كثيرون فقدوا كل هذه الأمور».([9])
تتميز الحروب بانعكاساتها المأسوية على العسكريين والمدنيين، فضلًا عن الخسائر التي تلحق باقتصاديات الدول وبُناها التحتية. وقد صودِق على ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 من أجل تفادي الحروب، وتجنيب البشرية ويلات الحرب التي جلبت للإنسانية في جيل واحد مرتين أحزانًا يعجز عنها الوصف -الحربان العالميتان الأولى والثانية- وتسببتا للبشرية جمعاء بمعاناة وكوارث رهيبة.([10])
على الرغم من أن الميثاق يحظر التهديد بالقوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي، أو الاستقلال السياسي لأي دولة –يستثنى من ذلك حالات الدفاع عن النفس وحماية السلم والأمن الدوليين- إلا أن الحرب ما زالت معتمدة وسيلةً لتسوية النزاعات الدولية والداخلية، وإكراه الآخرين على الإذعان.([11]) لكن ما حدث جاء مخالفًا للتوقعات، فاتسع نطاق الحروب، وارتفعت حدتها، وتعاظمت وطأتها على المدنيين، وتحديدًا النساء والأطفال من جرّاء عنف المتحاربين، وتطور الأسلحة المستخدمة على الرغم من التطور الهائل الذي حدث في القانون الدولي الإنساني الذي يهدف إلى التقليل من الفظائع والويلات التي تتسبب فيها الحروب.
القانون الدولي الإنساني هو فرع أساس من فروع القانون الدولي المعاصر الذي يهدف إلى حماية ضحايا النزاعات المسلحة من ويلات الحرب، والتخفيف من الآلام التي قد تلحق بهم نتيجة هذه الحرب، سواء كانت دولية أم غير دولية (داخلية).([12])
يفرض القانون الدولي الإنساني قيودًا على استخدام القوة في أثناء النزاعات المسلحة للتخفيف من ويلات الحروب والآلام التي قد تلحق بالأشخاص غير المشاركين في العمليات العسكرية من مثل المدنيين، وأولئك الذين ألقوا أسلحتهم، وأصبحوا عاجزين عن المشاركة في الأعمال الحربية من بمثل الأسرى والجرحى والمرضى من القوات المسلحة والتمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين، وعدم اتخاذ المواطنين المدنيين أهدافًا، واستخدام القوة المتكافئة، ووقف القصف العشوائي للأماكن السكنية. وحدّد القانون الدولي الإنساني طرائق وأساليب لاستخدام القوة برفضه مقولة «الكلّ أو لا شيء» أو «عندما تدوي المدافع تصمت القوانين»، فحصر استخدام القوة في نطاق مقتضيات الضرورة لإضعاف وتعطيل قوة الخضم العسكرية ومن ثم إخضاعه، وتحقيق النصر في المعركة، وإخراجه مهزومًا منها.([13])
ثالثًا: القانون الدولي لحقوق الإنسان
القانون الدولي لحقوق الإنسان هو أيضًا أحد فروع القانون الدولي الذي يضمن حماية حقوق الأفراد والجماعات من انتهاكات الحكومات، ويسهم في تطوير هذه الحقوق والحريات، ورفع مستواها.([14]) وعلى الرغم من الأشياء المشتركة التي تجمع بين القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، يختلف الدور المنوط بكل منهما، ففي حين يُعنى الأول بحماية ضحايا النزاعات المسلحة، والتخفيف من المعاناة التي قد تلحق بهم من جراء الحرب، فإن الثاني منظومة قواعد لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية من انتهاكات السلطات والدول.
يسري القانون الدولي لحقوق الإنسان وقت السلم والحرب وفي حالات الاحتلال الحربي.([15]) وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2675 (XXV) لسنة 1970، ينبغي تطبيق المعايير الدولية المنصوص عليها في الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان إبان النزاعات المسلحة. وعليه، فإن سريان القانون الدولي الإنساني على النزاعات المسلحة لا يعطل تطبيق الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، إنما يفرض على أطراف النزاع تحمل مسؤولياتهم، وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
ينبغي تطبيق هذه القاعدة على النزاع المسلح في سورية، ما يفرض على النظام السوري والميليشيات التي تدعمه والجماعات المسلحة المناهضة له وقف جميع انتهاكات حقوق الإنسان. والنظام السوري مطالب على وجه الخصوص بالوفاء بتعهداته الدولية المنصوص عليها في اتفاقات حقوق الإنسان التي وقعت عليها سورية، ومن ضمنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، واتفاق حقوق الطفل لسنة 1989، واتفاق مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة لعام 1984، اتفاق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام 2006، إعلان الأمم المتحدة بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة لعام 1974، وغيرها.
رابعًا: جرائم الحرب
جريمة الحرب هي بمثابة عمل غير مشروع، صادر عن فرد باسم دولة أو برضاها أو بتشجيع منها، ويكون منطويًا على المساس بمصلحة دولية يحميها القانون الدولي.([16]) وبموجب المادة السادسة من ميثاق محكمة نورمبرغ لمحاكمة كبار مجرمي الحرب النازيين، فإن جريمة الحرب هي «الأفعال التي تشكل انتهاكًا لقوانين وأعرافِ الحربِ الدوليّةِ»، وتتضمن القتلَ العمدَ (مع الإصرار)، والمعاملةَ السيئّةَ للمدنيين وإقصائهم وتسخيرهم في الأعمال الشاقة، وقتل الأسرى عمدًا، وإعدام الرهائن أو نهب الأموال العامة أو الخاصة، وتهديم المدن والقرى من دون سبب، أو الاجتياح إذا كانت الضرورات العسكرية لا تقتضي ذلك.
يحدد فقهاءُ القانون الدولي جملةً من الأفعال التي تصنف جرائم حرب، من مثل إطلاق النار على الأماكن غير المحمية، وليست لها أهمية عسكرية، وقتل المدنيين المسالمين، والاعتداء عليهم، والتدمير من دون مبرر، وارتداء الجنود الملابس المدنية لإخفاء هويتهم في أثناء تنفيذهم أعمالًا حربية (الغدر)، والاغتيال أو استئجار الأشخاص لتنفيذ عمليات الاغتيال، والقصف من الجو بقصد إرهاب السكان المدنيين، أو الاعتداء عليهم. يضاف إلى ذلك مخالفة أحكام المادة 147 من اتفاق جنيف الرابع لعام 1949، ويندرج ضمن المخالفات الجسيمة من مثل أفعال القتل المتعمد والتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، بما في ذلك التجارب البيولوجية والتعذيب الجسدي المتعمد والإضرار بالصحّة.([17])
وقد وسع نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية لعام 1998 (المادة الثامنة) نطاق الأفعال التي تدخل في نطاق جرائم الحرب من مثل الهجوم المتعمد ضد السكان المدنيين، أو أفراد لا علاقة لهم بالأعمال العدائية، والهجوم المتعمد على المنشآت المدنية والقتل المتعمد، والإصابة الخطرة التي تسبب الألم أو الإضرار الخطر بالجسم أو الصحة، كذلك النقل المباشر أو غير المباشر لسكان الطرف المحتل إلى الأراضي المحتلة، وإبعاد السكان المدنيين ونقلهم من الأراضي المحتلة في داخلها أو إلى خارجها، والتدمير الشامل ومصادرة الممتلكات من دون داعٍ عسكري، ونهب القرى والمدن، واستعمال الأسلحة والغازات السامة، والتعرض لكرامة البشر، والهجوم المتعمّد على الأبنية والمعدات والإمدادات الطبية، والأفعال المتعلقة بالاعتداء على أسرى الحرب وجرحاها.
وفقًا لماهية جرائم الحرب، ولما تضمنته التقارير الدولية المتعاقبة بشأن ممارسات الأطراف على مدار ستة أعوام من عمر النزاع المسلح في سورية، يمكن القول إن معظم الأفعال التي يرتكبونها هي بمنزلة انتهاكات جسيمة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.
خامسًا: الجرائم ضد الإنسانية
ظهر مصطلح الجرائم ضد الإنسانية في سياق الحرب العالمية الأولى للتدليل على وحشية الأعمال التي ارتكبت ضد قوانين الإنسانية، بما في ذلك الجرائم التي ارتكبها الأتراك في حق الأرمن. وقد أقرت اللجنة الخاصة التي ألّفها الحلفاء في عام 1919 للتحقيق في جرائم الحرب، وتحديد مسؤوليات مبتدئي الحرب، وتنفيذ العقوبات في حقهم، بأن قتل الأتراك للأرمن وسائر الطوائف المسيحية من مثل الآشوريين والكلدان واليونانيين والسريان عام 1915، بمنزلة جرائم ضد قوانين الإنسانية، وأوصت بتسليم مجرمي الحرب الأتراك للحلفاء؛ من أجل تقديمهم إلى المحاكمة.
استجابة لتوصيات اللجنة تضمن اتفاق سيفر الموقع بين الحلفاء والأتراك عام 1920 أحكامًا تقضي باستسلام المتهمين بارتكاب جرائم ضد قوانين الإنسانية من الأتراك من أجل محاكمتهم. لكن هذه المحاكمات لم تر الضوء، فاستبدل اتفاق لوزان لعام 1923 باتفاق سيفر، وجسد أفضلية المصالح السياسية مقابل مبادئ تطبيق العدالة.([18])
وبسبب الجرائم التي ارتكبتها ألمانيا النازية ونظام الطغمة العسكرية في اليابان بحق الإنسانية خلال الحرب العالمية الثانية، قرر الحلفاء محاسبة مرتكبيها ومحاكمتهم. وقد حدّد النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ (المادة السادسة) الجرائم ضد الإنسانية بأفعال القتل العمد (مع الإصرار)، وإفناء الأشخاص، والاسترقاق،و الإقصاء عن البلد، وكل عمل لا إنساني مرتكَب ضد السّكان المدنيين قبل الحرب أو في أثنائها، أو الاضطهادات لأسباب سياسية أو عرقية أو دينية. وتضمنت قوانين عدد من الدول في مراحل لاحقة، أحكامًا تنص على عدم سقوط الجرائم ضد الإنسانية بالتقادم.([19])
جاء لاحقًا نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، فحدّد الجرائم ضد الإنسانية بتلك الأفعال التي ترتكب في إطار هجوم منهجي أو واسع النطاق ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، مع العلم بالهجوم. وتعد معظم الجرائم التي يتضمنها تعريف المادة السابعة من نظام محكمة الجنايات الدولية للجرائم ضد الإنسانية، بمنزلة أفعال صادرة عن دولة أو نظام سياسي، وينفذها فاعلون ذوو سلطة أو غير ذوي سلطة.([20])
من جملة الجرائم ضد الإنسانية المنصوص عليها في المادة السابعة من نظام روما الأساسي جرائم الإبادة، والقتل العمد، والاختفاء القسري للأشخاص، والاستعباد (الاسترقاق)، والنفي أو الإبعاد أو النقل القسري للسكان، والسجن أو الحرمان الشديد من الحرية البدنية، والتعذيب، والاغتصاب، والاستعباد الجنسي والدعارة الإجبارية، والحمل الإجباري والتعقيم الإجباري للنساء وأي صورة أخرى من صور العنف الجنسي.
ترتكب أطراف النزاع في سورية انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهي ترقى في كثير من الأحيان إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بمثل أعمال القتل العمد، وفرض الحصار على المدن والمناطق السكنية بما يفضي إلى وضع المدنيين في ظروف معيشية صعبة، وقصف المرافق الطبية، والاختفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي.([21])
وفيما يلي استعراض موجز لأخطر الجرائم التي يرتكبها المتحاربون:
1- القتل العمد وغير المشروع
تعدّ أعمال القتل غير المشروعة، بما في ذلك الوفيات في السجون وأماكن الاحتجاز والإعدامات بإجراءات موجزة وخارج نطاق القانون من أبرز سمات الحرب المدمرة في سورية.([22]) فالقوات والمليشيات التابعة للنظام تنتهج سياسة القتل غير المشروع في سياق مواصلة الهجوم واسع النطاق على السكان المدنيين، واستهداف المناطق المدنية والمدنيين بالقصف العشوائي، والاحتجاز في السجون الحكومية، وغيرها من أماكن الاحتجاز. إذ تتواصل سياسة القبض على المدنيين، واحتجازهم، وإخفائهم بدعوى ارتباطهم بالمعارضة، وتتم تصفيتهم تحت التعذيب. هذه الممارسات هي بمنزلة جرائم حرب، تتمثل في القتل العمد وحرمان الأشخاص من الحياة، وجرائم ضد الإنسانية كونها تتم في إطار الهجوم الممنهج وواسع النطاق ضد المدنيين.([23])
وترتكب الجماعات المسلحة، بمن في ذلك، الجبهة الإسلامية وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وأحرار الشام وغيرهم؛ جرائم حرب تتمثل بالقتل العمد، وحرمان الأشخاص -تعسفًا- من الحياة، واستهداف الأحياء السكنية والمدنيين بقصد إلحاق الضرر بهم. ومن أشكال ممارساتها تلك: إقدامها على اختطاف المدنيين، قتلهم في سائر المناطق التي تسيطر عليها، ممارسة عمليات الإعدام في الساحات العامّة، ويتمّ ذلك خاصّة في مناطق سيطرة «داعش» و«فتح الشام». ويبلغ السكان مسبقًا بتلك العمليات، ومكانها، وموعدها، وفي بعض الحالات، يجبر التنظيم المارة بمن في ذلك الأطفال، على مشاهدة عمليات الإعدام التي تُنفَّذ بقطع الرأس، أو إطلاق النّار في الرأس من مسافة قريبة، وتُعرض الجثثُ على الملأ مصلوبة، لمدة تصل إلى ثلاثة أيام، لتكون بذلك تحذيرًا للسكان المحليين. وتنفذ الجماعات المسلحة عمليات إعدام في حق المحتجزين لديها في السجون، وغالبًا ما تبرّر ما تقدم عليه من إعدامات بدوافع الحكم الشرعي «الديني»، ومخالفة فكر الجماعة.([24])
2- الهجوم العشوائي على الأماكن السكنية ومحاصرة المدنيين
إن الهجوم على الأماكن السكنية، وقصفها بشكل عشوائي من جانب أطراف النزاع يرقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. إذ يتسبب القصف الجوي والمدفعي، بما في ذلك إلقاء البراميل المتفجرة من المروحيات التابعة للنظام، في خسائر فادحة في الأرواح بين المدنيين، ونشر الذعر بينهم، وتدمير في البنى التحتية الضرورية للحياة المدنية. كما تثير الهجمات الممنهجة التي يشنها تنظيمي داعش وفتح الشام وبعض الفصائل المسلحة الذعر والخوف بين المدنيين، وتؤدي عمليات القصف الممنهجة والمتواصل للأحياء المأهولة بالمدنيين وذات الكثافة العالية، واستخدام المركبات المفخخة إلى قتل وجرح أعداد كبيرة من المدنيين.([25])
يقاسي مئات آلاف السوريين الأمرّين من جرّاء الحصار الطويل المفروض على محافظات دمشق وريفها، وإدلب، وحمص، ودير الزور، والحصار طويل الأمد الذي فرض على حلب، وانتهى منذ مدة قريبة. ويفرض النظام حالات الحصار المفروضة على المدن والبلدات والقرى في سائر أنحاء سورية، بينما تفرض داعش حصارًا على أحياء خاضعة لسيطرة النظام في دير الزور، وطوّقت فتح الشام (النصرة سابقًا) مع مجموعات مسلحة أخرى بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين. وهنالك ما يزيد على ستة ملايين من المدنيين ممن يقاسون ظروف العيش المضنية في مناطق محاصرة وأخرى تتعرض للقصف المتواصل من جانب أطراف النزاع، ما يتسبب بحالات سوء تغذية ووفيات كثيرة على الرغم من وصول بعض مواد الإغاثة الإنسانية مؤخرًا، وإن لم يكن بصورة كافية.([26])
3- سياسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري
يمارس النظام السوري منذ عقود سياسة ممنهجة تتمثل بالقبض على الأشخاص، وإخفائهم قسرًا، حيث يتحمل حافظ الأسد المسؤولية المباشرة عن اختفاء أكثر من 17 ألف شخص من السوريين واللبنانيين والفلسطينيين بين عامي 1980-2000.([27])
مع بدء الاحتجاجات السلمية في آذار/ مارس 2011، انتهجت أجهزة أمن الدولة (المخابرات الجوية، والمخابرات العسكرية، والأمن السياسي، والمخابرات العامة) التابعة لنظام الاسد سياسة ممنهجة، أفضت إلى اعتقال واحتجاز عشرات ألوف السوريين في عمليات مداهمة المناطق السكنية، أو عند عبورهم بالحواجز ونقط التفتيش، أو من أماكن العمل والجامعات أو من منازلهم.([28]) وشكل ناشطو المعارضة السلمية، ومن ضمنهم المتظاهرون، وناشطو حقوق الإنسان والمعارضون السياسيون وغير الموالين للنظام من صحفيين وأطباء ممن عالجوا المتظاهرين، وعناصر من الجيش وأقارب المطلوبين لأجهزة الأمن.([29])
تمثل عمليات الاختفاء القسري المرتكبة بحق المدنيين في سياق الهجوم واسع النطاق وممنهج جريمة ضد الإنسانية.([30]) وتمارس قوات النظام والجماعات المسلحة حملات اعتقال جماعي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، الأمر الذي ينتج عنه اختفاء قسري للأشخاص من النساء والرجال. وغالبًا ما يثني الخوف الأقارب عن الاتصال بالأجهزة الأمنية التابعة للنظام، بهدف الاستفسار عن مكان وجود أقاربهم. وفي حين إن السلطة ترفض النظر في طلبات الأقارب للكشف عن مصير المختفين، يتم في بعض الحالات إخبار الأسر بوفاة الأقارب المفقودين، من دون اطلاعهم على ظروف الوفاة أو إبلاغهم بمكان الرفات.([31])
4-التعذيب والعقوبة القاسية والمعاملة اللاإنسانية
تتواصل سياسة التعذيب الممنهج وغيره من ضروب المعاملة القاسية، واللاإنسانية على أيدي أجهزة الأمن السورية منذ عقود عدة من دون معاقبة الفاعلين، ولو مرة واحدة. غير إن الأوضاع أصبحت كارثية بانطلاق الثورة السلمية عام 2011، حيث بات التعذيب يمارس على نطاق واسع.([32])
تمارس الأجهزة الأمنية التابعة للنظام التعذيب وغيره من ضروب شتّى لصور المعاملة السيئة، في نطاق واسع ومنهجي في نطاق أجهزة الاستخبارات والسجون والمستشفيات العسكرية، الأمر الذي نتج عنه تعرض عشرات الآلاف من الضحايا لمعاناة يصعب وصفها. ويجدر الذكر بأنّ غالبية ضحايا التعذيب هم مدنيون ممن يقبض عليهم في نقاط التفتيش، أو في المداهمات العسكرية. وتتعلق أغلبية الروايات بمحتجزين ذكور، غير إن تقارير متزايدة تتحدث عن محتجزات يتعرضن للإيذاء، بينما هُنّ رهن الاحتجاز في المرافق الحكومية. وتدل وتيرة التعذيب، ومدته، وشدته على وفاة كثيرين تحت التعذيب، إذ توفي في سجن صيدنايا منذ 2011، ما يزيد على 17 ألف شخص من الرجال والنساء والأطفال من جراء التعذيب وإساءة المعاملة.([33])
ويتعرض المدنيون الذين تختطفهم الجماعات المسلحة -بمن فيها الجبهة الإسلامية وفتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) وداعش– للضرب، ويحتجزون رهائن في ظروف صعبة وغير إنسانية، يعانون نقص الغذاء والدواء وأية وسيلة للتدفئة. وباتت السّاحات العامة مسرحًا لعمليات بتر الأعضاء والْجَلد والقتل التي تمارسها «داعش» استنادًا إلى القانون الديني «الشرعي» وتحت غطائه بدعوى مخالفة فكر الجماعة، ذلك كله يأتي في سياق الهجوم المنهجي واسع النطاق على السكان المدنيين، ما يلحق بهم ألمًا ومعاناة بدنية ونفسية شديدتين. كذلك الأمر، تمارس المجموعات المسلحة أفعال التعذيب بصورة منهجية ضد الأسرى من مقاتلي الجيش السوري الحر ووحدات الحماية الشعبية الكردية وقوات النظام، فضلًا عن تننفيذها الممارسات ذاتها بحق المدنيين.([34])
5- احتجاز الرهائن
انتشرت ظاهرة حجز الرهائن في مدة الحرب، واتسع نطاقها. فقد أقدمت القوات الموالية للنظام على اعتقال أو اختطاف أفراد أسر رجال ممن ثار حولهم الشك بأنهم يعملون ضد الحكومة، وتم الاحتفاظ بهم رهائن لغاية أن يسلم أقرباؤهم أنفسهم لأجهزة أمن النظام. ([35])
إن سياسة أخذ الرهائن باتت مصدرًا للاغتناء لدى الفصائل والجماعات المسلحة المتحاربة. في 4 آب/ أغسطس 2013، أول أيام عيد الفطر، هاجمت عشرات الجماعات المسلحة أبرزها أحرار الشام، داعش، فتح الشام (النصرة)، جيش المهاجرين والأنصار وصقور العزّ 7 قرى في ريف اللاذقية، وأخذت حوالى 200 رهينة معظمهم من النساء والاطفال. وقتلت حوالي 190 مدنيًّا بينهم 57 سيدة، و18 طفلًا، و14 رجلًا مسنًّا، فضلًا عن 67 شخصًا أعدموا بصورة غير مشروع.([36])
كما عمدت الجماعات المسلحة بما فيها تلك المدرجة على لائحة المجموعات الإرهابية إلى أخذ الرهائن بغية إجراء مقايضة للسجناء والمخطوفين أو طلبًا للفدية أو للأمرين كليهما. النساء هنّ الأكثر عرضة لأخذهن رهائنَ ومعهن الأطفال للضغط على الأسر، لجمع المال ودفع الفدية بأسرع وقت، أو لترتيب مقايضة للسجناء.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، في آذار/ مارس 2015، هاجمت مجموعات مسلحة ومن ضمنها أحرار الشام مدينة إدلب، واختطفت عشرات الأشخاص وأخذتهم رهائن، وأفرجت عنهم على دفعتين في بداية 2016، مقابل الإفراج عن أشخاص محتجزين لدى مجموعات مسلحة موالية للحكومة في كفريا والفوعة. وأقدم “داعش” على مهاجمة قرى مسيحية واقعة على نهر الخابور، وأخذ ما يزيد على 200 شخص من ضمنهم أطفال رهائن، ثم أطلق لاحقًا سراحهم.([37])
6- العنف والاعتداء الجنسي
النساء كُن عُرضة للاعتداءات الجنسية في مرافق الاحتجاز، حيث تقدم القوات التابعة للسلطة على ارتكاب فعل الاغتصاب الذي يشكل جريمة حرب -متى ارتكب- ويرتقي إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية، في إطار الهجوم المنهجي واسع النطاق، الموجّه ضد المدنيين. ففي السجون وأماكن الاحتجاز التي تديرها السلطة تجبر النساء على التعري، ويُعتدى عليهن جنسيًا، ويهُددن بالاغتصاب أو بعرضهن على باقي المحتجزين. وفي بعض الحالات تعرّضت فتيات لا تتجاوز أعمارهن 13 عامًا، كُنَّ محتجزات مع البالغات، للاعتداء الجنسي من قبل موظفي السجن، بحسب ما ورد في تقرير (لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، التقرير التاسع).
القسم الثاني: الآليات المتاحة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية
إن همجية الحرب المتواصلة في سورية، وتمادي المتحاربين في الاستخدام المفرط للقوة وتبعات ذلك على المدنيين في الدرجة الأولى، بات يستدعي أخذ مسألة الملاحقة الجنائية لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية على محمل الجد، للحيلولة دون إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب.
من المفترض أن يلعب القضاء الوطني (الداخلي) دورًا مفصليًا في ملاحقة مرتكبي الجرائم الخطرة، لمنع الإفلات من العقاب، ومن ثمّ، تحقيق العدالة لكل الذين انتهكت حقوقهم وقاسوا الأمرين من ممارسات المتحاربين. إلا أنه من الثابت أن معظم الدول التي شھدت انتهاكاتٍ جسيمةً تمثلت بارتكابِ جرائمِ حربٍ وجرائمَ ضد الإنسانية، ليست في وضع يمكنها من أداء هذه المهمة، إمّا بسبب غياب الإرادة السياسيّة، أو لعدم أهلية النظام القضائي المعمول على تنظيم مداولات جنائية تتوافقُ مع المعايير الدّولية للمحاكمة العادلة.([38])
هذا الواقع ينطبق على القضاء السوري، إذ إنه قضاء تابع للسلطة، وغير نزيه في الأصل، ولا تتوافر فيه أدنى شروط الكفاءة أو الخبرة أو الأهلية للنظر في الجرائم الخطرة، فضلًا عن انتفاء أي إرادة للنّظر في مثل هذه الجرائم، ومقاضاة مرتكبيها. ومن هذا المنطلق، فإنه من الأجدى، تفعيل آليات القضاء الدولي المتاحة لمحاكمة المجرمين.([39]) ومن هنا يستعرض هذا القسم الآليات المتاحة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
1- الولاية القضائية العالمية
يجب على الدول التحقيق في الانتهاكات الخطرة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وملاحقة الأشخاص المتهمين بارتكابها. وفي حال امتناع الدول عن تطبيق ولايتها القضائية على مرتكبي الجرائم الخطرة، أو تكون غير قادرة على تطبيقها، تصبح الولاية القضائية العالمية الآليةَ الفاعلة في ضمان المساءلة والحد من الإفلات من العقاب. ([40])
تنص اتفاقات جنيف الأربعة وبروتوكولها الإضافي الأول لعام 1977 على أنه يقع على عاتق الدول الأطراف التزام البحث عن مرتكبي المخالفات الجسيمة (جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية) أو المشتبه في ارتكابهم لهذه المخالفات أو التخطيط لها، أو إعطاء أوامر بارتكابها، وذلك فور معرفتها بوجودهم داخل أراضيها، بصرف النظر عن جنسيتهم، ومحاكمتهم أمام محاكمها، أو تسليمهم إلى دولة طرف معنية أخرى كي تحاكمهم.([41])
يتعين تطبيق مبدأ الولاية القضائية العالمية في الحالات التي تعجز فيها الدولة عن التحقيق في الجرائم المرتكبة على أراضيها ومقاضاة مرتكبي هذه الجرائم، أو عند تقاعسها عن القيام بذلك، كأن تجنّب المتهمين بارتكاب الجرائم المثولَ أمام العدالة بمنحهم الحصانة والتغاضي عن أفعالهم. في مثل هذه الحالات يمكن إعمال مبدأ الولاية القضائية الدولية الذي يتيح للمحاكم الأجنبية إجراء تحقيقات بالانتهاكات الجسيمة التي ترقى لمستوى جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب والتعذيب.([42])
تنص المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب لعام 1949، على واجب الدولَ الأطرافَ فيها، اتخاذ ما يلزم من إجراءات تشريعية لفرض عقوبات جزائية فاعلة على الأشخاص الذين يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة المنصوص عليها في المادة 147 من الاتفاق، ومن ضمنها القتل العمد، وأخذ الرهائن، والاختفاء القسري، وممارسة التعذيب وتدمير الأعيان والممتلكات المدنية، على نحو لا تبرره الضرورة العسكرية. لذا، فإن الدول الأطراف ملزمة بملاحقة المتهمين باقتراف المخالفات الجسيمة، أو التخطيط لها أو التغاضي عنها أو الأمر باقترافها، وبتقديمهم إلى محاكمة، أيّا كانت جنسيتهم، ولها أن تسلمهم إلى طرف متعاقد آخر لمحاكمتهم.
وثمة عدد من الصكوك الدولية من مثل اتفاق الأمم المتحدة الخاص بمناهضة التعذيب، ومناهضة غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لعام 1984، والاتفاق الدولي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لعام 2006، ويتضمن التزامات مشابهة، تلزم الدول الأطراف بمنح محاكمها الوطنية شكلًا معينًا من الولاية القضائية العالمية، فيما يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في تلك المعاهدات، ومن ضمنها الجرائم التي ترتكب إبان النزاعات المسلحة.
أسهمت ممارسات الدّول في ترسيخ قاعدة ذات قدر من الأهميّة في القانون الدولي العرفي، يتسنّى لها بموجبها منحَ محاكمها الوطنية ولاية قضائية عالمية في ما يتعلق بجرائم الحرب، ومن ضمنها الانتهاكات الجسيمة للمادة 3 المشتركة بين اتفاقات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الثاني الإضافي لعام 1977، والجرائم المدرجة في متن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، سواء اقترفت في النزاعات المسلّحة الدولية أم غير الدولية.([43])
في الأحوال كلها، لا يمكن التعويل على النظام القضائي الرسمي في سورية لغياب استقلاليته، ولكونه غير محايد، وغير نزيه، فضلًا عن أن القضاة غير مؤهلين للنظر في الجرائم الخطرة، والبت فيها. وبما أن سورية دولة طرف في اتفاقات جنيف وبروتوكولها الأول، وفي عدد من الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان، فإنه يتعين على الدول الأطراف في هذه الاتفاقيات جميعها إعمال مبدأ الولاية القضائية العالمية، والبدء بالبحث عن المتّهمين بارتكاب الجرائم في سورية أيًا تكن جنسياتهم، وملاحقتهم والقبض عليهم، ومحاكمتهم أمام محاكمها الوطنية.
2- إنشاء محكمة جنائية خاصة بسورية
تعدّ المحاكم الجنائية الدولية الخاصة إحدى الأدوات الفاعلة في محاكمة مرتكبي الجرائم الخطرة بمثل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة، وجريمة العدوان. وقد ظهر هذا النوع من المحاكم الدولية للمرة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية، من مثل محكمة نورمبرغ لمحاكمة النازيين، ومحكمة طوكيو لمحاكمة رجال الطغمة العسكرية اليابانيين. في مدة لاحقة أنشئت خلال تسعينيات القرن الماضي محاكم دولية خاصة للنظر في الفظائع وأعمال القتل التي ارتكبت خلال النزاع في يوغوسلافيا السابقة، ورواندا (المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الدولية المماثلة لها لرواندا، تيمور الشرقية، وسيراليون، وكمبوديا، لبنان).([44])
تتميز المحاكم الجنائية الخاصة بأنها ذات طبيعة موقتة، تقتصر ولايتها على النظر في الجرائم المرتكبة إبان نزاع محدد (رواندا، يوغوسلافيا، تيمور الشرقية)، أو النظر في جريمة محددة من مثل جريمة قتل رفيق الحريري في لبنان.
يعطي ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي صلاحية تأليف المحاكم الخاصة، الأمر الّذي أتاح إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السّابقة، بمقتضى القرار رقم (808) لعام 1993؛ وقد أوكلت إليها مهمة النظر في الانتهاكات الجسيمة على أراضي يوغسلافيا السابقة، ومحاكمة مرتكبيها. كذلك الأمر بما يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية الخاصة في رواندا وفقًا لقرار رقم (955) لعام 1994، فقد أوكلت إليها مهمة تولي إجراءات التحقيق في جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب التي ارتكبت في رواندا ومحاكمة مرتكبيها. ومؤخرًا شهدنا إقامة المحكمة الخاصة بلبنان بموجب القرار رقم 1644؛ لمحاكمة الأشخاص المتهمين بتنفيذ اعتداء 14 شباط/ فبراير 2005، أدى إلى مقتل 22 شخصًا بمن فيهم رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وقد أصدر مجلس الأمن قرارات عدة بشأن محاكمة مجرمي الحرب بمثل ما هو الحال بشأن قراره رقم 1593 الخاص بمحاكمة مجرمي الحرب فى دارفور، وقراره رقم 1315 الخاص بمحاكمة مجرمي الحرب فى سيراليون وغيرهما من القرارات.
وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، فإن لمجلس الأمن -ضمن أعمال صلاحياته- إنشاء محكمة جنائية خاصة بسورية، للنظر في الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها أطراف النزاع، ومحاكمة مرتكبيها. ولإصدار قرار بهذا الشأن، يتعين توافر الإرادة الدولية في مساءلة مرتكبي الجرائم في سورية، وإجماع أعضاء مجلس الأمن الدائمين الخمسة على هذا الأمر. إلا أن (الفيتو) المتكرر من جانب روسيا والصين حال دون اتخاذ قرار بالتحقيق في الجرائم الخطرة في سورية، ومعاقبة مرتكبيها.
إضافة إلى ما سبق، فإن إنشاء محكمة خاصة بسورية، سيواجه بالضرورة بمعوّقات ومشكلات تتمثل في التأخر في إنشاء مؤسسة جديدة ومتكاملة (محكمة رواندا الخاصة ومحكمة يوغوسلافيا السابقة الخاصة)، صعوبات وضع إطار عمل قانوني مناسب للمحكمة، والعثور على مقرات لها، والوقت والكلفة اللازمين لتوظيف عامِلِين مؤھلِين، وضمان تعاون الدول مع المحكمة. ولذلك؛ فإن من الاجدى تحويل الحال السورية إلى محكمة الجنايات الدولية، كونها قائمة بالفعل، وتعمل بصورة دائمة، وتمتلك اختصاص النظر في الانتهاكات الجسيمة لطرفي النزاع في سورية.([45])
3- المحكمة الجنائية الدولية
محمكة الجنايات الدولية هي الأداة كثيرة الفاعلية في مساءلة مرتكبي الانتهاكات الخطرة في سورية. ونظرًا لأن سورية ليست دولة طرفًا في المحكمة لأنها غير مصادقة على نظامها (نظام روما الأساسي في محكمة الجنايات الدولية لعام 1998– دخل حيز النفاذ عام 2002)، فإن تفعيل ولاية المحكمة في هذه الحال منوط أيضًا بقرار يتخذه مجلس الأمن.
للمحكمة صلاحية النظر جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب وجريمة العدوان.([46]) ولكي تمارس المحكمة اختصاصها في حال سورية، يتعين أن تحال الجريمة من جانب دولة طرف، أو أن يتصرف مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فيحيل الحال السورية إلى مدعي عام المحكمة، ويطلب منه فتح تحقيق بموجب المادة 13 من النظام الأساسي.
استخدم مجلس الأمن هذه الصلاحية الممنوحة له في مواجهة السودان، في إثر تسلمه تقرير لجنة التحقيق التي كوّنها بمقتضى القرار رقم 1564 للتحقيق في الأوضاع بدارفور، فقرر المجلس بعد استلامه تقرير اللجنة في كانون الثاني/ يناير 2005، إحالة الوضع في دارفور إلى محكمة الجنايات الدولية، التي قبلت في دورها هذه الإحالة من خلال إعلان المدعي العام للمحكمة آنذاك عن الشروع في التحقيق في الجرائم المرتكبة في دارفور. وفي شباط/ فبراير 2011 أصدر مجلس الأمن قرارًا رقم 1970، طالب فيه مدعى عام المحكمة بفتح تحقيق خاص بالأوضاع الجارية على صعيد الجماهيرية العربية الليبية.
لا جدل في حقيقة الاستخدام المفرط للقوة بحق المتظاهرين السلميين من جانب النظام منذ الأيام الأولى لانطلاق الثورة في سورية، وارتكاب أفعال تمثلت بالقتل العمد، والتعذيب، والإخفاء القسري وأخذ الرهائن. وقد ازدادت حدة العنف في إثر انتقال الثورة إلى طور النزاع المسلح، إذ واصل المتحاربون ارتكاب المجازر وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، المتمثلة بالقتل غير المشروع والهجمات غير المشروعة ضد المدنيين والفئات سائرها والأعيان المحمية، ثمّ استخدام الأسلحة غير المشروعة، وأخذ الرهائن، والإخفاء القسري، والتعذيب، وإساءة المعاملة، والعنف، والاعتداءات الجنسية، والاغتصاب، والتشريد التعسفي والقسري.
وفي ضوء إمعان المتحاربين في استخدام القوة المفرطة، ومنع لجان التحقيق والمراقبين الدوليين والصحافة من الوصول إلى مسرح الأحداث، فإنه على مجلس الأمن الاضطلاع بمسؤولياته، وإحالة الوضع في سورية إلى محكمة الجنايات الدولية على وجه السرعة. إلا أن التقاعس الدولي عن إصدارٍ بهذا الشأن هو نتيجة لغياب الإرداة السياسية للدول، ما يتسبب في استمرار مأساة السوريين، وتمكين المجرمين من الإفلات من العقاب.([47])
خلاصة واستنتاجات
أفضت سياسة النظام السوري في مواجهة الثورة السلمية بقوة السلاح واستخدام القوة المفرطة إلى تفاقم الأوضاع، وتحولها منذ شباط/ فبراير 2012، إلى نزاع مسلح غير دولي، يشمل أطرافًا محلية وإقليمية ودولية لا حصر لها، ولاحقًا إلى حرب بالإنابة لصالح قوى دولية وإقليمية.
إنّ انتقال الثورة السلمية في سورية إلى طور النزاع المسلح، كان له تبعات سلبية ومدمرة على ثورة السوريين التي خرجت للمطالبة بالحرية والكرامة، ومن ثم بإسقاط نظام الاستبداد والفساد الذي يديره بشار الأسد. وقد أدى تفاقم النزاع المسلح بين المتحاربين –قوات النظام ومليشياته من جهة، والجماعات المسلحة من جهة أخرى- إلى إلحاق الويلات بالمدنيين، والتشريد القسري لأكثر من نصف السكان داخل سورية وخارجها.
تواصل قوات النظام نهج سياسات تتمثل في ارتكاب المجازر، وشن هجمات واسعة النطاق على المدنيين، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية بصورة ممنهجة تتمثل بالقتل العمد والتعذيب، وأخذ الرهائن والإخفاء القسري والعنف الجنسي. وترتكب قوات النظام انتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان، وجرائم حرب، تتمثل في استهداف المدنيين، والقتل العمد، وحجز الرهائن، وتجنيد الأطفال، واستخدامهم في أعمال القتال والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي، وتنتهك الحماية الخاصة الممنوحة للمستشفيات والعاملين في المجالين الطبي والإنساني. ويؤدي القصف الجوي والمدفعي العشوائي والمفرط إلى بث حال من الذعر بين المدنيين، وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا من جرّاء استخدام القوات الحكومية القذائف العنقودية وغاز الكلور، وهي أسلحة غير مشروعة.
وتنتهج المجموعات المسلحة سياسة القتل العمد والإعدام خارج نطاق القانون، وتمارس التعذيب، وحجز الرهائن والإخفاء القسري والاغتصاب والعنف الجنسي وتجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال القتالية، والهجوم على الأعيان المحمية، كذلك الأمر فإنها تستهدف العاملين في المجالين الطبي والديني. وتلجأ بعض الجماعات المسلحة إلى ارتكاب المجازر في حق المدنيين وبث الرعب في صفوفهم، بتفجير السيارات المفخخة في المناطق المدنية، ومحاصرة الأحياء المدنية وقصفها عشوائيًّا.
تبين في سياق هذه الورقة البحثية أن الأفعال والممارسات التي يرتكبها المتحاربون المحسوبون على قوات النظام والمليشيات التابعة لها والجماعات المسلحة، تدخل في نطاق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
توصيات
في ضوء من توصلت إليه هذه الورقة البحثية من استنتاجات، نوصي بما يأتي:
- وفاء المتحاربين جميعهم بالتزامهم الامتثالَ لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ووقف الانتهاكات ولا سيما الجسيمة منها.
- وقف استهداف المدنيين وقصف المناطق المأهولة بالمدنيين، ووقف فرض الحصار عليها.
- السماح للمنظمات الإنسانية بالدخول إلى مناطق سيطرة المتحاربين، وتسهيل وصول مساعدات الإغاثة الإنسانية.
- السماح بدخول لجنة التحقيق المستقلة، والخبراء الدوليين المستقلين جميعهم، وتوثيق ممارسات أطراف النّزاع في سورية، وجمع الأدلة على ذلك، وتوثيقها؛ لاستخدامها في سياق المحاكمات المستقبلية.
- إحالة مجلس الأمن الحال السورية إلى محكمة الجنايات الدولية، بصفتها الجهة القادرة الكفية في محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
- وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها الناشئة عن القانون الدولي الإنساني، وإعمال مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاكمة المتورطين بالانتهاكات الجسيمة أمام محاكمها الوطنية.
المصادر والمراجع
- العناني، د. إبراهيم محمد، القانون الدولي العام، (د.م: دار الفكر العربي، 1984).
- بسيوني، محمد شريف، مدخل في القانون الدولي الإنساني والرقابة الدولية على استخدام الأسلحة، (د.م، 1999).
- بكتيه. جان، القانون الدولي الإنساني تطوره ومبادئه، (جنيف: معهد هنري دونان، 1984).
- عبد السلام. د. جعفر، مبادئ القانون الدولي العام، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1986).
- فان غلان. جيرهارد، مدخل إلى القانون بين الأمم، عباس العمر (ترجمة وتعريب)، (بيروت، 1970).
- فرحات. محمد نور، وآخرون، تاريخ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان – جوانب الوحدة والتمييز: دراسات في القانون الدولي الإنساني، (القاهرة، 2000).
([1]) تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربي السورية (التقرير الأول)، 23 تشرين الثاني /نوفمبر 2011، ص10-11.
https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G11/170/95/PDF/G1117095.pdf?OpenElement
([2]) تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربي السورية، 2 شباط/ فبراير 2017، ص1.
https://documents-dds ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G17/026/64/PDF/G1702664.pdf?OpenElement
([3]) تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربي السورية، 16 أب/ أغسطس 2012، ص2.
([4]) https://www.icrc.org/eng/resources/documents/update/2012/syria-update-2012-07-17.htm
([5]) تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربي السورية، 16 أب/ أغسطس 2012.
([6]) «دمهم ما زال هنا»، عمليات الإعدام وإطلاق النار العشوائي، واتخاذ الرهائن من جانب قوات المعارضة في ريف اللاذقية، إصدار منظمة هيومن رايتس واتش: 2013
http://www.hrw.org/sites/default/files/reports/syria1013arwebwcover.pdf
([7]) Human rights abuses and international humanitarian law violations in the Syrian Arab Republic, 21 July 2016- 28 February 2017. Conference room paper of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic – A/HRC/34/CRP.3
انظر أيضًا: قرار مجلس حقوق الإنسان بشأن تدهور حالة حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية والوضع مؤخرًا في حلب، دورة استثنائية – 25/1، 21 تشرين الأول /أكتوبر 2016.
https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G16/238/12/PDF/G1623812.pdf?OpenElement
([9]) Statement by Mr. Paulo Sérgio Pinheiro, Chair of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic. United Nations Human Rights Council 34th Session of the UN Human Rights Council, Geneva, 14 March 2017.
http://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=21369&%3bLangID=E
([10]) ديباجة ميثاق الأمم المتحدة الصادر في اليوم السادس والعشرين من شهر حزيران/ يونيو سنة 1945.
([11]) ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945، المادة الرابعة.
([12]) جان بكتيه، القانون الدولي الإنساني تطوره ومبادئه، (جنيف: معهد هنري دونان، 1984)، ص7.
([13]) جان بكتيه، القانون الدولي، ص83 – 8.
الدكتور جعفر عبد السلام، مبادئ القانون الدولي العام، (القاهرة: دار النهضة العربية، 1986)، ص850 – 856.
See also, Marco Sassoli and Others, how does law protect in war, Cases, Documents, and teaching materials on contemporary practice in International Humanitarian Law, Geneva 1999, P. 67.
([14]) Buergental.T.International Human Rights, West Publishing Co., st. Paul, Mn 1995, P. 1.
أنظر أيضا: الدكتور محمد نور فرحات وآخرون، تاريخ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان – جوانب الوحدة والتمييز: دراسات في القانون الدولي الإنساني، (القاهرة، 2000)، ص84-85.
([15])Adam Roberts,” Prolonged Military Occupation: The Israeli – Occupied Territories 1967 – 1988”, in International Law and The Administration of Ocuupied Territories, Ed.by, Emma Playfair, Oxford 1992, pp.53 – 54.
UNGA Res. 2443 (XXIII) (19 Dec. 1968), UNGA Res. 2546 (XXIV) (11 Dec. 1969, UNGA Res. 2727 (15 Dec. 1970). Adam Roberts, Ibid. pp.56 – 57.
وجاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة أنه يتعين سريان الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان على الأراضي الواقعة تحت سيطرة الدولة الطرف، بما فيها الأراضي المحتلة. راجع تقرير الأمم المتحدة: UNGA Human Rights Report, Supra note 18, Para. 72
([16]) الدكتور إبراهيم محمد العناني، القانون الدولي العام، (د.م: دار الفكر العربي، 1984)، ص617.
([17]) جيرهارد فان غلان، مدخل إلى القانون بين الأمم، عباس العمر (ترجمة وتعريب)، ج3، (بيروت، 1970)، ص202-203.
([18]) رفضت آنذاك الولايات المتحدة واليابان صيغة التقرير، ما حال دون التصديق على معاهدة سيفر للسلام بين تركيا والحلفاء والتي نصت على تسليم مجرمي الحرب الأتراك، وأتى اتفاق لوزان ليزيل شرط تسليم المجرمين بأن أرفق ببروتوكول خاص ينص على منح العفو للأتراك الذين ارتكبوا بارتكاب هذه الجرائم بغض النظر عن كونهم ذوي مناصب في السلطة..
محمود شريف بسيوني، مدخل في القانون الدولي الإنساني والرقابة الدولية على استخدام الأسلحة، (د.م، 1999). ص69.
راجع أيضًا: اتفاق السلام بين دول التحالف وتركيا (اتفاق سيفر) الموقع في 10 آب/أغسطس 1920، المواد 226-230.
http://treaties.fco.gov.uk/docs/pdf/1920/TS0011.pdf
([19]) في كانون الأول من عام 1985 أقر البرلمان الفرنسي أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. هيثم مناع، الإمعان في حقوق الإنسان: موسوعة عامة مختصرة، (دمشق، 2000)، ص141.
([20]) بسيوني، مدخل في القانون الدولي.
([21]) تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربي السورية، 11 آب/ أغسطس 2016.
https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G16/178/58/PDF/G1617858.pdf?OpenElement
([22]) «العقد الضائع: حالة حقوق الإنسان في سورية خلال السنوات العشر الأولى من حكم بشار الأسد»، 16 يوليو/ تموز 2010.
([23]) Human rights abuses and international humanitarian law violations in the Syrian Arab Republic, 21 July 2016- 28 February 2017. Conference room paper of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, March 10, 2017.
http://www.ohchr.org/EN/HRBodies/HRC/IICISyria/Pages/Documentation.aspx
تقريري لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آب/ أغسطس 2016 و13 آب/ أغسطس 2015.
([24]) Human rights abuses and international humanitarian law violations in the Syrian Arab Republic, 21 July 2016- 28 February 2017. Conference room paper of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, March 10, 2017.
http://www.ohchr.org/EN/HRBodies/HRC/IICISyria/Pages/Documentation.aspx
تقريرا لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آب/ أغسطس 2016 و13 آب/ أغسطس 2015.
([25]) Human rights abuses and international humanitarian law violations in the Syrian Arab Republic, 21 July 2016- 28 February 2017. Conference room paper of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, March 10, 2017.
http://www.ohchr.org/EN/HRBodies/HRC/IICISyria/Pages/Documentation.aspx
تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آب/ أغسطس 2016.
([26]) Human rights abuses and international humanitarian law violations in the Syrian Arab Republic, 21 July 2016- 28 February 2017. Conference room paper of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, March 10, 2017.
http://www.ohchr.org/EN/HRBodies/HRC/IICISyria/Pages/Documentation.aspx
تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آب/ أغسطس 2016.
([27]) «العقد الضائع: حالة حقوق الإنسان في سورية خلال السنوات العشر الأولى من حكم بشار الأسد»، 16 يوليو/ تموز 2010.
https://www.hrw.org/ar/report/2010/07/16/256102
([28]) اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في الجمهورية العربية السورية، «بعيدًا عن العين.. بعيدًا عن الخاطر – الوفيات أثناء الاحتجاز في الجمهورية العربية السورية»، شباط/ فبراير 2016.
http://www.ohchr.org/Documents/HRBodies/HRCouncil/CoISyria/A-HRC-31-CRP1_ar.pdf
([29]) اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في الجمهورية العربية السورية، «اختفوا من دون أثر: حالات الاختفاء القسري في سورية»، كانون الأول/ ديسمبر 2013.
([30]) نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية لعام 1998، مادة 7.
([31]) تقريرا لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آب/ أغسطس 2016 و13 آب/ أغسطس 2015.
([32]) «إنه يحطِّم إنسانيتك» التعذيب والمرض والموت في سجون سورية، منظمة العفو الدولية (آمنستي) 2016.
https://www.amnesty.org/ar/documents/mde24/4668/2016/ar/
([33]) المسلخ البشري، عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسورية، منظمة العفو الدولية (آمنستي)، شباط/ فبراير 2017.
https://www.amnesty.org/ar/documents/mde24/5415/2017/ar/
([34]) تقريرا لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آب/ أغسطس 2016 و13 آب/ أغسطس 2015.
([35]) تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آب/ أغسطس 2016.
([36]) «دمهم ما زال هنا»: عمليات الإعدام وإطلاق النار العشوائي واتخاذ الرهائن من جانب قوات المعارضة في ريف اللاذقية، هيومن رايتس واتش، أكتوبر 2013.
https://www.hrw.org/ar/report/2013/10/11/256480
([37]) تقريرا لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 11 آب/ أغسطس 2016.
([38]) سورية: العدالة الجنائية على الجرائم الجسيمة في القانون الدولي، هيومن رايتس ووتش، 2013، ص16.
([39]) Human rights abuses and international humanitarian law violations in the Syrian Arab Republic, 21 July 2016- 28 February 2017. Conference room paper of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic – A/HRC/34/CRP.3
([40]) نطاق مبدأ الولاية القضائية العالمية وتطبيقه: بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر للأمم المتحدة، 2015.
([41]) اتفاق جنيف بشأن حماية الاشخاص المدنيين وقت الحرب لعام 1949 (الاتفاقية الرابعة)، المادة 146.
والمخالفات هي أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاق: القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطر بالسلامة البدنية أو بالصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقًا للتعليمات الواردة في هذا الاتفاق، وحجز الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية، وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية.
([42]) دفاعًا عن الولاية القضائية الدولية، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
([43]) اللجنة الدولية للصليب الأحمر، نطاق مبدأ الولاية القضائية الدولية.
([44]) المحاكم الخاصة، نظرة عامة. اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
([45]) سورية: العدالة الجنائية على الجرائم الجسيمة في القانون الدولي، مصدر سبق ذكره، ص15-16.
([46]) لم تُعرّف جريمة العدوان، وقد تأجل آنذاك ليكون قيد البحث بين الدول الأطراف في النظام الأساسي لحين التوصل الى توافق على التعريف مستقبلًا. وبعد انقضاء ثمانية أعوام على دخول النظام الأساسي للمحكمة حيز اللتنفيذ، توصل المؤتمر الاستعراضي للدول الأطراف في جلسته المعقودة في 11 حزيران/ يونيو 2010 (القرارRc/Res.6 ) إلى تعريف جريمة العدوان، وقد أجرى المؤتمر تعديلات على نظام روما الأساسي للمحكمة بشأن جريمة العدوان ( المرفق الأول ) وتعديلات أخرى على أركان الجريمة ( المرفق الثاني ).
http://crimeofaggression.info/documents/6/Review-Conference-offiical-records-ARA.pdf
واعتمد المؤتمر قرارًا عدل بموجبه نظام روما الأساسي لكي يشمل تعريفًا لجريمة العدوان والشروط التي يمكن في ظلها للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة. وتكون الممارسة الفعلية لهذا الاختصاص رهنًا بقرار تتخذه بعد كانون الثاني/ يناير 2017، الأغلبية نفسها من الدول الأطراف المطلوبة لاعتماد تعديل على النظام الأساسي.
ICC-ASP–20100612-PR546 :http://www.icc-cpi.int/NR/rdonlyres/9912EA65-C9D1-4612-AC7A-74494D4B7287/0/PressreleaseclosingRC11Jun1530ARA.pdf
([47]) سورية: العدالة الجنائية على الجرائم الجسيمة في القانون الدولي، المصدر نفسه، ص21-23.