ملخص
مع سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي -في مطلع عام 2012- على مساحاتٍ واسعةٍ من المنطقة الشمالية الشرقية لسورية، أخذت التوقعات تتجه نحو احتمال اتجاه الحزب ذي الارتباطات العضوية المنهجية والسياسية بحزب العمال الكردستاني “الكردي التركي”، لتأسيس دولة كردية أو حكم ذاتي كردي مُستقل عن دمشق بسلطات سيادية واسعة. وازداد هذا التوجه صوابًا نتيجة تعاون الاتحاد الديمقراطي مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات الأميركية المُتحدة، حيث شاعت حينها مقولة مفادها: “من تحالف مع الولايات المتحدة، فقد نال ما يرنو إليه”.
لكن بالتزامن مع اتجاه الأزمة السورية نحو عملية تسوية شاملة، أظهرت الولايات المتحدة -عبر ميلها إلى رفع “الصفة الهوياتية العرقية” عن دعمها بالاتجاه نحو تأسيس قوات سوريا الديمقراطية التي تحتضن أكرادًا وعربًا وسريانًا وتركمانًا، وميلها إلى تحقيق مسار توافق مع روسيا ذات الكعب السياسي العالي في مسار تسوية القضية السورية- رغبتها في إحراز حلٍ يضمن لها مصالحها ونفوذها المباشر أو غير المباشر في المنطقة الشمالية الشرقية ذات الأهمية الاستراتيجية، بمعزلٍ عن التوجه إلى دعم ما يصبو إليه الاتحاد الديمقراطي.
وما يزيد من عقلانية السيناريو الذي يطرح اتجاه الولايات المتحدة لعدم دعم توجه حزب الاتحاد الديمقراطي بالكامل وصوابيته، الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لم تدعم الاستقلال الكامل لكردستان العراق الذي يملك مقدرات نفطية أكثر كثيرًا من المنطقة الشمالية الشرقية في سورية. فقد أظهر التوجه الأميركي المذكور عدم رغبة الإدارة الأميركية في الدخول في معتركات جيوسياسية مع الدول الإقليمية وروسيا، قد تكون- على الأرجح- خاسرةً فيها، نتيجة ميل هذه الدول إلى التعاضد التكاملي الوثيق في سبيل التصدي لأي استقلال كردي كامل أو شبه كامل سواء في سورية أم العراق، لما يشكّله الأمر من خطرٍ على أمنها القومي وطموحها الجيوسياسية.