أولًا: نظرة عامة إلى أهم مجريات المدة
209 قتلى سقطوا على الأرض السورية خلال هذه المدة (من 10 إلى 10 آذار/ مارس 2019) بسبب الأعمال العسكرية. نسبة المدنيين منهم 16 في المئة فقط (33 قتيلًا)، منهم: سبعة أطفال، وخمس نساء. وهذه نسب متدنية جدًا قياسًا بالمدد السابقة.
دير الزور في صدارة قائمة الضحايا بحصيلة مقدارها 106 قتلى، نسبتهم 51 في المئة من مجموع القتلى، والسبب مثل ما هو معروف دائمًا، هو: الحرب على تنظيم الدولة من قبل قوات سوريا الديمقراطية وطيران التحالف الدولي؛ لذا، إن الغالبية العظمى من القتلى هم من العسكريين، ولم يُقتل من المدنيين سوى ثمانية فقط.
إدلب تلي دير الزور في الترتيب بحصيلة مقدارها 48 قتيلًا، يشكلون 23 في المئة من إجمالي القتلى، منهم 18 مدنيًا، والسبب الرئيس، هو: قصف قوات النظام المتواتر مدن وبلدات عديدة في المحافظة، ومن أصل المقاتلين القتلى هناك عشرة مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة، تم إعدامهم من قبل هيئة تحرير الشام على خلفية التفجير الذي حصل في أحد مطاعم المدينة؛ فأودى بحياة عشرة أشخاص على الأقل.
لوحظ في هذه المدة، تقلص فعالية سلاح الجو في القتل (9 في المئة) لصالح القصف والمعارك الأرضية، كما لوحظ ارتفاع نسبة القتلى بسبب المفخخات (20 في المئة) خاصة في دير الزور، وإدلب، وحلب.
نختم ملف الضحايا بأخبار المقابر الجماعية، إذ يبدو أن اكتشاف المقبرة تلو الأخرى، واستخراج رفات الضحايا منها، كأنه نبع لا ينضب؛ فقد عثر على ما يزيد عن 1500 جثة في مقبرة الباغوز المكتشفة مؤخرًا، واكتشفت مقبرة جماعية في البوكمال شرق دير الزور تضم 150 جثة.
الحدث الرئيس في المشهد الميداني، هو الحرب على بقايا تنظيم الدولة في منطقة الباغوز على ضفة الفرات الشرقية، قرب الحدود العراقية، حيث انحسرت البقعة التي يسيطر عليها التنظيم إلى بضع مئات من الأمتار (انظر صورة الأقمار الصناعية في نهاية الفصل الخامس – المشهد الميداني)، لكن هذه المعركة تكتسي أهمية استثنائية؛ لأنها المعركة الأخيرة شرق الفرات، وبنهايتها ينتهي التنظيم هناك، ولأن هذه المساحة الصغيرة المحاصرة تضم أشرس مقاتلي التنظيم، ممن قرروا القتال حتى الموت، إضافة إلى آلاف المدنيين ممن لم يتمكنوا الخروج، ويتخذهم التنظيم دروعًا بشرية.
بعد التريث والتهدئة لإعطاء الفرصة لخروج أكبر عدد من المدنيين، استأنفت قوات سوريا الديمقراطية معركتها الأخيرة بتغطية مكثفة من طيران التحالف، ويرجح أننا سنكتب في تقريرنا القادم، بعد عشرة أيام، أن المعارك انتهت بهزيمة التنظيم وخسارته آخر معاقله شرق الفرات.
تجدر الإشارة إلى أن الخبراء والمحللين معظمهم يؤكدون أن هزيمة التنظيم لن تُنجز بفقدانه الأرض، بل سيبقى بأشكال أخرى، وأن فكره الجهادي، وخلاياه النائمة، وقدرته على الفعل ستبقى قائمة، وستشكل خطرًا دائمًا.
كان لافتًا في المشهد الميداني أيضًا بدء تسيير الدوريات العسكرية التركية في المنطقة منزوعة السلاح حول إدلب، بالتزامن مع دوريات روسية في المناطق الحدودية خارج إدلب، وذلك في إطار تفاهمات سوتشي بين موسكو وأنقرة.
نختم نظرتنا- المكثفة هذه- بالإشارة إلى التظاهرة التي خرجت في درعا احتجاجًا على إعادة نصب تمثال الرئيس السابق للنظام السوري، حافظ الأسد، وطالب المتظاهرون، وعددهم نحو 300 متظاهر، بإسقاط النظام، والإفراج عن المعتقلين.