أولًا: نظرة عامة إلى أهم مجريات المدة

476 قتيلًا سقطوا هذا الشهر، شباط/ فبراير2019، على الأراضي السورية بسبب أعمال العنف، 45 في المئة منهم من المدنيين، وهذه نسبة كبيرة نسبيًا؛ تسبب بها قصف النظام شبه المتواصل على ريفي حماة وإدلب. وكانت نسبة القتلى من الأطفال27 في المئة من مجموع القتلى المدنيين، والنساء 28 في المئة من مجموع القتلى المدنيين، وهي نسبة مرتفعة هذا الشهر للسبب نفسه المذكور أعلاه.

بقيت دير الزور في صدارة قائمة القتلى، بحصيلة مقدارها 278 قتيلًا، معظمهم من المقاتلين، 82 في المئة الذين سقطوا في معارك تصفية تنظيم الدولة، وجلهم طبعًا من قوات سوريا الديمقراطية ومن مقاتلي تنظيم الدولة، أما مدنيو دير الزور القتلى 22 قتيلًا، فمعظمهم من العاملين بحقل عمر النفطي شرق دير الزور، وقد استهدفوا بتفجير سيارة مفخخة في أثناء مرورهم قرب بلدة الشحيل.

إدلب تلت دير الزور في قائمة ضحاياها، بحصيلة مقدارها 84 قتيلًا، لكن غالبيتهم العظمى من المدنيين، 88 في المئة، وقد سقطوا بصواريخ  قوات النظام وبقذائفه على المنطقة، ويمكن تكرار الكلام نفسه عن قتلى حماة بقائمتهم التي أتت ثالثة، بحصيلة 69 قتيلًا، معظمهم من المدنيين، مع الإشارة إلى أن قصف النظام قد طال الريف الشمالي الغربي من حماة فقط، الخارج عن سيطرة النظام، والتابع لسيطرة المعارضة المسلحة، والواقع ضمن منطقة الهدنة التركية الروسية.

نختم ملف الضحايا بخبر اكتشاف المقبرة الجماعية الجديدة في منطقة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، شرقي الفرات، وفيها عشرات  الجثث التي يُرجح أنها لإزيديين وإزيديات؛ كان تنظيم الدولة قد اختطفهم في وقت سابق.

معارك تصفية تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تصدرت المشهد الميداني هذا الشهر من دون منازع، وهي تشهد أيامها الأخيرة، بعد أن نجحت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قوات التحالف الدولي في محاصرة مقاتلي التنظيم، في بضع كيلومترات مربعة في منطقة الباغوز شرقي الفرات، وقد غادر المنطقة ما لا يقل عن 52000 شخص من عناصر التنظيم وضحاياه وأسراه ومحتجزيه من المواطنين. واستسلم مئات العناصر من التنظيم لقوات سوريا الديمقراطية، وهم من جنسيات مختلفة، سلم جزء منهم280 (مقاتلًا) إلى السلطات العراقية لمحاكمتهم، بينما يتعثر تسليم الأوروبيين 800 (مقاتل على الأقل) إلى دولهم لرفضها استلامهم، وتفضيلها محاكمتهم في البلاد التي قاتلوا فيها.

قائد قوات سوريا الديمقراطية قال مؤخرًا: إن إعلان الانتصار على التنظيم سيتم بعد أسبوع، لكن انتهاء سيطرة التنظيم على الأرض لا تعني نهايته كتنظيم بحسب معظم المحللين والخبراء.

في المشهد الميداني أيضًا يمكننا الإشارة إلى خبر بارز خلال هذا الشهر، هو قرار البيت الأبيض: إبقاء  400 جندي أميركي على الأرض السورية موزعين مناصفة بين الشمال الشرقي قرب الحدود التركية، وقاعدة التنف العسكرية على الحدود الأردنية؛ وذلك بعد أن كان الرئيس الأميركي قد قرر في أواخر العام الفائت، سحب كامل القوات الأميركية من سوريا؛ الأمر الذي أثار عاصفة من الانتقادات والتحذيرات من المسؤولين الأميركيين، والحلفاء الأوروبيين، والحلفاء المحليين (الأكراد) المهددين بالاجتياح التركي. والقرار الجديد أراح هؤلاء، بينما أثار استياء المستفيدين من الانسحاب، من مثل الروس، والإيرانيين، والنظام السوري، وتركيا بطبيعة الحال.

على الصعيد السياسي، كان الخبر الأبرز في هذا الشهر، هو: زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد المفاجئة إلى طهران، ولقاؤه المرشد الأعلى، والرئيس الإيراني. وقد تزامنت مع استقالة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف (عاد عنها في ما بعد).

نختم نظرتنا المكثفة هذه بخبر انتهاء الأمم المتحدة من تشكيل قائمة المجتمع المدني في اللجنة الدستورية السورية؛ وبذلك تصبح اللجنة مكتملة، وجاهزة لمباشرة العمل.