مقدمة
تحولت الثورة السورية التي بدأت في ربيع عام 2011 بمرور الزمن إلى صراع محلي وإقليمي ودولي، فتّت البنى التحتية والاجتماعية والمؤسساتية في سورية ودمّرها، ما يفرض إيجاد وسائل تعالج الفوضى الحاصلة، بطريقة عصرية وملائمة للمجتمع السوري، وتقود البلاد نحو قيم ديمقراطية وحقوقية تحترم العهود والمواثيق الدولية.
يُعنى هذا البحث بكيفية الانتقال من نظام حكم استبدادي شمولي إلى مرحلة الشروع ببناء دولة ديمقراطية تعددية، تقوم على القبول التداولي للسلطة، وحكم القانون، للوصول إلى دولة المواطنة.
ويتضمن هذا الانتقال جملة من إجراءات تيسر التحول الديمقراطي، من انتخابات حرة نزيهة، ووضع دستور جديد، بالتزامن مع إطلاق مسار العدالة الانتقالية لمحاسبة المتورطين في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان.
تشكل العدالة الانتقالية وسيلة ترمي إلى هدف معين؛ وليست غاية بحد ذاتها. فهي تُحدَّد بإطار زمني معين، وتسير وفق آليات محددة، وتهدف إلى تحديد طبيعة الانتهاكات، ومرتكبيها، ثم تعمل على محاسبة الجُناة، وتعويض الضحايا لإنهاء دوامة العنف، والتمهيد لإجراء مصالحة وطنية شاملة، وتعيد الثقة بالعدالة.
يعالج البحث مفهوم العدالة الانتقالية، وآليات إصلاح القضاء إصلاحًا يخدم مرحلة ما بعد الصراع، ويوضح الطرائق الملائمة لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في سورية، استنادًا إلى تجارب دول سابقة، تحققت فيها العدالة الانتقالية، بصور متفاوتة.