أولًا: نظرة عامة إلى أهم مجريات المدة[1]
817 قتيلًا كانت حصيلة أعمال العنف هذا الشهر، 80 في المئة منهم من المقاتلين، و20 في المئة (170 شخصًا) من المدنيين، بينهم 39 طفلًا نسبتهم 23 في المئة إلى القتلى المدنيين، و 17 سيدة نسبتهم 10 في المئة.
دير الزور تتصدر، كعادتها منذ أشهر، قائمة القتلى بحصيلة مقدارها 537 شخصًا يشكلون ثلثي العدد الإجمالي للقتلى، والسبب كما هو معروف، معارك تصفية داعش التي تخوضها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قوات التحالف.
حلب تحل ثانيًا في قائمة القتلى، حيث قتل على أرضها 138 شخصًا نسبتهم 17 في المئة من إجمالي قتلى الشهر. أغلبهم من مقاتلي هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة المسلحة الموجودة في إدلب وريف حلب الغربي، وقد سقطوا في الاقتتال الذي دار بينهم في الثلث الأول من هذا الشهر وانتهى بسيطرة هيئة تحرير الشام على الأغلبية العظمى من محافظة إدلب والأرياف القريبة التي تشكل ما يسمى بـ (المحرر).
في المقارنة نلاحظ أن قتلى شهر كانون الثاني/ يناير 2019 أقل كثيرًا من قتلى كانون الثاني/ يناير 2018 (1982 قتيلًا) وأقل كثيرًا من وسطي القتلى الشهري لعام 2018 (1422 قتيلًا).
في هذا الشهر ارتكبت طائرات التحالف مجزرتين، الأولى في مدينة الشعفة شرق دير الزور وراح ضحيتها 11 مدنيًا بينهم ثمانية أطفال. والثانية في قرية الباغور شرق الدير وراح ضحيتها 30 مدنيًا أغلبهم من النساء والأطفال. وارتكبت قوات النظام السوري مجزرة ثالثة بقصفها مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، وقتل ما لا يقل عن 13 مدنيًا.
الطيران الإسرائيلي قتل بدوره 21 شخصًا معظمهم من العسكريين التابعين لقوات النظام، والحرس الثوري الإيراني، وذلك في غارة استهدفت مواقع تابعة لإيران في سورية.
نذكر أيضًا في ختام تكثيفنا لملف القتلى أنه جرى اكتشاف المقبرة الجماعية رقم 14 في الرقة، وتضم ما يقارب 800 جثة. وكان مجلس الرقة المدني قد انتشل 3310 جثة من مقابر جماعية مختلفة منذ شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.
في المشهد الميداني، كان الأبرز هذا الشهر تقدم قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قوات التحالف الدولي، في حربها على تنظيم الدولة الإسلامية، حيث تمكنت من السيطرة على جميع البلدات التي يسيطر عليها التنظيم في الريف الشرقي للدير، وهي مدينة الشعفة وبلدة السوسة والباغوز فوقاني، وحُشر التنظيم في مساحة متبقية شرق الفرات لا تتجاوز أربعة كيلومترات مربعة.
شهد هذا الشهر أيضًا -كما ورد أعلاه- اقتتالًا عنيفًا و”غريبًا” بين فصائل (المعارضة المسلحة) في ريفي إدلب وحلب الغربي، وتحديدًا بين هيئة تحرير الشام وحركة نور الدين الزنكي.. ما تسبب في مقتل عشرات من الطرفين، إضافة إلى عدد من المدنيين، وانتهى بسيطرة الهيئة على مناطق الزنكي معظمها، وانسحاب مقاتلي الأخير إلى منطقة عفرين. الغريب ليس الاقتتال بحد ذاته، فهذا ديدن الفصائل طوال السنوات السابقة، إنما هو السماح لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) المصنفة تنظيمًا إرهابيًا حتى من تركيا، بضرب الفصائل المدعومة من تركيا وإنهاء وجودها، واستفرادها بذلك بالسيطرة شبه الكاملة على منطقة تقع تحت النفوذ التركي، مهدَّدة بالاقتحام من قوات النظام وحلفائها، وتخضع لهدنة موقتة بين روسيا وتركيا.
الانسحاب الأميركي من سورية وتبعاته، ما زال في بؤرة اهتمام الجميع، محليًا ودوليًا، وإن أصبح على نار هادئة بسبب الضغوط الهائلة التي يتعرض لها ترامب بشأن هذا القرار، وكان آخرها تصويت مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية كبيرة على مشروع قرار “غير ملزم” يعارض سحب القوات الأميركية من سورية وأفغانستان (68 صوتًا مقابل 23). وبحسب تصريحات المسؤولين الأتراك شبه اليومية، وكذلك تصريحات المسؤولين الأميركيين، واللقاءات الأميركية التركية المكثفة، فإن سيناريو إقامة المنطقة الآمنة أصبح جاهزًا للتطبيق، بانتظار الضوء الأخضر الأميركي بعد إيجاد الإخراج الملائم الذي يحمي حلفاءها الأكراد من جانب، ويرضي تركيا من جانب آخر.
[1] يقصد بالمدة المرحلة الزمنية التي يغطيها التقرير.