اسم الكتاب: الخوف السائل

اسم المؤلّف: زيغمونت باومان

مراجعة: شوكت غرز الدين

دار النشر: الشبكة العربية للأبحاث والنشر 

مكان النشر: بيروت/ لبنان

تاريخ النشر: 2017

المحتويات

مدخل: عن الكاتب والكتاب

أولًا؛ الخوف السائل بأي معنى؟

ثانيًا؛ الخوف من الموت بين الحداثة وما بعد الحداثة

خلاصة: ما البديل؟

المصادر

 

مدخل: عن الكاتب والكتاب

أحدَ عشرَ عامًا فصلت بين نشر كتاب “الحوف السائل” liquid fear بلغته الأم، وترجمته إلى العربية ونشره. وهذه أعوامٌ طويلة قياسًا إلى أننا نعيش في “عصر السرعة”. فأهمية الكتاب تأتي من نقطتين اثنتين:

الأولى، تنبع من مناقشة موضوع الخوف الذي يعيشه البشر هذه الأيام، ومقارنته بالخوف الذي عاشته البشر في مرحلة ما قبل الحداثة. ونقد فشل الحداثة في القضاء على الخوف، ثم نقد نجاحها في إعادة تدوير الخوف وبيعه لمستهلكين خائفين حتى بات الخوف سائلًا.

أما الثانية، فتنبع من البراهين التي يقدمها الكاتب لإثبات أن ممارسة العقلانية والعلم والبيرقراطية والفردية والعولمة، أنتجت آثارًا جانبية وراجعة وسلبية، جعلت من الخوف سائلًا ودائمًا ومبثوثًا في تفاصيل حياتنا كافة.

الكتابُ فصولٌ ستة، عناوينها هي:

الخوف من الموت، الخوف والشرّ، الهلع مما لا يمكن إدارته، أهوال العولمة، إطلاق عنان الخوف، خلاصة غير نهائية للحيارى.

وفي الكتاب مقدمات ثلاث:

الأولى للمترجم “حجّاج أبو جبر”؛ ويتكلم فيها عمومًا عن أطروحة الكتاب الأساسية، أي عدم تحقيق الحداثة لوعودها في القضاء على الخوف، ويتحدث عن نقد الحداثة عند مدرسة فرانكفورت وتأثر الكاتب بهذه المدرسة.

والثانية لـ”هبة رءوف عزت”؛ وهي بمثابة تلخيص عام للكتاب، وتتكلم فيها بتفصيل أكثر عن عدم تحقيق الحداثة لوعودها، وكيف استطاعت هذه الحداثة إعادة تدوير الخوف لصالحها بتحويل الخوف إلى مشكلة شخصية، حيث انتقلت البشر من حالة “تعميم وتأميمه” الخوف في أيام الحداثة الصلبة، إلى “خصخصته” في هذه الأيام السائلة.

والثالثة للكاتب نفسه، ويطرح فيها مشكلة الأخلاق السائلة وأصل الخوف السائل وآليات عمله، ويشرح كيفية استخدام هذا الخوف السائل نفعيًا من خلال إعادة تدويره لزيادة الربح عند الدول والعولمة، بدلًا من نقدهم على تقصيرهم في مسؤولياتهم الهادفة إلى تحقيق الأمن والقضاء على الخوف.

وعلى الرغم من احتواء الكتاب على مناقشة كونية وعميقة للخوف ومصادره، فإن مناقشته تتقاطع مع مناقشاتنا السوريّة حول مستقبل سورية وحالتها الراهنة والأسباب التي وصلت بالسوريين إلى هذه الأيام، وكأنه يناقش الخوف السائل في سورية؛ فهو يناقش فشل الحداثة عمومًا -أو ما يعادلها كالدولة الوطنية (سيادتها وأولوية مصالحها) والعقد الاجتماعي والنظام والعَلمانية والعقلانية البيرقراطية والنزعة الفردية والعولمة- في القضاء على الخوف من جهة أولى، ويناقش نجاح الحداثة في إعادة تدوير الخوف وبيعه للبشر مجددًا من جهة ثانية. وبما أنّ الكونيّ جدًا جدًا يحمل المحلي السوري جدًا جدًا، فإن دواعي مراجعتي لهذا الكتاب تنبع من هنا.

وقد كتبه الكاتبُ “زيغمونت باومن” Zygmunt Bauman؛ وهو عالم اجتماع من مواليد بولندا عام 1925، واستقرّ في لندن ومات فيها عام 2017 لطرده من بولندا عام 1971 بتهمة معاداة الساميّة. ويجمع الكاتب بين علم الاجتماع والفلسفة ويحذو حذو “مدرسة فرانكفورت” في نقدها للحداثة.

والكاتب هو صاحب الاشتقاق الاصطلاحي للحداثة “الصلبة” والحداثة “السائلة”. ويظهر هذا المصطلح من عناوين كُتبه: “الحداثة الصلبة”، “الحداثة السائلة”، “الحب السائل، “الحياة السائلة”، “الثقافة السائلة”، “المراقبة السائلة”، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا ونقوم بمراجعته (“الخوف السائل”). وقد اشتق الكاتب مصطلح “الحداثة السائلة” لوصف اللحظة الراهنة من عمر الحداثة التي كان يظن سابقًا أنها “حداثة صلبة”، ثم تبين له أن الحداثة من الأساس تذيب ما هو صلب لتحوله إلى سائل.

عمومًا، إن عطش الكاتب في هذا الكتاب هو البحث في جذور الخوف والكشف عنها لاستئصالها وبالتالي مساعدة النوع الإنساني على عدم تدمير نفسه ذاتيًا والخروج من الدائرة المعيبة؛ أي حالة الخوف التي تنتج خوفًا جديدًا وهكذا دواليك. يقول “باومن”: “فالخطوة الوحيدة الواعدة نحو العلاج من الخوف المتزايد التعجيزي هي الكشف عن جذوره، لأن الطريقة الوحيدة الواعدة نحو الاستمرار تتطلب القدرة على استئصال تلك الجذور”[1].

فالكاتب يحاول أن يدافع عن أطروحة مفادها:

إنّ “الحداثة الصلبة” لم تحقق أهداف استراتيجيتها بالأمن والسلم الاجتماعي والعالمي؛ لأن ممارسة مقولات الحداثة، بمثل العقلانية والبيرقراطية والدولة والفردية والعلم والعَلمانيّة، أنتجت تغذيات راجعة سلبية وآثارٍ جانبيّة حولّت الخوف إلى خوف سائل وألقت مسؤولية الأمن على الأفراد أولًا، ثم باعت الأفراد وسائل الحماية الذاتية ثانيًا.

فالحداثة أساسًا هي سيادة العقلانية والبيرقراطية والدولة والفردية والعلم في حياة البشر. وكانت استراتيجية الحداثة تقوم على مواجهة الخوف الصادر عن الجماعات البشرية بالفرديّة، ومواجهة المخاوف الدينيّة، في الحياة الآخرة والحياة الدينا، بالعلمَانيّة الدنيوية والزمنية، ومواجهة الخوف من هشاشة الجسد البشري وأمراضه وكوارث الطبيعة بالعلم. ولكن على الرغم من ممارسة العقلانية والعلم والبيرقراطية والفردية بصورة فعّالة، فإننا لم نقضِ على الخوف بل عمّقناه.

ومن هنا ظهر مصطلح “الخوف السائل” (عنوان الكتاب) الذي يعني أن الأفراد، لا البشريّة، باتوا أكثر حماية مما كانوا عليه في مرحلة “الحداثة الصلبة”، ولكنهم باتوا أقل أمنًا ويتملكهم الشعور الدائم بالخوف؛ وذلك للتأخر الأخلاقي الناتج عن تخلي الدولة عن مسؤولياتها في الأمن والسلم وإلقاء المسؤولية على الأفراد في تحقيق أمنهم.

فالكاتب يرى أنّ الحداثة قد تحولت من صلبة إلى سائلة وبات الخوف سائلًا بسبب:

  1. “انفصال السلطة عن السياسة”؛ أي انفصال المؤسسة السياسية عن السلطة التنفيذية حتى باتت السياسة امتدادًا للحرب على عكس ما أراد لها “كلاوزيفتس”، أو بصيغة أخلاقية انفصال ما يمكننا القيام به (قدرتنا) عما يتوجب علينا القيام به (واجبنا). وهكذا يكون مفهوم السيولة هو انفصال القدرة (ما نستطيع فعله) عن السياسة (ما يتوجب علينا القيام به)، أو بكلمات أبسط، فإننا إذا عددنا مرحلة الحداثة الصلبة هي مرحلة الإنتاج والتطور الذي تتحكم به الدولة وتكبح جماح الأفراد لصالح المجموع، فإن مرحلة السيولة هي مرحلة تخلي الدولة عن هذا الدور وفتح السوق أمام الرأسمال الحر والاستهلاك والتحديث المستمر الذي لا غاية ولا هدف له إلا المزيد من الربح والإمتاع والإشباع الفوري والمؤقت للرغبات.
  2. تقويض القوى الخارجية لحدود سيادة الدولة-الأمة بعبور الأفكار والأجساد والسلع ورأس المال لهذه الحدود.
  3. تحكم توازنات الاقتصاد عمومًا والاقتصاد الاستهلاكي خصوصًا، ولا سيّما “العولمة السلبيّة”، بالمجتمعات.

والنتيجة هي أن يسكننا الخوف الذي لم يبارحنا قط، وأن نحيا بلا أمن وبلا سعادة، ولكن مع وهم حماية فرديّة نشتريها من الدولة والشركات لتربح “الدولة المتوحشة” و”العولمة السلبية” من جديد في تكرار دوراني مملٍ، بدلًا من لوم الدولة على “تأخرها الأخلاقي” قياسًا بتقدمها المادي، وعلى تخليها عن مسؤوليتها في الأمن وإزالة الخوف.

أولًا؛ الخوف السائل بأي معنى؟

يثير عنوان الكتاب تساؤلات عدة، وذلك للغرابة الناتجة عن إلحاق صفة السائل بالخوف؛ فماذا يعني الخوف السائل؟ وهل الخوف السائل يختلف عن الخوف بحدِّ ذاته؟ وما أوجه الاختلاف إن وجدت؟ ولماذا يستخدم الكاتب صفة السائل تحديدًا ولا يستخدم صفة غيرها تكون مألوفة لغةً واستعمالًا؟

لا تعريف محدد للخوف السائل في الكتاب، بل هو اصطلاح مجازيّ يعني تغيّر أشكال الخوف مع الزمن بفضل ممارساتنا الحداثوية. وها هو يشرح معنى السائل ولماذا استخدمه في وصف الخوف:

من ميزات السائل مقارنة مع الصلب أنه يجري وينسكب ويسيل وينساب ويتسرب… فلا يسهل إيقافه كما هو الحال مع الصلب؛ فالسائل عكس الصلب الذي له شكل محدد في المكان ويعاند الزمان في التغيير والحركة، بينما السائل يأخذ شكل الإناء الموجود فيه، فيتغير شكله وحركته عند تعرضه لإجهاد، فهو يعاند المكان ويتماهى مع الزمان. فالسائل لا تتماسك مكوناته في حالة السكون، وهو يدور حول بعض العوائق، ويُذيب أخرى، ويحفر في أخرى حتى يفتتها[2].

أما ديناميات الخوف السائل فنراها “عندما يكون متفرقًا، ومنتشرًا، وغامضًا، ومشتتًا، ومتقلبًا، وعائمًا، من دون عنوان واضح، ومن دون سبب واضح؛ وعندما يستحوذ علينا من دون سبب معقول، وعندما نشعر بالخطر الذي نخافه في كلِّ مكان، ولا يمكننا أن نراه في أي مكان”. فالخوف السائل هو حالة اللايقين التي تعيشها البشر تجاه وسائلها وطرقها في التصدي لمثل هذا الخوف، وحالة الجهل تجاه دفاعات المستقبل. إنه “الاسم الذي نسمي به حالة اللايقين التي نعيشها، وهو الاسم الذي نسمي به جهلنا بالخطر، وبما يجب فعله لمنع الخطر، وبما يمكن فعله لمنعه وبما لا يمكن فعله، أو بما يمكن فعله لصده إذا لم يكن لنا طاقة بمنعه”[3].

وينتج عن الخوف السائل ما يسميه الكاتب “الخوف المشتق” (الخوف من الدرجة الثانية)؛ وهو الخوف الذي يمتاز به الإنسان على الحيوان، ويعاد تدويره اجتماعيًا وثقافيًا، ويدوم بعد زوال الخطر المباشر، ويصدر عن خبرة ماضية، ويؤثر في السلوك البشريّ. إنه شعورٌ بفقدان الأمان إزاء الخطر المحدق بنا، شعورٌ بالعجز عن الهرب من الخطر أو الدفاع الناجح ضده؛ ولذلك يصدر افتراض العجز عن عدم الثقة بدفاعاتنا أكثر مما يصدر عن الطبيعة الحقيقة للخطر نفسه أو حجمه. وإذا ما استوطن الشعور بفقدان الأمان وبالعجز عند أحد ما، فإنه يلجأ عادة إلى استجابات ملائمة من أجل مواجهة مباشرة مع الخطر، حتى في غياب خطر حقيقي، وهذا يُكسِب “الخوف المشتق” قوة دفعٍ ذاتيّ.

  1. مصدر الخوف السائل

يصدر الخوف البشري عن ثلاثة أشياء:

  • عن جموح الطبيعة، بمثل الأعاصير والزلازل.
  • عن العدوان البشري بمثل الحرب.
  • عن هشاشة الجسد البشري بمثل المرض والموت.

ويصنِّف الكاتب الأخطار التي يصدر عنها الخوف و”الخوف المشتق” إلى فئات ثلاث[4]:

  • فئة تُهدِّد الجسد البشري والممتلكات البشريّة.
  • فئة أعم تُهدِّد دوام النظام الاجتماعي والثقة به؛ وهو النظام الذي يقوم عليه تأمين لقمة العيش (الدخل والوظيفة)، أو تهدد البقاء في حالة العجز أو الشيخوخة.
  • فئة تُهدِّد موقع المرء/المرأة من العالم أو حصانتهما من الامتهان والإقصاء الاجتماعي (المنزلة والهوية الاجتماعية بمثل الطبقة والجنس والعرق والنوع والدين).

وهكذا ينفصل الخوف المشتق (الخوف من الدرجة الثانية) في وعي أصحابه عن الأخطار التي تفضي إليه؛ فمن ينتابهم الخوف المشتق والإحساس بفقدان الأمان من جهة، وبالعجز عن مواجهة الأخطار أو الهرب منها من جهة أخرى، قد يفسرون الخوف المشتق بالإشارة إلى أية فئة من هذه الفئات، في انفصال عن دليل مسؤوليتها النسبيّة عن هذا الخوف. وهذا معناه أن ردود الأفعال الدفاعية أو العدوانية من أجل تخفيف الخوف، قد لا تتوجه إلى الأخطار المسؤولة حقًا عن الشعور بعدم الأمن وبالعجز.

  1. الدولة وتدوير الخوف السائل

أقامت الدولة علة وجودها وحقها في امتثال المواطنين لها على الوعد بحماية رعاياها من الأخطار التي تهدد وجودهم، ولكنها لم تعد قادرة على الوفاء بعلة وجودها في ظل اختراق العولمة لحدود الدولة وسيادتها، وهكذا تضطر الدولة إلى تحويل اهتمامها من الأخطار المهددة للأمن الاجتماعي إلى الأخطار المهددة للسلامة الشخصية، “ثم تختزل الدولة المعركة ضد المخاوف إلى عالم “سياسة الحياة” التي يديرها الفرد بنفسه، وتَعْهَد بإمداد أسلحة المعركة إلى الأسواق الاستهلاكية”.

وهكذا يسيل الخوف السائل ويتسرب من كل فجوة في الزمان والمكان، من بيوتنا وكوكبنا وعالمنا. من احتمالاتنا المفتوحة التي تسحق الغافلين والحذرين على السواء، ولا تنتهي فيها قائمة المخاطر المتجددة ناهيك عن المخاطر التي لا ندركها، واستمتاعنا بالتحذيرات العالمية التي تسيل بسلاسة ولا تسبب الأضرار. فالخوف السائل حالة مؤقتة قابل للنسيان، ولا يعترف إلّا بيقين واحد؛ ألا وهو اليقين بأن الغد هو ما يكون؛ ولذلك علينا التدريب المستمر على الاختفاء، والذوبان، والانسحاب، والرحيل، أي التدريب على لا نهائية الموت بدلًا من نهائيته، والتدريب على البعث والإحياء الدائمين بدلًا من التشبث بسيرورة مواجهة الخوف.

إذًا، يصبح المجتمع الحديث السائل أداةً تعين المرء/المرأة على تحمّل الحياة المخيفة، وتستهدف هذه الأداة قمع رهبة الخطر، وإسكات المخاوف التي لا يمكن منعها بنجاح، أو التي لا ينبغي منعها بنجاح من أجل المحافظة على النظام الاجتماعي! وهذا ما يسميه “باومن” اقتداءً بـ”توماس ماثيزن” (الإسكات الصامت)، وهو يشبه حالة المشاعر المؤلمة التي تحدث اضطرابًا في النظام والمطلوب إسكاتها. فثمة خوف يصدر عن خطر ما ولا ينبغي منعه للمحافظة على النظام الاجتماعي. وبهذا تؤدي الطبيعة المتعددة لـ “الإسكات الصامت” Silently Silenced إلى الخوف السائل لأن:

  • طبيعته البنائية تعفي رجال الدولة من المسؤولية (تضيّع المسؤولية).
  • طبيعته اليومية تجعله أمرًا مقضيًا من منظور الخاضعين للإسكات (قضاء وقدر).
  • طبيعته غير المحدودة تجعله مؤثرًا للغاية في الفرد تجعل من التطبيع على الخوف حالة مألوفة.
  • طبيعته غير الصاخبة تُسهِّل شرعنته.
  • طبيعته الحركيّة تحوله إلى آلية موثوقة جدًا للإسكات.

فلقد كانت الحكمة التاريخية من ولادة دولة الحق والقانون الحديثة حماية البشر والمحافظة على حياتهم في وجه العنف والاعتداء على الحق ابتداءً من حق التملك، مرورًا بحق الحرية، وانتهاءً بحق الحياة، بوصفهم مواطنين أحرارًا يختارون سلطتهم التنفيذية والتشريعية والتي يتداولونها عن طريق الاختيار والانتخاب. ولا شك في أنّ الصورة المثلى الموجودة في عقل الإنسان عن مثل هذه الدولة لم تتحقق بعد، ولن تتحقق أية صورة مثلى يرسمها الإنسان لعالم ما يجب أن يكون، في ما الاقتراب من المأمول وتحقق جزء من الصورة هو الممكن القابل للتحقق. ولذلك باتت حياتنا بحثًا مستمرًا واختبارًا للسبل والأدوات التي تعيننا على منع الخطر لمدة موقتة أو تعيننا على تخفيف القلق حتى يذهب في غياهب النسيان تحت مبدأ “تحايل على الزمن! واهزمه في لعبته! واستأخر الإحباط! ولا ترجئ الإشباع”[5].

وهذا معناه استمتع الآن وادفع فيما بعد. إننا نعيش على الديون! كما أن الاقتصاد الاستهلاكي الذي يستثمر في خوف البشر يعيد إنتاج المستهلك الخائف الذي يشتري الأمن والحماية والأسوار وأجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة وتعدد الأقفال والحارس الشخصي، لحماية نفسه من أخطار الاعتداء والسرقة والقتل، ويشتري الشباب الدائم وتجديد الخلايا والقضاء على الصلع والشيب والتجميل، لتأخير الموت والشيخوخة المبكرة والوجه الشاحب والبشرة المجعدة والتخلص من الشحم الزائد. إن تخلي الدولة عن مسؤوليتها في الأمن جعلت تحدي الخوف بواسطة أدوات التجميل والإنذار والحراسة، ممارسة أساسيّة في الاقتصاد الاستهلاكي القائم أساسًا على تغذية الخوف! فبتغذية الخوف ننتج أدواتًا تتحدى الخوف كما ننتج مستهلكين خائفين ودائمين لهذه الأدوات.

  1. البيرقراطية كخطرٍ أخلاقيّ

حلت البيرقراطية محل الغوغاء. وحل الامتثال للسلطة محل الغضب المشترك. فالعمل يحتاج إلى إطاعة الأوامر لا للعواطف. ومن هنا تتأتى فعالية البيرقراطية بغض النظر عمن تولاها إن كان ديمقراطيًا أو إرهابيًا.

فالمطلوب، من الفرد في الأخلاق البيرقراطية، شيئان:

أولهما إطاعة الأوامر، لا تبييت النية للتمرد عليها، وثانيهما إتقان العمل الموكل إليه مهما كانت نوعية العمل. وهذا يبعد الضمير الأخلاقي الذي يميز بين الخير والشر في الأوامر، ويبعد المسؤولية الفردية عن تحمل نتائج الأعمال والأفعال الموكلة للفرد. وهذا ما يلخصه المبدأ العسكري البيروقراطي “نفِّذ ثم اعترض”.

في البيرقراطية، يعاني بعض الناس ويُقتل بعض الناس؛ لأن بعض من البيرقراطيين قاموا بواجبهم وأتقنوا عملهم وأطاعوا الأوامر ولم يكن عندهم نية أذى الآخرين. إنه القتل بوصفه آثارًا جانبية لإطاعة الأوامر وإتقان العمل! وهنا يأخذ سؤال من القاتل؟ أجوبة مختلفة ومتباينة على الرغم من أنه سؤالٌ أخلاقي وإجابته أخلاقية. فهل يكون القاتل هو من نفذ الأمر وقام بالعمل الذي نتج عنه قتل شخص ما أو أشخاص عدة من دون نية مسبقة؟ أم يكون هو من أعطى الأمر ولكنه لم يقم بفعل القتل؟ أم هو النظام الذي يضم الآمر والمأمور ويحدد لهما تموضعهم الأخلاقي في الواجب والمسؤولية؟ وهل من ميزة لمنظومة أخلاقية ما قبل حداثية على المنظومة الأخلاقية البيرقراطية؟ فما الخطأ في القيام بالواجب على أكمل وجه؟ وما الخطأ في التفاني في إتقان العمل وفق نية شخص آخر أعلى في الوظيفة؟ أو إطاعة أوامر شخص آخر وتنفيذها بحذافيرها؟ ففي البيرقراطية يكون الخطأ الأخلاقي في تبييت النيّة لعصيان الأوامر لا في إطاعة هذه الأوامر، كما يكون في عدم إتقان العمل لا في نوع العمل المُتقن.

وهذا ما يطرح معضلة أخلاقية تتمثل في ارتكاز المسؤولية على النفس الفردية لا على النظام، وارتكاز المحاسبة على تبييت النية والقصد والعمد في القضاء لا على الأضرار التابعة للفعل أو الآثار الجانبية السلبية.

ومن هنا، يلاحظ الجميع غياب السلام والأمن وخروج الحروب عن السيطرة وضرب المدنيين بكل وحشية، وعد هذا كله “تكلفة بشرية لا يمكن تجنبها”. كما يلاحظ الجميع اشتداد حالة التنافس على الثروة والقوة والمنزلة وسيادة نهج “البقاء للأقوى” وهذا كله يضرب إمكان التعاون البناء المرن واسع النطاق بين البشر.

إذًا، يا للغرابة، “هناك دومًا ضحايا فاحرص على ألّا تكون من بينهم”! و”اضمن الّا تصيبك الكارثة، أما أن تصيب غيرك فهذا مما لا يمكن تجنبه”! وما دمت من المهمشين فأنت في خطر من الحرب والكوارث والأوبئة؛ لأن هذه الأخطار تنتقيك لتكون ضحيتها! ثم يقوم بعضهم بشكر هذه الأخطار لتخلصها منك؛ لأن الخلاص منك بوصفك مهمشًا مكلف بالنسبة إليهم!

إن البيرقراطية حربٌ على كليّة الإنسان التي تتجاوز الأفراد. وإن الفردية كما نمارسها الآن تكمن في طلب المتعة الفورية وزوال الأبدية الخارجة عن الزمن وزوال الديمومة المتراكبة مع الزمن. فلقد وعدنا الدين بمتعة مؤجلة؛ أي متعة في الآخرة، بينما وعدتنا الحداثة بمتعة فورية من دون أبدية، ومن دون ديمومة، متعة نحققها بالقروض ونصرف فيها المستقبل قبل حدوثه.

ثانيًا؛ الخوف من الموت بين الحداثة وما بعد الحداثة

فككت الحداثة الموت فحولته من حتمية إلى مصادفة، وذلك عندما جردته من رهبته وقدريته، وعدته ناتجًا عن أسباب محددة، ومن ثم يمكننا التخلص من الموت بمعالجة الأسباب المؤدية إليه. ثم أتى التطبيع مع الموت فتحولت خبرات الحياة جميعها إلى خبرات قصيرة الأجل قابلة للانتهاء والفناء. ومن هنا ظهر موت المشاعر، موت الأحلام، موت العلاقات، موت التعاطف، موت الأيديولوجيا، موت الله، موت الإنسان، موت الكاتب، موت التاريخ. وأصبح الفناء الناجم عن هشاشة الروابط الإنسانية أشد وطأة من الفناء الناجم عن هشاشة الأجساد البشرية.

ثمة ثلاث استراتيجيّات للتعايش مع الوعي باقتراب الموت:

  1. بناء جسور بين الحياة الفانية وبين الحياة الأبدية في عالم ما قبل الحداثة.
  2. تحويل الاهتمام من الموت نفسه بوصفه حدثًا كونيًا حتميًا إلى “أسباب” خاصة للموت يمكن تحييدها ومقاومتها بالعلم في عالم الحداثة.
  3. “البروفة المجازية” والتدريب على الموت، فهو لا يعدو أن يكون حدثًا سائلًا وبسيطًا بين أحداث عدة في عالم الحداثة السائلة.

لقد نقلتنا الحداثة من الخوف من الغيب إلى الخوف من الفناء. ولأن الحداثة وعدت بالسعادة الآن وهنا، فقد عدت الفناء مشكلة، فبدأت بمواجهة الفناء بالعلم الذي يلهث وراء ديمومة الوجود الفردي عبر الزمن وإطالة عمره والمحافظة على شبابه والاحتفاظ بذكراه بعد الموت. أما الخوف من الموت المجازي (قطع العلاقات والروابط الإنسانية، وهذا الخوف يصدر عن البشر فحسب) هو خوف من الإقصاء والطرد الحتمي.

مع الحداثة فصلت فكرة الموت عن الاهتمام بالأبدية، فلم يعد الموت يمثل النهاية القاطعة للحياة، بل صار جزأها المتمم، وربما الضروري، فما من نقطة تماس تفصل الموت عن الأبدية، والزمن يتسم بالتفكك والانقطاع والسيلان؛ فليس الموت معبرًا من دار الحياة الزائلة إلى دار الحياة الأبدية، ولا بابًا للخروج من الفناء إلى الخلود، كما في ثقافة ما قبل الحداثة.

ومع ذلك لم تستأصل “الحداثة الصلبة” الخوف من العالم، ولم تخضعه لإرادة البشر. فعلى الرغم من إعلان “الحداثة الصلبة” موت الله على يد “نيتشه” ودحض براهين وجوده على يد “كانط”؛ ما زال الله ملاذًا للخائفين. وعلى الرغم من نمو ممارسة العقلانية على يد ديكارت ومن ثم هيغل وماركس، ونمو ممارسة البيرقراطية على يد ماكس فيبر، ما زال السحر والشعوذة والأسطورة والخرافة تحيط حالة الخوف بهالة غير عقلانية.

وهذا معناه أنّ تجاوز مصطلحات ما قبل الحداثة كالقضاء والقدر والبلاء والابتلاء إلى مصطلحات الحداثة كالإرادة والاستحقاق والمسؤولية والمسائلة قد تحقق، ولكنه بتحققه أنتج خوفًا جديدًا كآثار جانبية لهذا التجاوز بواسطة التغذية الخلفية الراجعة السلبية. وبهذا يتابع “زيغمونت باومن” خطى مدرسة فرانكفورت في نقد الحداثة التي نقدت الاستغلال والظلم والقهر والإقصاء والإبادة والإرهاب والخوف الدائم في كل مكان.

إذًا، هنالك مأزقان للحداثة؛ فمن جهة لم تحقق وعودها بتحرير الإنسان من الخوف، ومن جهة انتقلت من حداثة صلبة إلى حداثة سائلة، وباتت المسؤوليات الملقاة أساسًا على عاتق الدولة – الأمة، ملقاة على عاتق الأفراد أنفسهم. فتوزع الخوف على تفاصيل الحياة اليومية. وباتت مسؤولية الفرد هي مواجهة هذه المخاوف. حتى إن الدولة الحديثة أدارت ما فشلت به لصالحها. وحققت أرباحًا من هذه الإدارة بفضل بيعها أدوات تخدِّر الخوف.

إن هذا الكتاب يحدثنا عن فكفكة شبكات التعاون ومهارات مواجهة الخطر وانتقال الحداثة من تأميم الخوف إلى خصخصته، ولكن “إن الفرق الوحيد والكبير بين نقطة البداية ونقطة النهاية لذلك الدوران الطويل هو أننا الآن نعود من أسفارنا من دون أوهام، ولكن ليس من دون مخاوف”[6].

وهذا معنا أن ضحايا الكوارث وهشاشة كل من الجسد والروابط الإنسانية والحرب، هم تكلفة بشرية لا يمكننا تجنبها للوصول للسلم والأمن، وكذلك ضحايا الإقصاء فهو جزء من الحداثة السائلة لأن النظام الأناني يعمل بطريقة “الأقوى يبقى” وهذا يقوض كل إمكانات التعاون ويضع الشأن الفردي أمام الشأن العام.

خلاصة: ما البديل؟

يستند النقد الأساسي للحداثة في هذا الكتاب إلى نقاط ثلاث:

  1. الدوران؛ بحيث نقضي على أوهامنا ولا نقضي على مخاوفنا، وهذا ما كان يسميه نيتشه “العَود الأبديّ”.
  2. التغذية الخلفية الراجعة السلبية negative feedback.
  3. العولمة السلبيّة.

ولذلك يتسم الكتاب بكثرة الشكوى والتذمر من هذا العالم الذي نعيشه لكثرة الآثار الجانبية الناتجة عن العولمة والعقلانية والبيرقراطية والعلمَانية والفردية والعلم؛ تلك الآثار التي تعزِّز الخوف وتجذره بدلًا من أنْ تقضي عليه وتحجّمه.

أمّا الحل من وجهة نظر الكاتب فهو يتمحور حول أربع نقاط:

  1. العمل لإحداث التوازن بين الحرية والأمن.
  2. استعادة آمال الماضي وإدراجها في جدول أعمال اليوم.
  3. ترويض العولمة السلبية التي تتأرجح بين تجريد الأحرار من أمنهم ومنحهم الأمن في شكل اللاحرية أو تجريد الآمنين من حريتهم.
  4. تجديد العلاقة بين المثقفين والشعب.

أجل، نوافق الكاتب في نقده للحداثة كما نوافقه في شكواه وتذمره منها. ولكننا نختلف مع أطروحة الكاتب عن البديل الممكن والمرتقب. فإذا ما تخلت الحداثة عن وعودها بالأمن والسلم، ونقلت المسؤولية منها إلى الفرد، ثم باعت الفرد أوهام الحماية والأمن، لتتحول بذلك من حداثة صلبة إلى حداثة سائلة تستمر بالسيلان والتدفق بهذا الشكل السائل الذي يأخذ شكل الإناء الموضوع فيه، فإن هذا الواقع يطرح إلى الأذهان بديلًا؛ التغذية الخلفية الراجعة الموجبة ضد السالبة، والعولمة الموجبة ضد السالبة، والدوران مع التقدم (وحدة الدائرة والخط المستقيم) ضد الدوران من دون تقدم، ضد “العَود الأبديَ”.

إن البديل قائمٌ في تفعيل المطلق لا النسبيّ، اللامنتهي لا المنتهي، الكليّ لا الجزئيّ، قائمٌ في رؤية المطلق في النسبي، وفي دعوة المطلق للنسبي وشدّه إليه لا في الفصل بينهما. وهذا يؤسس لدوران إراديّ غير طبيعي لا يعيدنا إلى نقطة البداية إلّا بصورة جديدة لا تكراريّة، يشبه دوران العجلة وتقدم السيارة.

وها هنا أورد بعض الملاحظات على الكتاب:

  1. يرى الكاتب في التغذية الراجعة وكأنها مزية حداثية لا مزية طبيعية، وكأنها مؤامرة تطال البشر وتعيد عليهم مخاوفهم من جديد. وواقع الحال أنها آلية طبيعية كونية.
  2. يتكلم عن الفردية من دون واقعية الفرديّ وراهنيته وفعليته وعلاقته بالجماعة؛ ولذلك يختزل الفردية إلى مجرد الشهرة والوجه والاسم والذكرى عند الجماعة.
  3. إذا كان الأمر مع ممارسة الحداثة، كما يصفه “باومن”، من ازدياد للخوف والخطر، فكيف نفسر تحجيم الحرب والجائحة والكارثة وعدوان الجماعة من دون العلم ومن دون العلمَانية ومن دون الفردية؟ هل تكفي إشارة “باومن” إلى الآثار الجانبية الناجمة عن ممارسة العلم والعلمّانية والفرديّة والبيرقراطيّة للتخلي عن الحداثة الصلبة واعتماد تلك السائلة التي لا مناص فيها من شيء؟ إن على الفلسفة مهمة أن تعرف ما السبب الذي يجعل من الفردوس الأرضي، الآن وهنا، هو الجحيم نفسه غدًا. ولكن على الفلسفة أيضًا ألّا ترى أن الأضرار التابعة لممارسة العقلانية هي السبب الوحيد في تحول الشيء الجيد إلى شيء سيء! فهنالك إرادة بشر ودول تعمل على تحويل العقلانية إلى لا عقلانية.
  4. لدينا بعض الأسئلة الاستنكارية حول الافتراضات الأساسية التي قدمها الكاتب:

هل فعلًا انفصلت السياسة عن السلطة كما يزعم الكاتب؟! فهل مؤسسة الرئاسة الأميركية مثلًا انفصلت عن السلطة التنفيذية المتمثلة بالوزراء؟! وهل الرئيس الفرنسي مثلًا بوادٍ والسلطة والقوة والقدرة بوادٍ آخر؟! وهل فعلًا تقوضت الحدود السيادية بين الدول وألغيت الجمارك وبات مرور الأجساد والأفكار والسلع ورأس المال من دون قيود؟! هل انفصلت قدرتنا على الفعل عما ينبغي فعله؟! ما هذا الذي ينبغي فعله؟!  إن افتراضات الكاتب هنا افتراضات رغبوية لا علاقة لها بالواقع. الذي يتنامى فيه دور المؤسسات السياسية على حساب السُلط التنفيذية، ويتنامى فيه كذلك دور الحدود وسادتها وجماركها وإخضاعها للمراقبة الشديدة وللتفتيش الدقيق.

  1. لدينا مفارقة أساسية في الكتاب تتمثل في أنه لدينا قدرة على الفعل، ولكننا لا نفعل ما ينبغي فعله! فما ينبغي فعله يأتي من أخلاق ما قبل الحداثة بحسب الكاتب، بينما قدرتنا وقوتنا وسلطتنا تأتي من الحداثة السائلة أو من بعد الحداثة. فلماذا يريد الكاتب من أفعالنا ما بعد الحداثية أن ترسِّخ قيم ما قبل الحداثة؟ هذا من جهة، ومن جهة ثانية، ما دامت أفعالنا لا ترتبط بنتائج أفعالنا، والروابط واهنة وعشوائية بين أفعالنا ونتائجها، كما بيّن “باومن”، إذًا، ليس الخوف السائل نتيجة أفعالنا القصديّة بقدر ما هو نتيجة الآثار الجانبية غير القصديّة لأفعالنا أو لممارساتنا العقلانية. وهذا تقويض لإرادة البشر عند إخبارهم أن النتائج تحصيل حاصل فحسب وغير مرتبطة بأفعالهم، كما أنه في الوقت نفسه يدعو لتأخذ الإرادة دورها، وهذا تناقض صارخ.
  2. صحيح أنّ الكاتب من أتباع مدرسة فرانكفورت، ولكنه أضاف نقدًا جديدًا إلى نقدهم للحداثة، وذلك بدراسته للآثار الجانبية لأفعالنا، ونقده للعولمة السلبية، واستعادة رسائل وآمال من سبقوه من مفكرين لراهنيتها، وتبيان أهمية كل هذا في اجتثاث الخوف. وصحيح أنه استعار بأمانة وتوثيق من مفكرين آخرين، ولكنه بنى على أطروحاتهم ووظفها توظيفًا جديدًا وعميقًا في دلالاته.

المصادر

  • باومن. زيغمونت، الخوف السائل، حجّاج أبو جبر (مترجمًا)، هبة رؤوف عزت (تقديم)، ط1، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2017).
  • ــــــــــــــــــــــــــــ، الحداثة السائلة، حجّاج أبو جبر (مترجمًا)، هبة رؤوف عزت (تقديم)، ط1، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2016).

[1]زيغمونت باومن، الخوف السائل، حجّاج أبو جبر (مترجمًا)، هبة رؤوف عزت (تقديم)، ط1، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2017)، ص230.

[2]بتصرف عن: زيغمونت باومن، الحداثة السائلة، حجّاج أبو جبر (مترجمًا)، ط1، (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2016)، ص41-42.

[3]زيغمونت باومن،الخوف السائل، ص24.

[4]المصدر نفسه، ص26.

[5]الخوف السائل، مصدر سابق، ص31.

[6]زيغمونت باومن، الخوف السائل، مصدر سابق، ص132.