تُعدّ المنطقة الشمالية الشرقية من سورية، وخاصة محافظة الحسكة، من بين أبرز الأقاليم الطبيعية النهرية القديمة، وهي الواقعة جغرافيًا بين نهرين كبيرين هما دجلة والفرات، عدا الأنهار الفرعية أو الروافد كالجغجغ وجراحي والخابور، بالإضافة إلى الينابيع والمياه الجوفية والسطحية الغزيرة، وشهرتها بوصفها رافدًا رئيسيًا لعموم سورية في المنتج الزراعي، سواء للاستهلاك المحلي أو التصدير. وكانت غالبية الأراضي الزراعية بعلية وغير مروية حتّى فترة قريبة من الزمن، وتسبب اعتمادها على مياه الأمطار في تقليص مساحة زراعة القطن؛ لاعتمادها وحاجتها الدائمة إلى مياه الآبار، حيث أشارت إحصائيات[1] زراعية، أثناء الانتداب الفرنسي في سورية، إلى أن إنتاج الحسكة مع دير الزور، في عام 1938، من القمح بلغ 2.229.550 قنطارًا متريًا.* وكانت كمية الأراضي الزراعية المزروعة تتناسب طردًا مع عدد السكان وتلبية الاستهلاك المحلي. ثم بدأت زيادة الإنتاج المحلي، لتسهم في تطوير عجلة التحضر والعمران، وتوفير المداخيل الاقتصادية، للتوجه صوب حواضر المدن للدراسة أو التجارة، وشجّع ذلك على نشوء الأسواق، وهي بطبيعة الحال كانت مرتبطة بمواسم الجفاف والقحط التي تكررت كثيرًا خلال العقود الأخيرة، وأسهم توليد الكهرباء عبر مياه السدود، كسد الفرات والطبقة وتشرين غيرها، واستجراره لدعم القطاع الزراعي، في تطوير الدورة الزراعية، والبدء بزراعة القطن بشكل واسع، وهو ما يستدعي أعدادًا كبيرة من اليد العاملة التي تسقي الأرض وتهتم بها، وتقوم بعمليات إزالة النباتات الضارة…. إلخ وصولًا إلى القطاف، وكل ذلك كان بمردود مالي جيد يسهم في الاقتصاديات المحلية الصغيرة.
وككل شيء في سورية، دخلت الزراعة والأرياف في مرحلة أزمات متكررة ومتتالية، بفعل عوامل ذاتية وموضوعية، داخلية وخارجية مركبة، وأصبحت على شكل أزمة بنيوية، كالتوسع المفرط في الزراعة في ظلّ غياب الخطط التنموية والزراعية، وبخاصة القطن والقمح المرويّ، لما لها من أهمية إستراتيجية، وسعر يفوق باقي المزروعات الموسمية. وكانت السياسات الحكومية السورية تهدف، في عمقها وبنيتها، إلى الاستفادة من المحاصيل الإستراتيجية (القمح – القطن)، لكن من دون الاكتراث للأوضاع الاقتصادية للمزارعين والفلاحين، وخاصة أن غياب المشاريع الصناعية، وخطط التنمية المستدامة، دفع الغالبية إلى الاعتماد على الزراعة، لما تشكّله كمصدر وحيد لمسارات التمويل والصرّف، والأساس في الاقتصاديات الناشئة، وكل ذلك يخضع لكمية الأمطار الهاطلة، وللاهتمام الحكومي (الغائب) بدعم ومساندة أساليب الرّي الحديثة، ودعم الزراعة بمادة المازوت والكهرباء، لكن بمبالغ أثقلت كاهل المزارعين.
في كل هذه الممارسات، كانت القرى في الحسكة بشكل عام، والكردية منها بشكل خاص، تتعرض للمزيد من الضغوط والترهل في بناها التحتية، وما يستتبعه من هجرة فظيعة وكبيرة لشبابها، وأحيانًا لعوائل بأكملها، وشكّل ذلك مسًّا بالمسطحات الخضراء، وخللًا في التركيب السكاني، وزيادة الضغط على المدن والمحافظات الصناعية الكبيرة في سورية، أو بعض المدن الرئيسة في الحسكة.
بالمقابل، فإن السياسات التي انتهجتها “الإدارة الذاتية” في المجال الزراعي جعلت الزراعة تتراجع بدرجات مخيفة، بدءًا من عدم ثبات السعر، ومخاوف المجتمع المحلي من الشراء بالعملة السورية في الظروف الراهنة، مقابل بيع الأسمدة والمواد الضرورية للزراعة بالدولار، وصولًا إلى عدّم تمكن المزارعين من زراعة القطن.. إلخ، والتهديد بقطع التيار الكهرباء خلال الفترة المقبلة، بحجة توفير الكهرباء للمدن والأحياء، إضافة إلى تسبب قطع المياه عن سد الفرات بعدّم توفر الكهرباء. وخلال فترة جائحة كورونا، تبين حجم الخلل في التخطيط والتنظيم المفقود لدى “الإدارة الذاتية”، لجهة الاهتمام بالقرى ومستلزمات الاستقرار، التي بقيت خارج اهتمامات المجتمع المحلي كخيار للجوء إليها في فترات الحظر، وتفضيل البقاء في منازلهم والمدن المكتظة بالأهالي، التي عانت من انتشار الفيروس.
سيسعى التقرير لرصد بعض الأوضاع التي عانت منها الزراعة، والإهمال الذي لاقاه الريف، والفروق بين المساحات المزروعة قبل وبعد عام 2011، وكيف كان يمكن للقرى أن تلعب دورًا مهمًا في الحد من انتشار فيروس كورونا. ونظرًا لمختلف الظروف، فإن التقرير سيعتمد على المنهج التحليلي الوصفي، وجلسات مركزة مع بعض المزارعين والفلاحين ومسؤولين في دوائر وهيئات للزراعة في محافظة الحسكة، كأفضل خيار متاح أمام معد التقرير، في ظلّ شحّ المراجع الرصينة حول الأرياف والزراعة في الحسكة، وعدّم وجود مواد أو تقارير توثيقية حول الزراعة في ظلّ “الإدارة الذاتية”.
نسق تاريخي للجفاف والإهمال
ضمن السياق التاريخي للديناميات التي أدت إلى تفاقم الجفاف والهجرة، شهدت منطقة الجزيرة، بمحافظاتها الثلاث، وخاصة الحسكة، تغيرًا على مستوى الهجرة، فبعد أن كانت تعتبر الحسكة مركز استقطاب للعمالة الموسمية الكبيرة من مختلف أنحاء سورية، وبخاصة النظامين الزراعي والرعوي من مختلف المحافظات السورية، أصبحت عاجزة عن الحفاظ على سكانها. ويتحدث جمال باروت، في مؤلفه (التكوين التاريخي الحديث للجزيرة السورية)، عن ثلاث ديناميات أسهمت في الهجرة، وضعف القوة البشرية في الأرياف، وتأثّر الزراعة بذلك.
1. دينامية تذرر الحيازات الصغيرة: ويعيدها باروت إلى حيازات صغيرة للأراضي الزراعية مقابل زيادة التكاثر، وقد شكّل قانون الإصلاح الزراعي الأرضية الخصبة لعدم التوازن بين عدد أفراد العائلة والمدخول الاقتصادي، حيث حُددت الملكية بــ 8 هكتار فقط من الأراضي المروية، وبــ 45 هكتارًا في الأراضي البعلية، وبذلك تحولت الزراعة إلى مصدر دخل ثانوي، بعد أن كانت تتبوأ الصدارة، ما دفع بسكان القرى، وبخاصة الشباب منهم، للبحث عن مصدر دخل جديد، ولم يجد المجتمع المحلي الريفي أفضل من المحافظات الصناعية الكبرى (دمشق وحلب) للجوء إليها، وإلى السكن على أطراف وهوامش المدن.
2. دينامية التصحر: حيث تملح وتصحر الأراضي الزراعية البعيدة عن قنوات الري، وبلغت نسبة الأراضي المالحة قرابة 17 % من الأراضي الزراعية، وبخاصة في منطقتي الخابور والفرات، وقد تسببت السدود التي أقيمت على نهر الخابور بجفاف نبع رأس العين “سري كانيه”، فتضررت مصادر ريّ أراضي المنطقة، ويعود جزء من مشكلة التملح إلى تناقص الموارد المائية في حوض الخابور الذي تسببت سنوات الجفاف بالعجز في منسوبه المائي، حيث بلغ عدد القرى التي عانت من التصحر وهجرة أهلها قرابة 40 قرية في الحسكة وحدها في عام 2006.
3. دينامية القحط: عانت الأرياف وقرى الجزيرة عامة، والحسكة خاصة، في سنوات القحط، هجرات كبيرة لسكانها إلى المدن والمحافظات الكبرى، أو الهجرة إلى الخارج، أو الاستقرار في مراكز المدن الرئيسية في المحافظة مثل القامشلي والحسكة، فشكّلت مساحة الأحياء العشوائية والمخالفات قرابة 74 % من مساحة المدينة؛ لارتباط مصادر الرزق والأموال لأبناء الريف بمعدل النمو الاقتصادي المرتبط أساسًا بالزراعة، وكان ذلك من أكبر وأبرز الهجرات في سنوات 2006 – 2009، وقد سُمّيت بالهجرات الأكثر درامية في نمط العلاقات التاريخية بين القحط والهجرة، وبخاصة أصحاب الأراضي البعلية التي تسببت سياسات الإهمال والجفاف بقطع العلاقة بين الأهالي وقراهم.[2]
عانت سورية عمومًا، والحسكة خصوصًا، منذ عام*2006، أربع سنوات متتالية من الجفاف، وكان أكثرها تدميرًا جفاف عام 2007 – 2008. وكانت الخسائر الناجمة عن سنوات الجفاف هذه قاسية بشكل خاص على سكان المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد، وبخاصة في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، إذ أثّرت على 1,3 مليون إنسان، يقطن 95 % منهم في هذه المحافظات، وعانى حوالي 800,000 منهم معاناة شديدة. وكان أكثر من عانى هم المزارعون الصغار الذين تفاقمت حالتهم، عام 2010، بسبب مرض “الصداء الأصفر” الذي أصاب إنتاج القمح، والرعاة الصغار الذين فقد كثير منهم حوالي 80 – 85 % من مواشيهم منذ عام 2005. بسبب سنوات الجفاف المتتالية، هاجرت العديد من العائلات إلى المناطق الحضرية على أمل الحصول على وظائف موسمية أو دائمة، وتتحدث التقديرات المتداولة عن أنه في عام 2009، هاجرت ما بين 29 و30 ألف عائلة، وأن الأعداد في عام 2010 قد تكون أعلى من ذلك، أي ما يقارب 50,000 عائلة. ومعظم من هاجر من المناطق المنكوبة بالجفاف هم من المزارعين الصغار من منطقة الحسكة، والنتيجة هي أن أراضي العائلات هذه بقيت مهملة، ولم تُستثمر بالشكل المطلوب.
إهمال الريف، واهتمام حكومي بالمحاصيل الإستراتيجية
وتُشاهد عشرات البيوت المهجورة في أغلب قرى محافظة الحسكة؛ كنتيجة لعاملين: أولهما موجات الجفاف المتتالية التي ضربت المنطقة، ولم تهتم الحكومة السورية بالقرى وبناها التحتية، ما أدى إلى تقليص في المساحات الخضراء والزراعة، وبخاصة البعل منها؛ وثانيهما الهجرات الجماعية منذ بداية التظاهرات والأحداث في سورية في عام 2011، وإن قسمًا ليس بالقليل من قاطني المدن لم يُفكروا في إعادة ترميم منزل ريفي، ولو بالحد الأدنى، لكي يلجؤوا إليه في أوقات الشدة، سواء في فترة تتالي الاشتباكات في المنطقة الكُردية، أو في جائحة كورونا”، حيث أكد الخبير والأستاذ الجامعي في الهندسة الزراعية (ياسين ياسين)، وهو اسم مستعار بسبب وجوده على رأس عمله، أن “معاناة الأرياف استمرت من غياب الاهتمام وعدم توفير شروط الاستقرار، بعد تعرض المنطقة لموجات جفاف متتالية. وعلى مدى عقدٍ كامل، قبل عام 2011، لم تهتم الحكومة السورية إلا بالحواضن الريفية الموالية لها، وتحديدًا القرى العربية، حتى هذا الدعم اقتصر على ما يدر من فوائد لخزينة الدولة مباشرة، من دون أي اهتمام بالاستقرار المستدام في تلك القرى”، وأوضح الخبير أسباب استفادة قرى كردية معينة من تلك الخطط، بالقول: “إن صادف وجود عدد من القرى الكردية المستفيدة من برامج الإنماء الزراعي، أو الإغاثة أو مواجهة الفقر والجفاف، فهي كانت ضئيلة جدًا، وذلك لتجميل الصورة أمام المنظمات الدولية، وبسبب تماسها مع القرى العربية، ووقوعها ضمن خط السير المرسوم مسبقًا لعمل تلك المنظمات، وكانت الحكومة السورية تشرف على الترسيم، وتم استثناء المثقفين والمعارضين الكرد من تلك المساعدات”.
ويبدو أن المشكلة لم تُحلّ حتّى بعد سيطرة “الإدارة الذاتية” على القرى الكردية؛ “ففي العام الماضي والحالي، قامت منظمات مختصة بالزراعة بتمويل الأراضي الزراعية في المناطق والقرى الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، في حين أن القرى الكردية والعربية الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية بقيت دون اهتمام وتمويل؛ بسبب تعاطي تلك المنظمات مع الحكومة السورية فقط، وشمل الدعم تمويل المشروع الزراعي بالكامل بدءًا من البذار حتى الحصاد، من دون أن يترتب على صاحب الأرض تكاليف أو تعويض لاحق، في مقابل غياب الدعم المجاني للأراضي الزراعية في ظلّ موجة الجفاف والغلاء”.
ووفقًا لجلسات مركزة مع بعض المزارعين، “فإنه في الأعوام التي سبقت بداية الأحداث في سورية في2011 ، كانت دمشق تغطي وتدعم حاجة المحاصيل الزراعية؛ لأنها تستفاد منها كوارد مالي، سواء للميزانية أم للاستفادة من العملة الصعبة أثناء بيع وتصدير المحصول، فتدعم تلك المحاصيل بأدوية وسماد ومبيدات، وبخاصة القطن وما يحتاجه من رعاية ومتابعة، وتوفير الكهرباء والمازوت لتوليد مياه الرّي، وتخصيص مبلغ مالي ممتاز له لشرائه من المزارعين”، والأكثر أهمية، وهو الذي ركّز عليه المزارعون والفلاحون، كان “لجوء الحكومة السورية إلى تشغيل معمل الغزل والنسيج ومحلج القطن في الحسكة، والاستفادة من القطن في صناعة الملابس القطنية والخيوط وغيرها، وهو ما لم تنجح فيه “الإدارة الذاتية” بالسوية ذاتها حتّى الآن، مع إهمال الريف، من حيث الخدمات المطلوبة، أو المشاريع الصغيرة، كتربية الأبقار أو الدواجن وغيرها”.
الحسكة عصب معيشة سورية ودعم اقتصادي محدود من “الإدارة الذاتية” خاصة لزراعة القطن
يُعدّ القطن من أهم المحاصيل الزراعية على مستوى العالم كله، وهو يلعب دورًا كبيرًا في عالم الأسهم والبورصة، ويُطلَق عليه اسم “الذهب الأبيض”، والمحصول الإستراتيجي المهم، ولا يقل في أهميته الاقتصادية والنفعية عن أهمية البترول أو الغاز. ويحمل القطن تاريخًا مهمًا جدًا، وأحد العوامل التي قامت عليها صناعة الغزل والنسيج، وجعلته واحدًا من أهم مصادر المواد الخام التي تقوم عليها صناعة الأقمشة والمنسوجات، وصناعة الزيوت المستخرجة من بذوره، فضلًا عن إسهام القطن في المدخولات الاقتصادية، وتوفير العملة الأجنبية عبر بيعه وتصديره، ويوفر فرص عمل كبيرة في المحالج والتسويق ومصانع القطنيات، فيعتبر أحد أهم الدعائم الاقتصادية الموجدة في العالم، لذلك يقول عنه المزارعون إنه محصول زراعي وصناعي في وقت واحد.
وكنتيجة لعدم الاستقرار الأمني، وتغير القوة المسيطرة ميدانيًا بين الحين والآخر، حتّى قبيل تقاسم النفوذ ومناطق السيطرة بين “قسد” و”القوات الحكومية السورية” في محافظة الحسكة، وخروج منطقة رأس العين من سيطرة “الإدارة الذاتية”، ما عاد بالإمكان التقدير الدقيق للمساحات القابلة للزراعة في الحسكة، التي كانت تُقدّر قبل عام 2011 بــ 1.578.000 هكتارًا، أيّ قرابة 67,21 % من مساحة المحافظة، وتعرضت للضرر البليغ نتيجة موجات الجفاف، وشحّ الأمطار، والانقطاع المتكرر للكهرباء، وقلة توفر مادة المازوت، ما أثر في استثمار مساحات كبيرة للزراعة، والاستعاضة عن المشاريع الزراعية الإستراتيجية بزراعة أنواع موسمية لا تحمل الأهمية الاقتصادية نفسها مقارنة بالقطن والقمح.
ويؤكد المزارعون أنه في الوقت الذي كانت المداخيل الاقتصادية لمحافظة الحسكة تشكل نسبة مرتفعة وأساسية في ميزانية الدولة السورية، وكان قطاع الزراعة -بما يخدم السياسات النفعية بالمداخيل الاقتصادية الخاصة للحكومة السورية- يأخذ حيزًا مميزًا من الاهتمام، مقارنة بالوضع الزراعي في ظلّ “الإدارة الذاتية”، فإن المفارقة تكمن، وفق الأكاديمي الزراعي، في “أن المداخيل المالية من موارد الطاقة والمعابر والضرائب والأقاليم الاقتصادية بيد “الإدارة الذاتية” فقط، مع ذلك لا يحصل المزارعون على الخدمات المطلوبة، وبخاصة في إطار تأمين مستلزمات زراعة القطن”. وأشار إلى أن المحافظة تضررت كثيرًا لعدم زراعة القطن (جدول رقم 1)، “بسبب عدم توفر الكهرباء أو المازوت بشكل دائم وبسعر مناسب، لتشغيل آبار المياه المنتشرة بكثافة، فضلًا عن فقدان أبرز المواد والأسمدة والمبيدات الحشرية والكيمياوية التي تحمي شتلة القطن”، إضافة إلى “أن تناوب الزراعة ما بين القمح والقطن يوفر سيولة مالية ضخمة بيد المزارعين والفلاحين، وينعكس إيجابًا على الوضع العام”.
وعلى اعتبار أن القطن والقمح من المحاصيل الإستراتيجية، فإن ثبات سعرها بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي والمعيشي، يسهم في ديمومة زراعتهما، ويخلق فوائد لعموم القطاع الزراعي مثل “إتمام الدورة الزراعية، بما يُريح التربة والأرض، ويمنحها وفرة في الإنتاج، فضلًا عن أن الوارد المادي لزراعة بضع دونمات من القطن يفوق راتب الموظف الحكومي/ “الإدارة الذاتية” لأكثر من عام، وتتراوح معدلات الرواتب التي تمنحها “الإدارة الذاتية” للموظفين بين 200 و350 ألف ليرة سورية (بين 60 و100 دولار أمريكي تقريبًا)، بينما تصل رواتب مقاتلي “قسد” إلى نحو 500 ألف ليرة سورية، في حين رواتب موظفي الحكومة السورية أقل من ذلك بقرابة 40 % وفق ما رصده التقرير. ولو تم الاهتمام بالزراعة وتنشيطها، لكان ذلك كفيلًا بلعب دور كبير في تخفيف الأعباء والنفقات من الكتلة المالية المخصصة للموظفين والعمال في “الإدارة الذاتية”.
ووفقًا للأكاديمي الزراعي المطلع على الإحصائيات المقدمة من قبل هيئات زراعية تابعة للحكومة السورية، حول حجم المساحات الزراعية المزروعة بمختلف الأصناف، فإن “محافظة الحسكة كانت تعتبر عصب الإنتاج الزراعي لسورية (راجع الجدول رقم2) والتصدير، وكانت تشكل المحاصيل الزراعية أسس معيشة الغالبية العظمى من المجتمع المحلي، وبخاصة أن حركة الأسواق اعتمدت على واردات المحاصيل الزراعية، في ظلّ غياب المشاريع الاقتصادية والصناعية، وضعف حركة التجارة، مقارنة بالإقبال على الزراعة”.
ووفق معلومات من هيئات مختصة بالزراعة لدى الحكومة السورية في محافظة الحسكة، فقد “اقتصر توزع زراعة القطن لهذا العام بالقرب من سدّ الباسل في جنوب الحسكة، والقرى الحدودية على نهر دجلة وكميات قليلة جدًا في تربسبي/ القحطانية. وأكبر المساحات المزروعة في محافظة الحسكة كانت في أبو راسين، وبلغت 2200 هكتار، ومساحات قليلة جدًا في الدرباسية”.
جدول رقم (1)
الموسم الزراعي | كمية القطن المزروعة | المساحة المسموح بها |
2016/2017 | 4400 | 16600 |
2018/2019 | 3882 | 16600 |
2020/2021 | 4679 | 16779 |
الجدول رقم (2)
الموسم الزراعي | القمح المروي | المساحة المخصصة للزراعة | القمح البعل | المساحة المخصصة للزراعة | الشعير المروي | مساحة مخصصة للزراعة | شعير بعل | مساحة مخصصة للزراعة | |
2016/2017 | 102500 | 298367 | 340000 | 426228 | 13500 | 24332 | 40030 | 33353 | |
2018/2019 | 92000 | 298367 | 320000 | 426228 | 17632 | 24332 | 42720 | 33353 | |
2020/2021 | 125200 | 301298 | 389000 | 426628 | 20000 | 24332 | 24500 | 33353 |
ماذا قالت “الإدارة الذاتية” حول الموضوع
ووفقًا لمصادر خاصة ضمن الهيئات الاقتصادية والزراعية للإدارة الذاتية، فضّلت عدّم الكشف عن اسمها، فإنهم “يدعمون ويشجعون الفلاحين والمزارعين لزراعة القطن، ويقدمون بذار القطن والمحروقات بالسعر المدعوم، وأيضًا الأسمدة المستوردة من الخارج بالعملة الصعبة بسعر التكلفة”، وأضاف المصدر أن “معمل الغزل والنسيج، ومحلج القطن، جاهزان، وتم وضعهما في الخدمة لاستلام مادة القطن لحلجها واستثمار المعمل، ودعم معمل الزيت ببذور القطن لاستخراج الزيت وبيعها للأسواق المحلية بسعر منافس”، ولم يخف المصدر حجم الصعوبات والتحديات أمام تطوير القطاع الزراعي، وبخاصة “عدم وجود مخابر بحوث علمية، وكوادر مدربة، لاستنباط أصناف جديدة، لذا تلجأ مديريات الزراعة لوضع خطط زراعية تتناسب مع منطق الاستقرار الزراعي”. كما أعاد المصدر الأسباب الرئيسية لعدم تطوير القطاع الزراعي، وبقائه دون مستوى الطموح للمزارعين وعموم أبناء المحافظة، إلى “عدم وجود معابر رسمية، واستيراد جميع المواد عن طريق السماسرة والتجار، وذلك لعدم اعتراف رسمي ب”الإدارة الذاتية”، وخفض منسوب مياه نهر الفرات من قبل الدولة التركية”، إضافة إلى “خروج كثير من العنفات والمولدات الكهربائية عن العمل، ما تسبب بشكل كبير في انقطاع الكهرباء”. وبحسب إحصائيات “الإدارة الذاتية”، “بلغت المساحة المزروعة بالقطن لهذا العام قرابة 9000 هكتار موزعة على مختلف مناطق محافظة الحسكة”. لكن المزارعين يستمرون بالتذمر والشكوى من “سوء الأسمدة والبذار المقدم، وفقدانهم المبيدات الأجنبية المعتمدة”.
في حين أوردت جريدة الفرات [3] الحكومية، في عددها 4508، خبرًا بتاريخ 22 شباط/ فبراير 2021، “انتهى محلج محافظة الحسكة تسويق نحو 62 ألف و 600 طن قطن لمحالج محافظة حماه…. عن طريق ناقل قام بشراﺀ القطن من الفلاحين في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور… ويقتصر دورهم عمل عناصر المحلج على تزويد الناقل بكتاب كون القطن من هذه المحافظات مع لجنة من مديرية الزراعة … وتعتبر الحكومة السورية أن المحلج خارج الخدمة”؛ بسبب سيطرة “الإدارة الذاتية” عليه.
وخرج المحلج عن العمل منذ 2014 بعد تعرضه لأعمال تخريبية نتيجة الاشتباكات بين أكثر من طرف، وتقول “الإدارة الذاتية” إنها لجأت إلى الترميم وإعادة التشغيل منذ 2018.
قطع الكهرباء وعدّم توفر المازوت
لجأت “الإدارة الذاتية” في الموسم السابق والحالي بتبليغ المزارعين بأن قطع الكهرباء عن المحاصيل الزراعية المعتمدة على الرّي عبر “الغطاسات” المعتمدة على التيار الكهربائي لتوليد المياه، وبالأساس لا يتوفر المازوت الكافي، أو يكون من النوع الرديء والسيئ جدًا، ما يتسبب بأعطال دائمة لمولدات المياه، ويحمّل المزارعين أعباء مالية إضافية. ووفق مصادر، فإن المشاريع الزراعية التي لم تُقطع عنها الكهرباء بعد، مُنحت مهلة لإنهاء الموسم الصيفي (خضار، قطن، جبس.. إلخ)، وسيعمدون إلى قطع الكهرباء عنها أيضًا. في حين أن مطلعين ضمن “الإدارة الذاتية” برروا الموضوع بأنه “بعد انحسار منسوب مياه الفرات، والأعطال المستمرة في العنفات، فإن مناطق كبيرة تبقى من دون كهرباء، أو لا تحصل سوى على ساعة أو ساعتين في اليوم، وأن الخطة تتضمن قطع الكهرباء حاليًا عن الأراضي الزراعية، لتوزيعها على الأحياء والمدن، ومع بداية الموسم الزراعي سيتم تأمين مادة المازوت الجيد وبكميات وأسعار تشجيعية”، في حين أن الأهالي رفضوا تلك الرواية مؤكدين على أن الهدف الأساسي هو “إلزام المزارعين بشراء مولدات خاصة لتشغيل آبار المياه، عوضًا عن الاعتماد على الكهرباء، وهو ما يكلف قرابة 10.000$ إلى 20.000$ أو أكثر، بحسب استطاعة وضخ المياه، أو شراء ألواح توليد الطاقة الشمسية، التي تكلف قرابة 20.000 إلى30.000$ أيضًا، بحسب قوة “الغطاسات”، وبذلك فإن الهدف كله هو بيع تلك المعدات، وبخاصة بعد إغراق البلد بكميات كبيرة منها”، ويضيف من التقى بهم مُعدّ التقرير: “لدينا قرى في جنوب القامشلي وجنوب شرقها، قاموا باستجرار الكهرباء بطرق غير نظامية، وبل حتّى النظامية منها، لن تتمكن “الإدارة الذاتية” من الاقتراب منهم، ولن تلغي اشتراكاتهم، لأنها لا ترغب بتأليب العرب ضدها، والأفضل لها أن تبحث عن شراء عنفات، أو تأمين قطع غيار لها، عوضًا عن إجبار الشعب على دفع فواتير سياساتها”.
مشكلات مركبة للإهمال الزراعي وتحميل “الإدارة الذاتية” السبب
يبدي المزارعون والفلاحون والقرويون الذين تم الحديث إليهم انزعاجهم وعدّم رضاهم بسبب ما وصفوه بإهمال القطاع الزراعي، “في كل عام تدخل المكاتب والجهات التابعة للإدارة الذاتية والمختصة بالزراعة في اجتماعات، وتشكيل لجان، وانبثاق لجان عن أخرى، لتحديد سعر شراء مادة القمح. علمًا أن القضية لا تتحمل كل هذه التفصيلات المملة، فيكفي شراء كيلو غرام واحد من مادة القمح بنصف دولار ليكون القبول عامًا، وبخاصة أن التدهور الذي أصاب قطاع الزراعة أطاح بغالبية مشاريع وأحلام من تبقى في المنطقة”.
كما أن عدّم الاهتمام الكافي بالمحاصيل الإستراتيجية، وفقًا للمزارعين، خلق مشكلة “اللجوء إلى زراعة المحاصيل البديلة من بقوليات (جدول رقم 3) وغيرها، وهي محاصيل غير آمنة لجهة عدم استقرار السعر الذي يخضع للعرض والطلب، بعكس مادتي القمح والقطن الذين يستمر سعرهما العالمي بالارتفاع”. ووفقًا لخبير في الثروة الحيوانية، فإن مشكلة الزراعة أثرت على الثروة الحيوانية”، حيث تعرّضُ المساحات المزروعة للانحسار عمّق من فقدان الكلأ والعلف، ما أثر على سعر مبيع اللحوم الذي يخضع لسعر شراء العلف”. ويضيف أن إهمال الثروة الحيوانية مردّه لمحورين، “الأول فشل التحكم بقوة الثروة الحيوانية وتراجعها بشكل كبير من قبل مؤسسات “الإدارة الذاتية”، وبخاصة الزراعة والتجارة، من خلال التصدير الجائر والتهريب، والثاني سياسة المنظمات الدولية في تنمية الثروة الحيوانية من خلال استخدام لقاحات غير معتمدة ومضمونة، ما سبب انتشار الأمراض وتوزيع الأغنام كمعونات، فانتشرت وانتقلت الأمراض” وفقًا للمصدر. وأكّد على تناقص أعداد رؤوس الثروة الحيوانية التي كانت تبلغ في محافظة الحسكة قبل الأزمة “مليون و400 ألف رأس غنم، فيما لا يتجاوز العدد 300 ألف هذا العام”. وسبق أن أرسلت منظمة محلية تُعنى بشؤون الثروة الحيوانية كتابًا إلى مكتب الشؤون الإنسانية في “الإدارة الذاتية” لإقليم الجزيرة، مضمونه أن بعض المنظمات يقومون بتوزيع لقاحات غير معتمدة، وهو يضرّ بالثروة الحيوانية، وفقًا للمنظمة.
وفي تحليل المشكلتين -الزراعة والرعي- فإن نسب البطالة والفقر والجوع ترتفع لمعدلات مخيفة؛ نتيجة اعتماد المجتمعات المحلية على الزراعة والرعي، وهي لا تتلقى أي اهتمام أو رعاية كافية بالشكل الذي يسهم في توفير سيولة بيد الأهالي، وتمكينهم من افتتاح مشاريع صغيرة أو متوسطة. وشهد الموسم الزراعي المنصرم ضررًا فادحًا نتيجة قلة في الهطولات المطرية، حيث تتضافر الظروف المناخية والمعيشية في محاصرة الفلاح والمزارع، وبما ينعكس أثره سلبًا على عموم المنطقة، وتجريد القرى والأرياف من بعض وظائفها التقليدية كحواضن للمجتمعات الفارة من جحيم الفقر أو الحرب، أو الاستقرار فيها وتنمية المجتمع زراعيًا، والإسهام في رفد الميزانية والتخفيف من الازدحام…. إلخ.
جدول رقم (3) وفق وحدة قياس الهكتار
الموسم الراعي | عدس مروي | عدس بعل | كزبرة | كمون | حبة بركة |
2016/2017 | 350000 | 6350 | 9800 | 59250 | 2350 |
2018/2019 | 1800 | 50000 | 4650 | 23050 | 1675 |
2020/2021 | 37100 | 37100 | 16200 | 11550 | 3700 |
ويُلاحظ حجم الخلل وعدّم الاتزان والثبات في زراعة هذا النوع من المحاصيل، حيث الانخفاض والزيادة في كمية المساحات المزروعة، وفقًا لسعر السوق أو الظروف المتغيرة المحيطة بالأرض الزراعية من مياه وعدم الرغبة في زراعة القمح بسبب ارتفاع مصاريفه والمخاوف من انخفاض سعر شراءه من قبل “الإدارة الذاتية”.
الرابط بين تخديم الأرياف وكوفيد 19
بدا سكان المُدن الكُردية في سورية فاقدين القدرة والإمكانية للجوء إلى قراهم كملاذ وملجأ، وكخياراتٍ بديلة عن المكوث في منازلهم، خلال فترات الحظر الكلي أو الجزئي لعدة مرات، الذي فرضته “الإدارة الذاتية” كإجراء وقائي في مواجهة تفشي جائحة كورونا. فبقيت المدن وبيوتها سُكنى لأهلها الذين لم يجدوا مكانًا يأوون إليه؛ نتيجة لضعف بنية الأرياف وفقدانها الخدمات والبنية التحتية المطلوبة للسكن والاستقرار سواء الدائم أم المؤقت. ومع الأضرار الفادحة التي تعرضت لها المحاصيل الزراعية المختلفة، فإن تمازج هشّاشة الخدمات في الأرياف، وضعف المردود الزراعي، تسببا بإبعاد فكرة المكوث أو اللجوء إلى الأرياف في فترات الاضطرابات والأزمات المختلفة التي عصفت بالمنطقة الكردية في سورية.
العلاقة بين تطور الخدمات في الأرياف ومواجهة جائحة كورونا علاقة طردية تنمو وفق المقاييس المتوفرة للاستقرار في الأرياف، بما تشكله العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وكون الأخيرة الملاذ الآمن للأول، إذ إن بيوت القرى رحبةٌ بأفنيتها الواسعة، وتجعل من التباعد الاجتماعي أمرًا سهلًا ويسيرًا، وهي ملاذ أكثر حيوية من منازلهم في المدن، وتتوفر فيها إمكانية الحركة المرحة للأطفال ونشاطهم الدائم حيث المساحات الواسعة، وكذلك يسر المعيشة في ظلّ انخفاض التكاليف ورخص المعيشة فيها مقارنة بالمدينة، وإمكانية الاستفادة من منتجات الزراعة من خضراوات ومنتوجات الحيوانات من لحوم وألبان، وصناعة الخبز وغيرها.. كل ذلك يخفف من الاختلاط على المراكز أو الأماكن التي يضطر الأهالي إلى اللجوء إليها لاقتناء حاجاتهم اليومية. يقول محمد سليم من قرى عامودا: “إن تزويد القرى بالكهرباء والخدمات اللازمة لمياه الرّي، والاهتمام بالزراعة والثروة الحيوانية، من شأنه لجوء الأهالي إلى قراهم في فترة الحظر، بما سيخلف من نتائج إيجابية على صعيد تخفيف الازدحام، والاعتماد على الموارد الذاتية في المعيشة الممكن توافرها في القرى والأراضي الزراعية”. وهو ما أكده أيضًا التاجر جواد علي من أهالي القامشلي: “لو تم الاهتمام بالقرى، واستثمار المساحات الزراعية لزراعة الخضار وتربية الأغنام، لكان بإمكان المنطقة أن تعتمد على المنتوج المحلي، والاستغناء عن أكثر مناطق انتقال الفايروس، عبر المعابر، وإمكانية الاستفادة من الأفران المنزلية، التنور وغيرها”.
الخاتمة والمقترحات
تُعتبر القرى والأرياف مركز الثقل للتراث الإنساني، ومركزًا تاريخيًا لنقل الفلكلور والأغاني والحكايات القديمة إلى الأجيال اللاحقة، فحافظت بذلك على نسق الارتباط بين الماضي والحاضر، وبخاصة أن أغلب الحضارات قامت عل ضفاف الأنهار والمناطق الخضراء والزراعة التي شكلت ممهدات لبناء دور السكن في القرى، وبقيت القرى محتفظة بدورها وثقلها الوازن في خلق دور مهم في الاقتصاد والعسكرة والسياسية، فهي كانت ملجأ أغلب السياسيين المطلوبين، وأسهمت اقتصاديات الأرياف في دعم الميزانية العامة للدولة، دون نسيان انخراط أعداد ضخمة من شباب القرى في التشكيلات العسكرية على اختلاف مسمياتها. وإن الأرياف تعتبر الأساس في رفد المجتمعات وحواضر المدن بالقوة البشرية العاملة، وبأعداد ضخمة من طلبة المدارس والجامعات، والاهتمام بها يخفف من الضغط السكاني، ويحدّ من الهجرة من الريف إلى المدنية. لذلك، فإن إيلاء الأهمية المخطط لها للأرياف، ودعم قاطنيها، يسهم في خلق انسجام قاطني تلك القرى مع مناطق سكنهم، ويساعد على الحد من الهجرة، ويوفر فرص العمل التي تخفف العبء عن كاهل أيّ نظام سياسي. وإن إهمال القطاع الزراعي يُعتبر ضربة في صميم وصُلب حياة المجتمع المحلي.
توصيات
- توفير مادة المازوت والتيار الكهرباء بشكل دائم للمشاريع الزراعية في القرى، وإبعاد الزراعة عن المتاجرات والتجارة بأرزاق ومصير الأهالي.
- عدّم المساس بالمشاريع الزراعية، واعتبارها من مصادر الدخل القومي، وحمايتها، لأن التلاعب بمصير الزراعة، سيعني فقدان مادة الطحين ثم الخبز، وبذلك فإن أبرز مصادر ميزانية ومداخيل “الإدارة الذاتية” والمجتمعات المحلية هي الزراعة، وحمايتها هو حماية الأمن الغذائي والمجتمعي.
- منح القروض طويلة الأجل ومن دون فوائد للمزارعين والفلاحين.
- تثبيت حد أدنى لشراء كيلو الغرام من مادة القمح، على أن يكون قابلًا للارتفاع، وغير مسموح بالانخفاض.
- توفير كافة مستلزمات زراعة القطن، وتشغيل معمل الغزل والنسيج والمحلج، ما سيوفر فرص عمل كبيرة، ويؤمن مداخيل اقتصادية مميزة للمجتمع المحلي.
- إبعاد الأشخاص المتسببين في فشل المشروع والقطاع الزراعي.
- منح البذار مجانًا للموسم الزراعي الحالي، فبعد موجة الجفاف، والأضرار البالغة التي لحقت بالمشاريع الزراعية، فإن الغالبية العظمى لم تتمكن من تأمين بذار الموسم المقبل.
- دعم البنية التحتية للقرى والأرياف، وتخديمها بما يشجع على الاستقرار أو اللجوء إليها حين الضرورة واللزوم.
- مساواة الدعم المختلف بين المساحات الزراعية للقرى العربية والكردية، وبخاصة من حيث نوعية البذار وساعات توفير الكهرباء.
ملاحظة: اقتصرت الإحصائيات على المواسم الزراعية لأعوام 2016 و2021 بسبب غياب إحصائيات بقية المواسم، ومنها ما أُتلف أو فُقد لأسباب مختلفة، وفقًا لبعض المصادر التي تحدثت للتقرير.
الفروقات في المساحات الزراعية للجدول رقم (1)

الفروقات في المساحات الزراعية للجدول رقم (2)

وحدة القياس هي الهكتار… تضارب كمية وحجم المساحات المزروعة بمادتي القمح والشعير يعود في جذره الأساس إلى حالة عدم الاستقرار الأمني في البداية، وقلة الأمطار وعدّم توفر مستلزمات ضخ مياه الآبار، ومخاوف الأهالي من عدّم الاستقرار.
[1]-المجموعة الاقتصادية لغرفة تجارة حلب، العدد27، 1939-1939، ص125.
*– كل 1 قنطار = 100 كيلوغرام.
[2] باروت، محمد جمال، التكوين التاريخي الحديث للجزيرة السورية أسئلة وإشكاليات التحول من البدونة إلى العمران الحضري، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، قطر، ط1، 2013، ص 844-850.
* وفق تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2003-2004، بقي 2,02 مليون نسمة يعيشون في مستوى من الفقر الشديد في البلاد، ويواجهون انعدام الأمن الغذائي. ونتيجة للجفاف الطاغي في الفترة الأخيرة، تقدر الأرقام بما يتراوح ما بين 2 و3 مليون نسمة.. من الإحاطة التي قدمها السيد أوليفييه دشوتر، المقرر الخاص لدى الأمم المتحدة حول الحق في الغذاء أثناء زيارة الجمهورية السورية من 29 آب إلى 7 أيلول 2010.