في أعقاب تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، في بدايات عام 2020، ومقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني؛ تحدثت بعض المصادر الإعلامية الروسية بأن روسيا قدّمت تقنيات عسكرية لإيران، من شأنها أن تساعدها في تحديد وتعقب الطائرات الأميركية والإسرائيلية الشبحية والأسرع من الصوت.
وذكرت وكالة الأنباء الروسية الحكومية (تاس)، نقلًا عن مسؤول عسكري روسي، أن نظام رادار روسيًا يسمى ريزونانس، بِيع لإيران، وأن هذا النظام الراداري نجح في تحديد وتعقب مقاتلات أميركية من طراز إف -35، في كانون الثاني/ يناير، بالقرب من الحدود مع إيران. وزعم المسؤول الروسي ألكسندر ستوتشيلين، نائب مدير معهد أبحاث “ريزونانس” الذي تحدث إلى (تاس) في قمة التكنولوجيا العسكرية الدولية لعام 2020 للجيش الروسي، أن إيران قامت، خلال الأحداث الشهيرة الأولى لهذا العام (قضية اغتيال قاسم سليماني)، بتعقب وتحديد طائرات مقاتلة أميركية متقدمة للغاية من الجيل الخامس، تُعرف باسم “مقاتلات الهجوم المشترك GSUFs”.
لكن ما هو النظام الراداري ريزونانس؟ وفي ظل التوترات الإقليمية في المنطقة، واستمرار الاستهداف الأميركي والإسرائيلي للأهداف الإيرانية في المنطقة، خاصة في سورية، هل سيُسهم هذا النظام الراداري الحديث في تقديم إنذار مبكر للميليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة، أو هل سيسهم في تقديم معلومات دقيقة عن طلعات جوية يمكن أن تستهدف مستقبلًا العمق الإيراني؟!
ما النظام الراداري ريزونانس، وهل تمتلك إيران هذه المنظومة:
النظام الراداري ريزونانس هو نظام رادار عالي التردد مصمم لتوفير تحذير سريع من اقتراب الطائرات وصواريخ كروز الشبحية. ويتكون من أربع حاويات هوائية بدرجة تسعين درجة، تعمل بشكل مستقل عن بعضها البعض، ويبلغ المدى الأقصى للنظام الراداري ريزونانس 1100 كم، ويمكنه تتبع ما يصل إلى خمسمئة هدف. وفي الوقت الحالي، تلقت ثلاث دول، هي الجزائر ومصر وإيران، أنظمة ريزونانس للإنذار المكبر.ويعرف هذا الرادار في إيران باسم منظومة “قدير” التي تزعم القوات الجوفضائية في الحرس الثوري أنها صنعتها وصممتها، حيث ظهرت لأول مرة في حزيران/ يونيو 2014، في مدينة كرمسار الواقعة جنوب شرق العاصمة طهران، وفي وقت لاحق في تموز/ يوليو 2015، دشنت إيران هذه المنظومة في قاعدة للدفاع الجوي بالقرب من مدينة الأحواز، بحضور قائد الدفاع الجوي الإيراني، آنذاك، العميد فرزاد إسماعيلي.
وبحسب أحدث التقارير، فإن هذا النظام الراداري للكشف المبكر نشطٌ في المجال الجوي الإيراني، على الأقل منذ العام الماضي، وهذا يشير إلى أن إيران قد تكون عمدت إلى إرسال مثل هذه الأنظمة إلى سورية أو العراق، لتوفير نوع من الإنذار المبكر لميليشياتها المنتشرة هناك، وذلك في ظل رداءة وعجز الأنظمة الرادارية وأنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
تفنيد الادعاءات الروسية:
بدايةً، إن تصريحات المسؤولين ووسائل الإعلام الروسية، حول قدرات النظام الراداري ريزونانس، تتناقض تمامًا مع المعلومات التي تشير إلى وجود ضعف فني في النظام الراداري الإيراني، وخطأ منهجي في نظام تحديد العدو من الصديق، وفي أنظمة الدفاع الجوي لقوات الحرس الثوري بشكل عام، خاصة مع وجود تاريخ حافل من الأخطاء الفادحة للقوات الجوية في الحرس الثوري، التي أودت على مدار السنوات الماضية بحياة العديد من المدنيين والعسكريين، على حد سواء.
- – في أحدث حالة، أسقطت أنظمة الدفاع الجوي الإيراني طائرة الركاب الأوكرانية، في 8 كانون الثاني/ يناير 2020، وأدى سقوطها إلى مقتل جميع ركاب الطائرة وعددهم 176 راكبًا.
- – وفي الأيام الأخيرة من آب/ أغسطس الماضي، أشارت تقارير إعلامية إلى أن طائرات أميركية من طراز F-35 دخلت الأجواء الإيرانية أكثر من ربع ساعة، حيث كسرت هذه الطائرات حاجز الصوت فوق مطار طهران الدولي، قبل أن تعود إلى قاعدة أميركية في أفغانستان.
- – وفي وقت سابق من هذا العام، ذكرت تقارير إعلامية أيضًا أن مقاتلات إسرائيلية من طراز F-35 حلقت فوق سورية والعراق، ودخلت المجال الجوي الإيراني في مهمة استطلاعية. ووفقًا للمعلومات، فإن الرادارات الإيرانية والروسية المتمركزة في سورية لم ترصد هذه المقاتلات الإسرائيلية الحديثة، وهو ما قد يكون علامة على ضعف نظام ريزونانس الروسي في التغطية الكاملة للمجال الجوي، وإعطاء إنذار مبكر للإيرانيين حول وجود خطر محتمل.
- – وفي عام 2018، ذكرت الصحف الإسرائيلية والغربية تفاصيل تحليق طائرات إسرائيلية متطورة، فوق عدد من المدن الإيرانية، منها بندر عباس وأصفهان وشيراز، من دون أن يتم اكتشافها حتى من الرادارات الروسية في سورية، حيث عبرت الطائرات الإسرائيلية الأراضي السورية في طريقها إلى إيران.
خلاصة واستنتاجات:
صحيح أن هناك منافسة محتدمة، بين نظام ريزونانس ونظام باتريوت، في السوق العسكرية الدولية، إلا أن المعلومات على أرض الواقع تثير هالة من الشكوك حول مدى فعالية هذا النظام، في الكشف المبكر عن الطائرات والصواريخ الأميركية والإسرائيلية المطورة، التي يبدو أنها تسير وفق خطط وبرامج مدروسة ومرسومة في استهداف المواقع الإيرانية، خاصة في سورية. وعلى ما يبدو، في ظل مقاومة موسكو للجهود الأميركية في الأسابيع الأخيرة لتمديد حظر السلاح على إيران، يأتي دفاع المسؤولين العسكريين الروسيين عن كفاءة هذا النظام الراداري، وتباهيهم بمدى فاعليته في كشف طائرات إف 35 الأميركية والإسرائيلية المطورة، في إطار جذب مزيد من العملاء لشراء هذا النظام الراداري من روسيا. وفي ظل كل الشكوك التي تدور حول مدى كفاءة وفعالية هذا النظام، من المرجح أن تستمر الاستهدافات الأميركية – الإسرائيلية للمواقع الإيرانية في المنطقة، بطائراتها وصواريخها الحديثة والشبحية، في الظهور على صدر العناوين الإخبارية، على الرغم من أن ظهورها سيكون أقل على أنظمة الإنذار المبكر الروسية.